تعرف على (الشروگ)
حکام العراق الجدد وقادة فرق الموت
الباحث برفسور دكتور جلال الوزير
وجوه وأخلاق (شروگية) متميزة
الأصول التاريخية
تعرضت طبيعة ونشأة وتركيب المجتمع العراقي الحديث الى هزات كبيرة ادت من جهة الى نزوح العديد من مواطني العراق واستقبال مهاجرين وعلى شكل موجات سكانية , خصوصا بعد عهد اسماعيل الصفوي الذي حكم ايران واحتل العراق وبلوشستان وكذلك في عهد حكم المماليك اضافة الى فيضانات دجلة والفرات وموجات امراض الطاعون التي اما فتكت باعداد هائلة من المواطنين الذين كانوا يقطنون الولايات العراقية على عهد العثمانيين , او ادت الى هجرة اعداد غفيرة من مواطني الشعب العراقي الى الولايات والامارات العثمانية شرق نجد والخليج والى مصر والشام (سوريا ولبنان والاردن وفلسطين) . ولازالت الكثير من العوائل من الاصول العراقية محافظة على القابها العراقية هناك. وترجع اصول المهاجرين الى العراق من بعض الاكراد والاثوريين والنساطرة والارمن عندما جاءت لاجئة للعراق مع الكثير من العوائل الكردية والمسيحية التي كانت تقطن جنوب شرق تركيا وجبال شمال غرب ايران بقرار من عصبة الأمم بسبب الاذى الذي عانت منه تلك العوائل اثناء العمليات العسكرية للحرب العالمية الاولى فتم توطينهم في شمال العراق وفي القرى المسيحية المحيطة بالموصل .
اما المهاجرون من الاصول الشرقية (الشروگية) في جنوب العراق, والاهوار وهي عبارة عن مسطحات مائية ضحلة, وهم اربعة موجات ابتدأت منذ الحكم اسماعيل الصفوي الذي حكم ايران واحتل بلوشستان واجزاء من العراق في القرن السابع عشر , واخرها على عهد شاه ايران محمد رضا بهلوي في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين وباساليب الهجرات البرية والتسلل عبر الزوراق للكويت والعراق . فقد عرف اسماعيل الصفوي باضطهاده لخصومه من الطوائف الدينية وشيوخ العشائر مما دعا العديد من العوائل المتحدرة من تلك الاصول من المناطق الايرانية مثل لورستان والاهواز وبلوشستان وجنوب غرب باكستان وشمال غرب الهند وقسم منهم هاجروا بسبب اضطهاد الصفويين لهم وسكنوا الاهوار العراقية كعبيد لدى الاقطاع.
و الموجة الثانية من هجرة الشروگيين للعراق والخليج العربي فتمت في منتصف القرن التاسع عشر ابان حكم المماليك للعراق.
اما الموجة الثالثة للهجرة فتمت مع جيش الليفي اثناء احتلال الجنرال البريطاني مود للعراق حيث ارسلتهم حكومة الهند الشرقية البريطانية التي كانت تحكم الهند انذاك , حيث اتوا من شمال الهند - باكستان حاليا وبقوا هم وعوائلهم في مناطق شمال العمارة وجنوب الكوت وشمال الناصرية وجنوب كربلاء .
اما الهجرة الرابعة فكانت عبارة عن موجات متقطعة للعوائل المهاجرة التي سبق وان استوطنت الاهواز قادمة من بلوشستان والهند ولورستان مابين الحرب العالمية الثانية ومنتصف عقد الستينيات للقرن العشرين في العراق ومنتصف السبعينيات منه في الخليج العربي .
من الجدير ذكره هنا , ان هؤلاء المهاجرين قد انخرطوا في العشائر العراقية التي شغلتهم فلاحين لديها من خلال نظام الدخالة القبلي الذي يجيز للدخيل في اي عشيرة من تغيير اسمه وحمل لقب العشيرة.
