الصحة تاج 2
الصحة تاج 2
"تخفيف وزن و محيط الكرش"
م. عبد المعز الحصري
لا يأتيك الطبيب أبداً
( إن الله جميل يحب الجمال ) وأمرنا أن نأخذ بأسباب الجمال في الحياة كلها ،
فكل شيء خلقه الله جميل وحسن " الذي أحسن كل شيء خلقه " ولا شك أن من أجمل مخلوقات الله الإنسان ، " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" سورة التين
ويكتمل جمال الإنسان بإيمانه و يزيده جمالا حين يضع على رأسه تاج الصحة ،
وصدق القائل : الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى
لقد كنا نسمع من دعاء العجائز – ونحن في عمر البراعم ولا ندرك معنى كلامهم -
( اللهم لا تثقّل بنا أرض ولا تكرّه بنا عبد ، اللهم آمنا في أوطاننا ) ، وهذا إن دل فإنما يدل على صحة الجسد والعقل ،
والتاج الذي أضاعه الناس في زماننا هو تاج الصحة ، فحين يضيعون صحتهم في عدم استغلالها قبل أن يأتيهم المرض بغتة فكأنما اقتطع شيئا من جسدهم وهذا يعني نقصان صحتهم وكما قيل إنما المرء بضع أيام كلما ذهب يوم ذهب بضع منه
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ " رواه البخاري
والمؤمن القوي في إيمانه وصحته وعقيدته خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) الحديث
قال الإمام علي رضي الله عنه يوصي ابنه ( لا تأت الطعام إلا وأنت تشتهيه وقم عن الطعام وأنت تشتهيه واعرض نفسك على الخلاء لا يأتيك الطبيب أبداً ) المرجع : الامام علي – رضي الله عنه – محمد رضا
قال الشافعي – رحمه الله – ( ماشبعت منذ ست عشرة سنة إلا شبعة أطرحتها- يعني فطرحتها – لأن الشبع : يثقل البدن ويقسي القلب ويزيل الفطنة ويجلب النوم ويضعف صاحبه عن العبادة ) المرجع :كتاب آداب الشافعي ومناقبه للامام الجليل أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي صاحب كتابي العلل والجرح والتعديل
، ورأى الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا سمينا ، فقال له ماهذا ، فقال الرجل هذه نعمة الله فقال أمير المؤمنين بل سخط الله ، ثقل في الدنيا ونتن في القبر .
وكان سيدي الوالد الشيخ أحمد الحصري - رحمه الله - يكره السمنة في الرجل
قلت : أنّ البطون إذا امتلأت وارتفعت تكاسلت الأعضاء في القيام بواجبها واثَّاقل الجسم عليها ، وبدأت بذرة الأمراض تنمو وتكبر حتى تظهر على الجسد فتشوهه وتضرب على العقل فتخلفه عن القيام بواجبه ،
فاذا ارتفعت الكروش سقطت الغروش ، والكروش هنا أرمز بها للاوثان التي حول القلب واتباع الهوى والشهوات بأنواعها ، وأمّا الغروش فهي رمز لعدم القيام بالواجبات وحضورالجماعات ... ، وعدم الوعي الكامل لما خلقنا له و عدم انضاج ثمرة العمل الموكل إلينا ثم قطفها . وما ضاعت البلاد إلا بفسق العباد و اتباع الشهوات وخير دليل على ماسبق ضياع الأندلس ومن ثم ضياع شباب الأمة .
