بانوراما الإعجاز العددي 3

بانوراما الإعجاز العددي ج3/3:

شرق غرب, سنة شيعة, أحداث 11 أيلول

د. حمزة رستناوي*

[email protected]

ولم يقتصر الاهتمام بالإعجاز الرقمي على المشرق العربي بل نجد على سبيل المثال لا الحصر  تأسيس  "الهيئة المغربية للإعجاز العلمي في القرآن و السنة" في عام 2002, و كذلك نقرأ عن ندوات و مؤتمرات دولية حول الإعجاز العددي, و نقرأ عن مشاريع علمية طويلة المدى "كمشروع إثبات المعجزة العددية في آية البسملة"..الخ

و لم يقتصر الاهتمام بالإعجاز العددي على الإسلام السني بل نجد تنامي هذه الظاهرة عند المسلمين الشيعة كذلك:فكتب  أبو زهراء النجديعلى سبيل المثال " من الإعجاز البلاغي و العددي للقرآن الكريم 1990

و كتب رضوان سعيد الفقيه كتابا بعنوان "الكشوف في الإعجاز القرآني و علم الحروف" و يوجد  جزء منشور من الكتاب في موقع الأرقام تحت عنوان ثانوي" الرقم 12 من منظور شيعي" استخدم فيه أسلوبا مشابها لأسلوب ابن شهر آشوب المازندراني في كتبه المناقب, و قد أشرنا للأخير و أسلوبه  في سرد سابق"26" .و قد أشار  الفقيه في ذات الكتاب أشار إلى أن القرآن الكريم قد حوى إشارة رقمية في صيغة نبوءة مستقبلية إلى أحداث برجي التجارة العالمية في تاريخ 11-9-2001

و في عام 2005 م كتب السعودي علي مفرح الشهري " آية ستنبر الكبرى" ضمّنه نبوءة مستقبلية بحدوث أحداث 11 ستنبر استنادا ً لمعادلات و علاقات رياضية استوحاها من القرآن الكريم , و كتب كذلك إياد أسعد في ذات السياق " ملاحظات عددية في القرآن الكريم –حول حرب أسامة بن لادن و الولايات المتحدة الأمريكية""27"

و سأعرض بشكل مختصر لحجج الفقيه في تنبؤه بأحداث 11-9-2001

,حيث استدل بالآية القرآنية :( أ فمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لايهدي القوم الظالمين) [التوبة:109] فسورة التوبة هي التاسعة من حيث الترتيب القرآني , و الحدث في الشهر الشمسي التاسع, و الآية في الجزء الحادي عشر من القرآن الكريم ,و الحدث في اليوم  الحادي عشر , و رقم الآية هو 109 هو ذاته عدد طوابق مبنيي مركز التجارة العالمي, و اسم الشارع الذي  كان فيه البرجان يسمى: "كرف هير" وهي كلمة تشبه : (جرف هار )"28"

و قد قام  كلا خالد عثمان السبت "29"  و  أحمد شكري  بالرد ما ورد في "الكشف الاعجازي للفقيه" حيث يورد شكري  "والرد على هذهالدعوى الباطلة من عدة جوانب، أولها: أن الآية تتحدث عن المنافقين الذين بنوا مسجد الضرار، والزعم بإشارتها إلى هذا الحدث يخرجها من سياقها، ويحرفها عن معناها،وثانيها: أن تاريخ الحدث 11/9/2001 حسب التقويم الشمسي الميلادي، وتاريخ الحدث بالتقويم الهجري يختلف عنه ولا تتناسب أرقامه مع الآية كالتاريخ الشمسي، وثالثهاأن تقسيم المصحف إلى أجزاء عمل اجتهادي، وقد قُسّم القرآن إلى أجزاء أكثر وأقل، وإلى أحزاب، والآية في الحزب 21، فلماذا يُعتمد هذا التقسيم دون غيره؟  و رابعها: أن رقم الآية 109 غير مجمع عليه بين علماء العدد،""30"

و نعود لظاهرة الإعجاز العددي عند المسلمين الشيعة فقد كتب  العراقي هادي الذهبي كتابه" الذرية الخاتمة- بحوث في الإعجاز العددي مع بعض التطبيقات" 2005 و يُثبت الكاتب في مقدمة الكتاب ما يلي " يمكن إضافة هذا البحث إلى الدراسات السابقة و الرائدة في هذا المجال, إلا أن اختصاص هذا البحث بالإعجاز العددي مع التركيز على ما يربط بأهل البيت عليهم السلام و تجلي مقاماتهم من خلاله و الكشف عن بعض الحقائق الخاصة بهم صلوات الله عليهم أجمعين يعطيه دورا رياديا متميزا و شاهدا لفتح عقائدي جديد""31"

