التدليس الغربي 3
التدليس الغربي:
إختلاق الأزمات والحروب! أوالطوفان؟(3)
م. الطيب بيتي العلوي
مغربي مقيم بفرنسا
باحث في الانثروبولوجيا الدينية والثقافية بباريس
",.تقوم ادعائية"تفوقية الرجل الغربي على سائر البشر،كونه يمتلك حصرية عبقريتي العقل والخلق-و هما في الواقع انحراف تاريخي خطيرعن الطبيعة الإنسانية-..تلك"التفوقية"المشروطة بهواجس"الإنسانوية"l’humanisme (وليس الإنسانية)وقضاياها وأطروحاتها التي "غرًبت"الانسان"(من الإغتراب)و"مسخته"وشيًأته"وفصلته عن مركزه الأصلي le centre"الذي كان متصلا بعمودية الأعلى"Verticalité لتهوى به إلىمطاوح"الأرضية"وسراديب"الأفقية" Horisontalité وشوارد تقلبات الرؤى والعدميات،وإرهاصات الطرق المسدودة،
لقد خلدت عظمة الغرب في الماضي روحانية مسيحيته ومنقبات مآثر كاتيدرالياته،وليست صليبيته وكولونيالياته،أوهول آلاته الجهنمية "الحداثية المتطورة"المدمرة للحضارات والأعراق،أوالإكتشافات(العلمية)التي لاترصد سوى"الأداء"Performance،والإنتاجيةProductivitéأو خلق البشاعات والغرابات الإبداعية المشوهة للحقيقة وللإنسان
وإن المعيارالأوحد الفاصل لقيم الإنسان الحقيقية وحضارته المعبرةعنه،هي سلوكيته تجاه المطلق والحق،ولايمكن القول،من هذا المنظار،بأن الأوروبي يمتلك أية تفوقيةعلى الآخرين-على الإطلاق-
الفيلسوف السويسري والمتخصص في الروحانيات المقارنة"فريتشوف شيون" من كتابه آفاق روحية..." ص 27Prespectives Spirituelles et fais Humains
تمهيد:
بالأمس القريب، وإلى غاية أوخرالثمانينات،استقرفي أذهان المفكرين السياسيين في الغرب ،بأن طيلة فترة الحرب الباردة،قد أرست قواعد فكرية يقينية قائمةعلى مايسمى-ادعاءاً-:الوضوح،الاستقرار،الوثوقية،...كماوضح ذلك،الخبيرالإستراتيجي الفرنسي:جون ماري غيينوJ.M Guehenno الذي يحدد بأن فترات"الإستثناءات المرحلية التاريخية الغربية"تُرسخ في الأذهان-في كل مرحلة انتقالية-أوهام: اليقين المطلق،والتغييرالجذري،بحيث يتحول"الإستثناء" والزيف،ورفض مبدأ"اللايقين"إلى قواعد أساسية للتفكير"وكأن الإنتقال والتحول لم يكونا في التاريخ هماالقاعدة"
وهاهي البشرية تعيش اليوم أخطرمراحلها الإنتقالية-بالمفهوم الغربي-التي يطبعها اللايقين واللاستقراروالفوضى والتشوش،ونحن في أواخرعام 2010، ..حيث أصبح الغرب غارقا في المستنقعات المعتمة لأحلام يقظته وهذياناتها وبذاءاتها التي تنعكس سلبا على البشرية –وخاصة على( العالم العربي –الإسلامي)-...الشيئ الذي أوصل الباحثين الجادين،في الغرب، إلى يقينية تقهقر حضارتهم حثيثا، لتصل إلى مرحلة"القرون الأوسطية"الأوروبية وأتون بربرياتها التاريخية،على جميع المستويات،وخاصة في مجالات العلاقات الدولية– منذ أن تفتقت عبقرية الغرب مجددا–في مرحلة ما بعد انهيارالإتحادالسوفياتي-بالترويج لتلك الأطروحات الجديدة الأساسية التي فرضت نفسها بعد نهاية الحرب الباردة: نهاية التاريخ،صدام الحضارات،الفوضى العالمية الجديدة،التي يزيح الإلتباس عنهاالخبير:"بيير هاسنر"Pierre HASSNER قائلا:
