اليوم السابع علامة ثقافية فارقة في القدس

جميل السلحوت

[email protected]

تشكل ندوة اليوم السابع علامة فارقة في النشاط الثقافي في عروس المدائن القدس الشريف التي تأبى أن تكون الا فلسطينية عربية الهوى والانتماء، هذه المدينة الصابرة على ما لحق بها من جور واغتصاب وتزييف وسرقة لتاريخها وجغرافيتها على مدار أربعة عقود وازدادت أربعا من السنين العجاف.

فالندوة التي انطلقت في شهر آذار 1991 في معهد القدس للموسيقى العربية الذي يشرف عليه الفنان مصطفى الكرد، ثم ما لبثت ان انتقلت الى المسرح الوطني الفلسطيني –الحكواتي سابقا- في القدس تعقد لقاءاتها الأسبوعية الدورية في الخامسة من مساء كل خميس وعلى مدار 20 عاما في قاعة المسرح، ويحضرها نخبة من كتاب القدس ومثقفيها وعشاق الأدب والفنون والابداعات الثقافية الأخرى، تناقش كتابا ابداعيا، أو تحضر مسرحية أو فيلما وثائقيا، وتناقشه بوجود الفنانين والمخرج، وتوثق الندوة ما يدور فيها وتنشره في بعض الصحف المحلية والعربية والمواقع الألكترونية، كما صدر عنها اربعة كتب توثيقية، والرائع في هذه الندوة هو استمراريتها ومأسستها، بحيث أن البعض يقفز عن انشغالاته الشخصية كي لا يتغيب عن الندوة التي أصبحت سلوكا ثقافيا له....كما أن الندوة التي تحتضن الشباب الموهوب، وتأخذ بأيديهم تفاخر بأن عددا من الشباب قد صُقلت موهبته حول طاولة الندوة.

والندوة التي تمأسست حقا وحقيقة وانفردت بأن تكون النشاط الثقافي المُمأسس الوحيد ليس في الأراضي الفلسطينية فحسب، بل في الوطن العربي من المحيط الى الخليج، وحتى في العالم أجمع على رأي رئيس اتحاد كتاب أدب الأطفال في السويد الذي التقى برواد الندوة وبصحبته السيدة منى زريقات قبل حوالي عام...هذه الندوة التي أثارت غيرة بعض المجعجعين الذين لا يشغلهم سوى وضع العصي في دواليب العربات السائرة، وعتبرون الثقافة صنعة للتكسب لم تعتمد يوما على أحد سوى روادها وبجهودهم الذاتية، ولا همّ لهم سوى تنشيط الحركة الثقافية في مدينة كانت منبعا للفكر والثقافة والتعليم، وفي غفلة من زمن العهر السياسي انقطعت عن محيطها الفلسطيني وامتدادها العربي، ولم يعد لها سوى المحظوظين من أبنائها الذين يعيشون في دفء حضنها.

والندوة قبل اغلاق المدينة المقدسة ومحاصرتها في آذار 1993كان يشارك فيها الناشطون في المجال الثقافي من كافة أرجاء الوطن المحتل، ومن ضمن من ترددوا عليها الراحلون: الشاعرة فدوى طوقان، والشاعر عبد اللطيف عقل، والروائي عزت الغزاوي، والدكتور عيسى أبو شمسية،  ومنهم أيضا مبدعون نتمنى لهم طول العمر منهم: خالد جمعة وعثمان حسين من قطاع غزة، د.محمود العطشان، الشاعر علي الخليلي، الشاعر المتوكل طه، الروائي يحيى يخلف، والشاعر ماجد الدجاني، وعدد من الأكاديميين العاملين في الجامعات المحلية وآخرون.

ويسجل للندوة أنها قامت بالتعريف بالاصدارات الجديدة لمبدعينا المحليين، وبعض الابداعات العربية التي وصلت الى مكتباتنا، وساعدت على تسويقها وتعريف القراء بها.

وتأكيدا على استمرارية الندوة فان القائمين عليها، وبالاشتراك مع ادارة المسرح الوطني، والدائرة الثقافية فيه سيقيمون في الخامسة من مساء الخميس 17آذار الحالي احتفالا كبيرا بمناسبة مرور عشرين عاما على انطلاقة الندوة، على أمل أن يحضرها كل مواطن يستطيع الوصول الى المسرح الوطني، وثقافتنا العربية في القدس تستحق هذا الحضور.