غادة السمان .. ضياع ورجاء

غادة السمان .. ضياع ورجاء

عبير الطنطاوي

[email protected]

 إلى أين يأخذنا الأدب المبتذل الرخيص ؟!

 الجواب إلى الهاوية .. إلى الأسفل .. إلى الدنايا ..

 وكذلك أدب غادة السمان ..

 إنني أصرخ في وجهها محتجة : أن كفى عربدة ومجوناً .. فنحن مسلمون أولاً وعرب ثانياً .. لا تمسِّ شرف فتياتنا ونخوة رجالنا ..

 إنها تجعل الفتيات يفقدن الثقة في الرجال .. في الزوج .. فالزوج عند غادة خيانة مستمرة بل أنه عندها (أي غادة) يشتري الزوجة ثم يخونها فكل زوج إما أنه يغازل الجارة أو أنه يقيم علاقة مشبوهة مع صديقة زوجته أو إحدى قريباتها .. هذه هي غالباً موضوعات غادة .. أهكذا نحن العرب والمسلمون ؟! ثم إنها تعرض فتاتنا الشرقية بشتى أنواع الخلاعة والبذاءة والرذالة والبنت الشرقية في نظرها تعيش حياة الضياع .. إنها تتقلب وتتلوى بين متاجر العشاق وأوكار الفساق .. فهي في كل يوم مع شخص وفي كل ساعة مع صديق ..

 كما أنها تصور الأسرة العربية عندنا صورة مغايرة للواقع ، فهي عندها تعارض أن تحب البنت شاباً حباً طاهراً عفيفاً قائماً على أساس بناء الأسرة والمستقبل الذي يرضي الله وإذا تقدم ذلك الشاب الحبيب طالباً الزواج من تلك الفتاة تقف الأسرة بتقاليدها وأعرافها ضد هذا الزواج وتحاربه إن لم تغمد خنجراً في قلب الحبيب وآخر في صدر البنت .. إنها تعرض لنا البنت الريفية والطالبة الجامعية المثقفة وبنت الغني وبنت الفقير والسكرتيرة وحتى الزوجة في صورة العاشقات الفاسدات أو الغانيات الفاسقات .. ثم إنني لأشم في أغلب قصص غادة رائحة العفونة الأوروبية .. فهي لكثرة ما قرأت عن مشكلات الشباب هناك ، وما شاهدت من أفلام خليعة ، وما سمعت وما شاهدت أثناء تطوافها في بيروت المتفرنسة ، وفي بلدان أوروبا .. انطبعت في (لا شعورها) تلك الصور المزرية .. فأسقطتها على واقعنا العربي البريء ..

 وبطلة القصة عندها فناة تعيش الضياع في ألعن صوره .. فهي بلا أم أو أب ولا أخوة ولا أعمام وأخوال ، مقطوعة من شجرة كما يقال .. أو هي من بيئة ارستقراطية متفسخة .. صورة يندى لها الجبين .. فهل هكذا بنات العرب ؟!

 هل هكذا البنت الدمشقية يا بنت دمشق يا غادة ؟!

 ثم أين المرأة الأم والفتاة المجاهدة ؟ والأخت العفيفة الحانية ، والبنت البارة والجامعية العفيفة الطاهرة ؟! إن غادة ترفض أن تكون أما عندما قرأت لها مقالاً تتحدث فيه عن ضيقها من الجنين الذي بداخلها لأنه يسجنها ويسلبها حريتها ..

 إن غادة تحارب الشمس الحقيقية .. تحارب عروبتنا .. تقاليدنا .. ديننا .. أعرافنا .. ولا تجد من يمنعها أو يرشدها .. ثم إن غادة تدعي أنها عصرية بل وعصرية جداً ويقال عنها : أنها تعالج مشاكل الفتاة العصرية فكيف هذا ونحن لا نجد في قصصها سوى التفاهات والسطحيات والعلاقات غير البريئة .. إن قصص غادة أغلبها صحراء لا هدف لها سوى إثارة المراهقين والمراهقات .. وهذه الإثارة مادة رخيصة مبتذلة ، تراها مبذولة في أعشاش الماسونية والوجودية والصهيونية .. وأخشى أن تكون قد استلهمتها من هناك .. إن غادة من أصل سوري وإنني أجدها عاراً على الأصل الرفيع العريق المعروف بتقاليده الأصيلة وحتى من التقيت منهن من صديقات في العراق ومصر والأردن وحتى ألمانيا تساءلن بغرابة :

 ـ ألهذا الحد من الانحراف يصل الأمر في سورية ؟ أو هكذا يربي السوريون بناتهم ؟

 وأخيراً فإنني حزينة لأن غادة تعبر بأسلوبها الشاعري الرائع وعباراتها الرقيقة التي تضرب على أوتار القلوب وترتفع إلى مستوى الشعر في نعومتها وحيوتها .. عن موضوعات تافهة إلا في بعض المعالجات والانتقادات للأوضاع العربية الشاذة ..

 لقد أضعت صويتك يا غادة وقد فشلت في الحفاظ على سمعتك وجرحت أصالة الشاميات وفشلت في الحفاظ على أعز ما تملكه الإنسانة العربية وحتى الأوروبية .. فالإنسانة بوضع تاء التأنيث عليها أينما كانت وفي أي عصر وتحت أية ظروف امرأة مفطورة على الخير والطهر بما خلقها الله عليه تسعى إلى الحفاظ على شرفها وطهارتها ونقائها .. وتحنُّ إلى بيت فيه زوج شهم كريم الأصل وطفل يدنو منها ويناديها (ماما) ..

 إن للقلم شرفاً فاحرصي على صيانة شرفه يا غادة .. وإن للأديب رسالة تأبى أن تكون ملوثة ملونة بألوان غريبة ، فاحرصي على تحقيق رسالة الأديب يا غادة يا بنت الشام ..