مثلث التشابك: الإيراني، الروسي، الإسرائيلي في سورية

مثلث التشابك:

الإيراني، الروسي، الإسرائيلي في سورية

محمد عبد الرازق

كشفت الضربة الإسرائيلية الأخيرة عددًا من المواقع السورية، مساء الأحد: 7/12/2014م، عن جملة من الأجوبة حول أسئلة شغلت بال المراقبين للحدث السوري، تمثلت في الربط بين الأمور الآتية:

1ـ قصف إسرائيل تل الحارة الشرقي، يوم الجمعة: 5/ 9/ 2014م، في سهل القنيطرة.

2ـ اغتيال أربعة مهندسين نوويين سوريين، يوم الأحد: 9/ 11/ 2014م، شمال دمشق.

3ـ زيارة الرئيس الروسي بوتين إلى تركيا، و التباحث معها حول جملة من قضايا المنطقة، و في مقدمتها الملف السوري ( الاثنين: 1/12/ 2014م ).   

4ـ زيارة نائب وزير الخارجية، و المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط( ميخائيل بوغدانوف ) إلى بيروت، و لقائه عددًا من القيادات اللبنانية، من بينهم حسن نصر الله، و وليد جنبلاط ( السبت: 6/ 12/ 2014م ).

5ـ انشغال الروس المفاجئ بالمعارضة السورية، و السعي المحموم للالتقاء بهم في اسطنبول ( لقاء بوغدانوف مع رئيس الائتلاف، و عدد من أعضاء الهيئة السياسة، الأحد: 7/ 12/ 2014م )  ، و روسيا ( زيارة الرئيس الأسبق للائتلاف الوطني أحمد معاذ الخطيب، الأحد: 9/ 11/ 2014م ).

  فقد كشف موقع ديبكا المقرب من دوائر الاستخبارات الإسرائيلية عن أن الضربة الأخيرة لعدد من المواقع السورية، القريبة من مطار دمشق الدولي، وعلى الحدود بين سورية و لبنان، تمثل الاشتباك العسكري الأول و العلني بين إسرائيل، و روسيا في الحرب السورية.

  و بحسب ما ذكر الموقع فقد دمرت إسرائيل مكونات صواريخ روسية متطورة، أرض جو، من نوع S-300 قررت موسكو نقلها إلى حزب الله عبر سورية.

 

  و كانت هذه الأنظمة الصاروخية قد وصلت قبل أيام بواسطة طائرات نقل روسية للجزء العسكري من مطار دمشق الدولي. و قالت المصادر: إن الغارات الإسرائيلية جاءت بعد أقل من 24 ساعة على لقاء جمع بوغدانوف مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في بيروت.

    يأتي هذا اللقاء بعد تقارير تحدثت عن أن الروس يدرسون منذ عدة أسابيع طريقة الانتقام من الولايات المتحدة وإسرائيل، بعد سقوط أكبر قاعدة استخباراتية روسية في أيدي فصائل الثورة السورية، يوم الجمعة: 5/ 9/ 2014م ، الواقعة في تحصينات تل الحارة الشرقي، حيث لم تقم الطائرات الإسرائيلية بتدميرها عندما أغارت على التل المذكور.

   و قالت مصادر استخباراتية غربية إن هذه القاعدة كانت واحدة من أكبر القواعد الروسية المتطورة خارج روسيا، و إن تلك الفصائل قد حصلت على أجهزة، و أدوات استخباراتية روسية لم يعرفها الغرب من قبل.

   و نقل الموقع عن مصادره أن هذه الأجهزة الحساسة خرجت من سورية، و تمّ نقلها عن طريق المعارضة إلى خبراء استخبارات غربيين بهدف دراستها وفحصها.

  و هذا غير بعيد عمّا شهدته دمشق من عملية اغتيال خمسة مهندسين نوويين سوريين، يوم الأحد: 9/ 11/ 2014م، و ما يزال الغموض يلفّ تلك العملية، و قد سارعت إيران حينها ـ في أمر لافت للنظر ـ باتهام إسرائيل بالضلوع في ذلك. 