وكذلك من المهم الاشارة اليه بانه ليست كل العائلات المهاجرة الشيعية هم من الشروگيين فهنالك العائلات من اصول لبنانية وايرانية ميسورة او مثقفة دينيا وفدت باعداد محدودة للعراق لاسباب دينية لتلقي المعرفة في المراجع الدينية او تبوأت مراكز دينية في تلك المراجع. كما هنالك افراد أتوا فرادى او مع عائلاتهم كتجار او كزوار للمراقد الدينية واستوطنوا في المدن المقدسة كالنجف وكربلاء والكاظمية في بغداد .
وتميزت هذه الشريحة بانها كانت تمتلك الوثائق حيث أتمت معاملات التجنس الاصولية بصرف النظر عن انتمائهم للعراق او بلدانهم الاصلية التي وفدوا منها. فلا يعد هؤلاء من الشروقيين البدون والذين يتميزون بعم تيسر وثائق ثبوتية عند هجرتهم او عو عائلاتهم الاصلية للعراق , اصل بلد هجرتهم من شرق العراق من بلوشستان ولورستان والهند وباكستان الى الاهواز ثم العراق والخليج او العراق والخليج مباشرة , وضمن موجات الهجرة الاربعة المعروفة والمشار اليها. يتميزون بلباس خاص للنساء والرجال وقد تغيير تدريجيا مع الاجيال الاحقة شبيه بالباس الهندي , كما يتميزون بلهجة او لكنه خاصة مع تعلمهم العربية .
كما يتميزون بالفقر والبعد عن الثقافة والتمدن , وبانخراطهم في الزراعة ولاحقا في البناء كما يتميزون بعادات غريبة باعطاء ابنائهم اسماء مهينة مثل (مطشر) اي مبعثر و (چلوب) مصغر كلب و (سلبوح) اي دودة او استخدام اسماء التصغير على وزن فعيّل او افعيل , مثل (مچيّن) بمعنى مكان و (ولييد) بمعنى ولد او التصغير الجمعي باستخدام الالف والتاء , مثل (نفطات) اي كمية محددة من النفط . وكذلك يتميزون ببعض المظاهر العرقية التي يصفها بعض علماء الاعراق والبايولوجيا والمشار اليهم في المراجع على النحو التالي , انتمائهم للعرق الاوردي (وليس السامي العربي) حيث يتميزون بما يلي :
قصر او القامة الوسط.
السمرة الداكنة للبشرة المائلة للصفرة.
وعدم وجود إلية الرجل وتسطح القدم.
وجحوظ قليل في العين.
الا ان المظاهر العرقية هذه قد ذابت بسبب المصاهرات على مر الفترة الطويلة لوجودهم في العراق والخليج , وكذلك بسبب مزاوجة الجنود البريطانيين للكثير من النساء الشروقيات في مناطق اهوار العمارة والناصرية , اثناء حملة الجنرال مود لاحتلال العراق ابان الحرب العالمية الاولى وترك الجنود البريطانيين لزوجاتهم مع عائلاتها بعد رحيل القوات البريطانية .
وفي منتصف الاربعينيات من القرن العشرين ساعد رئيس الوزراء في الحكم الملكي صالح جبر على هجرة الكثير من هؤلاء الشروگيين الذين لايحملون اي مستندات او جنسيات او بطاقات تعريف شخصية , الى اطراف بغداد وكان اغلبية سكان هذه المناطق من المهاجرين من ارياف الجنوب لاسباب شتى اما هربا من ظلم الاقطاع او مقتا للحياة الزراعية او هربا من الثأر القبلي او هربا من العدالة .
