نحو مجتمع متعاون
نحو مجتمع متعاون
عدنان عون
قال الله تعالى :
" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " .
قاعدتان أساسيتان لا بد منهما لبناء مجتمع يتعاون أفراده ويتحركون حركة الحياة التي تضمن سعادتهم وتحقق أمنهم وتطورهم ، وهما الإيمان والإخاء أو قل الفطرة و وحدة الأمة .
إن الدين ضروري لصحة الفرد وتنشئته نشأة سوية، ولسلامة المجتمع وتحقيق أهدافه، وإن التاريخ ليؤكد تلك الحقيقة ، ففي أثر عن ابن عباس – رضي الله عنه- قال: ( إن الناس طيلة قرون سبقت الطوفان كانوا أمة واحدة وعلى دين واحد هو الفطرة السليمة ) ، قال تعالى : " فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون " ..
ومن ثم فإن غياب الإيمان عن مجتمع ما يصيب نفوس أفراده بالفراغ العقدي كما يصيب المجتمع بالإختلاف والصراع الحضاري .
والحياة في نظر الإسلام وهو دين الحياة، وحدة متكاملة لا انفصال فيها ولا تعارض وأن مابات يعرف بالعولمة ، وفصل الدين عن الحياة والدولة، والعبادة عن العمل ، إنما هو فكر غريب دخيل على الإسلام يروج له في واقع البشرية من يسعون في الأرض فساداً تعطيلاً لدور الأديان وتدميراً للأخلاق ، وقطعاً للتواصل الإنسانيّ .
إن الإيمان إذا إذا كان عنوان المجتمع حقق للمجتمع وحدته الوطنية الداخلية و أصل فيه شراكة متعاونة بناءة وحصنه من التصورات الخاطئة والمفاهيم المغلوطة ، فلا تضطرب فيه قيم الخير والشر ولا تختلط فيه الرذيلة بالفضيلة ولا المعروف بالمنكر.
إن الإيمان أول قيم الحياة و أساس البناء الإجتماعي وهو نبع تنبعث منه جميع القيم . إن قاعدة الإيمان توحد بين أفراد المجتمع المشاعر وتحكم السلوكيات ، يقول أحد الدعاة : ( إن القيم كلها تجتمع في ضمير المؤمن وفكره وحسه لتصبح قيمة واحدة هي العمل لتحقيق غاية الوجود الإنساني ، ويصبح ميزان القيم هو أداء كل إنسان لوظيفته في الأرض ) .
وهذا ما حرص الإسلام عليه حين عمل على تأصيل هذه القاعدة في نفوس أتباعه وواقع مجتمعهم تربية للأجيال على ثوابت تدفعهم في حركة الحياة في عمل جاد وتعاون مخلص . وبناء متكامل .
وكثيراً ما تضمر في المجتمع – في غياب الإيمان –قيمة العمل وتنقلب المعايير وتختلف موازين التقييم .. ولا غرابة – عندئذ – إذا فضلت الرذائل وغيبت الفضائل وقدم الكاذب والخائن ووسد الأمر إلى غير أهله وكرم من لا يستحق التكريم .
وإن الإخاء الإيماني ووحدة الأمة لهما السبيل إلى مجتمع آمن متحاب متعاون والإخاء والإجتماع إن لم تحتضنه قاعدة الإيمان وتقوي من قداسته وتحول بينه وبين ما يفسده لا بد أن يكون ضرره أكثر من نفعه ، وأي مجتمع لم يبن تواصله الإجتماعي على الإخاء العقدي ، أسرع إليه الإختلاف والإضطراب ، وكان ذلك سبباً وعاملاً من عوامل الهدم فيه .
إن من الأمانة للدين والوطن أن نعمل جادين مخلصين على إحياء قاعدة الإيمان والإخاء ، كي يكون ميثاقاً تخلص له القلوب ويتفانى في خدمة الأفراد ليتحقق في وطننا التعاون على البر والتقوى ولنحصنه من تعاون على الإثم والعدوان .
والإخاء الإيماني إذا ما امتدت جذوره في النفس والمجتمع لا بد أن تنعكس آثاره على الإخاء الإنساني .. تأكيداً على كرامة الإنسان وحريته ، وإعترافاً بحقوقه والحفاظ عليها بلا تفريط بها ولا إنتهاك لحرمتها .
فلنعمل جاهدين على ترسيخ تلكم القواعد التى تكفل أمن المجتمع واستقراره وتحقق نهضته وتطوره ..
ولنكن أوفياء لأوطاننا نبنيها ونغمرها بالحب والخير والتعاون ، ونحميها من المكر والكيد ونمضي بها على طريق بناء الحضارة الخالدة التى تعلي من شأن الإنسان وقيم الحياة وتحفظ الحقوق وتصون الكرامات ..