فيلم هندي
سحر المصري
طرابلس - لبنان
[email protected]
ما زلت أذكر المرة الأولى التي حضرت فيها فيلماً هندياً.. كان
عمري يومها سبع سنوات.. وبقيت طوال فترة الفيلم التي تعدّت الساعتين والنصف وأنا
أذرف الدموع السخية الساخنة نتيجة ضياع ولد وبُعده عن والدته التي بكت في ذلك
الفيلم عن حياتها كلها! واللافت أنه في ساعتين ونصف تعاقبت ثلاثة أجيال وعشنا ثلاثة
قرون من الأسى والألم والعذاب والأهوال قبل أن تنتهي المأساة.. ومنذ ذلك الوقت وأنا
أتوجس خيفة من أي فيلم هندي وأخشى أن تحلّ عليّ لعنته فأذوب وأبكي عليهم أكثر مما
أذوب وأبكي على مآسي الأمّة!
اتصلت بي اليوم صديقتي وأخبرتني أنها أنهت للتو فيلماً هندياً
طويلاً وأنها متأثّرة جداً به.. استعذت بالله من الشيطان الرجيم وسألتها: هل أنهيتِ
علبة المحارم؟ فأجابت: لا.. ولكني بكيت كثيراً بعدما اضطر البطل لانتظار البطلة
اثنتي عشرة سنة قبل أن يُتِمّا الزواج! ودفعه حبه لها أن يبقى معيناً دائماً لها
حتى ربّت أختها وأخيها وتزوجا ثم تزوجت هي.. فقلت: عدوى مباركة من الأفلام
العربية.. وعاشا سعيدين حتى آخر العمر! يا للهنا!
وقبل أن يرتدّ إليّ طرفي سألتني صديقتي: هل يوجد رجل يضحّي بكل
هذه السنين من أجل من يحبها؟ فضحكتُ من سذاجة السؤال حين يكون الردّ متوقعاً:
بالطبع لا.. وليس هو المطلوب أصلاً!
ثمّ تابعتُ حديثي معها وقلت: أما أنا فقد حضرت البارحة فيلماً
من الجاهلية الأولى.. مع أنه لم يتعدّ ربع الساعة ولكنها كانت كفيلة أن تجعلني
أستغفر الله طويلاً!.. سألتني: وكيف ذاك؟
قلت: في برنامج "للنشر" استضاف طوني خليفة امرأة كويتية قرأت
عنها في الشبكة العنكبوتية.. ولكن الحق يُقال.. ليس الخبر كالمعاينة.. فقد تكلمت
بسطحية عن آخر صيحاتها المبتكرة بإعادة زمن الجواري لحماية الرجال من الفساد..
وللحفاظ على حقوق النساء اللواتي يمتهِنّ "الدعارة"!
وتدّعي تلك الناشطة السياسية والاجتماعية أنها سألت شيخاً في
مكة وأكّد لها أن الأمر متاح وحلال!!!! ولم تُجْدِ محاولات مٌفتٍ شيعي وشيخ سنّي
كانا موجودين في البرنامج لإقناع الناشطة أن زمن الجواري انتهى وأن الرّق كان
موجوداً قبل الإسلام وأنه سعى للقضاء عليه.. ولا حتى تأكيداتهم أن ما تدعو إليه
سيكون بمثابة الزِنا! حقيقة كان الموقف مزرياً تماماً وهي تؤكد على أن الشرط لتلك
"الأمَة" أن لا تكون مسلمة وأن تكون سبيّة حرب! وأعطت روسيا كمثال لبلد استيراد تلك
الإماء.. وكم كان ردّ الشيخ مؤلماً حين قال لها: وهل المسلمون في روسيا هم يسبون أم
هم السبايا؟!؟؟؟
وتساءلت.. هل يجب على الرجال أن يهبّوا ليطالبوا سلوى بالاعتذار
لهم.. إذ أوحَت أن الرجل لا هَمّ لديه سوى إرضاء شهوته وإشباع رغباته وهذا أمر
مجحف!
ثم تكمل المطيري فصول الفيلم "الجاهلي" وتحدِّد القيمة المادية
للجارية وقيمة استقدامها من بلدها وكم يُخصَّص لها شهرياً ثم بعد نهاية خدمتها
كصديقة للمنزل!! ثم تقول أن ما يدعم وجهة نظرها أن الخليفة هارون الرشيد كانت لديه
مئتا جارية!
وهنا ظهر جلياً جهل المطيري ليس فقط من الناحية الشرعية ولكن
حتى من الناحية التاريخية.. فما يُتّهم به الخليفة افتراءٌ كبير عليه وهو الذي كان
معروفاً عنه أنه يحجّ عاماً ويغزو عاماً.. فكل ما قيل عن لهوه وحبه للخمر وللنساء
كذب ودسّ في تاريخ المسلمين.. وهو "هارون الذي ضرب الإسلام في أيامه بأطنابه على
الأرض حتى عمّ بقاع الأرض.. فخاطب هارون السحابة: أمطِري أنّى شئتِ.. فإنّ خَراجَكِ
سوف يأتيني"..
هذه امرأة مسلمة تطالب بزمن الجواري ليُرضي الرجال الميسورون
شهوتهم في زمن "السُعار" الإعلامي الذي يدعو للقضاء على التمييز ضد المرأة.. أي
بكلمة واحدة: للقضاء على الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية..
وبنظرة خاطفة ومن بعيد.. وقفت أقارن بين سلوى المطيري التي شطحت
خوفاً منها على الرجال الذين يملكون شهوة عارمة ومالاً يعينهم على استيراد أي
امرأة! وبين الجمعيات غير الحكومية التي تسعى جاهدة لأن تُخرِج المرأة من صدفتها
لتنزع عنها رداء "الأنوثة" وتُقنعها أنها متساوية مع الرجل في كل شيء وأنها يجب أن
تستردّ حقوقها المسلوبة وأن "تتحرّر" من الرجل! جهتان على طرفَي نقيض.. وكلٌّ
متطرّف! الفرق الوحيد بينهما أن إحداهما ساذجة وجاهلة تفتش عن الشهرة.. والأُخرى
ماكرة ومدعومة من شياطين الإنس والجنّ في الشرق والغرب!
فأخبريني الآن بالله عليك.. أيّ فيلم هندي يُبكي أكثر؟!.....