و هو الأمر الذي تجاهله النظام، فلم يقم بفتح تحقيق في ذلك، و كأن الأمر لا يعنيه أصلاً، و لاسيّما أن هؤلاء كانوا يعملون في مناطق تحت سيطرته، الأمر الذي جعل عددًا كبيرًا من المتابعين يرى ألاَّ مصلحة لفصائل الثورة باغتيالهم.

  فقد كشف موقع العاصمة ديلي نيوز معلومات جديدة،  ذات مصداقية عالية، أن عملية الاغتيال هذه يقف وراءها الحرس الثوري الإيراني، و الهدف هو سرقة الوقود النووي لمفاعل دير الحجر، إضافةً لما يحويه من زئبق أحمر، فضلاً على بودرة أوكسيد اليورانيوم، أو ما يعرف بـ( الكعكة الصفراء ).

 

   و في التفاصيل التي أوردها الموقع: أنه في يوم الخميس الموافق لـ6/ 11/ 2014م، أي قبل عملية الاغتيال بثلاثة أيام، قام عمران حمد شاه ( إيراني يعمل إداريًا في مقر استخبارات الحرس الثوري الإيراني الواقع في منطقة الصبورة ) باستدراج المهندسين النووين الأربعة إلى مقرٍ سرّي في مدينة جرمانا، و ذلك بمساعدة العميد في جيش النظام علي حسن ( علوي من طرطوس )، تحت ذريعة ورود معلومات متقاطعة تفيد بتهديد أمنهم الشخصي.

  و تضيف المصادر: في أثناء احتجاز المهندسين في جرمانا، تمكنت عناصر إيرانية على مستوى عالٍ من التدريب، و بإسناد من قوات تابعة للحرس الثوري الإيراني، و بالتعاون مع ضباط سوريين من الدخول إلى مفاعل دير الحجر النووي بحجة التحقيق في اختفاء هؤلاء المهندسين؛ حيث قامت العناصر الإيرانية بنقل الوقود النووي للمفاعل، و المقدر وزنه بنحو 950 غ، باستخدام مستوعب من مادة الرصاص العازلة، إضافةً لـ30 غ من الزئبق الأحمر، إلى جانب خمسة أطنان من بودرة أوكسيد اليورانيوم (الكعكة الصفراء)، مؤكدةً أن المحطة الأولى لهذه المواد كانت مقر استخبارات الحرس الثوري الإيراني في منطقة الصبورة بريف دمشق، التي قصفت في الغارة الإسرائيلية الأخيرة مساء الأحد: 7/12/ 2014م.

  و بعد انتهاء عملية السرقة ـ تقول المصادر ـ: تم إخراج المهندسين  الأربعة من جرمانا، و الطلب منهم ضمن إطار تعليمات صارمة بأن يتصرفوا بصورةٍ طبيعية؛ حرصًا على أمنهم الشخصي ( و هو ما جرى بالفعل )، حيث حرص المهندسون على الذهاب إلى مقر عملهم، و استقلوا صباح يوم الأحد الموافق لـ9/ 11/ 2014، الحافلة المخصصة لموظفي الهيئة حيث صعد إليها بعدهم مباشرة مجموعة مسلحة ملثمة، قامت بإطلاق النار من مسدس كاتم للصوت على رؤوسهم من جهة الخلف، فتمّ إرداء ثلاثة منهم مع سائق الحافلة ( نجا المهندس الرابع ـ نضال غازي ـ و هو في العناية المشددة بمشفى تشرين العسكري منذ وقوع الحادثة، و حتى الآن )، ثمّ لاذ أفراد تلك المجموعة بالفرار.

   إنّ أحد المواقع المستهدفة في الغارات الأخيرة، هو ذات الموقع الذي كان المحطة الأولى لهذه المواد المسروقة من الموقع النووي السوري، و هو مقر لاستخبارات الحرس الثوري الإيراني في منطقة الصبورة بريف دمشق.

  إنّ ما يجري على الساحة السورية هو حرب استخباراتية دولية بامتياز، شرعن لها نظام الأسد بتدويل الحالة التي تمرّ بها سورية، و بدعوة  من وزير خارجيته وليد المعلم: بأن من يريد الاعتداء على سورية فعليه أن يُنسِّق مع النظام.