أحمد هواس
أحمد هواس
الريح التي لم نغتنمها !!...
وائل حميدي
عندما يخطر ببالي هذا الاسم ( أحمد حمادي الهواس ) ، أستذكر أول زاوية كتبها الدكتور والباحث الاقتصادي منير حمش هنا في آزورا الفرات، وعنونها آنذاك ( لماذا ينجح ابن دير الزور في الخارج ؟) ، واسترجع من ذاكرتي أيضاً ما قاله الإعلامي السوري الكبير فؤاد بلاط ، وهو يتحدث عن قدرات هواس الأدبية والتحليلية ،( المستقبل ينتظر هذا الرجل، وقد خطى فيه أولى الخطوات ) ، وآخرون كثر أنصفوا الهواس وصفاً ، تقييماً ، شعراً ، حضوراً ، قدراتاً ، مكانةً ، وكلهم برأيي الشخصي ركزوا على أحمد الأديب ، دون أن يربطوا بطريقة المعقول والمنطق ( الأديب بالإنسان( ..!
وإن كان هذا الرجل سليل عائلة تبحرت في الشعر والأدب ،وعرفت بهوسها الثقافي ونتاجها الأدبي ، فإنه ابن الفرات بكل الأحوال ، وكلاهما ( الفرات وهواس ) سقيا الظمآن ، وكل منا حسب عطشه ، ولعله من المؤسف أن أقول أن معادلة ( الفرات وهواس) ارتبطت أيضا بأن كليهما صُدِمَ بتقصير أبناء المنطقة وإهمالهم .
الفرات يعيش حالة احتضار إن صح القول وهو يمر داخل مدينة دير الزور التي لم يعرف لامسؤولوها ولا أهلها استثماره خير استثمار ، وما أن وجد الفرات العظيم نفسه في طيات اللامبالاة ، غادرها حزيناً ، واستقر فرحاً على أرض العراق الذي خلق على ضفتيه جناناً متجذرة في التاريخ ، ولازالت تحظى بالمزيد من الاهتمام والتطوير .
وحال الفرات في هذا يشبه إلى أبعد الحدود حال أحمد هواس ، الذي إن غادرَ الوطن حزيناً ، ليس لأنه لم يتمكن من إقناع أبناء محافظته بقدراته ومكانته وإمكاناته ، بل ولم يحظ ولو بشجاع واحد يقدر لهذا الأديب الإنسان قدراته الفائقة ، والتي أريد أن أصفها بكل تواضع في الرأي ، أنها فاقت بكثير قدرات من انتسبوا إلى اتحاد الكتاب العرب ( في غفلة من الزمن ) ، وفاقت أيضاً من نسبوا أنفسهم ( بالقوة ) إلى الشعر ولكنهم بصريح القول ، مجرد هواة ، إذا ماكان التقييم على أساس التجدد والتجديد الذي يفتقر إليه كل ( شعراء المنطقة ) ، وأنا هنا لا أقلل من القيمة الشعرية لأحد ، ولكني أعلن فشل هؤلاء في الاجتهاد والسعي للتطوير والتجديد والإبداع والابتكار.
أعود إلى بداية الحديث وإلى سؤال الدكتور منير حمش ، لماذا ينجح أبناء الفرات خارج حدود ضفتيه ، ألتقصير من الآخرين ، أم لضعف إعلامي واضح في المنطقة ، أم لأننا لا نجيد الاستثمار ، ولسنا مؤهلين لحسن استثمار الطاقات الجبارة ،...؟؟ لأننا لو استعرضنا كَمَّ الأسماء الكثيرة التي نجحت خارج الحدود ، لوصلنا إلى سؤال واضح الجواب ، هل يعقل أن من نجح كان على خطأ ، ونحن الذين على صواب .
هاهو ( أحمد هواس ) ومعه آخرون كثر ، يتربعون أرقى المكانات ضمن اختصاصهم ، في الوقت الذي نعيش نحن الذين في الداخل حالة من الهستريا أوقعتنا في حيرة أمام حقيقة لا نريد أن نقرَّ بها ، وهي حقيقة واقعة لامحال ، هم الصواب ونحن الخطأ ، هم الأعقل ونحن المجانين ، وهواس بحد ذاته ، وصل بسرعة البرق إلى المجد ، بعدما كان يتوكأ مستجدياً تفكيرنا المحدود ، ويتعثر في أوحال عقولنا المتحجرة ، والتي آن لها أن تعترف بأنها خسرت وجود ثروة بيننا ، ولكن الوطن يفخر بلاشك بأنه ابن الفرات ، وابن الرافدين ، وللتذكير فقط ، ولتأنيب كل من قصر في وضع هواس بمكانه الطبيعي ، فإن هواس وبحكم تقربي منه ، لم يقف عند الحدود التي هو عليها الآن ، بل يطمح إلى الأكثر ، وآنذاك فقط سنعلن جميعاً ، بأننا مجانين ، وبأن هواس كانت الريح التي هبت ، ولم نتمكن من اغتنامها ..!
فهنيئاً لنا الحدود التي رسمناها لأنفسنا داخل أسوار مدينة منسية على خارطة المراتب ، وهنيئاً لهواس ورفاقه تفكيرهم الذي سبق زمان عقولنا ، وقرارهم الذي لا نريد أن نقر بصحته رغم عين الصواب الذي فيه .
والسؤال الذي يفرض نفسه لازال قائماً .... من الإنسان هنا ، نحن ، أم هو ؟؟