جماعة الإخوان المسلمين هل هي قابلة للحل 3
جماعة الإخوان المسلمين هل هي قابلة للحل؟!
(بكل طريقة حاولتم فما استطعتم)
(3 م 3)
زهير سالم*
عندما تتجسد العقائد والأفكار في وجود حي فإن من حقها العملي أن تأخذ فرصتها في التعبير الأفضل عن ذاتها. وكان هرقل ملك الروم أكثر إدراكا للحقيقة هذه، عندما سأل أبا سفيان وهو يومئذ على جاهليته: قال: أيقلون أم يكثرون ؟ يجيب أبو سفيان بل يكثرون. يقول له هرقل: وكذلك أمر الإيمان حتى يتم. ثم يضيف ليبلُغنّ موضع قدميّ هاتين، يقصد المسلمين..
وفوهة بئر نفط صغيرة تفجرت في وجوهكم في أعماق المحيط فأعياكم أمرُها ، ثم ها أنتم هؤلاء تحاولون كبت نبض الحياة في ضمير أمة هي خمس سكان العالم؟!! أو محو عنوان الإسلام من حياة أمة عظيمة من الناس إذا أُعجب واحدها بشيء قال: ما شاء الله، وإن نال نعمة قال الحمد لله، وإن أصابته أختها قال إنا لله، وإن أراد أن يشكرك قال: جزاك الله، وإن غضب منك قال: عليك من الله، وإن ظلمته قال: شكوتك إلى الله، وإن عادك مريضا: قال عافاك الله، وإن بهره أمر طربا صاح: صلوا على النبي..
المشكلة أنكم مهما ارتطم رأسكم في الأرض وأنتم تحاولون العبور من تحت الخط المرسوم عليها، لا تقبلون النزول على حكم الواقع، مع ادعائكم أنكم واقعيون!! ولعل العديد من بني قومنا يحاولون مثلكم أن يرطموا رؤوسهم بالأرض ليمروا من تحت الخط المرسوم!! ولكن الفرق بينكم وبينهم أنهم يفعلون هذا عن يأس ورفض، وانتم تفعلونه كبرا وعنادا وحبا في العدوان..
أي طريق في حل أمر هذه الجماعة التي أمرها من أمر هذا الإسلام العظيم ما جربتم؟!
التمويه والخداع
ومنذ مطلع القرن تركبون لأتباعها الأسماء، وتنبزونها بالألقاب فهم المتخلفون، الجامدون الماضويون، الرجعيون، المتزمتون، الغيبيون، أعداء العصر، وأعداء العلم، وأنصار الخرافة الجهل.. ثم أضفتم في نسخة أكثر تطورا (المتطرفون، المتعصبون، المنغلقون)، ثم ختمتم بالطغراء الأخير : (الإرهابيون)، قرنتم الإرهاب الذي هو منكم وإليكم، بالإسلام وأهله ودعاته!! واشتغلت على ذلك آلة لكم ضخمة من مثقفين وسياسيين وكتاب وإعلاميين وممثلين.. وكان هشيما، بعد كل هذا الجهد، حصادُكم؛ وعاد هرقل يسأل: يقلون أو يكثرون ؟ فيقولون له إنهم يكثرون، غفلتم عن حقيقة واحدة تعرفونها: أنه من كان القرآن في يمينه (لا يخدع) ، ولو كان امرأة أمية في طرف خيمة في غزة المدمرة، أو أميا لا يقرأ ولا يكتب في جبل من جبال اليمن أو أفغانستان..
ثم أي طريق لحل هذه الجماعة التي أمرها من أمر الإسلام ما جربتم ؟!
الإقصاء والحرمان
فكم من كفء أبعدتموه ؟ ومن طاهر عزلتموه؟ ومن موظف نقلتموه؟ ومن محصنة لحجابها صادرتم عليها فرصتها في وطنها؟ كم وسدتم أمورنا للأشرار؟ وأبعدتم عنها الأخيار؟ ألستم انتم أصحاب دعوى الحكم الرشيد!! فكم من ذئب لكم في غنمنا تركتم؟ قطعتم الأرزاق، وصادرتم الفرص، وشردتم من الأوطان، ثم لم تجنوا بعد كل ذلك إلا أن تلا عليكم أبناء الإسلام ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ) ونسيتم حقيقتكم الثانية: أنه من كان القرآن في يمينه ( لا يساوم )
وأي طريق بعذُ ليبلغ كيدكم مداه ما جربتم؟!