وكان نصيب الاسد منهم في جانب الرصافة واستوطنوا ما يعرف بمنطقة خلف السدة وهي سد ترابي بارتفاع 10 - 12 متر بناها والي بغداد ناظم باشا مطلع القرن العشرين شرق بغداد حفاظا على بغداد من فيضانات نهري دجلة وديالى وذلك ابتداءً من تخوم ضاحية الاعظمية شمال بغداد وممتدةً حتى منطقة الرستمية على نهر ديالى جنوب بغداد واصبح هذا السد الخط السريع المسمى جسر محمد القاسم , في الثمانينيات من القرن العشرين .
حيث بنوا لهم البيوت البسيطة عشوائية دون موافقات اصولية , من الطين واللبن وذلك على طول السدة . وفي عهد رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم الذي منحهم الجنسية العراقية اسكنهم في مجمعات سكنية حول بغداد وحول بعض المدن الرئيسية الاخرى للعراق , وعلى حساب السكان الاصليين لبغداد وتلك المدن , حيث ادى ذلك الى تغيير البنية الديموغرافية لبغداد بتطويقها باحياء سكنية من الشروقيين حيث انشأت المجمعات السكنية من جانب الرصافة: حي الامين والفضيلية والعبيدي والشماعية والثورة والحسينية. ومن الكرخ: ابو دشير والدباش والشعلة والحرية والاسكان ودور السود وغيرها .
الشروقيون والشيعة العرب في جنوب العراق
على الرغم من انتماء الشروقيين للمذهب الشيعي الجعفري الا انه من المؤكد هنالك بون شاسع بين الشروگيين والشيعة العرب في جنوب العراق من ناحية الانحدار العرقي والاثني للتكوين الاجتماعي لكلا الشريحتين , فالتكوين الاجتماعي لسكان الجنوب العراقي قبل موجات النازحين والمهاجرين الشروقيين الاولى الى ارض العراق والخليج على عهد دولة اسماعيل الصفوي في القرن السابع عشر والهجرة الثانية في عهد المماليك منتصف القرن التاسع عشر, وقبل منحهم الجنسية وانتشارهم وتغلغلهم في بنية المجتمع العراقي بعد اعلان الجمهورية منتصف القرن العشرين , تتكون من خليط من العشائر العربية الشيعية والسنية المتحدرة من القبائل القحطانية او العدنانية , كال فرعون والعوادي والياسري والجبور- البو ثامر والدليم - البوعلوان وتميم – وسط وشرق دجلة , والسنية كأل السعدون والهاشمي والبو ظاهر.
وكان تمركز الشيعة العرب في غالبيتهم في ما اصطلح عليه الفرات الاوسط – الديوانية والحلة وكربلاء والنجف والمنتفك - الناصرية والسماوة والقرنة والبصرة والامارة (العمارة) والكوت وفي بغداد القديمة في الكرادة مع خليط من السنة والمسيحيين والكاظمية والشواكة مع خليط من السنة.
أما السنة الذين كانوا يقطنون في الجنوب فيتمركزون في الحلة – خليط من الشيعة والسنة المنتفك – الناصرية والسماوة – خليط من الشيعة والسنة , البصرة في منطقتي الزبير وابو الخصيب واجزاء من المعقل , والكوت – وهي ايضا خليط من الشيعة والسنة.
ويرجع اصل تاريخ الشيعة العرب في العراق منذ بداية الدولة الاموية ومبايعة اهل الكوفة للامام علي ابن ابي طالب ونجله الامام الحسين ابن علي ومعركة كربلاء حيث يتواجد مؤيدو الامامين من الذين شايعوهم وناصروهم.
اما العلاقة بين شيعة عرب الجنوب والشروقيين في تلك الفترة فهي علاقة السيد او الحر بالعبد والملاك او الاقطاعي بالفلاح الاجير. حيث كان الشيعة العرب يمثلون العشائر والاقطاعيات المالكة للاراضي الزراعية من الشيوخ وعوائلهم وعمومتهم وانسابهم , اما الشروقيين فيمثلون طبقة الشغيلة الفلاحية لدى شيوخ العشائر والعبيد الرق لدى الاقطاع.
