هدفنا إسقاط النظام السوري وحسب

م. عبد الله زيزان

[email protected]

يُجمع السوريون الشرفاء في هذه المرحلة على هدف واحد أوحد، وهو إسقاط النظام الفاقد للشرعية... ولهذا الهدف تحتشد الطاقات و تتناثر الأفكار... فالكل يريد سقوطاً سريعاً ينهي عقوداً من الظلم والاضطهاد، ويفتح الباب لبناء سورية ديمقراطية حديثة، يتساوى فيها المواطنون دون النظر إلى أصولهم وخلفياتهم الطائفية والعرقية...

الكل يبحث عن الطريقة الأمثل لتحقيق هذا الهدف... منهم مِن خلف حاسوبه الشخصي من خلال إدارة المعركة الإعلامية ضد نظام ظلامي يفرض تعتيمه على أبسط يوميات المواطن السوري... ومنهم من خلال المؤتمرات والندوات والمعارض التي تشرح للآخرين وجهة نظر الشعب السوري من جهة، وتنسق جهود المعارضين من جهة أخرى...

وعند الحديث عن الطريق الأمثل لإسقاط النظام، لا نجادل في أهمية المظاهرات اليومية التي يخرج فيها أبطال يُشهد لهم بالجرأة والشجاعة والإقدام -لأن من يخرج منهم لا يضمن العودة إلى بيته-... إذاً فالحديث عن الوسائل الداعمة لهؤلاء الأبطال والتي تعينهم في مسيرهم نحو الحرية والانعتاق من الاستبداد...

عادة ما تكثر في أجواء كالتي تعيشها سورية المبادرات والأفكار للخروج من هذه الأزمة الطاحنة... وعادة أيضاً ما تظهر معارضة لكثير من هذه المبادرات والأطروحات... وهنا مكمن الحديث... فشعبنا السوري عاطفي بالأغلب وهو ما يجعله يعارض أي مبادرة أو تجمع أو تحرك يلوح في الأفق لا ينص صراحة على سقوط النظام ورحيله والتي تترافق مع محاسبة المجرمين أمام محاكم مختصة...

وهنا نعيد ما بدأنا الحديث به، وهو أن الهدف الآن والذي يجب أن يبقى نصب أعيننا هو إسقاط النظام كاملاً بغض النظر عن الطريقة والأسلوب والشخوص الفاعلين به... فأي نظام سيأتي بعد هذا النظام سيكون أفضل منه، فمن جهة لن يملك أي نظام جديد قبضة أمنية كقبضة النظام الحالي، ومن جهة أخرى من سيأتي لاحقاً يعلم أنه سيقود أمة ثائرة ستحاسبه على أصغر خطأ يرتكبه...

ولأن سورية دولة محورية مهمة في الشرق الأوسط فإن العديد من دول العالم الآن تبحث عن مخرج ما لهذه الأزمة، فسورية ليست كأي دولة عربية أخرى، فإذا ما استبعدنا الحل العسكري الخارجي الذي يفضي إلى احتلال مباشر للأرض والمرفوض تماماً من أبناء الشعب السوري فعلينا أن نقبل كل الوسائل الأخرى لإسقاط النظام، أو على الأقل أن لا نعارض بصوت عال كل مبادرة حتى لو صدرت من جهات غير مقبولة شعبياً أو من أشخاص لديهم علاقات "مشبوهة"... ولعل في هذا الطرح جرأة نوعاً ما، لكن التجارب السابقة تجعلنا نتوصل إلى هذا الطرح...

ففي ليبيا مثلاً جاءت مبادرة مبكرة بخروج العقيد معمر القذافي من ليبيا مقابل ضمانات بعدم محاسبته مستقبلاً، حينها كان رأي رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل يتسم بالكثير من الحكمة حين قبل هذا العرض ومنح القذافي حينها ثلاثة أيام للخروج من ليبيا مقابل عدم ملاحقته مستقبلاً... لكن حكمة هذا الرجل في هذا الموقف قوبلت بالكثير من الانتقاد والتي كادت أن تصل لدرجة التخوين، فما كان منه إلا أن تراجع عن حديثه بالقول أنه يبقى مع ما يريده شعبه... وبغض النظر عن جدية المبادرة السابقة من عدمها، فإن عدد الشهداء في ليبيا اللذين سقطوا بعدها يعد بالآلاف...

وهنا نؤكد على التفريق بين المبادرات التي تهدف إلى إسقاط النظام وتلك التي تطيل عمره أو تعطيه شرعية وهمية كالحوار الذي يدعو له النظام في الأيام القادمة... والوعي الذي يحمله الشعب السوري تجعله يميز بسهولة بين النوعين...

إذاً، تعددت الوسائل والهدف واحد، يتلخص بالعبارة المشهورة والمحببة لدى الجماهير "الشعب يريد إسقاط النظام"...