د. مازن المبارك محاضراً عن (الهم اللغوي)
د. مازن المبارك محاضراً عن (الهم اللغوي):
اللغة وسيلة الفكر وقالبه وصورته
مانيا معروف
هل لغتنا الجميلة فعلاً في خطر..? وإذا كنا نعي مدى هذه الخطورة فلم لا نتحرك دفاعا عنها.. لماذا نحن حتى الآن في دائرة التنظير
إذا كانت فعلا في خطر قد يكون هناك بعض الثغرات التي بحاجة إلى تجديد وتغيير في جسم اللغة.. المناهج المعاجم وضبط بعض الظواهر التي تظهر مدى التأثر باللغات الأجنبية مع إدراكنا أهمية اللغات الأجنبية والتعرف على حضارة الآخر عبر لغته التي هي المفتاح للدخول إلى ثقافته حول هذه المقدمة والتساؤلات تابعنا محاضرة الدكتور مازن المبارك التي استضافها النادي العربي حول اللغة و(الهم اللغوي)
حدثنا د. المبارك عما يعتري اللغة العربية من مشكلات في وطنها الأم وفي تعامل الآخر -الأجنبي -معها ويرى بأن للغة أبعاداً كثيرة يعرفها الدارسون والباحثون كالبعد الفردي والنفسي والفكري والاجتماعي والقومي إضافة لبعدها الديني الاسلامي, فاللغة العربية لها صلة وثيقة بالشريعة وبين الناطقين بها في الشعوب الاسلامية.
العربية.. صلة تواصل
يضيف د. المبارك لقد فات العرب استثمار المد اللغوي الهام للغة العربية في بلاد غير بلادهم ومع شعوب غير شعب أمتهم حيث جعلت من صلات اللسان والثقافة القرآنية امتداداً واسعاً إلى بلاد كثيرة مثل ايران واندونيسيا والباكستان وغيرها.
لغة التبادل التجاري
بيَّن د. المبارك أيضا أن اللغة العربية كان معترفاً بها ذات يوم والعرب أضاعوا فرصة أن يجعلوها لغة التبادل التجاري والاقتصادي بينهم وبين دول أخرى عن طريق التمهيد لاتساع رقعتها وترسيخ جذورها لدى تلك الشعوب فاللغة العربية كانت تملك -من دون مبالغة- القدرة على غزو العالم مع النبض العربي حيث تتدفق معه عبر تواصل أصحابه بالتجارة مع العالم.
فرضوها .. وأضعناها
أما حول كيف فرضت علينا اللغة الأجنبية في مسألة التبادل التجاري فيقول د. المبارك كان علينا أن نفرض لغتنا وبضاعتنا كما يفرضون هم اليوم لغتهم مع بضاعتهم وهم إلى ما نصدره إليهم من نفط أحوج منا إلى ما يصدرونه من كماليات في اللباس والطعام والشراب والزينة والتساؤل أين طموحنا من طموح الدول التي تفتتح في كل بلد مركزاً ثقافياً يعلم لغتها وينشر ثقافتها.
ويضيف د. المبارك بأن تعلم اللغة الأجنبية شيء بل شيء نافع وأن تفرض لغة أجنبية في غير وطنها شيء آخر إنها مزاحمة للغة الأم والطريق إلى مزاحمة الناطقين بها للمواطنين أصحاب البلاد.
يتقنونها
وحول الممارسات الأخرى حول اللغة وأصحابها يضعنا د. المبارك أمام مفارقة كبيرة مفادها بدلا من أن نطلب من الأجنبي الذي نستفده إلى بلادنا أن يتقن لغتنا طلبنا من العربي في وطنه أن يتقن اللغة الأجنبية وكأننا نسينا أو تناسينا بأن خير سبيل للتقدم هو نقل العلوم إلى لغتنا لا أن ننقل بعض أبناء الوطن إلى دول العالم يستجدون ما يسمح لهم به أصحاب تلك اللغات.
جميع دول العالم بلا استثناء نقلت العلوم إلى لغاتها القومية وترك العرب لغتهم التي كانت لغة علم وفلسفة وحضارة يعيشون اليوم كالأيتام على موائد اللئام.
العربية أم العامية
ويتجه د. المبارك إلى جانب آخر مهم حول العامية ومزاحمتها للغة العربية فيقول: يعتقد البعض أن العامية هي التي يفهمها الشعب وفاتهم أن الشعب يفهم نشرات الأخبار التي تذيعها العواصم العربية باللغة الفصيحة فالعامية في قطر لا يفهم أكثرها عامة في قطر آخر لأن لكل قطر عاميته.
اللغة شيء مقدس يجب عدم المساس بقدسيتها أو تزاحمها بالأجنبيات والعامية.
لغة واحدة.. وطن واحد
ويقول د. مازن المبارك في استعادة تاريخية بأن التاريخ يحدثنا حين كانت العربية واحدة موحدة بقيت مستعدية على الانقسامات السياسية والحدود القطرية بقيت واحدة في الدول التي قامت في أحضان الدولة العباسية من بغداد إلى الموصل وحلب والشام ومصر والمغرب والاندلس أما الحاضر فيحدثنا أن كل دولة عربية لها عاميتها بل أن في القطر الواحد أكثر من لهجة أو لغة عامية ويحدثنا واقع المجتمع العربي المعاصر باتساع انتشار العامية خارج إطارها وفي مواطن الفصحى في كثير من الفضائيات وبرامج الحوارات والمقابلات والندوات و الحاضر يحدثنا أن الدول التي ترعى لغتها وتقدر مصالحها كفرنسا مثلا أصدرت قراراً وأعادته مجدداً يحظر استخدام اللهجات المحلية الفرنسية حرصاً على التجانس القومي ونحن العرب ندعي التمسك بقوميتنا العربية نتخلى عن المظهر الواحد والوحيد الباقي لنا من رموز وحدتنا القومية وهو اللسان المشترك.
العاميات ليست خطرا يباعد بين الأقطار العربية بل هو خطر يفرق أبناء المجتمع.
ماهية اللغة
يرى د. المبارك أن اللغة الأم تعلم التفكير والتعايش وهي الأهداف التي يجب أن نسعى إليها ما دامت اللغة هي قالب الفكر وكلماتها وعاء فلن يستطيع أحدنا أن يفكر أو يعبر إلا في حدود ما يملك من قوالب أو ما تقدم له اللغة من كلمات ..
الإنسان باختصار .. لا يستطيع أن ينظر إلى ما حوله إلى الكون والخلق كله إلا من خلال الكلمات.
اللغة وسيلة الفكر وقالبه وصورته وفيها منه ايحاءات واشعاعات مستمدة من حياة الكلمات عبر تاريخها الذي هو تاريخ الأمة .
إن اللغة كما يقول د. المبارك هي سياج لحماية الوحدة الوطنية الصادقة ولسد الطريق على عوامل التجزئة, اللغة هي نفسها ثقافة وهي وعاء للثقافة وأنها هوية وانتماء ومن ينسلخ عنها كمن ينسلخ عن جلده .
إنه في أمية ثقافية لا تقل سوءا عن الأمية التي يجهل صاحبها فك الحروف.