"ماأصبح محل تساؤل اليوم،ليس فقط تلك الأنظمة الغربية السابقة:نظام "يالطا""ونظام "الثنائية القطبية" ونظام "فرساي"...، بل نظام"وستفاليا" نفسه الذي كان قائما علىالترابية وسيادة الدول.إلا أن التعددية المتناقضة لأشكال الفاعلين،والولاءات والصراعات، تجعلنا إلى حدما،نعود إلى القرن الرابع عشر،مع سيطرة المدن التجارية الكبرى(بسبب هجمة العولمة المصادمة والمخلخلة لكل ثوابث الأمم والثقافات والحضارات التي تشكل أكثرمن خمسة وتسعين بالمائة من التصورات الكوسمولوجية الكونية) وتنامي حروب الديانات(التي هي اختلاق غربي) والفوضى،اللاستقرار،المنتجةلأطروحات فهم العالم الجديد، (من زاوية التدليس الباسكالي).. ولكنه عصروسيط بلا بابا ولا إمبراطور، حتى ولو كانت المنظمة الدولية والولايات المتحدة تحاولان-عبثا-تقمص هذين الدورين " ولعل الاكاديمي "هاسنر" تناسى أن يحدد بأن تقاسم كعكعة العالم ،قد تم ضمنيا ما بين البابا ونابوليون، حيث أسندت إلى الفاتيكان مهمةتصريف شؤون السماء ،وتكلف بونابارت بترشيد شؤون الأرض، ...و بمعى أوضح : التنسيق الكلي بين إمبرياليات القرن الثامن عشر: الإرساليات،الشركات ، العسكر/
ولقدأصبح واضحا اليوم،أن مصطلحي"التغيير"و"المرحلية الجديدة" للعالم في العرف السياسي(الأمريكي-الإسرائيلي-الأوروبي) الجديد،يعنيان تغييرا جذريا رهيبا في العمق(أي تغييرالمجتمعات الإنسانية وعقلياتها وثقافاتها وأنماط عيشها)،الذي ستتضح فيه بشكل سافر-ولأول مرة منذ سقوط الخلافة العثمانية-"خارطة طريق جديدة"تحدد المسارات الجديدة لعلاقات :(شرق-غرب)و (شمال-جنوب) و(إسلام-غرب) حيث تصرواشنطن،بمعية الأطلسي،على المضي قدما في الحروب المعلنة والخفية(بكل الأشكال الماكيافيلية والقذرة) على ما يسمى ب"الإرهاب"عبر الإيغال في الحرب الأفغانية،وأذكاء الحرب في اليمن(بالمساعدة المادية والعسكرية واللوجيستيكية لدول عربية موالية للمشروع الغربي في المنطقة) وخنق السودان ،وزعزعة استقرارباكستان،والتخطيط لإجتتاث إيران، وتدمير لبنان، والتخطيط لمسح "غزة من الخارطة وإبادة أهله عن بكرة ابيهم على هدي "هيروشيما وناغازاكي" تلبية للحلم الشيطاني ل"شارون"، والعمل على تطويع سوريا سواء بالقصف أو بالإحتواء(والقائمة تطول لمن يحاول عبثا فهم أوإستكناه خفايا هذيانات العقل الغربي وتجلياته على الأرض،ومسوغات هيجان فورات هذاءاته المتككرة عبر تاريخه الطويل )
وإذا تأملنا موقعنا نحن(العرب والمسلمون) داخل هذا المشروع التدليسي الغرب الجديد، فسنواجه في المستقبل القريب- بموجب هذه"الخريطة الجديدة"-أخطرالمراحل الإنتقاليةالمصيرية القاسية التي مررنا بها، منذ حروب الإستعمار(الكبرى والصغرى)،وهي"تغييرات"أوبامية-ناتانياهوية"ستطال كل قوميات وطوائف وأمم العالم (العربي_الإسلامي) وخاصة في الشرق الاوسط والمغرب العربي،عبر حروب"تغيير الخرائط"...إن شئت فسمها حروب القرن الجديدة،أوالإستعمارالجديد،أوآخرحرب صليبية جديدة،(والعبرة بالنتائج لا بالمسميات)،يعود بها المسلمون والعرب أكثرغربة وتشرذما،ويعودبها الإسلام غريبا كما بدأ،وإما نصرلا خوف بعده حتى تتخذ الأرض زينتها من جديد عندما تشرق الشمس من مشرقها
ومن هذا المنظور:،فإن إسرائيل والغرب الأوروبي )وأطرافا عربية رسمية تابعة) تخطط لحرب شاملة في المنطقة على المدى القريب،كحل ناجع لمشاكلها الوجودية المتفاقمة عبر ذلك"التغيير"الهادف إلىإحداث ما يسمى ب"المرحلة الإنتقالية" التي من أهدافها الفورية ما يلي:
· حل أزمة البقاء الوجودي للكيان الإسرائيلي،÷وانتشاله من سقطته الحتمية
