كيف أستخدم "الإسلام السياسي" لتخريب المجتمع العربي؟

كيف أستخدم "الإسلام السياسي"

لتخريب المجتمع العربي؟

معمر حبار

[email protected]

أولا : الغرب

كيف استخدمت الصهيونية ورقة " الإسلام السياسي " لتخريب المجتمع العربي ؟ " للأستاذ حامد ربيع رحمة الله عليه، و التي قامت بنشرها مجلة " كل العرب " التي تصدر في باريس يوم الاثنين 25 صفر1410 هـ الموافق لـ 25 سبتمبر 1989، في عددها 370 ، وبين دفتي صفحة 20-25.

أهمية الدراسة أنها نابعة من أحد عمالقة علم السياسة ، وبالإضافة إلى ما ذكره الكاتب لم تزدها الأيام إلا تأكيدا و تعميقا ، و خير دليل على ذلك ما حدث في الجزائر في التسيعينات من القرن الماضي، ومايحدث الآن في بعض الدول العربية.

يقترح الكاتب في الجزء الأول من الدراسة ثلاثة أسباب جعلت العلاقة بين الإسلام و التطور المعاصر علاقة مضطربة،  وفي نظر البعض من لا يحتمل هذا التناقض و هي:

الأول : عدم وضوح مواقف بعض الأنظمة.

الثاني : التخلف الحقيقي الذي يرتبط بالواقع الإسلامي .

الثالث : طبيعة الظاهرة الإسلامية كحقيقة سياسية.

ثم يوضح الأستاذ كيف أستعمل الإسلام من طرف الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الغربية، عن طريق التخريب الذاتي و الداخلي للمجتمعات العربية و ذلك عن طريق الأساليب التالية:

1 أن الولايات المتحدة استعملت الإسلام للتصدي للتطور الاشتراكي و لإيقاف المد الشيوعي، باعتبار أن العداوة للإسلام درجات و أن الإسلام و المسيحية (التي تحولت إلى صليبية ) كلاهما يعبر عن أديان سماوية تقف ضد الإلحاد.

2 إضعاف كل من الإسلام و العروبة رغم حقيقة العلاقة التي تربطها و كيانات غير إسلامية.

3 ووظفت العلاقة بين الإسلام و العروبة في أعقاب مجئ عبد الناصر لإضعاف جوهر هذه العلاقة و تحت تأثير الناصرية بدأت تظهر في الاستقلال الكامل في العلاقة بين العروبة و الإسلام ، و هو ما عمق الهوة التي فصلت بين العروبة من جانب و التيارات الإسلامية من جانب آخر ، فكانت النتيجة نكبة 67 .

وتمثلت النتيجة الكبرى في إضعاف كل من دعاة الإسلام و أنصار العروبة ، مع ما في ذلك من تمزق ليس لصالح أي طرف . و يتساءل الأستاذ بعد ذلك كيف صورت العلاقة بين الإسلام و العروبة؟.

فيجيب بأن القوى الاستعمارية الخارجية صورت العروبة على أنها في جوهرها قومية تستمد مصادرها من الأصول العنصرية و التمييز العنصري؟ !! و أن الإسلام دعوة عالمية. إذن حسب هذا الطرح  فالعلاقة بينهما  مختلفة ومتعارضة؟ !!                                      

ثم يقدم الكاتب ثلاثة أسباب جعلت من الإسلام أن يكون قوة للعروبة وهي:

1 إن الإسلام يقدم للعروبة نظاما للقيم و التعامل اليومي.

2  الإسلام يقدم للمجتمع العربي تفسيرا  لعلاقات ذلك المجتمع  للعالم الذي يحيط به و بقواعد واضحة  و صريحة للتعامل.

3  قوة الإسلام في وظيفته  الحضارية أي تصورا محددا لتحضير الإنسانية وهي:

ربط الماضي بالمستقبل عبر الحاضر.

تحديد وظيفة المجتمع.

وضع الدين كمتغير أساسي في عملية التطور .

ويستخلص بعدها الكاتب بأن العروبة تكتسب قوة من الإسلام، وعرفت كيف تصوغ مفاهيمها و تصوغ أهدافها و تنظم حركتها على ضوء هذه العلاقة.  

الحلقة الثانية والأخيرة

ثانيا : الصهيونية

يبدأ الأستاذ الشطر الثاني من دراسته القيمة بالسؤالين التاليين: كيف تتعامل الصهيونية مع الإسلام ؟. وماهي نظرتها إلى الإسلام و كيف تستغله في عملية إضعاف الجسد العربي؟.

