جيشنا مليء بأشبال القائد البطل يوسف العظمة

محمد فاروق الإمام

محمد فاروق الإمام

[email protected]

الضابط الشاب الملازم الأول عبد الرزاق محمد طلاس ابن مدينة الرستن الأبية للضيم والوفية لنهرها العاصي، هو نموذج حي عن الشباب الثائر في ساحات وميادين وشوارع وأحياء المدن السورية وقراها، وهو الحفيد البار للقائد البطل يوسف العظمة الذي جسد التضحية بأروع وأنبل معانيها عندما تصدى بصدره العاري لجحافل الجيش الفرنسي، كما يفعل شباب الثورة السورية اليوم وهم يتصدون بصدورهم العارية لجيوش الشبيحة وأمن النظام المستبد الباغي، وأبى العظمة الخنوع والذل والانكسار، كما يأباها اليوم شباب سورية الأطهار الصادحين بمليء حناجرهم (الموت ولا المذلة)، وهو يعرف مسبقاً أن الثمن هو حياته فدفعها دون الوطن وسجل اسمه في سجل الخالدين، لا كما فعل خلفه وزير الدفاع حافظ الأسد الذي سلم الجولان دون دفع أو مدافعة، وأهدى الصهاينة عتاد هذا الجيش الحربي الذي اشتراه الشعب السوري بحر ماله الذي جناه بجهده وعرقه، ثم ما لبث أن انقض على رفاقه في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1970 ليمسك بالسلطة بقوة البسطار والبندقية، ويقيم مملكة الخوف والرعب والمجازر والمقابر الجماعية والصمت لنحو ثلاثين عاماً عجافاً، عاشها الشعب السوري مقموعاً ذليلاً فقيراً سجيناً مهاناً معتقلاً مجهلاً منفياً مقصياً، حتى إذا ما فارق الحياة غير مأسوفاً عليه، ترك لنا وريثاً خلفه بصورة غير شرعية بقوة البسطار والبندقية، ولم يشذ عما كان يفعله أبوه بل زاد تمادياً وصلفاً وغروراً.

وعندما ضاق الشعب بعد أحد عشر عاماً من حكم الوريث الفاسد، انتفض في مظاهرات سلمية منادياً بالإصلاح والتغيير، فكان الرد بالرصاص الحي وحصار المدن وقلع أظافر وعيون الأطفال وذبح الشباب وقتل الرجال والنساء وسوق عشرات الألوف إلى أقبية التحقيق والسجون والمعتقلات، وصعدت الجماهير من تظاهرها وانتفاضتها ورفعت من سقف مطالبها، وتوسعت رقعة انتفاضة الجماهير وثورتها حتى شملت المدن السورية وأريافها وقراها، منادية بإسقاط النظام ومحاكمة رموزه.

لقد عمل هذا النظام المستبد الباغي على نزع الكرامة من نفوس السوريين وحقنها بمصل العبودية والذل والخنوع في درعا والبيضا والمعرة وجسر الشغور ودوما والرستن ودير الزور والمسيفرة وحمص وحماة، ولكنه كان دائماً يجد من يتصدى له بجلد وإصرار وعزيمة وشجاعة ويفشل مخططاته ويكسر جبروته بكل الكبرياء والإنفة، ويمرغ أنفه في ذل العار والشنار مندفعاً إلى نهاية الطريق حتى إزاحة هذا الكابوس عن صدر سورية، ويمحو هذا العار عن جبين السوريين مهما غلت التضحيات وكبر الثمن، فكل شيء يهون دون انتزاع الحرية والفوز بالكرامة، ولعل تمرد الملازم الأول عبد الرزاق محمد طلاس على القتلة والمجرمين، وفي جيشنا السوري البطل الآلاف من أمثاله الذين هم في الطريق لاقتفاء أثره، سيعجل من نهاية أسطورة هذا النظام الباغي وجبروته، ويحقن الدماء النازفة من أجساد شبابنا، ويفشل مخططات النظام في دفع البلاد إلى أتون التدخلات الأجنبية التي ترفضها الجماهير السورية الثائرة، ويجنبها الانسياق إلى حرب أهلية تخدم مراميه ومقاصده وأجندته، ويعمل السوريون بكل أطيافهم ومنابتهم وأعراقهم وأديانهم ومذاهبهم وطوائفهم على الحيلولة دون الانجرار إليها.