أما آن لهذا الاحتلال أن ينقلع؟
جميل السلحوت
يوم 10-12-2014 وفي قرية ترمسعيا الفلسطينية حيث ارتقى الوزير زياد أبو عين سلّم المجد شهيدا، لم تكن هناك معركة مسلحة، ولا حتى مظاهرة غاضبة، ولم يحمل الفلسطينيون عصا أو حجرا، بل كانت هناك وقفة وجود لزراعة أشتال الزيتون في أراضيهم التي يريد المحتل اغتصابها مرّة أخرى؛ ليبني عليها مستوطنة، والزيتون رمز للسّلام كما هو متعارف عليه بين الشعوب جميعها منذ سفينة نوح وحتى يومنا هذا، لكنّ جيش الاحتلال وكما هي عادته في اصطياد حمامة السّلام هجم على غارسي الزّيتون بالضّرب وبالغازات الخانقة، وهو بهذا ينفذ أوامر قيادته السّياسية بالاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينيّة، ومواصلة البناء الاستيطاني تنفيذا للمخطط الصهيوني التوسعي، لفرض حقائق على الأرض تمنع قيام الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، على الأراضي الفلسطينية المحتلة في حرب حزيران 1967، واسرائيل بمواقفها وممارساتها على الأرض تقف في مواجهة العالم جميعه، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية حامية اسرائيل ووليّ نعمتها.
وما جرى في ترمسعيا وجرى تصويره يؤكد من جديد أنّ جيش الاحتلال ليس بحاجة إلى ذرائع كي يقتل ويبطش، بل هو من بادر الى الهجوم على غارسي أشتال الزيتون دون مبرّر، وأمام عدسات التصوير، ولم يكتف بقتل الوزير أبو عين بل اعتدى على الآخرين، وقد ظهر على شاشات التلفزة كيف ضربوا عجوزا فلسطينيا يرتدي الكوفية، وأوقعوه أرضا، وقام أحدهم بقذفه بقنبلة غاز وهو مطروح على الأرض، ولم يستعمل الفلسطينيون المتواجدون في المكان أيّ وسيلة للدفاع عن أنفسهم سوى أضعف الايمان وهو الكلام. وهم بهذا سحبوا اللازمة الاسرائيلية في عمليات الجيش المحتل التي تقتل الفلسطينيين بدم بارد، ليصرّحوا بعد ذلك بأن الجيش قد أطلق النّار في الهواء دفاعا عن النّفس، وأنّه شكل لجنة تحقيق في الموضوع، وتأتي نتائج التحقيق، بأنّ الجيش كان في حالة دفاع عن النّفس، وأنّه تصرّف حسب الأوامر، وبالتأكيد فان الجيش ينفذ الأوامر الصادرة اليه بالقتل.
وإذا كان الاحتلال بذاته يمثل أبشع أنواع الارهاب وهو إرهاب الدّولة، فان اسرائيل المحتلة قد ارتكبت في سنوات احتلالها العديد من الجرائم التي تعتبر جرائم بحق الانسانية. ولم تجد من يردعها عن جرائمها، ولا من يرغمها على انهاء احتلالها للأراضي العربية. وبما أنّ الأنظمة العربية ارتضت الهزيمة لدولها وشعوبها وأمّتها، ولم تعمل على انهاء هذا الاحتلال، فإنّ هذا لا يعفي الرأي العام العالمي من مسؤولياته تجاه السّلم العالمي، وحماية حقوق الانسان التي تنتهك يوميّا في الأراضي العربية المحتلة، وهذا يتطلب استصدار قرار من مجلس الأمن تحت البند السابع لانهاء هذا الاحتلال الذي طال أمده. ويتطلب أيضا مؤتمرا دوليا تشارك فيه الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، ومشاركة الدول ذات العلاقة بالصراع، لحماية وتطبيق القانون الدّولي، وقرارات الشرعية الدولية والزام اسرائيل بتنفيذها.
إن عدم لجم الاحتلال الاسرائيلي وردعه عن سياساته وأطماعه التوسعية، تقوده إلى ارتكاب المزيد من الحماقات، وهو في طريقه الى تقسيم المسجد الأقصى مكانيا بعد أن قسّمه زمانيا، وهذا سيدخل المنطقة في حروب دينية لا نهاية لها، ولن ينجو من لهيبها أحد، وستهدّد السّلم العالمي، وقد تصل إلى حرب كونيّة ثالثة.