فن الزواج 6
الحلقة السادسة
فن الزواج
تحريم نشر الأسرار الزوجية
هند مناصرة
يحرم على الزوجين نشر أسرار استمتاعهم، وطبيعة علاقتهم الجنسية إلى الآخرين. فهذه الأمور من أشد الخصوصيات، فلا يجوز أن تكون محور للنقاش في الجلسات لأنها تقود إلى كثير من المفاسد والمشاكل. وليس لأحد الحق في معرفتها أو الخوض في تفاصيلها، لحديث النبي e. "من أشد الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى إمرأته، وتفضي إليه ثم ينشر سرها"[1].
ومن الأخطاء الشائعة في هذا المجال:
1. ما يحدث صباح ليلة الزفاف من افشاء الأسرار، من قبل الرجل لأصحابه من باب التسلية والمزاح ومن قبل المرأة لصديقاتها.
2. حرص الأهل الفضوليون على أن يعرفوا تفاصيل ما حدث بين الزوجين، والخوض في أحاديث ليس من حقهم الإطلاع عليها.
الاغتسال من الجنابة
الجنابة تعني "حال من ينزل منه مني، أو يكون منه جماع" ويستوي فيها الرجل والمرأة. وقد تكون بدون انزال وذلك اذا تداخلت بداية عضو الذكوره في فرج المرأه ولم يحدث نزول مني.
وهذه الحالات توجب الغسل والطهارة، وحتى يخرج موضوع الاغتسال من النظافة والعادة إلى الطهارة والعبادة لا بد أن تتوفر فيه:
1. النية: حتى يؤجر المسلم على طهارته وتتحول إلى عبادة يؤجر عليها عند الله تبارك وتعالى، لا بد من أن يستحضر النية في قلبه أن ينوي إزالة الجنابة أو التطهر من الحدث الأكبر، ثم يسمي.
2. يغسل موضع النجاسة "الفرج"
3. غسل اليدين والوضوء كما يتوضأ للصلاة.
4. غسل الشعر جيداً ثم باقي الجسم، ويبدأ بالجهة اليمنى ثم اليسرى ثم يتنحى جانباً ويغسل قدميه.
ويجوز أن ينام الزوجان وهما جنب إذا توضأا عن نافع من عبد الله قال: استفتى عمر النبي e "أينام أحدنا وهو جنب قال نعم إذا توضأ"[2]. وعن عبد الله بن قيس قال "سألت عائشة t قلت كيف كان النبي يصنع في الجنابة؟ أكان يغتسل قبل أن ينام أم ينام قبل أن يغتسل؟ قالت كل ذلك قد كان يفعل، ربما اغتسل فنام، وربما توضأ فنام قلت الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة"[3]. لكن الافضل تعجيل الاغتسال من الجنابه.
كذلك من الأمور التي يجب مراعاتها في موضوع الجماع، أن لا يكون بعد وقوع الاحتلام، حتى يغسل فرجه من أثر مني الاحتلام.
والاحتلام يعني "أن يرى الرجل أو المرأة في المنام أنه يجامع فيرى بللاً في ملابسه بعد أن يستيقظ" فهذا يوجب الاغتسال أيضاً. أما إذا حدث الاحتلام ولم يجد بللاً فليس عليه اغتسال. وقد تبين من الدراسات العلمية أن الجسم أثناء عملية الجماع يخرج سموم على الجلد تبقى ملتصقة، ولا تزول إلا بالاغتسال وبذلك يعود النشاط والحيوية للجسم.
كيف يحدث الحمل
"عند الجماع بين الرجل وزوجته، تقذف الحيوانات المنوية في قناة المهبل، وتبدأ رحلتها عبر تجويف الرحم، نحو قناتي فالوب، فالحيوانات المنوية التي تتجه نحو القناة الخالية من بويضة تموت.
وأما تلك التي تتجه نحو القناة الأخرى، ويصادف وجودها خروج البويضة من المبيض، فتحقق هدفها، وتتجمع بضع مئات منها حول البويضة، وتتعاون جميعها على إضعاف جدار البويضة، ويتمكن واحد منها فقط من اختراق البويضة، والاتحاد معها. وهكذا تبدأ حياة إنسان جديد ألا وهو الجنين"[4].
مراحل تكوين الجنين
يقول الله تعالى في محكم التنزيل "فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ. َيخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ"[5].
وكما يقول العلماء فإن "المقصود بالماء الدافق هنا هو مني الإنسان، لكونه مكون في معظمه من الماء، حيث يمثل الماء منه حوالي 90% والباقي عبارة عن الحيوانات المنوية التي لا تمثل إلا نسبة ضئيلة من هذا الماء تترواح بين 1 إلى 5% فقط من مكونات الماء المنوي للإنسان. أما باقي المكونات الأخرى (فوسفات، بوتاسيوم، بروتينات، جلوكوز..." فتمثل حوالي 1-10% منه في أحسن حالاتها"[6]
والحيوان المنوي يحتاج إلى طاقة حتى يتغذى بها أثناء رحلته الشاقة للتخصيب. لذلك فهو يستمدها من المواد السكرية الموجودة في الماء المنوي.أما العناصر المعدنية المذابة في الماء المنوي، فإنها تجعل من هذه العناصر ذات وسط قلوي "ورحم الأنثى ذو وسط حامضي وعند نزوله أو تدفقه داخل الرحم يحدث تعادل بين الحمضية والقلوية، وما ذلك إلا لحفظ الحيوانات المنوية من الموت بالأحماض بعد نزولها في الرحم"[7].
والبروتينات هي مصدر للأحماض الأمينية المغذية للحيوان المنوي كما أنها تحتوي على مادة "بروستا جلاندين" التي تؤدي إلى تقلصات في الرحم وظيفة هذه التقلصات هي امتصاص السائل المنوي للأعلى إلى داخل الرحم، ثم إلى قناتي فالوب، اليمنى واليسرى، تنتظر البويضة في إحدى القناتين، كما أنها تحتوي على بعض الأنزيمات التي تمنع تجلط الماء المنوي، وبالتالي المحافظة على سيولته بشكل دائم. الأمر الذي يساعد على سهولة تدفقه وانزلاقه داخل الرحم"[8]
تركيب الحيوان المنوي
يتكون الحيوان المنوي:
1. رأس
2. وعنق
3. وذيل
يحتوي الرأس على النواة الحاملة للمادة الوراثية "الكروموسومات" التي تتفاعل مع المادة الوراثية الخاصة بالبويضة لتنشأ خلية الجنين الأولى.
تعلو الرأس حويصلة تسمى "اكروسوم" تحتوي على انزيمات مذيبة تذيب جدار البويضة لكي يتمكن الحيوان المنوي من اختراقها. أما الجزء الوسطي والذي يحتوي على العنق فهو مصنع الطاقة التي تتيح للذيل أن يتحرك، ليندفع الحيوان المنوي إلى الأمام، ويحقق تدفقه الذي أراده الله له.
فالماء المنوي كما سبق ذكره يحتوي على العديد من المكونات، وكل منها له وظيفته ومهمته المحددة. وجزء يسير فقط من الماء المنوي هو الذي يخلق منه الولد.
لحديث النبي الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله e قال: "ما من كل الماء يكون الولد، إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء"[9].
ليس ذلك فحسب بل أيضاً يتم الانتخاب بين الحيوانات المنوية، وتفضيل بعضها على بعض ليصل منها في نهاية الرحلة واحد فقط، هو الذي يقوم بعملية التخصيب مع العلم أن في القذفة الواحدة من المني ما بين مائتين إلى ثلاثمائة مليون حيوان منوي.
وتركيز الحيوانات المنوية الأدنى اللازم لحدوث الإخصاب هو 20 مليون في المليمتر المكعب. وبمجرد أن يذوب جدار البويضة، ويخترق أقوى الحيوانات المنوية الجدار لتستقر داخل البويضة، تغلق البويضة جدارها بحيث يستحيل دخول حيوان منوي آخر[10].
أكثر المشاكل الجنسية شيوعاً
البرود الجنسي عند المرأة
إن عدم إحساس المرأة بالمتعة بالجنسية، أو عدم رغبتها في هذا اللقاء مع زوجها لا بد وأنه يعود لعدة أسباب:
كما تراها الدكتورة هبة قطب (أخصائية الطب الجنسي) منها:
1. الجهل الجنسي المصاب به أغلب الرجال، وذلك نتيجة نقص في الوعي والتثقيف حول هذا الموضوع، وفي المقابل تزخر الأسواق والمكتبات بالمجلات العارية، والأفلام الإباحية التي تتجه بالطاقة الجنسية للشباب نحو الإثارة العارمة.
2. الحياء المذموم/ عندما تكون المرأة في حياء من ممارسة العملية الجنسية مع زوجها، وعندما يكون لديها شعور بأن هذه العلاقة غير لائقة أو أنها تفعل شيئاً خاطئاً. وذلك بسبب سوء التنشئة، وخاصة إذا كان الحديث عن الجنس من الأمور المكروهة في المنزل.
3. عدم اهتمام الزوج بنظافته الشخصية، فتشم الزوجة رائحة العرق أو الدخان أو رائحة أسنانه، فتحول هذه الأسباب دون إحساس المرأة بالمتعة.
4. تعامل الرجل مع زوجته بأسلوب عنيف وغير لائق أثناء النهار، ولا يهتم بتأثير ذلك على علاقتهم الجنسية فيما بعد"[11].
فكم هي أنانية من الزوج أن يهين زوجته أو يضربها ويتجاهل ذلك كله مطالباً إياها بأن تكون مهيئة للقاءه في غرفة النوم، وهي بكامل الزينة والاستعداد، دون أن يتلفظ بكلمة أسف واحدة لتصحح الموقف، أو تمحي آثار الدمار الذي أحدثه في علاقته بزوجته.
قال e "يعمد أحدكم يجلد إمرأته جلد العبد فلعله يضاجعها آخر يومه"[12].
5. قد يكون الروتين، وعدم إعطاء الزوجة التمهيد الكافي لتصل إلى قمة المتعة سبباً وجيهاً في ضياع المتعة، وضياع لحظات من أروع اللحظات بين الزوجين. وقد يكون الخوف من الحمل والولادة سبباً في برود المرأة.
أجريت بعض الأبحاث في أمريكا لمعرفة أكثر الأمور التي تزعج النساء أثناء الجماع فقالوا أن منها:
1. طلب الإذن: كأن يقوم الزوج بطلب الاتصال الجنسي من زوجته بشكل مباشر. والأفضل أن لا يكون ذلك تصريحاً بل تلميحاً بنظرة... بلمسة... بضمة... تجعل الزوجة تفهم المقصود.
2. توقع التصرفات: خاصة بعد مضي فترة على الزواج، تصبح الزوجة على علم بجميع التصرفات والحركات التي سيقدم عليها زوجها أثناء العملية.
هنا تأتي أهمية التجديد، والابتكار المستمر لوسائل تعين على الخروج عن المألوف وتحقيق أكبر قدر من المتعة للزوجين مثل تغيير المكان أو تغيير الغرفة.
3. كثرة الكلام أو قلة الكلام، تُشعر الزوجة بالضيق. إذا أعاد الزوج نفس الكلام أثناء ممارسة العملية الجنسية لذا ينصح بتغيير الجمل المستخدمة، وبعدم الصمت التام لأن ذلك يفقد المرأة الشهوة الجنسية.
4. عدم بذل جهد من جانب الزوج، لجعل موضوع الجماع أكثر رومانسية أو لجعل المرأة تشعر دائماً أنها لا تزال تحتل مكانة كبيرة في حياة الرجل، من خلال بعض اللفتات البسيطة. مثل (اترك لها ملاحظة على ورقة في غرفة النوم... فاجأها بشيء مميز....).
سرعة القذف عند الرجل
من أكثر المشاكل الجنسية حدوثاً بين الأزواج، وهي أن تنتهي العملية الجنسية عند الزوج بالقذف، أو الإنزال سريعاً دون أن تكون الزوجة قد اكتملت لذتها بعد، وهذا بدوره له تأثير سيء على المرأة ،والرجل لأن الزوجة تحتاج إلى إطالة العملية الجنسية إلى أقصى حد ممكن، ومع سرعة القذف لا تتحقق تلك الرغبة.
ويرجع علماء النفس بعض أسباب القذف المبكر إلى:
1. ممارسة العادة السرية في الشباب المبكر "وهي الايتان باللذة الجنسية من خلال اللعب بالأعضاء التناسلية الذاتية، أو كثرة الاحتكاك بها باستعمال الأيدي وتستعمل كبديل للجماع الجنسي".
2. عدم التحدث مع أي شخص عن موضوع الجنس بشكل علمي، بالإضافة إلى ان الرجل قد لا يعرف ماهية هذه العلاقة من الأساس.
3. قد يعود السبب إلى خلل عضوي في عضو الذكورة، أو في النهايات العصبية التي تغذيه، أو لخلل في الجهاز العصبي نفسه.
وهناك أسباب أخرى، وهذه المشكلة تستدعي أن يدرب الزوج نفسه على تأخير القذف شيئاً فشيئاً ويحتاج إلى أن تستوعبه الزوجة وتشجعه على العلاج، حتى لا تتوتر العلاقة بينهما.
وفي الغالب فإن هذا الموضوع لا يلغي السعادة الزوجية إلا أنه يؤثر فيها. لكن بشيء من الصبر يمكن للزوجين أن يتغلبا على أصعب المشاكل، مع وجود الحب والحرص من الطرفين على نجاح العلاقة واستمرارها.
هناك بعض المشاكل الجنسية الأخرى يمكن الرجوع إلى كتب طبية، وعلمية توضحها أو تضع العلاج لها، فهذا الكتاب ليس هو مجال بحثها.
شهر العسل
اعتاد الناس على تسمية الأيام الأولى من الزواج بشهر العسل غير أني لا أرى أن هناك شهر عسل بالمفهوم الزمني للكلمة. بل هي علاقة تقوم على العديد من الأسس إذا ما روعت فسيدوم العسل، ويستمر وتخيم على حياتهم أجواء الألفة والمودة والسعادة.
وذلك في أكثر الروابط البشرية امتداداً على الأرض، والتي يسخرها الله تعالى ليربط بين اثنين من البشر هذا الرباط المقدس، بعد أن كانوا لا يعرفون شيئاً عن بعضهم البعض. لهذا ينبغي للعروسين أن يستشعرا نعمة الله تعالى عليهما، فيشكرا تلك النعمة بما هي أهلاً له.
والشكر لا يكون بإهدار الوقت جميعه في السفر، والتنزه والترفيه، وإهمال كل جوانب الحياة الأخرى، والتقصير في العبادات، وارتكاب المحرمات، والممنوعات أثناء ذلك التجوال في أماكن محرمة، قد انتشر الفساد فيها وعم.
فالسفر لقضاء شهر العسل عادة دخيلة على المجتمع الإسلامي، وهي ليست شرطاً لتحقيق السعادة. فكم من الزيجات عاد بعدها العروسين كل إلى بيت أهله، وانتهت بعد قضاء شهر العسل. بل ان السعادة في ثنايا القلوب، والقرب من المحبوب أينما وُجد.
كما أن أغلبية الأزواج يكونوا مثقلين بالأعباء المالية للزواج، والتبعات التي أخذت تفرضها ظروف العصر، وأمزجه أولياء الأمور. وبالتالي فالتخطيط لأي مشروع سفر لا بد فيه من مراعاة هذه الظروف.
هذا وإن المرحلة الأولى من حياة الزوجين لها أهمية كبيرة، ففيها:
1. تتطور المشاعر بشكل متسارع، فيحل الاستمتاع والإنسجام محل الخجل والخوف والارتباك الذي يميز الليلة الأولى.
2. كما أنها المرحلة التي يتم فيها بدأ التعرف على خبايا الأنفس، ومفاتيح الشخصيات، وما استتر من الميول والصفات، وينبثق عن هذا التعارف فيض غزير من التآلف والمحبة.
ويبدأ كل طرف في هذه المرحلة يعطي أفضل ما عنده، من ثناء وغزل وحب وتعاون، فتزيد جذوة المحبة في قلب الحبيب مما يدعو لتوثيق هذه الرابطة، واستمرار الحياة الزوجية، والنجاح رغم كل التحديات التي تعترض حياة الأزواج الجدد.
في المقابل على العروسين أن لا يتوقعا أن حياتهما ستكون عسلاً دائماً فلا بد أن يتهيأ كل منهما لمسؤولياته، وما ينتظره من أعباء تلك المرحلة.
كذلك لا بد في هذه الفترة من وضع الخطوط العريضة، والقوانين التي سوف تسيّر حياتهم بشكل عام. حتى تكون الرؤية واضحة من البداية، والاعتماد على مبدأ المصارحة من أهم المبادئ التي تقوم عليها حياة زوجية ناجحة.
كما ينبغي للأزواج الجدد، التحكم في العواطف بشكل لا يسمح الواحد لنفسه أن ينساق وراء عاطفته لدرجة الاستعباد، أو يلبي لمحبوبه كل ما يطلب، فهذه المسألة إذا غفل عنها أحدهم ثم فطن إليها لاحقاً، سوف لن يقدر على تقويم الخلل الذي حدث في العلاقة، وربما تقود لخلافات كبيرة في المستقبل. فالاعتدال هو المطلوب، حتى وإن كانت المشاعر والجاذبية والشهوة في أوجها وقوتها.
وتذكر عزيزي الزوج أن تعود نفسك منذ الأيام الأولى في العسل على التعبير عن حبك لزوجتك وتغزلك بها حتى تصبح عادة دائمة، وليست واجب ثقيل تقوم به لتنال رضاها في بعض الأحيان. وتذكر أن العَمر ما هو إلا هذه السويعات والأيام القليلة التي نقضيها، فاغتنمها في تعميق السعادة لتحياها كأفضل ما يكون.
وأنتِ عزيزتي الزوجة لا تنسي أن تشكري زوجك على كل ما بذله حتى تكونا معاً، وحتى تنعمي بهذا العسل، وأخبريه أن الشهر الأول من زواجكما هو أجمل شهر في حياتك لأنك معه. وأنك سوف تكونين نعِم الزوجة والحبيبة طول العمر.
غرفة النوم
يختارها العروسان من أولى التجهيزات، ويتفننوا في تصاميمها وألوانها بكل دقة وأناقة، ليقينهم أنها مملكتهم الخاصة، الحضن الدافئ الذي يعودان إليه بعد عناء وتعب، ويوم طويل شاق، ليجدوا فيها الراحة والسكينة والهدوء.
وبالرغم من أهمية المكونات المادية لغرفة النوم، والفراش والألوان والستائر وغيرها، إلا أن الحالة النفسية للزوجين أهم فماذا تعني لهم غرفة النوم؟
· الزمان والمكان فيها ملكهم وحدهم يملأوه بما يريدون "يصلون الوتر.... يقرأون القرآن.... يدعون دعاء النوم لنيل البركة من الله تعالى" وتحفهم السعادة[13].
· فيها انقطاع عن العالم الخارجي، الأولاد نيام.. الهواتف مغلقة، الروائح العطرة تملأ المكان، والثوب المثير يرسل رسائله يوحي بالاقتراب، والإيحاءات والنظرات واللمسات، تقول إني مشتاق إلى لقاءك وها أنا ذا لك وحدك، فتهفوا القلوب، وتلتصق الأبدان، ويبدأ الحديث ولكن ليس اي حديث، بل مداعبات وهمسات وضحكات، حديث معطر بالدفء والحب، وهو ما يسميه البعض بحديث الوسائد "الوسائد في غرفة النوم هي اقرب شيء إلى الزوجين، وهي التي تشهد على العلاقة الحميمة بينهما وتستريح الوسائد وتريح عندما يعذب الحديث عليها"[14].
كما أن للمناظر، والصور، والأحاديث تأثير أيضاً للأنف تأثيركبير" ..لكل جسد رائحة خاصه به، فعندما يتزوج الزوجان ويتعودان على النوم معاً على سرير واحد، ويحتضن أحدهما الآخر خلال السنوات الأولى من الزواج، فإن الاحتضان وشم رائحة الجسد من الأمور التي تريح النفس وتساعد على استقرارها، ولذلك لابد أن يهتم الزوجان بالرائحة في حجرة النوم، لأن للأنف أيضاً دوره"[15].
أما من يتولى زمام المبادرة في فن المغازلة، والتمهيد لقضاء ليلة سعيدة ومميزة، فهما بلا شك الطرفان، فلا ينبغي أن يكون أحدهما دائم العطاء، والآخر دائم الأخذ فهذه الأنانية قد تدمر دفء العلاقة،و تستهلك رصيد الحب عند الطرف الآخر. فكما يحب الزوج أن يستمتع، يحب كذلك أن تشاركه زوجته تلك المتعة. وأن تتجاوب معه، وتكون المبادرة أيضاً في بعض الأحيان، وتكتشف أسراره، ".ماذا يحب أن يسمع من كلمات. ماذا يحب أن يرى من لباس؟ ماذا يحب أن يشتم من رائحة"[16].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله e: "إن الرجل إذا نظر إلى امرأته ونظرت إليه نظر الله تعالى إليهما بنظرة رحمة، فإذا أخذ بكفها تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما"[17].
فن الغزل بين الأزواج
قال e "خيركم خيركم لأهلة، وأنا خيركم لأهلي"[18]، والخيرية لها العديد من الصور، والأشكال، وطرق التعبير، فإذا استطعت أن تتفنن في مهارة الغزل ومدح الحبيب، والثناء عليه، فقد ملكت قلبه ولبه.
وليس هناك وصفات جاهزة في الغزل، فكل طرف في العلاقة الزوجية، أقدر على معرفة ما يناسب الطرف الآخر ويثير اهتمامه، ويلبي حاجته ويرضي طموحة.
هذا وان الإطراء من أهم أسلحة كسب المرأة: وزيادة المودة والدفئ العاطفي في الحياة الزوجية. وكلما أثنيت على المرأة بصدق، أعطت واهتمت ورعت وبلا حدود. غير أن بعض الرجال يرى أن إظهار الحب لزوجته والتغزل لا يليق به، أو يضعف مكانته، وينتقص من هيبته تقول لين جونسون" باحثة في علم النفس "أن لا علاقة للرجال عامة بأسلوب المغازلة بعد الزواج لأنهم يعتمدونه في بداية التعارف لسلب المرأة قلبها ويتخلون عنه أو يتجاهلوه لاعتقادهم أن دورهم ينتهي بمجرد استحواذهم على زوجة المستقبل.
ويرى باحثون آخرون في هذا المجال أن المرأة تستخدم "52" حركة للتقرب من زوجها، بينما يستخدم هو "10" فقط مما يجعلها الأقدر على فن المغازلة من الزوج. فحتى يؤدي الغزل غرضه لا بد أن يكون من الطرفين، مع الحرص على عدم تكرار الكلمات والحركات وبشكل دائم لمنع الملل.
إن معظم الأشخاص يستطيعون الزواج، ولكن قله منهم القادرون على التواصل عاطفياً، وبشكل دائم، أو يخططون للالتقاء بين الحين والآخر، بعيداً عن مشاغل الحياة وهمومها، للحفاظ على علاقة حميمة ودافئة.
وقد تغزل الشعراء بالمحبوبة، وأحسنوا في وصفها، وذكروا محاسنها، وكان الغزل باباً واسعاً من الأبواب التي طرقها الشعر قديمه وحديثة حتى تجده في عصر من العصور يتوج مطلع كل قصيدة أياً كان غرضها.
نماذج من شعر الغزل والحب
وما كنت ممن يدخل العشق قلبه |
ولكن من يبصر عيونك يعشق |
إن العيون التي في طرفها حور |
قتلتنا ثم لم يحين قتلانا |
قد زارني طيفكم ليلاً فأرقني |
فبت للشوق أذري الدمع تهتانا |
وما أرى مثلكم في الناس من بشر |
فقد رأيت به حياً ونسوانا |
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر |
أما للهوى نهى عليك ولا أمر |
بلى أنا مشتاق وعندي لوعة |
ولكن مثلي لا يذاع له سر |
تكاد تضيء النار بين جوانحي |
إذا هي أذكتها الصبابة والفكر |
معللتي بالوصل والموت دونه |
إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر |
حفظت وضيعت المودة بيننا |
وأحسن من بعض الوفاء لك الغدر |
وفيت وفي بعض الوفاء مذلة |
لأنسه في الحي شيمتها الغدر |
تسألني" من أنت " وهي عليمه |
وهل بفتى مثلي على حاله نكر |
فقلت كما شاءلها الهوى |
قتيلك قالت أيهم فهم كثر |
إني ذكرتك بالزهراء مشتاقاً |
والأفق طلق ومرأى الأرض قد راقا |
وللنسيم اعتلال في أصائله |
كأنه رق لي فاعتل إشفاقا |
بكت عيني غداة البيت حزناً |
وأخرى بالبكا بخلت علينا |
فعاقبت التي بالدمع ظنت |
بأن غمضتها يوم التقينا |
ليت الذي خلق العيون السوداء |
خلق القلوب الخافقات حديداً |
لولا نواعسها ولولا لحظها |
ما ود مالك قلبه وحيدا |
إن أنت أبصرت الجمال ولم تهم |
كنت امرءاً خشن الطباع بليدا |
وإذا طلبت مع الصبابة لذة |
فلقد طلبت الضائع الموجودا |
خدعوها بقولهم حسناء |
والغواني يغرهن الثناء |
نظرة فابتسامة فسلام |
فكلام فموعد فلقاء |
فلقاء يكون فيه دواء |
أو فراق يكون منه الداء |
وللحب أغصان تراها نضيرة |
وفي طعمها للعاشقين ذعاف |
رأيت المنايا في عيون أوانس |
تقتلن أرواحاً وهن ضعاف |
[1] صحيح مسلم، كتاب النكاح، حديث رقم 1437
[2] رواه البخاري.
[3] رواه مسلم.
[4] مع الحياة. مركز المناهج الفلسطينية. مجموعة مؤلفين.
[5] . سورة الطارق. آية 5، 6، 7.
[6] . د. دسوقي عبد الحليم، أستاذ التكنولوجيا الحيوية المشارك قسم العلوم البيولوجية، جامعة قطر. [email protected] موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
[7] المرجع السابق.
[8] . المصدر السابق نفسه.
[9] صحيح مسلم.
[10] بتصرف نت.
[11] موقع د. هبة قطب. بتصرف.
[12] متفق عليه.
[13] أوراق الورد بتصرف.
[14] د. أكرم رضا، أوراق الورد. ص134.
[15] المرجع السابق.
[16] المرجع السابق، ص140.
[17] صحيح الجامع، حديث رقم "1977".
[18] سنن الترمذي حديث رقم "3895".