العودة ما بعد النكبة والنكسة

داعس أبو كشك

[email protected]

انه لاول مرة تقوم الجماهير الفلسطينية والعربية باقتحام الاسلاك الشائكة والملغمة على الحدود السورية واللبنانية والدخول الى مجدل شمس ، وهذا يحدث لاول مرة في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي ، حيث كان يتم في السابق دخول مجموعات فدائية الى الاراضي الفلسطينية المحتلة ، اما الان فقد اختلف الوضع ، حيث تحركت الجماهير بمناسبة الذكرى الثالثة والستين للنكبة تجاه الاراضي المحتلة ، مما شكل تحركا نوعيا في اثبات حق العودة ، واذا كنا الان نمر بالذكرى الرابعة والاربعين للنكسة فان هناك عدة مصطلحات دخلت القاموس السياسي الفلسطيني والعالمي وانه يجدر بنا ان نعرف الاجيال بهذه المصطلحات .

النكبة كلمة عربية وتعني الكارثة (المصيبة). في يوم الخامس عشر من أيار (مايو) عام 1948 حدثت نكبة الفلسطينيين وتدعو اسرائيل هذا اليوم "عيد الاستقلال" أما النكبة فهي تجسّد أول موجة تهجير وابعاد قصري للفلسطينيين من أرضهم. بالنسبة للفلسطينيين تمثل النكبة مصادرة الأراضي وتهجير وطرد 800000 فلسطيني من منازلهم . أصبح عدد هؤلاء اللاجئين وأولادهم وأحفادهم بعد 60 عام من النكبة أكثر من 4 ملايين لاجئ. لا يزال معظم هؤلاء اللاجئين يعيشون في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي البلدان العربية المجاورة.

النكسة تعبير أطلقه الاعلام الرسمي المصري علي الهزيمة العسكرية القاسية التي تعرضت لها مصر و الدول العربية و التي أوقعتها بها اسرائيل في ستة أيام و تمكنت فيها من الاستيلاء علي مساحات من الأرض العربية لم تكن تحلم بالاستيلاء عليها و لا زال الصراع العربي الاسرائيلي محتدما لاسترداد تلك الأرض لا سيما فلسطين و سوريا بعد أن انفردت مصر بالصلح مع اسرائيل عام 1977 و انفردت الأردن بالصلح عام 1994

وتمر في هذه الايام ذكرى حزينة ومؤلمة على الشعب العربي عامة وشعبنا الفلسطيني بصفة خاصة وهي ذكرى حرب الايام الستة أو ما تعرف بالنكسة الثانية تلك النكسة الذي أدت إلى احتلال باقي فلسطين من قبل اسرائيل وضياع كافة اراضي فلسطين تحت الاستعمار والاحتلال الاسرائيلي تلك الذكرى الرابعة والاربعين لهزيمة الخامس من يونيو عام 1967، ان هذه المناسبة تعيد فتح الذاكرة على مرحلة من مراحل المعاناة العربية ـ الفلسطينية لاتزال آثارها المدمرة تعشش في داخل كل مواطن عربي وتلقي بثقلها على واقعنا الراهن،

والذكرى المؤلمة والحزينة لا يمكن ان تختفي أو تنسى فما زال شعبنا الفلسطيني يتذوق مرارة الاحتلال والاستعمار للاراضي العربية الفلسطينية فما زال شعبنا يعاني من قسوة الابعاد والتشريد وهدم البيوت وقصف المؤسسات والمنازل وعمليات الاغتيال لقادة شعبنا وسلب وتجريف الاراضي الزراعية والمنازل وإغلاق للمعابر, كما إنه قد انقضى أكثر من 37عام على إحتلال إسرائيل للأرضي العربية ومازالت إسرائيل تضرب بعرض الحائط كافة قرارات الشرعية الدولية مستندة فى مواقفها على الدعم الامريكى اللامتناهى لسياستها التعسفية ووقوفها الدائم إلى جانب الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الرافضة لمنح الشعب الفلسطيني حقوقه العادلة فى العودة وتقرير مصيرة وإقامة دولتة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف . ومن هنا فرغم كل محاولات إسرائيل لإلغاء وجود الشعب الفلسطيني أو الاعتراف بحقوقه، او بتمثيله السياسي الذي جسدته منظمة التحرير الفلسطينية فيما بعد، الا ان هذه المحاولات جميعها باءت بالفشل ، وتمكن شعبنا الفلسطيني عبر تضحياته الغالية من فرض حضوره على الصعيد العربي والاقليمي والدولي، ومن تعزيز مشروعية نضاله وحقوقه الوطنية في مختلف الساحات والمواقع، وفي مقدمتها على أرضه ووطنه. وبهذه المناسبة الاليمة على كافة أبناء شعبنا يجدر بنا أن نسأل لماذا تتخذ القرارات بناء على احكام الباب السابع من ميثاق المنظمة الدولية بهدف استخدام القوة ضد الدول العربية وتحرم استخدامها ضد اسرائيل ؟ فبعد هذه الحرب صدر قرار مجلس الامن رقم 242 لسنة 1967 والخاص بالعدوان الاسرائيلي على كل من مصر وسوريا والاردن وفلسطين والداعى لانسحاب اسرائيل من الاراضى التي احتلتها بالقوة، القرار رغم وضوحه وموضوعيته علق عليه الدكتور بطرس غالى عندما تولى امانة الجمعية العامة للامم المتحدة بانه غير ملزم لاسرائيل!!. واوضح الدكتور غالى السبب في عدم الزام هذا القرار لاسرائيل بالانسحاب والجلاء عن الارض التي احتلتها واغتصبتها من ثلاث دول عربية اعضاء في الامم المتحدة. هو ان هذا القرار لم يتخذ بناء على احكام الباب السابع من ميثاق المنظمة الدولية، والذي يجيز استخدام القوة لتنفيذ القرارات الصادرة بناء عليه.

