هذا يوم من أيام الله
د. منير محمد الغضبان *
ومن أجل هذا احتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصر موسى على فرعون قائلا:
نحن أولى بموسى منهم ، وصام يوم عاشوراء شكرا لله ، لأنه والأمة المسلمة أولى من يهود بموسى .وأولى بالاحتفال بنصر المستضعفين في الأرض على المجرمين .
وقال تعالى لنبيه موسى صلى الله عليه وسلم :
((ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ))
ونفذ موسى عليه السلام أمر ربه ، وذكرهم بأيام الله فقال لهم :
((وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب . ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ))
وهذا اليوم يوم انتصار شعبنا المصري هو يوم من أيام الله . فقد سقط الطاغوت . ووزيره هامان (عمر سليمان ) وسقط معهم نظام الطاغوت كله وعاد الأمر للذين استضعفوا .
((ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين . ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ))
فقد رأى مبارك وسليمان وجنودهما ما كانوا يحذرون ، وسقطوا صاغرين أذلة ، ورأى وزراءه وحزبه ما كانوا يحذرون .
ومنّ الله على الذين استضعفوا في الأرض . ومنّ الله على شعب مصر الذي استضعف واستذل ثلاثين عاما من فرعون وملئه يذبح شعبه ، أو يسجنه ، أو يستأثر بثروته ، ويئد حريته ، ويلاحق دعاته ، ويجثم على صدره . ويوزع الثروة على محاسبيه وأنصاره من الحزب الوطني .
وشاء الله تعالى أن ينفد صبر هذا الشعب الأبي . ويقوم قومة رجل واحد ، ويتحرك بملايينه كلها . ولما رأى الطاغية ذلك . بدأ يعد بمحاربة الفساد . وإعطاء الحريات , ويضحك –في تصوره- على شعبه فيلقي له الفتات . وبقي باستعلائه وكبريائه . فهو الشعب وهو الأمة وهو القائد . ((فاستخف قومه فأطاعوه . إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين )) وكان الشعب كله كلمة واحدة يرفض الظلم ، ويرفض الطاغوت ، ويقدم الشهداء ، ويصر على رحيل الطاغية ومحاكمته . وتخلى عنه أولياؤه الأمريكان واليهود . وهو يعلن أنه سيبقى على صدر هذا الشعب حتى ينهي ولايته تسعة أشهر أخرى .
((فلما أدركه الغرق قال آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين . آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين))
ولما أدركه الغرق وأحس بأنه لا ولي له ولا نصير هو وحزبه ووزراءه ومجلس نوابه ومجلس شوراه . ويعلن سقوطه نظاما ورئاسة ووزارة . ويستسلم لجيش مصر الباسل . والذي كان قدرا من قدر الله . ومن مأمنه يؤت الحذر . فحيث كان يحس أن الجيش سيذبح هذه الملايين العشر من الذباب ضده . وزين له وزيره هامان أنهما قادران على إعادة هذا المارد إلى قمقمه . وكان الجيش بالنهاية بين خيارين .
بين فرعون وهامان . وبين الثمانين مليونا من شعبهم الذي يريد أن يسقطهما وينهيهما مع أزلامهما ومحاسيبهما .
وانحاز الجيش –القدر من قدر الله- إلى الشعب ورمى بالنظام ورأسه في البحر . وانضم إلى المستضعفين في الأرض ، هذا الشعب الصابر- الذي انتقل إلى الشعب الثائر-
وهكذا مصير الطغاة . وهكذا مصير المستضعفين . الثابتين على الحق المجاهدين في سبيل الله ، لقد أراد الشعب الحياة فاستجاب قدر الله له ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ))
((قل جاء الحق . وما يبدئ الباطل وما يعيد ))
(وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ))
* باحث إسلامي سوري