إذا صلح الرأس صلح الجسد

إذا صلح الرأس صلح الجسد

د. بدر عبد الحميد هميسه

[email protected]

الإمام العادل هو الذي يقود سفينة الحياة إلى طريق أفضل، هو الذي يخلصها من الأمواج المتضاربة، والأزمات المدلهمة إن العدل هو الذي يفرض على من يتولى أمراً من أمور المسلمين أن لا يولي على أمورهم إلا كفؤاً , يسعى إلى إقامة الدين بجميع شعائره, ويعمل على تجنيب الأمة الفتن , ويحيطها بالنصح , فهو الرأس فيها وإذا صلح الرأس صلح الجسد , والناس تقتدي به كما تقتدي بالأنبياء المرسلين , قال تعالى  : وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (50) يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ (51)  سورة هود .

وقال : " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6) سورة الممتحنة.

وقال : " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)سورة الأحزاب .

وقد ثبت في مسند الإمام أحمد :أن الحبة من القمح كانت في عهد عمر بن عبد العزيز كرأس الثوم.

ولما قيل له : إن الخيرات كثرت ونطلب من نعطيه الصدقة فلا نجد ، فقال : اشتروا أرقاء وأعتقوهم واجعلوا ولاءهم لبيت المال.

 وقد ثبت في حلية الأولياء أن : بعض التابعين مرّ على راع ٍ يرعى الغنم فوجد عنده ما يزيد على ثلاثين كلباً ، فقال له : ما تفعل بهذه الكلاب ؟ وواحد يكفي !! فقال : سبحان الله ، ألا تعلم أن هذه ذئاب وليست كلاب : فقال : ومتى اصطلح الذئب مع الشاة ، فقال الراعي : " إذا صلح الرأس فما على الجسد بأس" إذن إذا عدل أمير المؤمنين واتقى الله فإن الله يحول بين المخلوقات وبين الظلم.

روى أولوا التاريخ أن البهائم كانت في عهد عمر بن عبد العزيز ترعى في مرعى واحد، لايعدي الذئب على الغنم ولا الأسد على البقر، ففي ليلة عدى ذئب على غنم، فقال الراعي: " إنا لله، ما أرى الرجل الصالح إلا هلك"، فنظروا فإذا هو مات في تلك الليلة. البداية والنهاية (9/203).

 وَالبَيتُ لا يُبتَنى إِلّا لَهُ عَمَدٌ *** وَلا عِمادَ إِذا لَم تُرسَ أَوتادُ

فَإِن تَجَمَّعَ أَوتادٌ وَأَعمِدَةٌ *** وَساكِنٌ بَلَغوا الأَمرَ الَّذي كادوا

وَإِن تَجَمَّعَ أَقوامٌ ذَوو حَسَبٍ *** اِصطادَ أَمرَهُمُ بِالرُشدِ مُصطادُ

لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم *** وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا

تُلفى الأُمورُ بِأَهلِ الرُشدِ ما صَلَحَت *** فَإِن تَوَلَّوا فَبِالأَشرارِ تَنقادُ