مهرجان النرجس في النمسا..
أكبر احتفاليات الشعب مع الطبيعة
بدل رفو المزوري
النمساغراتس
بالرغم من أن كوردستان تعتبر موطن النرجس والمحب لعشاقه ،حتى أن
أحدهم سألني يوما لم لا نضع صورة النرجس وسط شمس كوردستان وعلى بيرق الوطن،ناهيك عن
الشعراء الذين لا تخلوا نصوصهم من مفردة النرجس. أما أغنية النرجس والتي غنتها
المطربة (نجاة عبد المسيح)ضمن فرقة دهوك فما زالت خالدة في أذهان الشعب،ولكن.!!
تحتفل النمسا سنويا بمهرجان كبير في بحيرة اوسلاند ـ سالزكامر في مقاطعة شتايامارك
النمساوية وعاصمتها مدينة غراتس التي أقطن فيها منذ عقدين من الزمن.
في أجواء ممطرة بين الحين والآخر وسيئة أحيانا في منطقة
المهرجان، استقبلت بحيرة اوسلاند أكثر من 25 ألف زائر في المهرجان رقم 52 . وبالرغم
من أن الربيع هنا يبدأ في 21 مارس ولكن الأيدي العاملة الكثيرة تقوم بقطف مئات
الآلاف من أزهار النرجس و يجري العمل ليل نهار للإعداد لهذا المهرجان. كان الحضور
الكثيف هذا العام ليس من داخل النمسا بل من خارجها أيضا. وهذه المرة حضر عدد كبير
من القنوات الفضائية العالمية ووسائل الإعلام ،حتى أن قناة صينية عملت تحقيقات
كثيرة حول طبيعة النمسا في منطقة البحيرة وذلك لجذب السياح. فكل مقاطعة في النمسا
مشهورة بطابع معين. أما شتايامارك فهي مشهورة بمهرجان النرجس ومهرجان أفلام الجبال
العالمي ومعارض مدينة ليوبين. والملفت للنظر في هذا المهرجان هو الحضور البارز
للسياسيين النمساويين مع عائلاتهم وبأزيائهم الشعبية. أما الرئيس النمساوي هانز
فيشر فقد كان وسط الشعب وابتسامته لا تفارقه وركب عربة ومعه زوجته وبأزيائهم
الشعبية.
في منطقة البحيرة وضمن هذا المهرجان والذي استغرق من 2 ولغاية 5
حزيران فعاليات كثيفة. ومن ضمنها اختيار ملكة النرجس. اختيرت هذا العام كريستينا
شولتز البالغة من العمر 21 ربيعاً ،كذلك تم اختيار أميرتين للنرجس. ومن شروط اختيار
الملكة أن يكون عمرها ما بين 18 ـ 25 عاما وتتوقف الشروط من قبل لجنة التحكيم على
مدى جمالها وقوة إشعاع ابتسامتها وكذلك مدى معرفة الملكة بمنطقة اوسلاند وطبيعة
جبالها وبحيرتها. ويتم اختيارها ضمن 40 مرشحة. وكذلك تضمنت فقرات المهرجان
الماراتون بين جبال وطبيعة البحيرة وعلى شواطئها الخيالية الجمال. هذا السباق يعد
بانوراما حقيقية للتمتع بطبيعة النمسا الخلابة. وعلى المشاركين الاختيار ما بين
دورة واحدة ويبلغ مسافتها 8 كيلومترات أو دورتين 16 كيلومترا.فقرة أخرى رائعة وهو
موكب نهري لكل الأعمال المشاركة في هذا المهرجان. فجهات عديدة تعد هياكل وتماثيل من
النرجس. مما ذكرني بمهرجان الربيع في الموصل في السبعينيات. وقد اختلفت الأفكار
فهناك من أتقن الزي النمساوي والبنطلون النمساوي الجلدي القصير على شكل تمثال.
وهناك من اتخذ طريقا أبعد ورسم الهنود الأصليين وطبولا من النرجس. وكذلك تماثيل
الحيوانات المستوحاة من أفلام الكارتون للأطفال. والاهتمام كبير بالطفولة لأن
النسبة الأكبر من الزوار من الأطفال أيضا. وراحت المواكب تسير وسط المدينة بين
الزوار المصطفين على جانبي الطريق وكأنه عيد وطني حقيقي. في هذا المهرجان ارتبطت
الطبيعة بالسياسة والفن والشعب ورقصات الأطفال. وكذلك مساء تقام حفلات في المدينة
على هامش المهرجان.
لقد تمت إقامة هذا المهرجان برعاية جهات كثيرة وعلى سبيل المثال
جريدة كلايني تسايتونغ،أخبار النمسا العليا،الإذاعة والتلفزيون في مقاطعة
شتايامارك،صحيفة منطقة فيننا،حكومة إقليم شتايامارك و حتى محلات الأحذية ومعامل
البيرة مولت إقامة المهرجان كي تكتب اسماؤهم في قائمة الممولين ولإبراز اهتمامهم
بالطبيعة.
في هذا المهرجان تم قطف أكثر من مليون نرجسة من مروج وجبال
منطقة بحيرة اوسلاند المشهورة بالنرجس في شتايامارك. وهذه المرة الأولى في تاريخ
المهرجان يتوافد الإعلام العالمي عليها بهذه الكثافة وحتى السياسيين. ولذلك اكتست
جبال البحيرة والتي أشبه بالخيال جمالية أكبر.
مهرجان النرجس يعتبر للنمساويين بصورة عامة مهرجان الربيع والحب
ونقاهة القلوب والصداقة والحياة المشتركة والتساوي بين المواطنين والعدالة. لذلك
أتصور بأننا في العراق وكوردستان بحاجة إلى أكثر من مهرجان نرجس. وكلما كتبت حول
مهرجان النرجس تحضرني قصيدة الشاعر الكوردي الكبير بدر خان السندي حين قال:
حلمت سيأتي يوم
يسميه أبنائي عالمنا
عالم النرجس
ومفردات لغتنا ستكون من النرجس
وحتى صلاتنا سنؤديها
على بسط من النرجس.
شكرا للسندي على قصيدته الخالدة وشكرا للنمسا لأنها منحتني
الأمان والحرية لأكثر من عقدين وشكرا للنرجس لأنه يذكرني بوطن الأم كوردستان.