ضرورات الاندماج في مجتمع المهجر العراق تعتمد الكثير من الدول الاستيطانية مبدأ الهجرة كعامل لرفد البنية الاجتماعية بالاعراق واللاثنيات المختلفة , كما هو الحال مع دول كاميركا الشمالية واميركا اللاتينية واستراليا ونيوزيلاندا وغيرها من العوالم الجديدة التي تم اكتشافها بعد عصر النهضة في اوروبا وعلى اثر بروز ظاهرة الاستعمار او مايسمى تاريخيا بالعصر الكولونيالي الذي تمثل باحتلال الاراضي والقارات الجديدة وضمها لممالك مستكشفيها , وقد استمرت موجات الهجرة لهذه الصقاع الجديدة حتى يومنا هذا ولكن بمعايير مختلفة منها شموليتها لاستقطاب المواطنين من كافة الدول تفضيلها للكوادر المثقفة والعلمية وتفضيلها للكوادر الراسمالية والاستثمارية وتفضيلها للكوادر من اعراق بعينها كالانجلو- ساكسون في الولايات المتحدة وكندا واستراليا ونيوزيلاندا والاعراق اللتينية في المكسيك واميركا اللاتينية وهاييتي وارخبيل البحر الكاريبي . كما حددت القوانين في تلك الدول على مبدأ ظرورة الانتماء والولاء للبلد الجديد , الامر الذي وصل الى فرض شروط ومحددات منها عدم السفر من البلد لفترات جاوزت في بعض الدول الاربعة سنوات لحين منح الجنسية , وضرورة تأهيلهم لتطلبات الحياة في دول المهجر كانخراطهم في دورات الزامية لتعلم اللغة وفروض معينة في تعلم تاريخ بلد المهجر وارثه الوطني والثقافي ووصل الامر ببعض الدول الى ضرورة انجاز المهاجر لعمل وطني لبلد المهجر الجديد يثبت ولاءه وانتماءه لبلد المهجر الجديد, من قبيل الانخراط في الخدمة العسكرية او التطوع المؤقت في العمليات العسكرية التي تخوضها الدول محلية واقليمية او دولية , او كتابة المقالات والبحوث والمؤلفات عن البلد الجديد .
الا ان الامر مختلف مع دولة كالعراق وحتى باقي دول الخليج العربي التي تعرضت لهجرات الشروگيين والتي نجد آثارها في المجاميع السكانية المسماة (البدون) في الكويت على سبيل المثال , فالعراق وتلك الدول بلدان غير استيطانية لم يتم استكشافها من ضمن العوالم والقارات المجهولة بل تمتلك حضارة من اعرق حضارات العالم امتدت لستة آلاف عام في عمق التاريخ ولها امتدادات عربية كواحدة من الولايات والامارات العربية التي كانت تابعة للدولة العثمانية.
فعندما وفدت الهجرات الاولى للشروقيين وحتى الاعراق والديانات الاخرى في شمال العراق , لم يكن معيار الوطنية والانتماء والولاء للبلد هو الهاجس والمعيار الذي حدد شروط الهجرة ، بسبب وجود الدولة العثمانية واحتلال بلاد فارس للعراق في عهد اسماعيل الصفوي والتي زامنت الهجرات الاولى.
وفي الهجرات المتأخرة في مطلع القرن العشرين والأربعينيات ثم الستينيات والتي كانت تفد خلالها موجات من العوائل المهاجرة الشروقية عبر منافذ لها في مناطق ديزفول وقصر شيرين عن طريق البر ومن امارة المحمرة (الاحواز او الاهواز حاليا) ثم انطلقت هذه الاقوام في هجرة ثانية لاهوار العراق من الموجات التي سبق وان ارتحلت من لورستان جنوب ايران ومن ولايات شمال الهند وبلوشستان والولايات الجنوبية لافغانستان والمتاخمة لبلوشستان الواقعة في جنوب باكستان (الهند سابقا قبل استقلال باكستان) والتي تدين بالديانة الاسلامية وعلى المذهب الشيعي الجعفري .