يشترك الاعجازيون السنة مع زملائهم الشيعة في الأساليب و معظم النتائج , فالنص القرآني المتداول – موضوع البحث الاعجازي- مشترك بينهم , و لكن مع تركيز على إعجاز الرقم 12 ,و استخدام حجج رياضية لإثبات عقيدة الإمامة و تقييد عددهم باثني عشر. فمثلا ًمن عناوين الفصل الثالث من كتاب الذرية الخاتمة نقرأ: أسرار العدد12- الورود اللفظي الصريح :ميثاق الغدير- بشارة عيسى عليه السلام بالأئمة عليهم السلام"

و سينعكس الصراع السني الشيعي بشكل مباشر على مواضيع الإعجاز العددي, فيتحوّل  الإعجاز العددي في القرآن الكريم ميدان  للصراع مذهبي, حيث يورد أحد المواقع ذات الايديلوجيا السنّية على سبيل المثال ما يلي:"في أدناه نماذج من الكتب المؤلفة في الإعجاز العددي، لكنها انحرفت عن مساره الصحيح، وباتت تتخبط في الاتجاه الخاطئ، ومن ذلك ما كتبه المؤلفون الشيعة في الدراسات الآتية: 

1- كتاب: (من الإعجاز البلاغي والعددي للقرآن  للدكتور أبي زهراء النجديّ، وهو فصل مستل من كتاب لمؤلفه بعنوان: (الإعجاز القرآني في وجوهه المكتشفة)، وقد استخدم الأساليب الإحصائية نفسها المستخدمة في بحوث الإعجاز العددي في تناوله لمسألة الإمامة، وتركيزه على صفات الأئمة الاثنى عشر (عليهم السلام) ومقاماتهم، حيث قام المؤلف بإجراء بعض الإحصاءات على كلمات ذات دلالات معينة فحصل على توافق تام بين أعداد الألفاظ ودلالاتها.

2- كتاب: (الكشوف في الإعجاز القرآني وعلم الحروف)، للشيخ الفاضل رضوان سعيد فقيه، وقد خصص فيه جزءاً لموضوع: (الرقم 12 من منظور شيعي)، حيث ذكر بعض التوافقات العددية بين بعض الآيات من جهة و مصاديقها ودلالاتها من جهة أخرى، وحصل على نتائج ولطائف عددية، كما أن للمؤلف كتاباً آخر بعنوان: (ﺳﺮ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻌﺪﺩ في ﺷﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﻭﺡﻭﺍلجسد)، ﺍلمحجة ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ ﻭﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ، ﻁ/١، 2002م.

3- كتاب: (الذرية الخاتمة: بحوث في الإعجاز العددي القرآني مع بعض التطبيقات)، للمهندس أبي علي الذهبيّ، 2005م.

4- كتاب: ( ﺍﻹﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻌﺪﺩﻱ)،للكاتب: ‫ﻟﺒﻴﺐﺑﻴﻀﻮﻥ، ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻷﻋﻠﻤﻲ ﻟﻠﻤﻄﺒﻮﻋﺎﺕ، ﺑيرﻭﺕ، ﻁ/١، 2005م، وهذا الكتاب يقول بخلق القرآن، ويقرر لعقائد الشيعة، ويعرض بسب الصحابة والطعن فيهم، وأن ترتيب القرآن الآن غير صحيح.""32"

و سيظهر نوع جديد من الإعجاز العددي مع السوري زياد سنجاب  كتابه (من الإعجاز العلمي والرياضي في أرقام آيات وأرقام صفحات القرآن الكريم( 78) ) حيث قال بوجود إعجاز رقمي فيما يخص العلاقة بين أرقام صفحات مصحف المدينة المنورة و بين أرقام الآيات , و سعى للتعبير عن هذه العلاقة رياضيا. "33 "

و في نهاية عرضي لهذه السيرة البانورامية للإعجاز العددي عند المعاصرين أؤكد على التالي:

الأولى: الفصل بين  الإعجاز العددي من جهة و بين مشروعية الإيمان بالقرآن الكريم من جهة ثانية.

الثانية: سعيت قدر معرفتي القاصرة  و حدود إطلاعي على كتابة هذه البانوراما , قد يكون هناك كتابات اعجازية أخرى غير متضمّنة في هذه البانوراما.

الثالثة: تناولي هنا للإعجاز العددي جاء بصيغة عرض تعريفي أردت له أن يتصف بالشمول مع تعقيبات نقدية جاءت في صيغة حوار متعدد الأصوات اكتفيت بإدارته غالبا ً,أكثر منه دراسة منهجية نقدية تتناول موضوعات تفصيلية في الإعجاز العددي.

انتهى

                

* شاعر وكاتب سوري