تخير لنفسك البطانة الصالحة

د. بدر عبد الحميد هميسه

[email protected]

نهى الله تعالى المؤمنين عن موالاة بطانة السوء قال تعالى : " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (118) سورة آل عمران.

كانت هناك أم لديها ابن صغير وكان هذا الابن قد تعود السرقة وفي ذات يوم أحضر إلى أمة بيضة , وما كان جواب تلك الأم المربية إلا أنها قالت له: أحسنت يا ولدي كيف استطعت أن تسرق بهذه السهولة فكأن الأم تشجعه على ما فعل ففرح ذاك الابن حتى في اليوم التالي جاء بدجاجة ففرحت تلك الأم وشجعته على فعله وما مكث أياماً حتى تجرأ أن يسرق بيت السلطان أو الحاكم ولكن لم يمهله الله سبحانه وتعالى في هذه المرة حتى تمكنوا منه وامسكوا به وحكم السلطان علية بالإعدام , فلما أخذوه إلى خشبة المشنقة وقبل أن يشنق قال اطلب منكم طلباً قالوا له : اطلب قال عليكم أن تحضروا أمي , ولما جاؤا بأمه قال لها : أماه أريد أن أقبل لسانك قبل أن ارحل عن هذه الدنيا فمدت تلك الأم لسانها ,فقام بعضها حتى قطع لسانها , وقال لو كانت أمي تمنعني من السرقة ما وصلت إلى خشبة المشنقة .

 أحد أسباب تمادي الظلمة في ظلمهم هو بطانة السوء وإعانة بعض الرعية الظالم على ظلمه. قال تعالى عن قوم فرعون: " فاستَخَفّ قومَهُ فأطاعوهُ إنهم كانوا قوما فاسقين " (26) سورة الزخرف.

مازال فينا ألوف من بني سبأ *** يؤذون أهل التقى بغيا وعدوانا

مازال لابن سلول شيعة كثروا *** أضحى النفاق لهم سمتا وعنوانا

قال تعالى : "الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) سورة الزخرف , عن قتادة عن أبي إسحاق أن عليًا قال في هذه الآية: خليلان مؤمنان وخليلان كافران, فمات أحد المؤمنين فقال: يا رب إن فلانًا كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك, ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر, ويخبرني أني ملاقيك, يا رب فلا تضله بعدي واهده كما هديتني وأكرمه كما أكرمتني, فإذا مات خليله المؤمن جمع بينهما, فيقول: ليثن أحدكما على صاحبه, فيقول: نعم الأخ, ونعم الخليل, ونعم الصاحب, قال: ويموت أحد الكافرين, فيقول: يا رب إن فلانًا كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك, ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير, ويخبرني أني غير ملاقيك, فيقول بئس الأخ, وبئس الخليل, وبئس الصاحب. أخرجه الطبري: 25 / 94, وعبد الرزاق في التفسير: 2 / 199-200.

وذات مرة وهو عائد إلى بيته إذا بامرأة حامل رأت عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمامها من رهبته وخشيته أجهضت ما في بطنها فبلغ عمر فصعد على المنبر وقال أيها الناس بينما أنا سائر في الطريق أجهضت امرأة عندما رأتني هل على غرة؟ قال بعض الناس يا أمير المؤمنين امرأة تخاف فيسقط ما في بطنها لا ذنب له ..لكن عليا يقول يا أمير المؤمنين إن كانوا قد نصحوك فقد غشوك ويوم القيامة لن ينفعوك عليك غرة فدفعها عمر رضي الله عنه.

بعد تولي الخليفة أبو جعفر المنصور الخلافة وتحويلها إلى سلطويه كسرويه أو كما قال احد كبار الصحابة لمعاوية بن أبي سفيان من قبل بل تريدوها قيصريه كلما مات قيصر جاء آخر المهم كان العالم الإسلامي في حيره من أمره فالمسلمون في أعناقهم بيعه لمحمد بن عبد الله الحسن ( النفس الذكية ) وحتى أبو جعفر المنصور ذاته كان قد بايع النفس الذكية والذي كانت تؤيده المعتزلة بقياده عمرو بن عبيد وهنا حدثتا المواجهة بين الأستاذ والتلميذ بين أبو جعفر المنصور والزاهد العابد عمرو بن عبيد وفي إحدى لقاءاتهما دار حوار يطلب فيه أبو جعفر المنصور من عمرو أن يساعده هو ورجاله من المعتزلة في شئون الحكم فيرد عليه عمرو بن عبيد احكم بالعدل يتبعك أهله فيقول له أبو جعفر هذا خاتمي افعل ما تشاء اصدر أحكام ما تشاء فيقول له : لا استطيع وهواء الشياطين يحكمون بدلا منك ( يقصد جند خراسان من الشعوبيين ) وطلب منه عمرو ابن عبيد إلا يطلبه مره أخرى واستمر كذلك حتى توفى عمرو بن عبيد وبعد سنه واحده من وفاته قامت ثوره المعتزلة بقياده محمد بن عبد الله الحسن .