اما امارات الخليج العربي فقد استمرت الهجرات اليها في السبعينيات من القرن العشرين الى عبر الممرات البحرية من خلال زوارق المتسللين المشهورة والتي كانت تعلن عنها وكالات الانباء عن اكتشاف يومي لتلك القوارب المهاجرة الى الكويت وقطر والبحرين والامارات العربية المتحدة وشرق المملكة العربية السعودية.
فكل تلك الهجرات لم تحدد بمعايير الانتماء الوطني والولاء للعراق او دول الخليج بقدر انكفائها على نفسها محافظة الى حد ما بثقافتها المحلية وبعاداتها وتقاليدها التي جائت بها معها.
ومن ضمن تلك الثقافات طريقة بناء البوت الطينية التي نجدها مطابقة الى حد بعيد جدا مع البيوت ومايسمى بالطوفة في شمال الهند وبلوشستان والولايات الجنوبية لافغانستان.
اما في مجال اللغة فهنالك ماسيمى في علم الصوت اللغوي بالتنغيم Intonation وهو طريقة تلحين الكلمة عند تلفظها داخل الجملة فنجد التقارب الكبير بين اللغات الهندية و البلوشية واللورية والفارسية كون هذه اللغات تنتمي الى مرجعية لغوية واحدة وعي عائلة الهندو-اوربية وهي بعيدة من حيث علم النحو والصرف والصوت من اللغة العربية التي تنتمي للعائلة السامية. ومن حيث علم الانتيمولوجي وهو علم جذر الكلمات ومصدر تحدرها نجد هنالك تداخل لبعض المفردات المستخدمة من قبل الشروقيين ذات الاصول الهندية او الايرانية (الفارسية واللورية) مثل (كواك) و (دش) و (چا), وخير دليل هو الكلمة الاستطرادية (چا cha ( بمعنى (نعم او أجل او بلا او اذاً) وهي هندية المنشأ حيث تلفظ بالهندية (آچا) بمعنى (نعم) , في حين يستخدم العراقيون العرب في بغداد كلمة رديفة وهي (لعد) والمتحدرة من الفعل (عاد) وفي الوسط والغرب وشمال الوسط يستخدم العراقيون العرب كلمة (عجل) المتحدرة من (اجل) بمعنى نعم وفي العشائر العربية في الجنوب بضمنها الفرات الاوسط والبصرة القديمة كانت تستخدم كلمة (حته) و (ولعد) المتحدرة من (حتى) بمعنى نعم او اذاً.. ثم شاع استخدام (چا) لدى عرب الجنوب بسبب الاختلاط مع الشروقيين وانتشار مصطلحاتهم وطريقة لفظهم.
وكذلك نقل اسماء المدن من مصادرها الى العراق مثل مدينة چوادر الساحلية في بلوشستان – الهندية (باكستان الان) والتي سمي بها حي سكني في قرية الثورة (مدينة الصدر الان) ولا صلة بين الچوادر وكلمة (چادر) الذي يستخدم بتغليف البضائع، وكذلك مدينة (كاولي) في الهند والتي تحدر الكثير من الوافدين الغجر منها الى العراق تلك الكلمة المستخمة الى يومنا هذا.
ومن العوامل الثقافية الوافدة الاخرى , هو فن تلك الاقوام باعتبار الفن والادب يشكلان هوية الامة وعنوان انتمائها , فبعض الاطوار الغنائية الريفية كالابوذية المحمداوي نجدها تغنى الى يومنا هذا في مدن الجوادر وكيتا وكلات واورمارا في الجزء الباكستاني من بلوشستان وحاسك في الجزء الايراني منها.
