أوراق الزمن المجهول (6)

شمس الدين العجلاني

لوليتا بين نزار قباني وهيام يونس

شمس الدين العجلاني

[email protected]

الفنانة الكبيرة هيام يونس أحد أهم الأصوات العربية في فترة الستينات والسبعينات وكان لها حضور وتألق في كافة الوطن العربي وغنت القصائد فأبدعت وغنت الغناء العربي البدوي وتألقت.

غابت الفنانة هيام يونس عن الساحة الفنية قرابة خمسة عشر عاماً، ومن ثم عادت من جديد وأقامت عده حفلات في بعض الدول العربية وأعادت تسجيل بعض من أغانيها والآن عادت وابتعدت عن الساحة الفنية. هيام يونس فنانه لبنانية ولدت في بلدة تنورين اللبنانية سنة 1945، نشأت في عائلة فنية تحب الشعر والأدب والفن وهو ما ساهم في نمو موهبتها في مراحل الطفولة، تلقت الدراسة الابتدائية في بيروت، وبدأت الغناء في سن مبكرة حيث غنت عدة قصائد لأم كلثوم، أيضاً اشتركت في التمثيل في عدة أفلام سينمائية، احترفت الغناء في عقد الستينات.

أطلقت عليها الصحافة لقب (الجامعة العربية الغنائية) لغنائها بجميع اللهجات العربية.

أتقنت نظم الشعر، وكان لها العديد من القصائد الجميلة التي أبهرت شعراء عصرها. غنت هيام يونس أكثر من خمسمئة أغنية، وغنت لأمراء الشعر العربي لامرئ القيس، وابن الفارض، وابن زيدون وعنترة..

في عمر الخامسة وقفت نجمة في فيلم "قلبي على ولدي" أمام أشهر عمالقة الشاشة المصرية. وفي السابعة مثلت في الفيلم اللبناني "إلى أين" الذي وضع لبنان على الخارطة السينمائية في العالم، وحاز على جوائز في مهرجان "كان" السينمائي. في عمر التاسعة خاضت المجال التلفزيوني بنجاح، كتابة، تمثيلاً وغناءً.

بدأت هيام يونس مسيرتها الغنائية منذ سن الخامسة والتقت بكبار شخصيات العالم العربي. هي من فناني العصر الذهبي اللبناني، ألقابها كثيرة حصدتها الواحد تلو الآخر على امتداد مراحلها الفنية. بدأتها "بالطفلة المعجزة" و"معجزة القرن العشرين" أغدق عليها الرئيس اللبناني الراحل بشارة الخوري الذي احتضنها مع الرئيس الراحل رياض الصلح، ففي عام 1951 شهد قصر بيت الدين في لبنان ظهور المطربة الطفلة هيام يونس وكانت تبلغ من العمر خمس سنوات وأنشدت يومها مقطوعات زجلية بحضور جمهور كبير يتقدمهم رئيس جمهورية لبنان بشارة الخوري آنذاك ورئيس الوزراء والنواب.. وبعد انتهاء الحفل قام رئيس الجمهورية بتقبيل هذه الطفلة وشملها برعايته فتولت الدولة تعليمها، ولكنها تركت المدرسة النظامية لتدرس ليلاً واحترفت الغناء فكانت أصغر محترفة غناء في العالم.

ثم لُقبت "نجمة الشرق" حين باعت إحدى أغنياتها مليون نسخة. ثم "مطربة القصائد"، " فالمطربة المثقّفة". ومن أجل إحساسها المرهف وصفها الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب "بصاحبة أخطر إحساس". هذه الألقاب كلّها جمعتها المطربة هيام يونس في شخصيتها الفنيّة والإنسانية وجابت بها الوطن العربي من شرقه إلى غربه، منشدة بلهجات مختلف الأقطار، فاعتبرها النقّاد (الجامعة العربية).

مع نزار قباني

للفنانة اللبنانية هيام يونس تجربتها الشعرية الخاصة، ولها علاقات أدبية مع العديد من الشعراء العرب منهم نزار قباني وميخائيل نعيمه وتتحدث عن تجربتها الشعرية في أحد اللقاءات الصحفية فتقول إن الشعر بالنسبة إليها معاناة وبدأت بنظمه منذ سن الخامسة عشرة، وإنها نظمت قصيدة كرد على قصيدة (لوليتا) للشاعر نزار قباني وكان حينها سفيراً في الصين، وتتابع في هذا اللقاء الصحفي طفولتها مع ميخائيل نعيمه حيث كان صديقاً لوالدها.

وقصيده (لوليتا) للشاعر نزار قباني حول صبية عمرها خمسة عشر عاماً والتي جاء فيها فيها:

صار عمري خمس عشرة

صرت أحلى ألف مرة

صار حبي لك أكبر ألف مرة..

ربما من سنتين

لم تكن تهتم في وجهي المدور

كان حسني بين بين..

وفساتيني تغطي الركبتين

كنت آتيك بثوبي المدرسي

وشريطي القرمزي

كان يكفيني بأن تهدي إلي دمية..

قطعة سكر..

بعد هذا كل شيء

لم أعد أقنع في قطعة سكر

ودمى تطرحها بين يدي

وقد اعترضت الفنانة يونس على هذه القصيدة على أنه ليس من الضروري كل صبية في عمر الخامسة عشرة تكون مثل (لوليتا) فالمرأة الشرقية تختلف عن المرأة الغربية، ومازالت المرأة لدينا تتمتع بالخجل والطهارة.

وأيضاً كانت هنالك مراسلات بين الشاعر والفنانة، فقد أرسلت للشاعر حين كان دبلوماسياً في بكين تطلب رأيه في إحدى قصائدها فكتب إليها يقول:

(يبدو لي من قصيدتك صلتك بالأدب ليست مصطنعة.. إن فيها رفات شعور تكاد من فرحتها تطير.. فيها البذرة التي تحمل في غلافها شمساً، وصحواً ودفق غلال.. إنها بدايات طيبة تبشر بربيع قادم وموسم متهدل الثمار، والذي أرجوه أن لا تصرفك الأضواء الخارجية عن هذا الضوء الداخلي الذي ينير جوانب نفسك.

قليلات من فناناتنا يملكن هذه الشعلة المتوهجة.. والفن عند أكثرهن.. قناع من الكحل.. والأحمر.. والغلائل الحريرية المقصبة. ليس وراءه شيء. أكثرهن كورقة نشاف.. كإسفنجة لحم.. جفت الحياة في أوردتها..

البذرة التي تنام في أعماقك تحتاج إلى الاهتمام والرعاية.. فامنحي نفسك حاجتها من الماء. والشمس والعرق.. والدموع.. وسترين كيف يتهدل ليلك عما قريب.. على أبواب بيتك.. وعلى جوانب سريرك).

يتبع