مصر أم الدنيا

عبد المعز الحصري

[email protected]

يا مصر ياأمنا "25يناير"

 أرضعتني لبناً صافياً أمهات ست ولم أعرف منهن إلا واحدة في صغري حيث كانت ترضعني مع الحليب عز المؤمن وكرامته وكان لأبي الفضل الأكبر بأن دلني على عز الدنيا وشرف الآخرة ( أو شرف المؤمن )  وهما العلم والعمل  ـ قيامه بالليل ـ ، علمني أبي أن أقول الحق و إن كان مراً ، وأن ألا أخاف في الله لومة لائم ولكن اليوم وما أدراك ما اليوم إنه يوم الجمعة 9 / ربيع الأول / 1432 هـ الموافق 12 / 2 / 2011 إنه ربيع الدنيا الذي ولدت فيه الكرامة والشهامة وتحرير العبيد ولد في ربيع أشرف خلق الله صلى الله عليه وسلم ليحرر الناس من عبادة الناس إلى عبادة رب الناس ، ووئد فيه أبرهة الجبار بفيله ذو الخرطوم المنكس إلى الأرض ، وهكذا تهلك جبابرة الدنيا ومحبيها حيث ينكس جباههم وأنوفهم ـ شاؤوا أم أبوا ـ وهم في قمة جبروتهم وطغيانهم وأمثلة ذلك لايعد ولايحصى منهم فرعون - موسى عليه الصلاة والسلام- وما قبله وما بعده  .

في يوم جمعة أنارت فيها الدنيا بثورة شباب طاهر قدم روحه وعنفوانه في سبيل إحياء أمة ظلت في غرفة الإنعاش لعقود .تركلها أقدام اليهود والمجوس ومن تبعهم وشرب مشربهم .

في هذا اليوم 25 يناير أحسست بأن لي أم سابعة ـ بعد العقد الخامس من عمري ـ علت على عروش أمهاتي الست فكان لها سر الرقم سبعة الذي لا يعلم سره إلا الله فجعل من سماواته سبعة وأراضيه سبعة وأيامه سبعة ، بل ورجم الشيطان سبعاً سبعاً وسبعاً ، هذه الأم السابعة أرضعتني من جديد العز والإباء والثورة على الطاغوت فخفق قلبي طرباً ودمعت عيناي فرحاً بالنصر المؤزر بعد أن كان عقلي يمحو من ذاكرته بل وكاد أن يكذِّب قول الشاعر : إذا الشعب يوماً أراد الحياة   فلابد ان يستجيب القدر،

وما ذلك إلا لأنني ولدت في ظل ذيول الاستعمار أتجرع ذل الهوان والخور قهراً من أبناء جلدتنا وبلدنا وجارنا وحارتنا ممن ادّعَوا الوطنية زوراً وبهتاناً وهم يسرقون لقمة الجائع ويئدون عزالأمة وشرفها تحت شعارات براقة مزيفة يلتف حولها أشباه الرجال وما هم برجال بل ولا تجري في عروقهم دماء الرجولة والكرامة .

وليسمح لي شاعرنا المكرم أن أقرأ بيته وأكتبه باللهجة السودانية فان معناه لا يتغير كثيرا – إن ساغ التعبير -

اذا الشعب يوما أراد الحياة     فلا بد أن يستجيب الغدّر

 والغدّر جمع غادر ( من غدر ، يغدر ، فهو غادر )

هذا يوم من أيام الله قدَرَ الله فيه النصر للشباب الطاهر ليلتقي شرف العسكري _ (( الذي رفع شعار " الله أكبر الله أكبر " فخَرَّ تحت تكبيراته خط بارلييف ، وسقطت أسطورة الجيش الذي لا يقهر  )) _  بشرف أخيه في ميدان التحرير ليحررالإنسان من ظلم أخيه وابن جلدته ، وليوحد باتحادهما  ـ الجيش والشعب ـ جهودهما في تحرير أولى القبلتين وثاني مسجد وُضِعَ لعبادة الله في أرضه وثالث الحرمين ، ولتعود الأرض التي بارك الله حولها إلى الأيدي المباركة الطاهرة فتصلح البلاد والعباد ، إن مصر التي هي قلب الامة النابض بالحياة والعلم لابد  من عودة القياد والريادة لها حتى تحرر امة تجرعت الذل والهوان والحرمان لترجع- الأمة - إلى مكانتها بين الأمم بل قائدة للأمم كما كان حالها في العصر الذهبي لتقدم للعالمين كافة  السلم والسلام والأمن والإيمان ( اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا سخاء رخاء دار عدل وإيمان وسائر بلاد المسلمين ) هذا من دعاء سيدي الوالد الشيخ أحمد الحصري في خطبته لكل جمعة في الجامع الكبير بمعرة النعمان  .

الهدف الأسمى :

كان سيدي الوالد الشيخ أحمد الحصري  رحمه الله يوجّه الناس قائلا لهم ان السلاح لا ينبغي أن يكون للعب به في الأعراس بل يجب أن يوجّه إلى عدونا  إسرائيل التي تستحل أرضنا .ويحث الشباب على الالتحاق بالجيش للدفاع عن الوطن .

