لكلّ قصة ... نهايتان

لكلّ قصة ... نهايتان!*

هنادي الشيخ نجيب

[email protected]

كم تعتقدون ـ شبابنا ـ نسبة ما تستطيعون التحكُّم به من أحداث ومواقف في حياتكم؟

وهل تظنون أنّكم مسيّرون تجاه كل صغيرةٍ وكبيرةٍ، مشدودون إليها دون إرادةٍ أو قدرةٍ على التغيير؟!

مهما تكن قناعاتكم، فأنتم مدعوون لقراءة هذه الأسطر التي سنقدم لكم من خلالها قاعدة 10/90 ،لتبدؤوا بأول خطوة تغيير نحو خيارات حياتية أفضل، وتفاعلٍ وتعاونٍ أسلم.

ما هي هذه القاعدة السحرية؟

يقول منظِّر القاعدة (ستيفن كوفي) [وهو صاحب كتاب العادات السبع للأشخاص الأكثر تأثيراً]: إن 10٪  من المواقف التي تمر علينا لا نستطيع أن نتحكم بها لأنها خارج نطاق سيطرتنا، لكن الـ 90 ٪ المتبقية مبنية على ردود أفعالنا تجاه الـ 10 ٪ التي تتعرض لها...

تعالوا بنا- شبابنا- لنوضّح النظرية عبر هذا المثال:

جلس «سليم» إلى مائدة الفطور مع عائلته في صباح يوم عملٍ جديد، وإذا بفنجان الشاي يسقط من يد أخته الصغيرة ليقع في حضنه ويوسّخ ثيابه.

 ما حصل كان خارج السيطرة، فضلاً عن أنه غير مقصود! ما رأيكم لو نلقي نظرة على ردة فعل سليم:

قام بغضبٍ دافعاً كرسيه إلى الخلف، وتوجه إلى أخته البريئة موبِّخاً إيّاها على فعلتها، صارخاً في وجهها، مما أدى إلى بكائها وانتحابها، ثم استدار إلى أمه وحمّلها مسؤولية وضع كوب الشاي على طرف الطاولة... وبعدها دخل غرفته ليغيّر ملابسه، وخرج مستعجلاً ليجد أخته بانتظاره، فهو مضطر الآن أن يوصلها إلى المدرسة حيث فاتها الباص بسبب تأخرها عن الإستعداد بداعي البكاء. استقل سليم سيارته وانطلق بأقصى سرعته متجاوزاً الحد المسموح به، فأوقفه الشرطي محرّراً بشأنه مخالفة مرورية بقيمة «محترمة»... وبعد كل هذه المعاناة وصل سليم إلى مكتبه، لكنه اكتشف أنه نسي حقيبة عمله في البيت!!

وهكذا تتالى سلسلة المواقف السلبية لتختتم يوماً حافلاً بالأحداث، مهّدت لها ردود فعلٍ غير متزنة ومبالغٌ فيها.

دعونا نسأل: من هو المسؤول عن إفساد يوم سليم؟ ترى هل هي الطفلة الصغيرة؟ أم فنجان الشاي؟ أم سائق الباص؟ أم رجل الشرطة؟

الحقيقة أن سليم هو وحده المسؤول، إذ حمّل يومه كله سوء تعامله في اللحظات الأولى، وفساد ردّة فعله على حادثة لا دخل له بها.

بالله عليكم ـ شبابنا ـ لو أنه قال لأخته: لا بأس عزيزتي، ليتك تكونين أكثر حذراً في المرة القادمة، ثم غيّر ملابسه وودّع أخته وهي تطّل من نافذة الباص، ووصل إلى عمله مبّكراً مستفتحاً يومه بابتسامة وإيجابية وتعاون، فهل كان سيحصل معه تلك المآسي؟!

إن وراء كل قصة «سيناريوهان» [كما يقول المؤلف] مختلفان: لهما البداية نفسها، لكن نهايتهما مختلفة.

ما أحرانا –شبابنا- أن نعيد النظر في ردود أفعالنا وتصرفاتنا؛ فهي من اختيارنا ولها بدائل كثيرة :مريحة وبسيطة... فلنسرع في تعديل ما هو تحت سيطرتنا ومن صنع انفعالاتنا، ولنسير في ظل المقدور بتسليم ويقين، ولنبذل الجهود بقلبٍ رحيم وصدرٍ سليم وعقلٍ حكيم وزند قويم... ولنسعد بالمبادرة ... ولنعش المغامرة ... بالإيمان والحب والعمل.

                

*من سلسلة "إشراقة غدي" – مجلة غدي الشبابية - لبنان