· انتشال أطراف عربية من مآزقها السياسية الخانقة المهددة بزوالها،بالبحث عن حلول هروبية إنتحارية–كمخرج نهائي- بزج شعوبها في أتون الحروب و"التصفيات المالتوزية الجديدة" التي تخطط لها الدول الكبرى، وشغل هذه الشعوب المضطهدة والمفقًرة بحروب مدمرة
· تأكيد الهيمنة الغربية الكاملةالمهدًدَة، بسبب تنامي مراكز مقاومة المشروع الغربي في المنطقة والعالم) حيث أن أهم ما يستهدفه هذاالتغيير"الأمريكي-الإسرائيلي-الأوروبي"الجديد،هواستحداث "البلقنات الجديدة" في المنطقة، بتشتيت دول بتفكيكها من الداخل،وإزالة أخرى وقلب وتغييرحكومات،واستنباث دويلات صغرى جديدة مؤسسة على الإثنيات،أوالطوائف الدينية الصغرى،حفاظا على أمن إسرائيل،تمهيدا لتنصيبها :"الأمبراطورية الغربية الحداثية الديموقراطية الأوحد"في محيط الأشرار والبرابرة،تكون"القدس"–بعدتهويدها بالكامل-عاصمة الحكومة العالمية الجديدة"حسب تصريح "جاك أتالي"-اليهودي الفرنسي"اليساري"-على قناة فرنسية بشهر مارس من عام 2010 كمستشارالإليزي،في حكومة"ميتران"الإشتراكي اليساري"في الثمانينات،وكمستشار حالي لساركوزي اليهودي اليميني الليبرالي
· المسارعة بالقيام بحرب احترازية خاطفة مدمرة ،قبل أن يستقيم عود محور"الشرالمطلق الجديد" ويتقوىعموده الفقري باحتمال انضمام"البعبع العثماني الجديدإلى المحورالمتمثل في حزب الله وإيران وحماس وسوريا،وستكون حربا كبرى بالمفهوم العسكري للحروب(تختلف كلية عن حربي الخليج الأولى والثانية) حيث يلوح فيها خبراء صقورالبنتاغون الجدد،بإحياء مقولات"إيزنهاور" القديمة(لفترة بداية الخمسينات) باستخدام النووي في الحروب القادمة،خاصة ضد ايران،وذلك بعد طمأنة التنين الصيني، بعد أن تم تخذير الدب الروسي،لكي تنفرد الصين بالإقتصاد والمال والتموين،وينفرد الغرب بالتدليس والعسكرة والتدمير،وتكتفي روسا بالفرجة والإنتظار،ومراقبة تحركات عدوها التاريخي اللدود القديم"تركيا العثمانية"والتربص بالمنافس الفارسي الجديد،الذي لا بد من قلم مخابله،وكسرأنيابه،قبل أن يشكل"إمبراطورية فارسية جديدة"علىغرارالإمبراطورية العثمانية الآفلة،التي كانت العدوالأول لأورباالصليبية والإستعمارية في نهضتها،والتي أوقفت التوسع الأوروبي،بل وغزت أوروبا في عقردارها،ودقت أسوار"فينا"تبث الرعب في ربوع الأمبراطوريات الأوروبية مجتمعة،وارتبطت بعداوة أبدية مع روسيا القيصرية،ثم تحولت تركيا إلى الفريسة التي تقاسمتها الدول الغربية،ونهشت عظامها النخرة المتبقية في بداية القرن الفائت،بعد الإشارة السرية من"هرتزل"بعيد أن طرده بدقائق السلطان عبد الحميد الذي رفض مساوماته اليهودية المتحجرة بشأن الحصول على أرض فلسطين بالإرتشاء والوعيد ثم بالتهديد
وماذا بعد؟
لقد ظل الغرب منذ حداثته حبيس رؤيتين لا ثالث لهما، وهما:
فلسفة القوة لنتشه،ونقيضها فلسفة الأنوار(الكانطية-الهيغلية):
وأما فلسفة الأنوار(قبلة المثقفين الثالثيين)فقد حاولت إنعاش وبعث الروح في الأطروحات الطوباوية الفلسفية الداعية إلى الرؤية الانسانية الموحدة، والأخلاقية(الغيرية الكانظية) المتفائلة التي روجت لمفاهيم مثالية مثل:"المجتمع العالمي"،"الجماعة الدولية"،سيادة القانون"،"السلام العالمي"مما حشر العالم في أحلام وأهام الدخول في (عصرأنوار جديد) المروج لقيم الحرية والمساواة والعدالة والتضامن والقانون عبر العالم، وهي الأطروحات التي ألهمت الفلاسفة الليبرالبيين زمنها،مثل هيغل وكانط المتأثرين بالثورةالفرنسية،التي تلخصها فكرة "ايمانويل كانط"عبرمشروعه حول فكرة"التاريخ العالمي" من وجهة نظر"كوسموبوليتية"cosmopolitique،(علما بأن كانط ،هيغل،فولتير،روسو،ديدرو،كانوا من منظري العنصرية المقيتة ضد الشعوب السوداء والملونة والديانات خارج ديانتي الرجل الأبيض،والمحكوم عليها أن تبقى محكومة ومسيًرة)
