الشيخ أحمد العلوي
الشيخ أحمد العلوي
وأثر أدبه وفكره في الدعوة والإرشاد
جعفر عبد الله الوردي
الشيخ أحمد بن مصطفى العلوي المستغانمي، ذلك الرجل العجيب، الذي أبهر العالم العربي والغربي بإصلاحه وتفتحه وثقافاته، إن أردته فيلسوفا فهو في الفلسفة لا يشق له غبار، وإن أردته عالما دينيا فهو من كبار المشايخ والعلماء بالفقه والأصول والعربية وغيرها من علوم الشريعة الغراء، ألحق بذلك أنه من كبار الأولياء والعارفين وشيخ الطريقة الشاذلية في وقته.
الشيخ العلوي كان كعبة الغرب في وقته، انفتنوا به كثيرا، وأولعوا بأفكاره الإصلاحية، وبآرائه الإيمانية، مما جعل الغربيين ينقادون إلى اتباعه واعتناق الإسلام على يديه.
استخدم الشيخ أحمد العلوي كل ما لديه من علم وحكمة في الدعوة إلى الإسلام، وتحسين صورته في أعين الغربيين، فقد كان فيلسوفا ماهرا، مما سهل له الدخول إلى أفكار الغربيين المفتونين بالفلاسفة ونظرياتهم، وأحرز الشيخ العلوي عليهم النصر بفضل قوة حجته ورسوخ إيمانه الذي يلهمه الكثير من الإبداع.
وبرع الشيخ في ناحية الأدب، فكان إماما في العربية وفنونها، كان شاعرا وروائيا وكاتبا، ويزين هذه المواهب قوة إيمانه وشفافية روحه التي تلهمه الكثير.
استخدم الشيخ العلوي شعره في الدعوة والإرشاد، وفي النصح والدلالة إلى الطرق المستقيمة، فكان له الوقع الكبير والأثر القوي على النفوس والقلوب.
وكذلك كان ينشر المقالات والكتابات الأدبية والفكرية مما جعل لهذا الدور الكبير في التعلق بالشيخ وأفكاره وخصوصا من الغربيين فكانوا ينظرون إليه كما يقرؤون في توراتهم، يقول شوان عيسى نور الدين أحمد: (نستطيع أن نقارن واحد من هؤلاء الأولياء بالصالحين في القرون الوسطى أو بنبي من بني إسرائيل. كيف لنا أن ننسى ذلك الظهور المؤثر الآتي من الماضي, هذا الشيخ المسِّن الرقيق و المتمكِّن كأنه خرج من التوراة أو القرآن؟...كانت تنبعث منه بضعة من رائحة الماضي الطاهرة, زمان سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام ).
تأثر بكتابات الشيخ العلوي جمع من المفكرين والعلماء والفلاسفة الغربيين؛ إذ كان الشيخ يبهرهم بكلامه، ويلفت أنظارهم بنظرياته وافتراضاته، ويسلب عقولهم بأدبه وكتاباته، وأتبع الشيخ ذلك كله بكتابة المسرحيات التي تدعو إلى الإيمان.
وبذلك كله حاز الشيخ العلوي رحمه الله تعالى مكانة كبيرة جدا عند العرب والغرب، وأدى دوره الأدبي إلى إثراء ساحات كبيرة عند الناس فانقادوا إلى ما يقول واتبعوا نصائحه التي سبكها بأبيات من الشعر تارة، وبكلام أدبي تارة أخرى، وبالمسرحيات والمؤلفات.
يقول إيريك يونس جوفروا في مقاله "الإشعاع الروحي للشيخ أحمد العلوي على الغرب": (والحاصل, أن السبب الرئيسي لتأثير الشيخ العلوي على الغرب تمثل في خاصيته العيسوية, كل الغربيين ذوي الثقافة المسيحية الذين اقتربوا الشيخ العلوي أصيبوا بذهول لشبه وجهه بصفة خاصة، وهيئته بصفة عامة بالمسيح عيسى عليه السلام، كما يتصوره عادة العقل الغربي، كما جاء ذلك مثلاً في مذكرات طبيبه الخاص مارسيل كاريه. أمَّا عبد الكريم جوسو فقد كتب أنَّ للشيخ وجه جميل يشبه وجه المسيح الحنون و المتأثر بالآلام)).اهـ.
والشيخ العلوي كان يدرك كل هذا الانبهار به وبأفكاره النيرة، فيقول: (أنا روح مجردة من كل شيء, فالروح تحتاج إلى لسان, إلى أذنين, إلى عينين, إلى يدين. إنني أبحث على جسد . لو أعثر على جماعة تترجم عنِّي بعالم الغرب، لاحتار العالم في عدم وجود أي شيء يفرق الإسلام عن الغرب).
وأنا أعلم أن هذه الكلمات لا تفي أدب الشيخ وفكره، لكنها تلقي نظرة سريعة على ما قدمه من فكر وأثر كبير كان زادا للرقي بالأفكار الإسلامية الصحيحة.