حتى يكون الطعام صحياً علينا أن نلتزم بآداب السنة الشريفة المطهرة في كل شيء والذي يخص موضوعنا هنا المأكل والمشرب ، و أما الملبس فهو يؤثر على الصحة بشكل آخر فمثلا ( لبس الذهب للرجال يضر بخصوبتهم ...) ، و لنعلم أن الله أمر الناس بما أمر به الأنبياء قال الله تعالى : " يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) المؤمنون ، وأمر الناس فقال الله تعالى
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) (172) " البقرة
بل أمرنا أن نأكل من أزكى الطعام ، قال الله تعالى : ( ...فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم بزرق منه وليتلطف ..." الآية 19 من سورة الكهف ،
وللعلم فإنّ كلمة ( وليتلطف ) واقعة من حيث المحَل بالنسبة لعدد الاحرف في نصف القرآن الكريم بالضبط ، فالتاء وما قبلها من النصف الأول من القرآن الكريم ، واللام الثانية وما بعدها من النصف الثاني من القرآن الكريم ،
ونحن لا ننس أنّ في الجنة أنهار من ( ماءغير آسن ، ولبن لم يتغير طعمه ، وعسل مصفّى ، وخمرلذة للشاربين ) وهذه اشارة وتشكيلة رائعة بل وأكثر من رائعة تقوم على أساسها صحة الجسم وقوته وربما تكفيه ليكون سليم الجسم قوي العقل بشرط أن نأكل ماكان اساس الخمر حلالا طيبا " كالعنب ، والتمر ، وخبز الشعير ، وشراب اليانسون ...الخ " ، أو أصبح خلا بعد أن كان خمرا
عندما نأكل من الطيبات وبمقدار ما بينه الشارع الحكيم يكون لنا الطعام غذاء وصحة وتقوية لنا على طاعة الله تعالى ، ولابأس بأن تكون اللقمة بحجم ماتحمله ثلاث أصابع وأن نأكل حتى الاكتفاء- وهو ثلث المعدة – لا الشبع ، " نحن قوم لانأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع "
ولابأس من الشبع المحمود لاالشبع الذي يصل إلى حد التخمة ، ولقد بلغني عن بعضهم أنه يأكل ويأكل ويأكل ثم يقوم إلى الحمام ليستفرغ و هذه مصيبة بحد ذاتها . قلت نحن أمة لم تخلق للأكل فقط بل خلقنا للعبادة ، فنحن نأكل لنعيش وليس نعيش لنأكل ، فالطعام وسيلة لغاية عظمى الا وهي العبادة
وصدق القائل : إن ما يفسده درهم شبع لا يصلحه مائة درهم علاج ، قلت : من علامات الغفلة والبعد عن ذكر الله التخمة والسمنة ، وقد ورد " .. يسمنون ...، .. ويحبون السمن... ، .. ويظهر فيهم السمنة .." ،
وقديما قالوا ( البِطْنَةُ تُذهب الفطنة ) ، و المسلم حين لايطبق السنة المطهرة في مأكله ومشربه وملبسه وفي كل أحيانه فهو في غفلة وبعد عن الله ونحن بحاجة إلى ترجمة العلم إلى عمل أكثر من حاجتنا إلى عمل كثير بلا علم وبمعنى آخر ( عالم عامل خير من ألف عابد جاهل ) ومثال ذلك العالم وهو أشد على الشيطان من ألف عابد ، أو كمن يصلي ولا يخشع في صلاته ولا يعرف كم صلى، " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون " سورة المؤمنون ؟ .
كما أنّ التمادي في الشهوات يولد الشره وصدق القائل :" إذا أفرط الإنسان بشهوته أصبح عنده شره – شره في التملك والطعام ..- والشره يثمر الخمود والضعف في الأحساس .
وعلى كل حال فإنه لا بد من الغذاء الصحي والمتوازن مع الرياضة البدنية والخشوع في الصلاة والتفاؤل وجعل الهموم هما واحداً وصدق القائل " هم ساعة هرم سنة " وفي الحديث " ترك العَشاء مهرمة " ذكره الترمذي في جامعه وابن ماجه في سننه ،
قالوا في اللغة : كل طعام قبل الظهر يسمى غداء حتى ولو كان وقت السحر ، و كل طعام بعد الظهر يطلق عليه عشاء .