غيرأن هذه الطوباويات سرعان ما كذبتها فورا شواهد الحربين الكبريين العبثيتين اللاعقلانيتين المدمرتين (المسميتان تلفيقا بالعالميتين )اللتان قامتا مابين تلك الدول التي تبنت تلك الطوباويات،لمجرد دوافع اللصوصية الخسيسة من أجل اقتسام كعكعة العالم،وإذلال الشعوب فعاد الغرب سراعا،حينها،إلى جذوره (التوراتية-الإغريقية-الرومانية)المتعالية،عبرالفلسفةالنتشية المنتجة للنازية والفاشية والصهيونية والبراغماتية الأمريكية ،حيث أن النتشية ترفض–تنظيرا-عالمية الديموقراطية والفردية والحرية(خارج المحيط الغربي) والداعية إلى قيام (جماعة اأسطورية جرمانية-آرية) تفرض إرادة القوة وترفض الأخلاق المطلقة والقيم الدينية(لأنها في نظرنتشه،أخلاق العبيد الضعفاء والرعاع) ورفض مبدأ المساواة بين البشر،لأنها-في زعمه أيضا-تولد إنسانا فاقدا لحسالمغامرة والشجاعة والتطلع إلى"الأأحسن"وبالتالي، فلا يمكن لأي فنان(أي الفنان الأوروبي وليس الثالثي)أن يرسم لوحة،ولأي جنرال أن ينتصر في معركة(الجنرال الأبيض طبعا) ولا لأي أمة(الأمة الاوروبية)أن تتقدم بدون التطلع إلى آفاق وأهداف بعيدة المدي(أي الإستعمار)"وهو ما حاول"فوكوياما"تفسيره عبرروح الرؤية النتشية بمنظورآفاق وأبعاد"نهاية التاريخ"الذي دعا اليه كل من نتشه و هيغل وكانط قبل فوكوياما،والتي تعني بالنسبة للحضارت خارج"السياج الغربي"نهاية تاريخ البشرية الحالي، للتمهيدإلى ميلاد"تاريخ جديد للبشرية" تسيطر فيه كلية، طغمة من"عباقرة"التقنوطرايين والبيروقراطيين –كما هو الشأن اليوم في أكبر منظمتين دوليتين : هيئة الامم المتحدة ومنطمة اليونسكو،بالخصوص وسائر كل المنظمات الدولية السياسية والمالية والثقافية والإنسانية التي لم يثتبث أنها حلت معضلةما في العوالم المتخلفةإلا بما يرضي أطماع "الكبار"ومخططاتهم الجهنمية، بحيث يحق للثالثيين التفكيرفي جدوىوجودها؟
،وما سر ضخ الأموالالغيرالمحدودة في جيوبها)؟ ومن ينصب رؤساءها ؟
ومن هي "حكومة العالم الجديد" االتي تتكرر مثل "الغرمزات الصوفية" على ألسنة ساركوزي وميركل وطوني بلير و وخاصة" جاك أتالي" و "ألان مانك" المستشارين الخصوصيين لساركوزي حيث سيتحول البشر-بموجب هذا المخطط التدليسي الجديد،إلى مجرد حيوانات عجماء، تتناسل بكل غلاظة وقبح وفظاظة، في هذا العالم المخبول والمنتحر،...الخالي من الجمال والقيم والإبداع الأسمى،والعواطف والطموح والنبل "الذي يفرض علىالبشرأن"يحبوا-قسرا- المآل الأخيرالذي لن يستطيعوا تجنبه"على حد تعبير رائد أدب الخيال السياسي الانجليزي في الثلاثينات"ألدوس هيكسلي"...
غير أن هذا"التاريخ الجديد"-المفبرك للبشرية- من تلك الاطراف الخفية، لن يصلح إلا بإثارة الحروب والإنقلابات والثورات الدموية،والفوضى(الكونية) عبرالصراعات الإثنية والطائفية ونشرالمجاعات والأوبئة الفتاكة، لتقليص الأعداد البشرية،بالمالتوزيات الجديدة المفبركة في مراكز البحوث الغربية......
