بصمات العيد الفلسطينيّ

بصمات العيد الفلسطينيّ

طلعت سقيرق

هل من حقنا أن نفرح كل الفرح بقدوم هذا العيد أو ذاك ونحن مقيمون طويلاً، وعلى مدار سنوات، في غربة ولجوء وتشرد وبُعد عن الديار؟؟.. أقول بصريح العبارة "والمانع؟؟".. لماذا لا نفرح كما يفرح غيرنا، لماذا لا تكون ابتسامتنا بطول العيد وعرضه؟؟.. هل علينا أن نفرش الأرض بالدموع والنواح والبكاء؟؟.. طبعاً لا.. فالشعب الحيّ المؤمن بعدالة قضيته يجب أن يكون شعباً ممتلئاً بالحياة والفرح والتطلع إلى الحياة بكثيرٍ من الأمل.. وعلينا أن نُسجل ببصمة كبيرة أننا أقدر الناس على الحب والفرح والحياة لأننا نُناضل ونُقاتل ونُكافح من أجل الحياة والعيد والشمس وعودة الحق.. وابتسامتنا ستكون مثل علمنا ويقيننا وإيماننا، علامة إصرارٍ على الحق الذي لن نتخلى عنه مهما طال الزمن، فنحن أقوى من كل اللحظات العابرة وإن تحوّلت اللحظات إلى سنين، فمن خلال حبنا وفرحنا وإيماننا سنزرع الأرض يقيناً بالعودة..

تمرّ الأعياد وتكرّ، وأحياناً ننسى جملة أو مفردة رائعة كنا نُرددها في كل حين قائلين "بالعودة" لنُرسخ في البال والأذهان أنّ العودة يقين، فليتنا نعود إلى هذه المفردة كي تبقى مفتاحاً لأعيادنا ومناسباتنا ويقيننا بهذه العودة.. فنحن نؤمن كل الإيمان بأن فلسطين ستعود وسترجع وستكون لنا، فلماذا لا نزيد هذا اليقين يقيناً حين تكون مفردة "بالعودة" نشيدنا الوطنيّ اليوميّ في العيد وفي سواه.. فلا شيء يُعادل قيمة هذه المفردة المليئة بالفرح والتفاؤل والتطلع إلى مستقبل مشرق، لأنها قائمة ومنطلقة من تعلقنا بالوطن الذي نعشق..

سنقول "كلّ عام وأنتم بخير" فهذا حقنا وحق أهلنا بالتأكيد أن يكون الجميع بخير.. سنقول كلّ عام وأنتم على وطن، فهذا يقيننا الذي لا يتزحزح بأننا مقبلون على وطن محرر تُشرق الشمس على أرضه.. سنقول "إن شاء الله بالعودة" لأن العودة منظورة ملموسة محسوسة بالنسبة لنا لن يقل يقيننا بها ولن يتغير فإيماننا كبير، بل جدّ كبير، بأن نشيد "بالعودة" سيحملنا مع الأيام على تحقيق الحلم ليكون يقيناً وتحقيق الأمنيات لتكون شيئاً معاشاً في فلسطين..

تمرّ الأعياد وبعادنا عن أرضنا حارق قاتل يكوي الفؤاد حنيناً وشوقاً لكل حبة تراب.. لكن هذا لن يجعلنا يائسين مكسورين مخذولين صُفر الوجوه والأمنيات.. نعرف كم هو حزننا وشوقنا وحنيننا كبير، ونعرف كم هو صعب طعم البعاد عن الديار، ونعرف كم هو معذِب هذا البقاء في ديار الغربة نُعايش كل لحظة أمل الرجوع إلى البيت والشارع والذكريات والوطن الحبيب.. لكننا رغم ذلك مسكونون بأملٍ لا تغرب شمسه، وبفرحٍ لا ينقص مهما اشتد سواد الأيام، وبتطلعٍ شامخٍ لا يمكن أن يأفل قمره أو يغيب.. فالحياة فينا زهرة عطرها يملأ الدنيا وجمالها يأخذ بالألباب..

نقولها وسنقولها دائماً "كل عام وأنتم بخير"، وبالعودة إن شاء الله، وتُصبحون على وطن.. نُكررها يقيناً لا ترداداً دون معنى.. فمن أعطى الوطن سنابل دم وشهادة وتضحية وعشق لا يحدّ لا يمكن إلا أن يؤمن بأن الفجر قادم وعيد العودة إلى الوطن قادم وشروق شمس الغد المشغول بالفرح قادم.. فليكن عيدنا فرحاً، ولتكن أيامنا فرحاً، ولتكن كل أغانينا فرحاً.. فالشعوب الحية المؤمنة بالنصر والحياة والفرح، تبكي وتضحك، تحزن وتفرح، تدمع وتُغني.. فكل عام وأنتم بخير وبالعودة إن شاء الله..