مسلمو القرم آمال وآلام ومعاناة
محمد هيثم عياش
برلين /26/11/14/ هناك قلة من السياسيين الى جانب اسلاميين في اوروبا وبعض دول العالم الاسلامي من يثير قضية المسلمين في شبه جزيرة القرم بعد وقبيل سلخه عن اوكرانيا وضحمه الى روسيا إثر اندلاع الازمة الاوكرانية في شهر تشرين ثان / نوفمبر عام 2013 ، ذلك السلخ الذي بدأ ساري المفعول من خلال استفتاء قام به زعماء لقرم السياسيون الموالون لروسيا في وقت سابق من شهر شباط/فبراير عام 2014 الحالي مستغلين بذلك الفوضى السياسية والامنية التي تشهدها اوكرانيا حاليا واحتجاجات الغرب وانتقاداتهم للسياسة الروسية تجاه اوكرانيا تلك الاحتجاجات التي بقيت غثاءا وفقاعات هوائية .
وربما يعود عدم اهتمام بعض الدول الاسلامية بقضية المسلمين باوكرانيا والقرم الى الوضع السائد حاليا في العراق وسوريا والاتحالف الدولي ضد ما يُطلق عليه بتنظيم / الدولة الاسلامية / فهموم حكومات الدول الاسلامية وخاصة دول الخليج كثيرة في وقتنا الحاضر .
صحيح ان اكثر دول الاتحاد الاوروبي لا تزال تؤكد القبول بالامر الواقع بان القرم اصبح روسيا مرة أخرى علما ان هناك من يطالب الاوروبيين بالاعتراف بشرعية موسكو على القرم في مقدمتهم رئيس وزراء ولاية برانديبنورج سابقا ماتياس بلاتسيك الذي يراس حاليا المنتدى الالماني الروسي ويعتبر ايضا احد أبواق الصهيونية في المانيا اضافة الى خبير السياسة الروسية ايجون بار / 91 عاما / صاحب سياسة / مشروع التقارب مع الشرق / عندما كان مستشارا لشئون سياسة الاتحاد السوفييتي وحلف / وارسو / زمن المستشار الالماني السابق فيلي براندت . وبالرغم من الانتقادات التي تعرض لها بلاتسيك جراء مطالبته المستشارة انجيلا ميركيل قبل ايام قليلة الاعتراف بشرعية روسيا على القرم الا ان هذه الانتقادات بدأت تتخافت .
ومنذ بدء الازمة الاوكرانية وسلخ القرم عن اوكرانيا بدأت من جديد معاناة المسلمين من جديد بتلك المناطق ، فقد منع الكرملين وحكام القرم الجدد سياسيين اعضاء ببرلمان اوكرانيا عن القرم دخول تلك المنطقة في مقدمتهم مصطفى جميليف واحسان الله عبدييف ، وفي الانتخابات البرلمانية الجديدة التي جرت باوكرانيا تقلص عدد مقاعد المسلمين بالبرلمان من واحد وعشرين الى سبعة مقاعد جراء حملة عنصرية لقوميي الاوكرانيين على المسلمين بقلب اوكرانيا واضطهادهم ايضا في القرم .