وهنا يحق للعقل العاقل"أو"المفطور"-من الفطرة-حسب تعبير الإمام علي كرم الله وجهه-أن يتساءل اليوم -ونحن على مشارف حروب عفنةأكيدة مدمرة في المنطقة-...:
أية تركيبة كيماويةجينية بشرية خصوصية غريبة كونت هؤلاء المخططون؟ وأية طينة من الناس هؤلاء المجرمون الذين لا تغمض لهم عين سوىفي الإستمرار في التفكير في اسنباث المزيد من الشر المطلق باسم ادعائية حصرية امتلاك "القيم الإنسانية العليا من دون سائر خلق الله؟
وبعد ذلك،... ! ومن هذا المنظور.. !،فلا يبدوفي الأفق القريب،أية فرصةبادرة خير،عندما نلوح بأبصارنا إلى أوسع من أحداقنا،وإلىأبعد من أرنبة أنوفنا،أومحاولة فعل أي شيئ لهذاالكون المهزوز !لعقم عقولنا المضبوعة،ولعجز أيادينا المجذوذة المبتورة لفعل شيئ !، فهناك أيادي أخطبوطية شيطانية ضخمة خفية،تخطط ليل نهار للإطباق على البشرية …!ولماذا؟.. ولصالح من…؟
ثم... !ما عسانا نستطيع فعله ياترى؟...أنصنع صنيع الصوفي العراقي الكبير"بشرالحافي البغدادي"الذي طلب العلم والحديث والتفسير وسماع المواعظ والرقائق، فمال إلى الزهد والتصوف،ومشى يوما في سوق بغداد، فأفزعه الناس بغلظتهم وسفاهتهم وتفاهتهم وزيفهم-فخلع نعليه ووضعهما تحت إبطيه،وانطلق لائذا بالفرار،يجري في الرمضاء يسابق الرياح، فلم يدركه أحد ممن حاول إمساكه من الناس أثناء فراره..قاصداالفلوات الموحشة،طلبا للخلوة والعزلة والذكر،والزهد بما في ايدي الخلائق كلها-كما قال سيد الطائفة" الإمام الجنيد البغدادي"-
لقد استطاع "بشرالحافي"أن يصنع مثل هذا في سنة سبع وعشرين ومائتين من الهجرة،في ذلك الزمن العراقي النظير المتفرد بوجوهه النظرة:بعلمائه ومتصوفيه وزهاده وشعرائه وفلكييه وفقائه ومعتزلته ومتكلميه،أما في هذا الزمن(الأمريكي-الإسرائيلي )الصعب والضنين.... فإن"الإنسان" إذاافترضنا وجوده- فلن يستطيع مهما حاول الهروب من هذه القوىالتدليسية الغربية الهائلة الضخمة،المطبقة بآلياتها المحكمة الصنع على البشرية باسم كل أنواع التدليس( الإعلامي والعلمي والفكري والثقافي والتربوي والإبداعي) التي تتحكم في مقاديرالإنسان المعاصرحتى في تسيير وتوجيه فصوص دماغه العليا والسفلي،...أو ليس علامتهم"سيغموند فرويد"هوالذي قرر قواعد الترويج والإشهار و"البروباغاندا" حسب قاعدته الذهبية التي صدر بها كتاب الطبعة الأولى في الثلاثينات "تفسير الأحلام" باللاتينيةقائلا:إذا لم أستطع قهرالسماء،فسوف أفتح أبواب العالم السفلى"؟؟؟
ومن يستطيع اليوم الهروب من الإعدادات الهائلة "للتغييرات "الأمريكية-الإسرائلية"الجارية والقادمة تحت تهديد وطاة الحرب الذرية-إذا نشبت- التي أعدت سيناريوهاتها منذ زمن"بوش-أولمرت" والتي سينفذها أحد اكبر المدلسين اليوم على اليابسة : (السادي-التلمودي: ناتانياهو) و(البراغماتي الزئبقي-اللاديني: أوباما)،تلك الحرب القذرةالتي لن تميز بين الصالح والطالح ،والبرئ والمسيئ، فالإنسانية ستكون في مثل هذه الحالة وقودا رخيصا لنيران همجية الحرب القادمة في المنطقة إشباعا لساديات إسرائيل وجشع الولايات المتحدة وأطماع أوروبا وخسة اطراف عربية رسمية "معتدلة" نسأل الله السلامة والعافية !!