الحلبيون يتكلمون السوريانية

المحامي علاء السيد

[email protected]

كان سكان حلب قبل الفتح الاسلامي ، سوريانيون ، يتكلمون اللغة السوريانية ، التي تعتبر ابنة الارامية ، هذه اللغة التي تكلمها السيد المسيح ، و هي لغة الانجيل ، و التي انتشرت جغرافيا فتكلمها اهل بلاد الشام و بلاد الرافدين و اهل بلاد النيل ( مصر الحالية ) و تكلمها الفرس في فترة من الفترات ، و تعتبر هذه اللغة تؤام اللغة العربية .

و صمدت هذه اللغة امام لغات الغزاة  الفرس و اليونان و الروم لبلاد الشام ، و لكن  بعد الفتح الاسلامي  تضاءل استعمال هذه اللغة و اقتصرت على قرى محدودة كمعلولا و جبعدين ، و على رجال الدين من الطائفة السريانية في الكنائس ، و بقيت بقاياها في الكلام الذي يتناقله الناس في حياتهم اليومية .

و كنت قد عرضت في مقالتي السابقة ( الحلبيون يتكلمون السوريانية ) لنص كامل يتضمن الفاظا يتداولها الحلبيون يوميا دون ان يدروا بأنها سوريانية .

و اورد في مقالتي هذه نصا ثانيا  اغلب كلماته سوريانية ، وفقا للمعجم السورياني ، و هي الكلمات التي وضعت بين قوسين :

·  قام يوسف ليلبس ، (بحبش عالتاسومة و اكلت معو ) الشغلة نص ساعة ، و ما لاقى غير (الاسكربينه ) ، (بعق ) لأموا: صاير منظري (هردبشت )، و (عبيتمقلسوا ) علي رفقاتي ، ما (عبتطسي ) منظري .

·  قالتلو امه :  حاج (تنق )، (التوك ) منك ، مو من رفقاتك ، بدك ( تتبهنك و تتبهور و تجخ ) وانت لسا (تلميذ ) ، بقا لما تصير (زلمه ) اش بتساوي ، ( انجوق ) رفقاتك و حاج ( تكر و تتسهسك ) معون ، (الصوج ) علي عطيتك وج ، استنى شوي ( بلكي ) بنزل بسوم لك ( كلاش ) ، مفكر حالك (حربوق )، خرج تشتري لحالك ، ( أشكرة ) بيضحكوا عليك ،أصلا مبين (طشم ، و تنح ) .

(ردحلا ) وقال : (اتاري ، عبتخاوزي ) بيني و بين اخواتي البنات ، هنن بس ، بتاخدين (تش و بتزوزقين ) ، (مرستقين ) حالكون مع بعض ، بدي اشكيك لابوي .

قالتلو : حاج (تأنكل و تضرب عونطا و تفسفس ) لابوك ،( اصطفل ) ،  بدي اقولو عبتشرب (تتن ) ، و انو القصة (كيت كيت ) .

قام ( تعشبق ) فيا ، و ( غبق ) ، و ( مجق ) ايدا ، و (شلح ) تيابه و ( زتون ، و تكمكر ) ، و قالا : دخيلك و الله ( بسرجلني ) .

و هذا النص مفهوم تماما للحلبيين و سوف اشرح بعض الكلمات التي وردت فيه بالفصحى لنلاحظ الفرق :

التاسومة و الاسكربينة : من انواع الاحذية .

اكلت معو : أي استغرق .

هردبشت : معدوم الاناقة .

عبيتمقلس : يسخر .

عبتطس : ترى .

التوك : الخطأ.

تتبهنك و تتبهور و تجخ : تسرف في الصرف و تتظاهر و تنفق بلا طائل .

انجوق : دع .

عبتخاوز : تنحاز لجهة دون اخرى .

مرستقين : اموره مضبوطة و مستقرة .

مجق : قبل من القبلة . 

اما اسم مدينة حلب فهو اسم سورياني بحت و يعني المدينة البيضاء  ، فكلمة حلب تعني الابيض بالسوريانية .

