أهلا بعيد الفطر
جميل السلحوت
يقف العالمان العربي والاسلامي على عتبة عيد الفطر السعيد الذي سيحل بعد يومين أو ثلاثة، ولا يسعنا الا أن نقول للجميع مقولتنا المعتادة في مثل هكذا مناسبة " كل عام وأنتم بخير " ونسأل الله أن يعيده علينا وعليكم باليمن والبركات، وقد تحققت طموحاتنا بالتحرر والاستقلال.
ونحن الفلسطينيين - وأعتقد أن اخوتنا في العراق وأفغانستان والصومال يشاركوننا الأمنية-ندعو الله بأن لا يقع شعب مهما كان عرقه أو لونه أو دينه تحت الاحتلال، من كثرة المعاناة التي نعيشها تحت احتلالات أهلكت البشر والشجر والحجر.
وهذا العيد يمرّ على فلسطين وهي تعيش انقساماً غير مبرر ما بين الضفة الغربية وغزة المحتلتين، في صراع على سلطة تحت الاحتلال، وما أعقب ذلك من حصار تجويعي وتدميري على أكثر من مليون وربع المليون مواطن في قطاع غزة. مع التأكيد على أن أحوال الضفة الغربية هي سيئة أيضاً، فنسبة البطالة مرتفعة وغالبية الأسر لا تجد في شهر رمضان ما تضعه على مائدة الافطار أكثر من الخبز والشاي الذي تقدمه وكالة غوث اللاجئين أو بعض المؤسسات الخيرية، يضاف اليه بعض ما يُنتجه ما تبقى من أراض زراعية، من زيتون وخضار ليست متوفرة للجميع.
ويمر الشهر الفضيل، ويأتي العيد الذي لا طعم للسعادة فيه، وشعبنا يرزخ تحت احتلال بغيض لم يوقف اعتداءاته وممارساته القمعية يوماً واحداً، هذه الممارسات التي تتراوح ما بين القتل والاعتقال، وهدم البيوت ومصادرة الأراضي لأغراض البناء الاستيطاني، الذي يتضاعف كلما كان هناك لقاء أومؤتمر أو ومفاوضات يتوخى البعض منها أن تتمخض عن حلّ عادل ودائم ينهي هذا الصراع الذي طاله أمده.
ويأتي العيد ويتكرر إتيانه وأكثر من سبعة آلاف أسير يقبعون في السجون الاسرائيلية في ظروف لا تصلح للحياة البشرية، يعانون فيها الأمرّين، لتزداد معاناة أسرهم وعوائلهم ومحبيهم، اضافة الى آلاف أسر الشهداء والجرحى الى درجة الاعاقة الذين لا يجدون ما يسدون به رمقهم.
ويأتي العيد والوزير السابق خالد أبو عرفة، وعضوا المجلس التشريعي عن دائرة القدس أحمد عطون ومحمد طوطح يعتصمون منذ حوالي سبعين يوما في خيمة في مقر الصليب الأحمر الدولي، طلبا للحماية من قرار الحكومة الاسرائيلية بابعادهم عن مدينتهم القدس هم والنائب الأسير محمد أو طير.
ويمر الشهر الفضيل ومئات الآلاف من المؤمنين لا يستطيعون الصلاة في المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، مع أنه على مرمى حجر من مكان سكناهم. ويأتي العيد وأكثر من خمسمائة حاجز عسكري تقطع أوصال الضفة الغربية، يذوق الفلسطينيون الذين يضطرون لعبورها شتى أنواع الاهانة والمسّ بكرامتهم هذا اذا ما سمح لهم بعبورها
ويأتي العيد ومئات الآلاف من أطفالنا لم تتحقق أمنياتهم بلباس وحذاء جديدين، وسيبقى خاروف العيد حراً طليقاً لعدم قدرة غالبية المواطنين على شرائه.
ويمرّ رمضان ويأتي العيد وأطفالنا وشيوخنا يشاهدون على الفضائيات مدى البذخ وحياة الترف التي تعيشها فئات من أبناء أمتنا، لا تعلم أو هي غير معنية أن تعلم شيئاً عن معاناتنا، تماماً مثلما هي لا تعلم عن وضع المعدمين من أبناء شعوبها.
ومع الغصة التي في قلوبنا وعقولنا الا أننا نقول للجميع: كل عام وأنتم بخير.