وقد عرفت تلك المناطق القرم واكرانيا الاسلام في عصوره الاولى ولا سيما في عهد الفتوحات التي تمت في عهد بني أمية ، وهناك في متحف التراث الاسلامي بفيينا الى جانب صورة لرسالة رسول محمد صلى الله عليه وسلم الى هرقل عظيم الروم الذي يدعوه فيها الى الاسلام ، وثيقة عهد لأهالي تلك المناطق مكتوبة بخط الصحابي حبيب بن مسلمة الفهري الذي يقال له أيضا / حبيب الروم / يوجد فيها : هذا ما أعطى حبيب مسلمة نصارى تفليس / عاصمة جورجيا / وغروزان / الشيشان وأهالي تلك المناطق عهد الله وذمته وذمة المسلمين بأن لا تقرب كنائسهم ودور عبادتهم / . كانت القرم تعرف لدى قدماء المؤرخين المسلمين بالقبجاق كما كانت تعرف مناطق القوقاز الجنوبية مثل جورجيا والمناطق الاوكرانية المتاخمة لروسيا وجورجيا بالقفقاس الا ان اليد الاسلامية استقرت بتلك المناطق اثر اعتناق المغول الذين انتشروا كالجراد المنتشر في بلاد الشام والعراق واوروبا ، الاسلام . وقد وصل عددهم في القرم عام 1876 الى حوالي اربع مليون و 879 الف نسمة علما ان عددهم قبل استيلاء القيصرية الروسية على تلك المناطق ولا سيما في عهد الملكة كاترين الكبيرة الى حوالي 7 مليون نسمة واباد ايجون المتوحش الكثير منهم وتقلص عددهم الى عام 1918 اثر نجاح الثورة البلشفية الى حوالي 800 الف نسمة جراء التهجير والقتل ليصل عددهم زمن انهيار الاتحاد السوفييتي واستقلال اوكرانيا عن الاتحاد المذكور الى حوالي 311 الف نسمة من بين حوالي 2 مليون و 231 الف نسمة عدد مسلمي اوكرانيا حسب تقدير احصائية للمنظمة الاوروبية للامن والسلام والتنمية ظهرت في شهر نيسان/ابريل من عام 2014 الحالي .
ويؤكد استاذ علوم الاسلام في اوكرانيا والقرم بجامعة مدينة كييف اوليج ياروش , وهو من مسلمي اوكرانيا / بمحاضرة القاها مساء يوم الثلاثاء من 25 تشرين ثان/نوفمبر دعا اليها معهد علوم الاسلام والاستشراق بجامعة برلين الحرة بالتعاون مع مركز الشرق الحديث الى ارتفاع ظاهرة اضطهاد المسلمين في شبه الجزيرة المذكورة وباوكرانيا ايضا ولا سيما بمنطقة دونتسبيكين التابعة لمنطقة دونتسيك التي اعلن انفصاليو اوكرانيا قيام دويلتهم اطلقوا عليها / جمهور دونتسيك الشعبية / التي تعترف بها بشكل غير رسمي تسعى من خلال حربها الباردة مع الغرب لابتزاز الاوروبيين للاعتراف بشرعيتها على القرم مقابل عدم الاعتراف بالجمهورية المذكورة وتنفيذ وعودها الحفاظ على اوكرانيا موحدة مشيرا انه منذ انضمام القرم الى روسيا أغلقت سلطات تلك المنطقة الكثير من المساجد كما صادروا أراض تعود ملكيتها للمسلمين . وأضاف ياروش ان مسلمي باوكرانيا المركزية لا يعتبر حالهم احسن حالا من مسلمي القرم فتأثير القومية الاوروبية والمعاداة للاسلام ببعض دول اوروبا مثل المانيا وهولندا وغيرهما انتقلت تلك العدوى الى قوميي اوكرانيا وخاصة في كييف فقد تعرض زعماء مسلمون الى الضرب من متظاهرين والاعتقال من قبل الشرطة اضافة الى ارتفاع ظاهرة العنصرية فمن المستحيل ان تجد امرأى كانت ترتدي الزي الاسلامي قبل بدء الازمة الاوكرانية تستطيع ارتداءه بلا خوف في وقتنا الحالي ويعمد بعض العنصريين بالقرم الى مهاجمة اولئك الملتحين من المسلمين ويقوموا بقص لحاهم .
وأعرب ياروش عن مخاوفه من ان تؤدي ظاهرة الكراهية والعنصرية ضد المسلمين بالقرم وبعض المناطق الاوكرانية الى لجوء المسلمين بالدفاع عن انفسهم فتهجيرهم من جديد من القرم لن يكون سهلا في هذه الاوقات مثل ما وقع لهم زمن البلشفية والقيصرية الروسية معربا عن أمله ان يساهم الاوروبيون بالاتحاد الاوروبي التطرق مع الحكومة الاوكرانية على وضع المسلمين والضغط على كييف لانهاء هذه الظاهرة على حد قوله .