الحلول الأمنية
في السلخانات البشرية الثورية بالأمس واليوم الليبرالية . هنا وهناك حيث استبيحت إنسانية الإنسان. ومُشّط اللحم الحي بأمشاط الحديد يتخلل العظم والعصب. في السجون تلك حيث أهدرتم آدميتكم لتبلغوا مرادكم ثم سألتم أيقلون أم يكثرون، قيل لكم بل يكثرون. فنُكستم على رؤوسكم، ونسيتم حقيقتكم الثالثة: أنه من كان هذا القرآن في صدره، وأنتم قد نزعتموه بزعمكم من يمين ضحاياكم ( لا يذل )
أي طريق للوصول إلى مرادكم ما جربتم؟!
سياسات تجفيف المنابع
تحدثتم طويلا عن تجفيف المنابع, ومنذ أواسط الخمسينات شكلتم اللجان، وصرفتم الأموال، ووضعتم الخطط والمناهج وقدرتم مع شركائكم المدخلات والمخرجات. هل أذكركم بمؤتمركم في (غواديلوب ) منذ 1980 حيث اجتمع عشرة من كباركم ليروا لأنفسهم، في أمر الإسلام، رأيا وليضعوا خطة، ويقترحوا مخرجا، ثم قدرتم وقررتم ، ثم أنبتم ووكلتم، وسندتم ودعمتم، وغطيتم وباركتم وكافأتم !! عدوتم على التاريخ فحاولتم تزويره فكان أكبر، ألقيتم فضلات عملائكم في بحر ثقافتنا فكان أطهر من أن يعلق به دنس.. تطاولتم على كل خيّر وجميل في حياتنا فكان جمالنا فطريا لا يطاله تشويه، حتى كتاب أبجديتنا، وحرف يلثغ به أطفالنا تابعتموه وقننتموه وكانت ( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ) من كيدكم أكبر.. ثم تساءلتم : أيقلون أم يكثرون فقيل لكم بل يكثرون ونسيتم حقيقتكم الرابعة: أنه من كان بيمينه القرآن ( لا يضل)
أي طريق في حربنا ما جربتمموه ؟!
التفتيت وضرب أبناء الأمة بعضهم ببعض
وعدتم إلى لعبتكم القديمة ومع كل الخذلان والإخفاق ما يئستم، يئس الشيطان وما يئستم، قال لنا نبينا : ( إن الشيطان قد يئس أن يُعبد في أرضكم فلا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ). وها أنتم اليوم تدخلون علينا من بوابة الشيطان تلك. تتسللون من هذه الثغرة المخيفة ، تلعبون على حبال الشيطان ، وتستتثمرون فيها، يجيبكم إليها تُبّاع النواعق؛ فتركنون إليهم، وتعتمدون عليهم، وتفوضون مشروعكم من جديد إليهم!! تنسون أن قوله تعالى ( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) ستحيط إن شاء الله بهم وبكم..
أي طريق لقهر وفل حدنا، واستئصال جذرنا ما جربتموه؟!
الحروب الباردة والساخنة
لم يغنكم الاستئصال والإقصاء والتشريد والقهر والتزييف والتشويه، ولن تغنيكم حروبكم الباردة والساخنة، وهؤلاء الذين تريدونهم أن يختفوا من الوجود ما زال يكثرون.. عجز المسخَرون، وفشلت المخططات، وأهدرت الأموال، وضاعت الجهود ..
وهذا الذي تنسبونه إلينا هو ثمرة حصاد زرعكم..
فلما أعياكم أمر هذه الأمة التفتم تعيبونها ببعض ثمرات سياساتكم الحمقاء بين ظهرانيها، تقولون عن هؤلاء الذين استفززتموهم فاستخرجتموهم واستخدمتموهم في حربكم على هذه الأمة من حيث لا يشعرون، لقد خرجوا من عباءة الإسلام والمسلمين، ونحن نقول لكم إنهم الصدى المباشر لبغيكم وظلمكم وتعديكم ورعونتكم، وهم البديل الطبيعي لغياب قادة الرأي والفكر الحقيقيين ممن يمثلون بصدق أمة الإسلام والمسلمين..
إلى أين
وخلاصة القول إلى أين
إن العاقل هو الذي يعطي الفرصة لعدوه أو خصمه أو مخالفه العاقل.
تُهدى الأمور بأهل الرأي ما صُلحت فإن تولت (فبالأغيار) تنقادُ
هل هي دعوة للاستسلام نوجهها إليكم ؟ ستكون دعوة حمقاء إذن!! إنما هي دعوة للعقل والتعقل. فمازال العقل الإنساني بخير. ومازال هذا العقل قادرا على أن ينسج العلاقات أو يفصمها، ومبضع الجراح خير من بلطة الحطاب لعلكم ترشدون.
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية