الكتابة للأطفال ماذا تعني

الكتابة للأطفال ماذا تعني؟

جاسم محمد صالح

[email protected]

لنقترب من أنفسنا أكثر … وأكثر ولنكن واقعية في أن هناك حقيقة واحدة  , هي أن الكتابة للأطفال ليست أمرا سهلا وميسورا لمن هب ودب , وكان الأمر بمجمله عملية سهلة يقوم بها أي واحد  ,مجرد أن يجمع في رأسه فكرة ومدخلا ونهاية لتلك الفكرة التي تسمى بقصة الطفل... ويقول أنها كتابة للأطفال , يقول ذلك مزهوا وكأنه تمكن بهذه السهولة البسيطة من امتلاك الناصية التي يصعب على الكثيرين اعتلائها والوصول إليها .

   إن أدب الطفل حالة متقدمة في فن الكتابة , بل وأكثر الفنون الأدبية صعوبة على الإطلاق , فمن يريد أن يتصدى لهذا النوع من الإبداع عليه أن :

1. يكون ملما بالمفاهيم التربوية التي تعمل على بناء الطفل وترسيخ بنيانه وجعله عضوا فعالا في المجتمع , المفاهيم التي تتناسب وتتلاءم مع مفردات وحياة المجتمع الذي يضم في جنباته تلك الشريحة الواسعة من المجتمع , وهذا وحده لا يكفي .

2.  أن يكون هذا الكاتب تربويا على مستوى الواقع التطبيقي , حتى يعرف آفاق الخارطة اللغوية والمعرفية للأطفال والتي تتناسب حقيقة مع عمره ومستواه الدراسي بل وحتى مع بيئته وقيمه التي تعارف عليها في الحاضر والمستقبل, لكي تكون كتاباته مقبولة ومفهومة .

3. أن يمتلك المصداقية لدى غالبية الأطفال الذين يتم التعامل معهم من خلال اللغة والمعنى , تحقيقا للتواصل المطلوب والذي يعد جسرا امنيا لان ننقل من خلاله ما نريد من قيم ومفاهيم وأفكار وسلوك تربوي إلى الأطفال إكمالا وتحقيقا للرسالة التي نرتئيها .

4. امتلاك الكاتب لناصية الإبداع الممتلئ خيالا وتشويقا وسلاسة وبراعة في الصياغة , والموهبة وحدها تفتح المجال واسعا أمام كاتب الأطفال لان يكمل رسالته من خلال المتابعة المستمرة لانجازات الآخرين وإبداعاتهم الشتى وفي مختلف المجالات .

  كثيرون كتبوا للأطفال ... مستسهلين العملية وكان ما قلته لا يعنيهم وقدموا نماذج من القصة والمسرحية والرواية والأعمال الأدبية الأخرى , لكن كثيرا مما كتبوه وقدموه ضاع وتلاشى ولا احد يذكره أبدا وكانوا فاشلين أمام أنفسهم قبل أن يكونوا فاشلين أمام الأطفال ... وكثير من هؤلاء كتبت عنهم دراسات وملاوا الإعلام ضجيجا , مستغلين مواقعهم في صحافة الطفل ... ولكنهم أيضا تلاشوا ولم يبق منهم شيء سوى ذكريات ذائبة لأسماء هشة ... وفي النتيجة لم يبق من أولئك الذين كتبوا للطفل إلا القلة التي تعد على الأصابع... وهم الذين لا زالوا يواصلون الكتابة بشرف وشموخ, فهم الأدباء الذين ستقرأ لهم أجيالنا في الحاضر والمستقبل.