و يقول المثل :
تفاحة في اليوم تبعدك عن الطبيب ، و قد يستبدل في المستقبل إلى موزة في اليوم وصحة على الدوم ( 1 )
وهذه أيها السادة حكم في الطب للبيهقي في شعب الايمان (2)
مما رواه عن أبي سفيانن
ابن عدي بن مرة الطائي كان طبيبا عارفا بالداء
قيل له يوما أفدنا فائدة بالطب عن أهل العلوم واردة
قال احفظوا عني امور أربعة تنبؤ عن مضرة ومنفعة
فالاول الوطء بغير رغبة فمنه قد تأتي امور صعبة
يستفرغ الصحة من كل الجسد وربما اختل المزاج وأنفسد
أما إذا كان إليه داع فمنه قد فاز بالإنتفاع
ثانيهما من نام في وقت السحر كرها بلا داع فللجسم قهر
ثالثهما من دخل الحمام وكان قد هاجت به الأسقاما
فادخله في الصحة ان رمت الشفا بلا دليل ظاهر ولا خفى
رابعها لا تكرهوا أهل المرض على طعام فهو داء بالعرض
وان تكن نفس المريض تشتهي فبالأكل الشفاء ينتهيي
وصفة لتخفيف وزن و محيط الكرش " :
1- التسمية قبل الطعام ونية التقوي على طاعة الله
2- ملعقتين خل في كأس ماء شرب صباحاً ومساءاً
3- لبخات من ورق الملفوف الدافىء
4- حبة البركة وأكليل الجبل " في ماء ساخن 2كوب في اليوم
5- خلطة ( بذر الكتان ، كمون ، جوز الجمل ، البقلة أو الرجلة ) يؤخذ بأوزان متساوية ملعقة من الخلطة وتضاف الى كأس ماء دافىء وتشرب قبل الطعام
6- ملعقة " نخالة مع عسل " قبل الطعام
7- يؤخذ ( شاي أخضر ، ميرامية ، بابونج ، الراوند ، قرفة أو دارصيني ، مليسة ) بكميات متساوية ، ثم يؤخذ من الخلطة ملعقة وتوضع في كاس ماء مغلي وتغطى ثم بعد عشر دقائق تشرب قبل الطعام
8- مطحون بذورالكوسا مضافا إليها البقلة " الرجلة ، فرفحينا " في ماء ساخن ويشرب قبل الأكل بنصف ساعة
9-- الابتعاد عن تناول الدهون والسكريات والنشويات والحلويات واستبدالها بزيت الزيتون والاسماك " التونا " والعصائر لاسيما الأناناس
10- تناول وجبات خفيفة بعد كل صلاة ، والعشاء باكرا ويفضل أن يكون سلطة مع ملعقة خل ، ثم حبة أو حبتين من الفاكهة مختلفتين ولابد من التنبيه أن تناول الفاكهة يكون قبل الأكل دائما
11- إإشغال النفس بإطعام الآخرين كالزوجة والاولاد أو خدمة الضيوف
12-/font> الرياضة يومياً وأقلها ثلاث أرباع الساعة مع التعرق
13- التلذذ بالطعام ومضغه جيدا قبل بلعه
14- أن تكون اللقمة صغيرة ( أي ما تحمله ثلاث أصابع )
15- شاي أخضر ، زنجبيل ، قرفة " دارسين " شربا قبل الطعام
16- شرب الماء قبل الطعام بوقت كاف
17- تناول صحن من السلطة قبل الطعام ( خيار ، خس ، جرجير ، بندورة ، فليفلة جزر ، ثوم ، نخالة ، خل ، زيت زيتون )
18- شرب مغلي بذور الكرفس ،
19 - القيام عن الطعام عند بدء الاحساس بأول الشبع ( ثلث البطن )
ووصفة لمن يأكل ولا يشبع
عن وحشي بن حرب رضي الله عنه أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يارسول الله إنّا نأكل ولا نشبع قال : "فلعلكم تفترقون " قالوا نعم قال " فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه " رواه أبو داود ( 3 )
( 1 ) : وفقاً لبحث في "مجلة نيو إنجلند الطبية ، "فإن تناول الموز كجزء من حمية منتظمة يمكن أن يقلل خطر الموت بالسكتة بنسبة 40%.
وهكذا فالموز غذاء كامل متكامل ، وعند مقارنته بالتفاح ، فالموز يحتوي على 4 مرات أكثر بروتين ، ومرتان أكثر كربوهيدرات ، و3 مرات أكثر فسفور ، وخمس مرات أكثر فيتامين أ وحديد ، ومرتان أكثر فيتامينات ، ومعادن ، كما أنه غني بالبوتاسيوم . لذلك فقد يكون الوقت لاستبدال التفاح بالموز .
(2) : للامانتة العلمية وأداء الحقوق الى أصحابها سمعت هدا الكلام من سيدي الشيخ موسى الامام رحمه الله " اربد ، الاردن " من قبل ثلاثين سنة في الامارات العربيةالمتحدة
( 3 ) : رياض الصالحين للامام النووي رحمه الله ، باب مايقوله ويفعله من يأكل ولايشبع