كما نجد في الادب الشروقي بعض المواويل القريبة من اللحن الهندي والفارسي الخليطة باللهجة المحلية العربية , وحسب منشأ ذلك الوافد وامتداد عرقه.
كما يستخدم الكثير من الشروقيين الات موسيقية خاصة بهم بعيدة عن الآلات العربية مقاماتها وسلمها الموسيقي ويصنعها بشكل تحاكي شكل ولحن الآلات والالحان البلوشية والورستانية.
كما ان نمط الغناء مفعم بالحزن والشكوى التي تعبر عن الارث الطويل من المعاناه ابتداءً من اضطهاد اسماعيل الصفوي الذي كان يتفنن بتعذيب وقتل معارضيه البلوش واللور حيث كان يطلق شيخ القبائل المعارضة له من المدافع .
ثم رحلة المعاناة الطويلة عبر الصحراء الايرانية التي كان يلقى الكثيرين منهم حتفه بسبب الانهاك او الجوع والعطش . وقد انعكس ذلك على اهازيجهم واشعارهم الشعبية ومواويلهم التي تحولت الى ابوذيات مغناة حيث يذكر الفنان كاظم الساهر بان اغنية (عبرت الشط على مودك) مقتبسة من احدى الاهازيج الشروقية اثناء الرحلة الشاقة الى العراق حيث تتحدث احدى المهاجرات عن معاناتها وهي تعبر احد الانهار للحاق بقبيلتها التي فقدت الكثير من افرادها بسبب موجات النهر وتياراته المميته وهي تعبر لانقاذ وليدها الرضيع الذي حملته على رأسها .
علاوة على تسخير شيوخ القبائل لهم كعبيد رق في جنوب العراق وما عانوه من اسى وظلم على اسيادهم الاقطاعيين. وهذا ما دعاهم الى الهرب من الريف الى مناطق حول بغداد والمدن الرئيسية الاخرى في تجمعات سكنية معدمة وعشوائية وغير نظامية واغلبهم استوطن في منطقة وراء السدة , المشار اليها اعلاه.
عبد الكريم قاسم والانتشارالسكاني للشروقيين
ولم يتنفس الشروقيين الصعداء الا بعد قيام الجمهورية في عهد رئيس الوزراء الاسبق عبد الكريم قاسم ذلك اليتيم الذي ينتمي الى اب عربي سني لم يره بسبب وفاته ، وأم تتحدر من الاصول الشروقية , اشرفت مع اخواله الشروقيين على تربيته . حيث اصدر قرارات منحهم الجنسية وشهادة الجنسية العراقية اضافة الى اصداره لقانون الاصلاح الزراعي الذي بموجبه صادر الاراضي من المالكين من شيوخ العشائر ومنحها للفلاحين والذين يمثل الشروقيين ثمانين بالمائة منهم . ثم مالبث ان وزع عيهم الدور والاراضي السكنية حول بغداد وباقي المدن الكبرى ومنحهم الوظائف الحكومية واصدر التشريعات الخاصة بتسهيل انخراطهم في الجيش كمراتب (جنود وضباط صف ونواب ضباط) ومنحهم الامتيازات العسكرية كالدور السكنية الخاصة بالمراتب المتطوعين في مناطق اسكان شرقي بغداد وغيرها.
وهذه تعد النقلة الكبيرة والمهمة في حياة هذه الفئة المهاجرة والتي لحد الان لم تمنح الجنسية في بعض امارات الخليج كالكويت وبقوا بما يسمى بـ البدون.
لذا تعتبر شريحة الشروقيين عبد الكريم قاسم القائد الوحيد الذي انقذها، فهم دائمي التمجيد به لحد المبالغة في المدح في وصفه الى حد اطلاق الخرافات التي كانت تنشر في الصحافة يومذاك، فبعضهم ادعى انه رأى صورة (الزعيم) على بيضة دجاجة وآخرون نشروا بانهم رأوا صورته بالمرقب متجلية على سطح القمر . وبقيت هذه الاحاجي يتداولها البسطاء من الشروقيين ممن استفادوا من حكمه وبالغ بها الاخرون منهم من المثقفين الى حد الاطراء واسناد احداث غير واقعية لسيرة رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم .
وعلى اثر هذه الاجراءات المنصفة للشروقيين والاجراءات الاخرى الخاصة بقانون الاصلاح الزراعي , وجد ابناء العشائر العربية في الجنوب انفسهم قد صودرت منهم اراضيهم الزراعية ومنحت للشروقيين الامر الذي ادى الى تحرر هذه الشريحة من تحكم الشيوخ وبالتالي منحها حرية اتخاذ القرار بالهجرة الى المناطق الاخرى او المدن بعد ان كانوا محصورين في الاراضي الزراعية والاهوار. وهذا ما ادى الى انتشارهم الواسع في جنوب العراق ريفه ومدنه باعتباهم يشكلون اعدادا كبيرة. وبدأت عاداتهم وتقاليدهم ولهجتهم تتغلغل في حياة المجتمع العراقي تدريجيا بعد العهد الجمهوري.
أزمة الشروگيـين
ان الازمة التي يعاني منها الشروگي بعدم اندماجهم الكامل في المجتمع العراقي مردها معاناتهم من الاضطهاد على مر تلك العصور فاصبح لهم تجمعاتهم التي تحولت الى مجتمع خاص ذاب فيه الشروقي من الاصل البلوشي مع الاخر من الاصل اللوري او الفارسي او الهندي , وجمعتهم ثقافة واحدة هي ثقافة المهاجر الشروقي.
الا اننا نجد بعد اجراءات عبد الكريم قاسم بمنحهم الجنسية والاراضي الزراعية والبيوت السكنية والامتيازات الاخرى شجعت بعض هذه المجموعات كشرائحة اجتماعية لها خصوصيتها وثقافتها وعاداتها وتقاليدها , بالاندماج المحدود في المجتمع العراقي , فبسبب نظرة الناس لهم في سكان الجنوب من القبائل العربية (الشيعية) وخصوصا الفرات الوسط , على انهم شريحة هامشية من المهاجرين غير الشرعيين او المتسللين تميزت بفقرها وتخلفها وبعدها عن الحضارة وأنفلاتها على القانون على الرغم من انتمائها المتعصب للمذهب الشيعي. ادت هذه النظرة الى تهميش هذه الشريحة وعدم تقبل اندماجها في المجتمع في الجنوب الا بعد عقود طويلة وبعد الانفجار السكاني للشروقيين بعد منحهم الجنسية والاراضي والدور السكنية فخرجت من الاهوار وتجمعاتها السكانية المعزولة نحو مراكز المدن , وبسبب النمو السكاني الكبير لهذه الشريحة احتلت او اجتاحت المدن الكبرى في العراق بالهجرة من الريف الى بغداد ومراكز المدن .
ومن خلال سياسات ارضاء هذه الشريحة التي مارستها الانظمة المتعاقبة كتحسين الحالة الاجتماعية لهذه الشريحة وتقديم الخدمات التعليمية والطبية وتحسين الخدمات العامة والبنية التحتية لاحيائهم السكنية شجع الكثير من افراد هذه الشريحة بالاندماج في المجتمع من خلال الانخراط بالتنظيمات والاحزاب الحاكمة وتبوء مناصب عليا والاهتمام بالشعر والادب والمصاهرة مع ابناء المناطق العراقية للسكان العرب الاصليين من كلا الطائقتين الشيعية والسنية بعد مرور زمن طويل على هجرة آبائهم وتناسي المجتمع لاصولهم وتعالي الصيحات بوحدة مكونات المجتمع وطوائفه واعراقه , حيث غدا من المعيب اجتماعيا البحث عن اصل وانتماء الشخص في فت.