و ينفرد السوريانيون بتسمية الحليب حليبا بسبب بياضه ، بينما نرى ان بقية البلدان العربية تسميه لبنا .

و بما ان حلب مميزة بالحجارة الكلسية البيضاء ، فقد سميت المدينة البيضاء .

اما كلمة الشهباء فهي كلمة عربية اضافها العرب الى اسم حلب ، و شهباء تعني الابيض بالعربية ، و ذلك بقصد تفسير معنى كلمة حلب السوريانية .

و الرواية المشهورة أن إبراهيم الخليل عليه السلام كان لديه بقرة اسمها الشهباء ، و كان يجلس في قلعة حلب ، و يقوم بحلب البقرة فينادي الناس ( حلب الشهباء ) ، و يتسابقون لشرب حليبها ، و هي رواية مهزوزة ، لا دليل تاريخي لها .

فلا يمكن أن يسمي إبراهيم الخليل بقرته الشهباء ، و هو كما يجمع المؤرخون لم يكن يتكلم العربية ، و إنما الآرامية أو السريانية .

و من الأسماء ذات الاصل السورياني ، و التي تحملها  العائلات الحلبية الحالية :

برمدا :و تعني الابن الشارد او ابن المدى ، و داديخي :و تعني العم ، و قطريب : و تعني ابن زوج المرأة ، و صلاحية : و تعني الصحن الفخار الكبير ، و عويرة : تعني المعبر ، و مارتيني : مار تعني السيد و تيني هو التين أي سيد التين ، و قرداحي : تعني الحداد الذي يتعامل مع الحديد و الاسلحة من سيوف و غيرها ، وكيروز أو قيروز :  تعني الواعظ ،  و نوفل : تعني الهابط ، و شحرور : تعني الأسود ، و جوبي : من يعمل بالآبار و الجباب ، و الشياح : من يعمل بالتذويب ، و توما : من التؤام .

و من الاحياء القديمة في حلب و التي تحمل اسماءا سوريانية :

يقول الحلبيون ( بحسيتا اللي ما نسيتا ) ، و بحسيتا هو اسم حي مشهور لدى الحلبيون ، كانت فيه دور البغاء المرخصة رسميا ، و التي ألغي ترخيصها في خمسينيات القرن الماضي ، و نقلت إلى حي الجورة في دير الزور وقتها  .

و يوجد حالياً  لوحة رخامية  جديدة معلقة في مدخل حي باحسيتا ، تهدف الى شرح مصدر التسمية ، و تقول هذه اللافتة  أن سبب التسمية  يعود الى شخص اسمه (سيتا ) باح بسر ما ، فسمي الحي ( باح سيتا )  .

و هذا خطا فادح ، فحسيتا بالسوريانية تعني المغفرة و الطهارة ، و با تعني بيت ، و يكون معنى الكلمة ( بيت الطهارة و المغفرة ) ، و يبدو أن معبداً أو مكانا مقدسا كان في ذلك الحي، و لذلك سمي بهذا الاسم حينها .

أما حي بانقوسا فهو بالسوريانية بيت الناقوس ، و الناقوس  هو جرس الكنيسة ،  و يبدو أن كنيسة كانت موجودة هناك فسمي الحي بهذا الاسم ، على خلاف بعض التفاسير التي تقول أن الاسم يعني (بان قوسها ). 

و من أسماء الأحياء أيضا الجلوم : التي تعني مكان جز صوف المواشي ، و المعادي : و معناها التزعزع و الارتجاج و يبدو أنها كانت منطقة زلقة ، و النيرب : و معناها المنبسط من الأرض أو الوادي طريق الماء ، و جبرين : تأتي من جبرا و هو الرجل ، و الشقيف : تعني الأرض الحجرية ، و قنسرين: تعني عش النسور ، و ميسلون : تعني مسيل الماء ، و العرقوب : و هو كعب الرجل . 

·    المراجع :

·    نهر الذهب في تاريخ حلب - الغزي

·    بقايا الارامية في لغة اهل صدد المحكية _فاضل مباركة

- لغة حلب السريانية _ جرجس  شلحت .

-  لغة السوريين لغات -   سمير عبده.