من كان له كبير .. أمسى كبيرا

من كان له كبير .. أمسى كبيرا

معمر حبار

[email protected]

أتابع باستمرار إذاعة غليزان وإذاعة عين الدفلى .. لأسباب تتعلّق بالبساطة والاختصار وحلاوة اللسان، والتمكن الجيد في الموضوع، والعرض المبسط للقضايا الشائكة، والمواضيع العلمية المعقدة..

ومن المواضيع المثيرة المفيدة .. تلك الحصة الخاصة.. بالشعر الملحون.. فالقائم عليها .. هو شاعر بالفطرة .. ومتمكن في اللغة.. ويحسن إدارة الحديث .. سواء لهذه الإذعة أو تلك ..

ومن الملاحظات التي إسترعت المتتبع .. ودفعته لكتابة هذه الأسطر .. سؤال تكرر في كل الحصص.. وعلى جميع الضيوف .. من هو شيخك؟ .. من هم شيوخك؟ .. على من تلقيت الشعر الملحون؟ ..

ويذهب بعدها الشاعر الضيف .. في سرد شيوخه .. بافتخار واعتزاز.. وكلما كان أحدهم أكثرهم شيوخا.. إفتخر على الأتراب .. وألقى له الشاعر المنشط .. سمعه .. وطالب من المستمعين .. أن ينصتوا ويتابعونه جيدا.. وباهتمام..

إذا كان عنصر الشيخ.. يطلب من الشاعر .. صاحب الشعر الملحون.. ومن الصوت الذي يتغنى بأبياته .. فكيف بغيره .. من العلماء في ميادين شتى .. والفقهاء.. والمحدثين.. والمفسرين..

من كان له حائط يستند إليه .. ومرجع يعود إليه.. ومنبع يشرب منه.. لن يظل الطريق .. وسيكون نبراسا لمن بعده .. وهديا لمن معه .. ومصححا لأستاذه إذا غفل.. ومعلنا عن محاسنه.. ومعترفا بفضل غيره عليه..

مغرب هذا اليوم.. وفي قراءة للراتب .. تصدر الإمام الجديد الحلقة لأول مرة .. وانتظر الجميع .. أن يبدأ الإمام .. لكنه رفض ..وطلب منهم أن يشرعوا في القراءة.. حتى يقرأ قراءتهم .. ويتبعهم في الطريقة .. ولا يحب أن يفرض عليهم طريقته في القراءة .. وهو الإمام الحافظ المتمكن ..

فعلمت حينها .. أن أخلاق الإمام العالية.. تلقاها من شيخه .. الذي تلقاها بدوره عن شيخه .. فالأستاذ يطلب من تلميذه .. أن يحترم غيره.. ولو كان.. العالم.. الحافظ.. فينال إحترام الكبير .. والصغير..

وأتذكر جيدا .. منذ أعوام.. قدم المسجد إماما جديدا .. وصادف قدومه عيد الفطر ..واجتمع أهل المسجد .. كعادة الجزائريين.. وأهل المغرب العربي .. على قراءة الدعاء المتعارف عليه .. قبل صلاة العيد .. جماعة.. وبصوت واحد ..

فاقترب مني بهدوء .. وطلب مني أن أبيّن له الهيئة والكيفية.. التي تعارف عليها أهل المسجد .. لأنه لايحب أن يفرض طريقته .. ويسعى لاحترام طريقة المسجد .. الذي وجه إليه ..

علمت يومها ..أن شيخا علّمه الأخلاق العالية.. وأن من تربى على أستاذه.. تربى على إحترام خصوصيات المنطقة التي توجه إليها .. ويخاطبه عبر.. خطبه.. ودروسه .. ولا يسعى لفرض طريقته .. ولو كان الإمام في قومه.