تعرف ما تريده الآن
بسام الهلسه
[email protected]
*تعرف ما تريده الآن: ان تخلو بنفسك, وان تغمض
عينيك وتنام. تنام طويلا وبعمق:
كنجمةٍ قصيَّة, كبَحْرٍ منسي متوحد معتزل.
نوم ليس كالنوم, اذ هو برزخٌ يفصلك. وخلوة ليست
كباقي الخلوات, اذ هي مَجَازٌ ينقلك ويوصلك:
من مرأى يوحشك الى رؤية تلهمك.
* * *
كم تتمنى قدَرَ اهل الكهف اذ آووا اليه وناموا مئات سنين.
وكم تُجِل المعلمَ الذي تجَلَّى له ما تجلى في الغار في الاربعين.
* * *
تعرف ما تريده الآن: ان تغلق بابك فتتلاشى الاصوات, وان
تسدل جفنيك فتتوارى المرئيات.
وتغادر عالماً يتخبَّط بائساً
لا يرى ابعد مما حوله ومما يطاله, فتحرق اشرعتك وتقطع حبلك السري معه.
* * *
ما من مفر..
تريد لاشواقك الحبيسة ان تنطلق, ولجسدك المُثقلِ
ان يأوي لمستقر.
لا يتعلق مسعاك - كما قد يُظَن- بحسرة على ما فاتك, فقد نِلْتَ ما نلتَ,
بل بروح ظمأى لا تستكين.
* * *
-وكيف لها ان تستكين قبل ان تستبين؟
يفزعها هولُ ما ترى: فتنأى.
ويشدها مصيرُ من ترى: فتدنو.
فتظل جَوَّابة..
لا يأخذها توق ٌ لِغَدٍ.
ولا يسبيها للامس حنين.
* * *
ألم يأنِ لها ان تهاجر؟
ان تعبر المدى..
وان تنام -كما لم تنم من قبل- لعلها ترى؟
* * *
في الفجر الصادق والصمت الغامر, يؤنِس سمعكَ صوتٌ خفي رفيق يقرأ عليك بيت شعر قديم:
"ليتني
كنت قبل ما قد بدا لي--- في
رؤوس الجبال ارعى الوعولا"
* * *
تعرف
"الآن"
ما تريده.
وتصبو اليه.