سبعون عاما في حضن اللغة العربية 36
سبعون عاما في حضن اللغة العربية
الحلقة السادسة والثلاثون
مع صحف الغربة
أ.د/
جابر قميحةعشت في الظهران متخذا من قلمي وسيلة للتعبير عن مشاعري ، وعن المواقف والقضايا المختلفة وخصوصا ما يرتبط بالعقيدة والأدب شعرا ونثرا ..
وكان تعاملي في باكستان مع " مجاة أفغانستان " الأسبوعية ، وما يصدره مركز البحوث الإسلامية التابع للجامعة الإسلامية العالمية ، ومن البحوث التي نشرتها فيه " بحث عن الشاعر محمد عبد المطلب " .
وقد كان تعاملي الأسبوعي مع ( أخبار الجامعة ) وهي نشرة تصدر أسبوعيا في جامعة الملك فهد ، وتهتم بالأدب والتربية ، والتوجيهات الجامعية . ولا يخلو عدد من مقال لي .
ومن المقالات التي أعتز بها مقال بعنوان " عن القناعة قالوا " وقد ختمت المقال بالعبارة الآتية :
" كل هذه الأقوال ــ من منظوم ومنثور ــ تقودنا إلى عدة حقائق خلاصتها :
ــ أن القناعة غير التواكل والاسترخاء والكسل والاستسلام .
ــ وأن القناعة لا تتعارض مع الطموح والعمل الدائب .
ــ وأن القناعة لا تتنافى مع الاعتزاز بالنفس والكرامة .
ولكنها ــ كما رأينا ــ قيمة سامية تنتظم في نسيج الشخصية السوية
المتكاملة " . ( أخبار الجامعة ــ العدد 235 ــ 7 / 4 / 1997 ) .
**********
ومن الإصدارات صحيفة " المسلمون " التي تصدر في السعودية .
و " مجلة القافلة " الشهرية السعودية .
و " مجلة الدارة " الشهرية السعودية .
و " صحيفة اليوم " اليومية السعودية التي تصدر في المنطقة الشرقية ، وقد نشرت فيها أغلب مقالاتي .
و " مجلة الحرس الوطني " السعودية .
و " المجلة العربية السعودية " .
و " صحيفة الرياض السعودية " .
و " صحيفة الندوة السعودية " .
و " مجلة الفيصل السعودية " .
و " مجلة المنهل " السعودية .
و " مجلة الخفجي " السعودية ومما نشرته فيها موضوع مهم جدا بعنوان " الحوار الفني في شعر نجيب الكيلاني " يناير 1996 .
و " صحيفة المسلمون " السعودية . ومما كتبته فيها : " سؤال يبحث عن إجابة : هل أسهم الشعر الحماسي المعاصر في تأجيج ظاهرة العنف " . ( 3 أكتوبر 1997 ) .
و " بل هي جناية الأدب الساقط " و " كاتب عربي يصرح أن القرآن به أخطاء عربية ونحوية " ( 10 اكتوبر 1997 ) .
و" مجلة الوعي الإسلامي " الكويتية .
و " مجلة المنتدى " التي تصدر في دبي ، ومما نشرته فيها دراستان مهمتان :
الأولى بعنوان " الدكتور نجيب الكيلاني الأديب الإنسان " ( إبريل 1995 ) .
والثانية بعنوان " السجنيات " في أدب الكيلاني ( يوليو 1996 م ) .
**********
أما أشد وأقوى ما كتبته فيها فجاء في سلسلة من المقالات ( من 2 / 1 / 1996 إلى 5 / 3 / 1996 ) بعنوان " همسا في أذن القذافي : إلا القصة يا مولاي " . والعنوان اقتبسته من الأستاذ الشاعر فتحي سعيد في قصيدة قصصية له بعنوان " إلا الشعر يا مولاي " قال فيها :
جلس "السلطان النعمان" وحوله ندماؤه وأصفياؤه، وعلى رأسهم "شاعر العصر" الذي توجه إليه السلطان بالحديث قائلا:
عَلًّمْني يا رب الأشعارْ:
عَلَّمني الحكمة والصمْتَ
وفنَّ اللعب على هاتيك الأوتارْ
عَلًّمْني الفطنةَ واللغْةَ
وتاريخ الفلك وفنَّ الإبحارْ
عَلًّمْني فنَّ العَوم مع التيار
وضد التيارْ
عَلًّمْني المنْطقَ والجبر
وأصل العائلة وفلسفة التيجان
عَلًّمْني الموسيقى...
.....
......
علمني الرسم....
ويأتي جواب الشاعر على "الأوامر السلطانية":
ذلك ميسورً يا مولاي
فلا حرج على الملك النعمان
........
ولازم "شاعر العصر" سلطانه النعمان إلى أن أتقن كل هذه الفنون... وذات يوم طلب السلطان من الشاعر ما لم يكن في الحسبان:
علمني الشعر
فإن الشعْرَ خلود الأزمان
عَلًّْمْنيه
فإنك أَدْرَى بالقافيةة
وبالخافية من الأوزانْ
عَلًّمْني كيف أصوغ من الكلمات
عقود اللؤلؤ والمرجانْ
ويأتي جواب الشاعر صريحا قويا حاسمًا:
علمتُك كل فنون الإنسان
أما الشعر فعذرًا يا مولاي!!
