المجتمع المدني في أوروبا والبلاد العربية
المجتمع المدني في أوروبا والبلاد العربية
محمد هيثم عياش
تعتبر قضية احلال المجتمع المدني في البلاد العربية الشغل الشاغل لمعاهد المساعدات والدراسات الدولية التابعة للاحزاب السياسية الالمانية . فهذه المعاهد تعتقد من خلال دعوتها لندوات حول الشرق الاوسط ومشاكل احلال المجتمع المدني بأنها تحاول الوصول الى حل تلك المشاكل التي تحول دون تطبيق المجتمع المدني في الدول العربية المعروفة بابتعاها التام عن مميزات المجتمع المدني السائد في اوروبا . ولو أردنا أن نتطرق عن سياسة المجتمع المدني السائد في اوروبا ميدانيا وليس نظريا لاستطعنا أن نلمس الظلم اكثر من العدالة الاجتماعية ، فالمرأة في أوروبا لا تزال تتقاضى نصف راتب ما يتقاضاه زميلها الرجل في العمل بالرغم من أنها تملك خبرات اكثر منه في مجال مهنتهما كما أن القضاء في اوروبا وخاصة في المانيا بالرغم من استقلاليته عن السياسة الا أن القضاة يرون من يدفع المال الكثير اولى بكسب قضية ما ضد فقير اضافة الى قضايا كثيرة من الصعب حصرها .
والاسلام ولو عدنا الى منابعه الاصلية وتطرقنا الى حوادث التاريخ الاسلامي هو اول من نادى بحقوق الفرد وحرص على حمايته فالخليفة عمر بن الخطاب رضي لله عنه كان من أول من انتقد الاستعباد حينما قال لعمرو بن العاص رضي الله عنه متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا وذلك عندما ضرب محمد بن عمرو ذلك القبطي الذي سبق فرسه ، كما أمر قاضي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بخروج المسلمين من سمرقند لأنهم دخلوها عنوة دون انذار بحرب او دفع جزية او الدخول في الاسلام فكان سبب اسلام تلك المناطق عن بكرة أبيهم قاطبة . كما كان القاضي ابن حيون وراء تأسيس بالبرلمان المعروف به في اوروبا ومجالس الشورى الموجودة في بعض دول منطقة الخليج العربي مثل السعودية والكويت وغيرها وذلك زمن دول الطائف في الاندلس فقد امر المعتمد بن عباد من ابن حيون وهو القاضي النعمان بن محمد بن منصور بن حيون التميمي وضع خطط لانهاء الفتن السائدة في الاندلس بعد زوال دولة بني أمية فجمع القاضي هذا رؤساء كل مهنة تحت سقف واحد لإنهاء الفتن والقضاء عليها ، كما شارك المسلمات في السياسة والحرب والدعوة الى الاسلام وكانت الشفاء بن عمرو العدوية أول قاضية في الاسلام جعلها تم تعينها قاضية للسوق من قبل الخليفة عمرة بن الخطاب رضي الله عنه ، كما كانت / أم خليل / شجرة الدر أول ملكة بالاسلام استطاعت من خلال اخفائها موت زوجها الملك الصالح نجم الدين ايوب الحيلولة دون استيلاء الصليبين على مدينة المنصورة بمصر ، بينما كانت اوروبا تسبح في غيابات الجهل والبرلمان السائد فيها برلمان الاغريق والرومان حيث مهام اعضاء ذلك البرلمان الامر بالقتل او العفو .