قلت : إن مهمة الجيوش في العالم من أقصاه إلى أقصاه ومن عمق التاريخ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها مهمة واضحة ساطعة كسطوع الشمس في رابعة النهار ألا وهو الذود عن حمى الوطن والدفاع عن المواطن ،ولنتذكر استغاثة امرأة في سجن عمورية وتلبية المعتصم لندائها ،ولكن الحق يقال ان في كل عصر له فرعونه وهذا أو ذاك بمكره وجبروته قد يغير قبلة الجيش ، فيوجهه إلى حماية عرشه المزيف ويطعن به قلوب أناس يتطهرون  ولكن الشرفاء من أمة حملت التوحيد في صدرها يصحون في ساعة كاد الظلم والظلمات تطبق على قلب وعين الطاغوت وأعوانه فينبثق فجرٌ جديدٌ ينفض غبار الطاغوت عن أعين رأت النور ، فيحيى الضمير وتدرك  الامة  أن السلاح الذي بيدها إنما صُنِعَ ليحمي الأمة وليوجَهَ إلى صدور أعدائها لا إلى قلوب أبناء الأمة ، وما فعله أبطال رمضان من جيش مصر العظيم لهو وسام شرف لهم سيكتبه لهم التاريخ بحروف من ذهب ،وقد ذهب الشرف عمن غير قبلته وطعن في ظهر أخيه بخنجر الجبن والعار ، فطمس الله على قلبه وجعل على بصره غشاوة فسوف يلقى جزاءه غيا ، وكما تدين تدان

 لابد أن تلتحم الأمة ببعضها لترفض إرهاباً دامٍ- يستنزف قوُتَهَا وقُوَّتَهَا-  ودائمٌ ومنظم تحت إشراف شرعية مزيفة من أبناء القردة والخنازيرومن تبعهم في اضلال وتضليل  ، فتنقلب الموازين ويصبح المقتول هو الإرهابي ويجب القبض عليه حيا أو ميتا – أقصد عائلته وعشيرته -  ، والقاتل هو البريء المدعيّ للسلام ، ولكن حبل الكذب قصير ، وحقد الكفر متجذِرٌ في عمق التاريخ.

  بوركت يا أرض الكنانة

بل وألف ألف بارك الله فيك يا شعب مصر ـ ومن قبلك شعب تونس الخضراء الذي سنّ للامة هذة السنة  ـ على عزيمتك وحكمتك وإصرارك على تحرير أمة أعزها الله وأراد لها أذلاء جبناء ، إذلالها وسلب خيراتها ، وادَّعوا أنهم يحرسونها ويدافعون عنها ، وليكن شعار كل شعب حي يريد الحياة " إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت " ومنهجه " فاستقم كما أُمِرتَ " ، " ادخلوا في السلم كافة " .

إنها كلمة يعرفها كل عربي : مصر أم الدنيا ، قلت : فـ تونس أبوها حق وحقيقة  ، فإني أرى أن سنة تونس تسري هنا وهناك ـ فشرفاء الأمة هم نبض قلبها وروحها وريحانتها وجنة الخلاص من سعير الظلم والجهل . ويخطئ كل من يقول إن حرف التاء ليس كحرف الميم ، وإن حرف التاء أو الميم ليس كحرف اللام  ، ولكن المعلوم لطلاب التمهيدي والأول من الابتدائية أنّ كل الأحرف تسمى باسمٍ واحدٍ ألا وهو الأحرف الهجائية 

وإني لأرجو الله أن تكون بركات ثورتكم باكورة لتحرير الأقصى من براثن   يهود .

8-  بسم الله والله أكبر بسم الله

بسم الله على مصر وشبابها وتونس ورجالها والأمة وأفرادها بسم الله على من أعلنها صادقاً بلسانه ، مخلصاً لله بها قلبه ، ساعياً لتطبيقها على حياته ، والله أكبر على كل من طغى وتجبر وتكبر ، الله أكبر على أعداء الأمة والكرامة والإباء .

الله أكبر على البلطجة ودعاة الرذيلة والذل والهوان ، الله أكبر على من يسرقون كرامة الكريم ولقمة اليتيم وينهرون السائل والمسكين .

بسم الله نوحد بها صفوفنا وتلتقي أيدي الشباب وسواعدهم السمراء بحكمة الشيوخ وخبرتهم فإن يداً واحدةً لا تصفق ، وطيرٌ  بجناح واحدٍ لا يطير .

فليتف الشباب حول الشيوخ يداً بيد نرفع أمتنا علماً وعَلَماً في سماء الدنيا يرفرف سلاماً وحبا وعطاءً وتضحيةً وفداء .وصدق القائل :

اذا الأمور ترى الأحداث دبرها    دون الشيوخ ترى في بعضها الخلل

ولاننسى أنّ الرسالة كانت للنبي صلى الله عليه وسلم في سن الأربعين