 انه لا بد من الإحساس العالي بالمسؤولية الوطنية وما تحتاجه من صحوة فعالة للعقل الوطني العربي والفلسطيني من اجل توفير المقومات المادية للمؤسسات والأطر العملية –وهو امر ممكن- التي تنبري للدفاع عن حقوق اللاجئين والشعب الفلسطيني استنادا الى الحق التاريخي والسيادة القانونية من جهة والحقوق المشروعة التي نصت عليها مقررات الأمم المتحدة من جهة اخرى ، تمهيدا للتوصل الى حلول عملية تعزز هذه القواعد والاسس بالرغم من كل عوامل التراجع الدولي والعربي الرسمي في هذه المرحلة , وبهذه المناسبة ترى الهيئة الفلسطينية لحماية حقوق اللاجئين ضرورة التأكيد على ما يلي :

1- التمسك بمبادئ القانون الدولي العام وإحكامه وقرارت الأمم المتحدة المتعلقة بحق العودة وفي مقدمتها قرار الجمعية العامة رقم 194لعام 1948والذي أكد حق اللاجئين الفلسطيني للعودة إلى ديارهم فإن حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم هو حق شخصي للفرد، وجماعي لمجموع اللاجئين وفقاً لقرار الأمم المتحدة 194 لعام 1948م ولا يمكن تفويض أية جهة بإبرام اتفاق يحرم اللاجئين كأفرد أو اللاجئين كمجموع من الحق في العودة لديارهم التي شردوا منها . . 

2- استمرار تكريس الإجماع الوطني الفلسطيني على حق العودة ورفض الشروط الإسرائيلية الهادفة لإلغاء حق العودة مقابل التقدم في المفاوضات واقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة 

3- دعم صمود اللاجئين الفلسطيني لاسيما سكان المخيمات في الوطن والشتات والعمل على تحسين أوضاعهم المعيشية القائمة .

4- رفض مقترحات اوباما وما تضمنته من حلول خاصة بقضية اللاجئين وشطب حق العودة .

5- العمل على تفعيل دور المنظمات والجمعيات والهيئات الغير حكومية لدعم قضية اللاجئين الفلسطينيين على قاعدة حق العودة .

6- العمل على دفع الأطراف الدولية المعنية لتحمل مسئولياتها بشأن تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بحق العودة ونؤكد علي موقف الهيئة الرافض لما جاء في خطاب نتنياهو " رئيس الوزراء الاسرائيلي " الذي ركز على عدم الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين .

7- الإبقاء على دور وكالة الغوث " الإنروا " كشاهد على استمرار قضية اللاجئين ورفع مستوى خدماتها والحيلولة دون تحويل مهماتها إلى جهة أخرى حتى يتم حل قضية اللاجئين بضمان حق عودتهم إلى ديارهم 

8- ان الهيئة تدعو الى رفض مفهوم الدولة ذات الحدود المؤقتة، الذي تضمنته اتفاقية جنيف وتؤكد على التمسك بالدولة المستقلة ذات السيادة بحدود الرابع من حزيران، وعودة اللاجئين الى ديارهم ومطالبة العالم العربي والمجتمع الدولي باعتراف صريح بحدود هذه الدولة على اساس قرارات الشرعية الدولية والعمل على انهاء الاحتلال عن اراضيها.

9- وأخيراً تؤكد على ضرورة توفير الحماية الدولية للاجئين فمن جراء ما يتعرض له لبناء هذا الشعب وخاصة مخيمات اللاجئين ندعوا كافة الهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية وكافة مؤسسات حقوق الإنسان وكافة مؤسسات المجتمع المدني إلى ضرورة التعجيل لعقد مؤتمر دولي يعنى ببحث السبل الكفيلة بحماية للاجئين الفلسطينيين وضمان توافر آليات لتعويض اللاجئين وتبني قرارات صادرة عن هذا المؤتمر بضرورة توفير الحماية الدولية.

لقد ساهمت الثورات العربية التي سادت بعض اقطار الوطن العربي وكسر حاجز الخوف بنمو وعي العودة لدى ابناء الشعب الفلسطيني الذي قهر الالم وانتقل الى محطة تحقيق الامل ، وها هي سلطات الاحتلال تستنفر قواتها على طول الحدود خشية من تكرار ما حدث في الخامس عشر من ايار ، وهي تتوعد باطلاق النار على كل من يحاول اختراق الحدود ، ولكن لا تعرف سلطات الاحتلال ان زمن الخوف قد ولى وان الزمن الحالي هو الزمن الاقرب لتحقيق العودة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس لا سيما ونحن على ابواب استحقاقات شهر ايلول .