وأكدت ناشطة المجتمع المدني وناشطة حقوق المرأة في البحرين السيدة منى الكاظمي بندوة دعا اليها مبرة فريدريش ناومان للدراسات والمساعدات الدولية التابع للحزب الفيدرالي الحر الذي يحكم المانيا حاليا مع المسيحيين أن دولة البحرين خطت خطوات ايجابية في السنوات الاخيرة الماضية لتطبيق المجتمع المدني والرفع من قدرة ومكانة المرأة في المجتمع البحريني فالمرأة في البحرين عضوة بمجلس الشورى والبرلمان وهي وزيرة ايضا كما انها ناشطة في جميع المنتديات الثقافية وغيرها الا أن يجب الاخذ بعين الاعتبار ان حرية المرأة في البحرين وفي الكويت والانجازات التي تتم على خطوات ايجابية في دولة الامارات العربية المتحدة كلها تأتي من قبل تعاليم الاسلام وضمن أحكامه كما ان تقاليد وعادات ومجتمع الخليج العربي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار فالاسلام اعطى للمرأة حقوقا لا يتمتع بها الرجل والحرية الغير محدودة وراء انتشار الفساد ولذلك فالمرأة في البحرين والكويت وغير تسعى للمحافظة على حقوقها ووتركيز سياسة المجتمع المدني ضمن إطار المفاهيم الاسلامية للحيلولة دون فساد المجتمع متطرقة في الوقت نفسه الى دور المرأة في المملكة العربية السعودية مشيرة ان هناك خطوات لا بأس بها تم تحقيقها في تلك الدولة للرفع من مكانة المرأة ومشاركتها في بعض المجالس المحلية اضافة الى اشرافها على التدريس ونشاطات اجتماعية اخرى الا أنه يجب على المرء ان لا ينسى بأن السعودية تختلف بتقاليدها وسياستها تجاه المرأة عن بقية دول منطقة الخليج العربي وذلك ضمن بذل حكومتها الجهود للمحافظة على تعاليم الاسلام وحماية المجتمع السعودي من الوقوع في الرذيلة وانتشار الفساد في دولة لها مكانتها الاسلامية في العالم الاسلامي .
المحامي المصري حافظ ابو سعدة الذي قال عنه رئيس الندوة رونالد مايناردوس بأنه نشطاء احلال المجتمع المدني في مصر ، أكد بأن تطبيق المجتمع المدني في مصر والبلاد العربية بحاجة الى دعم وضغوط من اوروبا على حكومات الدول العربية التي تنظر الى نشطاء المدني بأنهم خطر على مصالحهم واذا كان الاتحاد الاروبي يهمه احلال الديموقراطية في تلك الدول فيجب عليه ممارسة ضغوطه الادبية والسياسية على حكومات تلك الدول التي تنتهك حقوق الانسان وامتهان كرامته وان التقاليد الموروثة في الدول العرية ليس لها علاقة بمصاردة الحريات العامة ونظام الحزب الواحد .
مسئول ملف حقوق الانسان في وزارة الخارجية الالمانية ماركوس لونينيغ اعلن ان سياسة الحكومة الالمانية في مساعداتها التموية بالعالم وخاصة في الدول العربية تكمن في ارساء المجتمع المدني والسعي لتطبيق معاهدات حقوق الانسان وعدم انتهاك حريته الا أن برلين لا تستطيع ممارسة ضغوط سياسية على تلك الدول التي لا تعرف للمجتمع المدني اي معنى الا أن الحوار معها مستمر من خلال القاءات التي تتم بين الحكومة ونشطاء المجتمع المدني معترفا الى اخطاء ترتكبها حكومة المستشارة انجيلا ميركيل ونائبها وزير الخارجية جويد فيسترفيليه الذي لا بنبت ببنت شفة جراء الاعتقالات في سوريا ضد نشطاء المجتمع المدني فيها وربما يعود ذلك الى مصالح برلين السياسية في المنطقة .
ويرى خبير منطقة الشرق الاوسط في جامعة مدينة توبينغين / جنوب / اوليفر شلومبيرجر ان الغرب يتحامل على الدول العربية من خلال انتقاداته للانظمة في تلك المنطقة التي ترفض الديموقراطي المعروف بها في اوروبا ومن اجل تطبيق الديموقراطية الغربية في تلك المنطقة يجب على الغرب معرفة اسباب قيام الانظمة فيها التي لا تبالي بحقوق الانسان اضافة الى ضرورة انتهاج سياسة تشجيعية لحكومات الدول العربية بالسماح لنشطاء المجتمع المدني ممارسة نشاطاتهم بشكل عفوي وسياسي دون اللجوء الى العنف .