إن الصهيونية تعتقد بأنه قبل الصدام الجسدي لا بد من حرق الأرض لإعدادها للاحتراق ، ضف إلى ذلك أنها تجعل من المتغير الديني أحد المحاور الأساسية للتعامل السياسي و نظرتها إلى خصومها ، و لذلك يرى :

أولا : إن المنطقة الغربية ما هي إلا أقليات دينية تنبع من الإسلام .

ثانيا : ضرورة توطيد علاقاتها مع تلك الأقليات .

ثالثا : يجب تحويل الإسلام إلى عنصر ضعف حتى يصاب المجتمع العربي بالشلل .

 ولتحقيق هذه النقاط تعتمد الصهيونية على الخطوات التالية :

إذابة مفهوم العروبة في الإدراك الإسلامي، حتى يتم إذابة المفهوم القومي العربي باسم الإسلام، لأن الصهيونية ترى القومية على أنها استغلال وتمييز و تعصب عنصري و الإسلام أرفع من ذلك.

تحويل المنطقة العربية إلى أقليات متصارعة من منطلق المفاهيم الدينية السائدة ، و قد اعتمدت الصهيونية لتحقيق ذلك عدة تناقضات و هي :

استخدام التناقض الموجود بين الطرائف الإسلامية.

التناقض الموجود بين الإسلام العربي و الإسلام غير العربي. و أبرزت الصهيونية الأول على أنه استغلال و استعلاء !! ، لأن القرآن الكريم نزل باللغة العربية، و هو ما يبرر في زعمهم بسيادة إسلام على إسلام !! .

التناقض بين ما أسمته بالعروبة الإسلامية لتتعارض مع العروبة غير الإسلامية ، و تصور للأقليات على أن الإسلام جاء ليفرض على عروبتهم العبودية و الذل !!  و أنهم أصبحوا من أهل الذمة و من الدرجة الثانية!!  .

عزل المنطقة العربية عن إطارها الانسيابي المساند، و قد تمثلت هذه النقطة في تعاملها مع الأقليات ، و اعتمدت الصهيونية في ذلك على ثلاثة متغيرات و هي :

تقوية النبرة الطائفية من خلال إبراز التمييز العرقي و الديني أو كلاهما .

لقاء قيادات طائفية و تدريبها في خارج الدول العربية .

ترسيخ القناعة بأنة أيا من هذه الأقليات تملك القدرة و الصلاحية لأن تخلق دولتها المستقلة 

و فعلا نجحت الصهيونية في ذلك عندما أصبح قادة هذه الأقليات يقودون الدعاية للحركة الصهيونية بل هم الذين قاموا بجمع التبرعات لها أثناء حرب الأيام الستة .

تشويه الدين الإسلامي و إبرازه على انه مصدر للتخلف!!

و مرد ذلك أن الصهيونية تدرك أن الإسلام و بجانبه العروبة يعتبر القوة الوحيدة للتصدي للصهيونية ، خاصة لو تحققت عناصر التجديد و التنظيم و القيادة ، وقد اعتمدت في ذلك على الخطوات التالية :

الكراهية و تدعيمها بعنصر الاحتقار و من جانب أخر بعنصر الخوف و الرهبة ضد الحضارة الإسلامية لدى الرأي العام المثقف الإسلامي والعربي بأن الإسلام لايصلح للعالم المعاصر!!.

إبراز الإسلام على أنه تاريخ قد انقضى!! وأن الإسلام حضارة متخلفة!!.

إبراز الإسلام على أنه نوع  من الجمود الرجعي!! و لن يؤدي إلا إلى التخلي عن مواكبة الركب الحضاري!!.

موقف بعض الحكومات الغربية في مواجهة التيارات الإسلامية

ويصل بعدها الأستاذ إلى نتائج تبين أن الصهيونية لم تصل بعد إلى ما كانت تصبو إليه من جراء استخدامها الإعلام كورقة لتفتيت المجتمع العربي منها:

إن حرب الخليج  ( الحرب العراقية الإيرانية) أدت إلى خلق تقارب حقيقي بين الإسلام  و  العروبة.

بروز الإسلام كقوة ثورية.

بروز الإسلام كقوة دافعة هي الانتفاضة و في خلق القيادات السلبية للانتفاضة.

التقارب الذي جمع الأقليات في لبنان رغم الخلافات.

و يختم الأستاذ الفاضل رحمه الله دراسته القيمة بأن الصهاينة يعلمون ذلك ويدركونه ويخططون تعلم ذلك لمواجهته ، لكن كيف؟.