الطائفية والاعتراف بإسرائيل
الطائفية والاعتراف بإسرائيل
م. محمد سيف الدولة
[email protected]
•
اعطى اعتراف مصر باسرائيل بموجب اتفاقيات كامب ديفيد ، الضوء
الاخضر لكل الاطراف
والقوى الطائفية فى المنطقة ، لتكرار نموذج الكيان الطائفى اليهودى الصهيونى ،
بكيانات مماثلة ومشابهة ، قبطية او اسلامية او مارونية او شيعية او كردية او سنية
او درزية او بربرية او زنجية ..الخ
•
وعادة ما تبدأ هذه المشروعات بحالة من
الاحتقان الطائفى ، تغذيها ممارسات خاطئة من كل الاطراف ، ويتطور الأمر الى حرب
اهلية ، تتدخل خلالها الدول الاستعمارية الكبرى ، لتفرض حمايتها على الكيان الوليد
الى ان يقف على قدميه ويتحول الى امر واقع
.
•
و تختلف العقبات امام نجاح
وتمرير المشروع الطائفى من قطر الى آخر ، حسب عدد كبير من المعطيات ، فقد تكون
المسألة اسهل فى لبنان او السودان ، وقد تحتاج الى التدخل العسكرى الامريكى فى حالة
العراق ، وقد تتعثر طويلا فى بلد مثل مصر ، ولكنها دائما ذات الأجندة
.
* * *
•
قبل الاعتراف باسرائيل ، لم تكن فكرة تكرار المشروع الصهيونى
مغرية
لأحد ، فالمنطقة بأسرها تلفظه : ورغم مائة عام من الدعم الغربى ، ورغم الانحياز
الكامل من عصبة الامم والامم المتحدة للمشروع ، ورغم التفوق العسكرى الكبير ، ورغم
الانتصارات الحربية المتتالية ، ورغم اعمال القتل والابادة التى لم تتوقف ، نقول
رغم كل ذلك ، الا ان المشروع الصهيونى ظل مشروعا خطرا على اصحابه ومهاجريه
ومستوطنيه ، لان العالم العربى شعبا وارضا ظل يرفض التنازل عن ارضه ويرفض الاعتراف
بمشروعية الاغتصاب الصهيونى ، وظل يقاتله جيلا بعد جيل
.
•
وهو ما وضع
الكيان الصهيونى ومن فيه فى حالة خطر داهم ومستمر ، يهدد وجوده و يعوق الهجرات
اليهودية الجديدة اليه ، بل ويشجع الهجرة المعاكسة ، ولكن وهو الاهم اصبح نموذجا لا
يغرى أحدا لتكراره
.
•
ولذلك عندما طالب بن جوريون عام 1954 ، المارونيين فى
لبنان بالانفصال وتاسيس دويلة مارونية تدعمها اسرائيل ، فشل فشلا ذريعا ، ولم يجد
من يستجيب له ، فمن ذا الذى يزج بقومه فى اتون جحيم لا ينتهى من الحروب والصراعات
.
ومن ذا الذى يستبدل انتماء موضوعى وتاريخى الى امة عريقة ، باستقلال زائف وانفصال
غير مضمون العواقب
.
•
فكانت كل الدعوات الطائفية تتكسر دائما على صخرة ،
اننا شعب واحد عشنا معا فى وطننا المشترك قرونا طويلة ، . وليس امامنا من بديل الا
ان نحل مشاكلنا وصراعاتنا معا فى اطار الامة الواحدة وداخلها
.
* * *
•
كان ذلك كذلك الى ان اعترف السادات باسرائيل وتبعه من تبعه من
الفلسطينيين والعرب ، وتنازلوا للصهاينة عن 78 % من ارض فلسطين التاريخية ،عندئذ
فقط انتبه كل الطائفيين فى المنطقة ، الى ان نموذج الدويلة الطائفية يمكن ان ينجح
وان يمرر وان يلقى فى النهاية اعترافا ودعما من المجتمع الدولى ، بل من شعوب
المنطقة ذاتها .
•
و انه اذا كان اعتراف العرب باسرائيل ، جاء بعد قرن من
الصراع والحروب ، فان الوضع فى حالة الكيانات الطائفية الجديدة سيكون ايسر واسرع
.
•
فهناك الآن اسرائيل ، القوة الاقليمية الاولى فى المنطقة ،
تبارك وتدعم
.
وهناك المجتمع الدولى بقيادة الولايات المتحدة ، يبارك ويدعم ، وقد اصبح الآن اكثر
خبرة فى كيفية تصميم وتنفيذ وانشاء مثل هذه الكيانات
.
•
وبالفعل ومنذ منتصف
السبعينات وحتى الآن ، نشطت القوى الطائفية فى المنطقة بدعم صهيونى غربى كامل ،
وأخذت خطط ومشروعات التفتيت والتقسيم تتداول سرا و علانية ، وكادت بعضها ان تحقق
نجاحا كاملا كما بالعراق والسودان ، والبقية قد تأتى ، لاقدر الله ، ان لم نتصدى
لجذور المسألة .
* * *
صحيح ان الطائفية هى ظاهرة مركبة ، وراءها عوامل
كثيرة ومتعددة ، ولكن يأتى على رأسها الاعتراف العربى بمشروعية قيام دولة لليهود فى
فلسطين تسمى دولة اسرائيل
.