مفاجأة أدبية...!!
القرية القرية
الأرض الأرض
وانتحار رائد الفضاء
مع قصص أخرى.
ودلالة هذا العنوان تقطع بأن الكاتب العقيد سجل على الغلاف أسماء "قصص" ثلاث، وأن السطر الرابع من الغلاف يعني – كذلك-ـ أن ما ضمه الكتاب من "إبداعات" أخرى يمثل " قصصا " لا جنسا أدبيا نثريا آخر كالمقال أو الرسالة أو الخطبة المكتوبة، فالظاهر إذن من عنوان – أو عناوين- الكتاب.. أنه "مجموعة قصصية"، ونفتح الكتاب لنقرأ فيه – غير ما ذكر على الغلاف من العناوين – عناوين نصوص أخرى هي:
"المدينة – عشبة الخلعة والشجرة الملعونة- ملعونة عائلة يعقوب ومباركة أيتها القافلة- أفطروا لرؤيته- دعاء الجمعة الآخرة- وانتهت الجمعة دون دعاء- المسحراتي ظهرًا".
قلت بيني وبين نفسي: جميل والله أن يتجه زعيم من زعماء العرب إلى الأدب، وإلى إبداع فن القصة القصيرة بخاصة، فالقصة – كما يقول أستاذنا أحمد الشايب- فن يمثل مكانة ممتازة بين الفنون الأدبية الأخرى لاتصاله بحياة الناس الماضية أو الحاضرة، ولمرونته واتساعه للأغراض المختلفة، ولجمال أسلوبه وخفته على النفوس، زيادة على ما تحمله القصة – وخصوصا قصة المغزى- من قيم نفسية وتربوية واجتماعية هادفة بلا مباشرية أو خطابية أو تقريرية.
وفي تاريخنا العربي والإسلامي – في كل العصور- عدد كبير من الأمراء والوزراء شعراء وأدباء وكتاب وخطباء.. وقلت بيني وبين نفسي جميل جدًا أن ينهض زعيم الجماهيرية العظمى "معمر محمد عبد السلام أبو منيار القذافي" فيصلنا بعصور الفحول من الأمراء والقادة الأدباء، وقرأت "إبداعاته" الأثنى عشر مرة ومرة.. قرأتها قراءة تفحص وتأن وتمعن، وحاولت أن أنسبها كلها ، أو بعضها إلى فن القصة القصيرة، ولكني لم أستطع ، حتى مذاهب الحداثيين- في القصة ، ضاقت وتضيق عن أن تنسب هذه النصوص لواحد منها ولو على سبيل التجاوز والتسامح .
وأمام هذه " الصدمة " تذكرت فتحي سعيد رحمه الله، وكأني أراه في "ملابس تاريخية" وهو يصرخ في وجه "السلطان النعمان": "إلا الشعر يا مولاي" فرأيتني أنهض.. ولكن برباطة جأش، لأهمس في أذن كاتبنا الزعيم معمر محمد عبد السلام أبو منيار القذافي: "إلا القصة يا مولاي".
وتزاحم المنافقون من النقاد ليقولوا في حماسة إن القذافي أثبت بكتابه هذا أنه رائد القصة في العصر الحديث . ولم يذكر واحد منهم ما ارتكبه القذافي في غثائه هذا من جرائم فكرية ودينيه وأدبية منها :
ـــ سب الصحابة كخالد بن الوليد ، والسخرية من الأئمة كابن تيمية وسيد
قطب .
ـــ والعدوان على القرآن والسنة، وتحت يدي خطبة يصف فيها رسول الله
ـــ تبجحه بالقول بأن المصدر الوحيد للإسلام هو القرآن .
ـــ سقوطه في أخطاء لغوية قاتلة كاستعماله الفعل القرآني " وسق "على
أنه اسم .
ـــ ذكره أن القرية مختصة دون المدينة بالمظاهر التي ذكرها ؛
مع أن القرآن استعمل القرية بمعنى المدينة .
ـــ واعتقاده أن المفهوم الحديث للقرية يعني أنها البلد الريفي الذي يسكنه
مجموعة من الفلاحين .
ـــ مع أن القرآن ذكر فيه اسم القرية 56 مرة مفردا ومثنى .
وجمعا . وهي تعني التجمع السكاني المستقر ، ولم يحدد القرآن حجم
القرية أو عدد سكانها .
ـــ ادعاؤه بأن ما كتبه يمثل ثورة لتصحيح التوحيد ، أو ثورة توحيدية
جديدة .
وهناك مثالب أكثر من أن تحصى أثقل بها هذا الغثاء الذي سماه القذافي
" القرية القرية
الأرض الأرض
وانتحار رائد الفضاء
وقصص آخرى "