نحن والغرب
حسان الصفدي
مقدمة لا بد منها
" الشرق شرق والغرب غرب ولا يلتقيان "
تلك المقولة الضاربة في أعماق النفوس أكثر مما هي ضاربة في عمق التاريخ لشاعر انجلترا Rudyard Kipling :
هل هي حقيقة إنسانية ؟ أم موقف سياسي ؟ أم توصيف لتقسيم جغرافي غير قابل للتواصل ؟ أم افتراق في المفاهيم والقيم وتصورات الحياة ؟
أم هي تعبير عن سجال تاريخي تداخلت فيه عوامل الدين والسياسة والإقتصاد والأطماع الشخصية ؟ أم هي مجرد رأي ذاع صيته وانتشر ؟
وبالمحصلة هل هي ضربة لازب لا فكاك للبشرية من أن تبقى حاملة لها ، ومعها صراع أزلي يصل إلى حد أن يصف شخص في قامة صاموئيل هانتنجتون العامّة في كتابه صراع الحضارات حدود العالم الإسلامي دوما بالدموية ، وأن الإسلام يقف في مقدّمة المواجهة للغرب وحضارته ؟!!
تساؤلات كثيرة ، جديرة بالنظر والإعتبار ، متشعبة ومتنوعة إلى الحد الذي يجعل مجرد طرحها يلقي أضواء كاشفة على مدى تعقد المسألة وإشكاليّتها .
سياحة في الأفكار والمواقف :
إن الإطلاع على الأفكار والمواقف المتبادلة قديما وحديثا للأعلام من كلا الطرفين تلقي الضوء على كثير من الدوافع والأسباب وكذلك الغايات والمرامي التي كانت تقف وراء - بل وتقود - الحراك بين أمّتنا والغرب .
فيطالعنا آرنست رينان Ernest Renin في كلمته التي ألقاها فيCollege de france بتاريخ 23/2/1862 أن
" الإسلام هو النفي التام ( النقيض ) لأوروبا "
بل إن إدوارد سعيد عالم اللسانيات الذي تبوأ أعلى المواقع العلميّة في كبريات الجامعات الغربية لم يشفع له ذلك من التعرض للإهانات بل والتهديد بالضرب لدفاعه عن الإسلام ، وهذا ما اشتكى منه محمد أركون – والذي يطرح الحل العلماني من أوسع أبوابه - ويدرّس في جامعة السوربون حيث لم تنفعه أكاديميته ولا تنويريته وراديكاليّته – وهذا على حدّ تعبيره – في التخفيف من الإضطهاد الذي تعرّض له – وداخل الحرم الأكاديمي – عندما انتقد سلمان رشدي ، حيث يقول { فالمسلم -في نظرهم- أي مسلم ، شخص مرفوض ومرميٌّ في دائرة عقائده الغريبة ودينه الخاص ، و جهاده المقدس ، و قمعه للمرأة ، وجهله بحقوق الإنسان ، وقيم الديمقراطية ، ... ، هذا هو المسلم ولا يمكنه أن يكون إلا هكذا " (1)
وتبلغ المرارة في حلقه أقصاها حين يعلن " يعلم الله أنني أخوض صراعات لا تحصى على جبهة الجامعات الأوروبية ، وكذلك على جبهة الملتقيات والندوات من برلين أو بروكسل او أكسفورد أو السوربون أو أمستردام أو برنستون أو هارفرد ... الخ وكل ذلك من أجل شرح حقائق الإسلام بشكل تاريخي وموضوعي دقيق ، ولكن العملية صعبة جدا ... هذا أقل ما يقال "(2)
بل وينسحب هذا الفكر وتلك المواقف رجوعا في التاريخ لتشكل الدوافع وراء حركات الفتوحات الغريية على لسان كريستوفر كولمبوس والذي بعث برسالة إلى ملك إسبانيا يخبره فيها أن كل غنائم مشروعه التي تأتي من إكتشافه أمريكا سوف تنفق على تحرير القدس من قبضة أتباع محمد " (3)
ثم نتقدم في عالمنا المعاصر لنرى إجماع الإعلام الغربي على تحويل الإسلام إلى كبش فداءأو ضحيّة ، وكما يقول إدوارد سعيد " إن الإسلام هو كبش الفداء لكل ما لا يروق للغربيين من أنماط سياسية وإجتماعية واقتصادية جديدة في العالم ، فبالنسبة لليمين يمثلّ الإسلام الهمجيّة ، و بالنسبة لليسار يمثل الثيوقراطية في العصر الوسيط ، أما بالنسبة للوسط فإنه يمثل نوعا من الغرائبية الممجوجة " (4)
-- ------------------------------------------------------
(1) محمد أركون : ( الإسلام، أوروبا والغرب ) ترجمة هاشم صالح دار الساقي 1995
(2) نفس المصدر ص 45 .
(3) تزفيتان تودورف : فتح أمريكا ص 18 .
(4) إدوارد سعيد : تغطية الإسلام ص 17 .
ومثال ذلك ما أوردته الواشنطن بوست بتاريخ 8/3/1992 { يبدو ان الإسلام مناسب لملء دور الشرير بعد زوال الحرب الباردة ، فهو ضخم ومخيف وضد الغرب ويتغذى على الفقر والسخط ، كما أنه ينتشر في بقاع عديدة من العالم ، لذلك يمكن إظهار خرائط العالم الإسلامي على شاشة التلفزيون باللون الأخضر ، كما كان العالم الشيوعي يظهر باللون الأحمر }
· عقدة التمركز حول الذات :
فمن أين ولماذا سادت هذه الأفكار والمواقف في العالم الغربي؟
في الحقيقة أن الغرب يحمل عقدة التمركز حول الذات في أصوله الفكرية ، وأن أسطورة تفوق الرجل الأبيض تشكل أرومة في الفكر الغربي أصيلة ومتجددة ومتمظهرة في كل ألوان التعامل والتفاعل مع الآخر ، وكما يقول نعوم تشومسكي : { إن من يعرف التاريخ يجازف بتكراره ، فالطريقة التي تؤسس لحكم " العرق السيّد في العالم" خطّها أول الفاتحين الإستعماريين ، ومازالت نموذجا يحتذي به أسياد النظام العالمي الجديد"(5)
كما يصور عبد الحليم هربرت المسلم الغربي موقف الغرب من الحضارات غير الغربية بقوله { إن الغرب قام على أساس منطق نفي وتدمير الحضارات الأخرى }(6) ثمّ يؤكد ذلك مكسيم رودنسون بشكل حاسم حين يقول { إن التمركز على الذات الأوروبية أمر جليّ ، وإذا كان من الحماقة فضحه اليوم بقوة ، والإسترسال في فيض من الإستنكار الأخلاقي ، إلا أنه لابد من تسجيله ومعاينة مفاعيله الضارّة ، ليس فقط المجتمع والحضارة الأوروبيّتان يوصفان نموذجا أو نمطا صالحا كونيّاً ، وليس فقط تفوقهما المطلق في كل الأصعدة مفترض مسبقا، وهو تفوق فعلي في صعيد ما ، محدود ، مثلا في التقنيات ، لكن أيضا العوامل العاملة في هذه الحضارة وهذا المجتمع تُنقلُ وتوضعُ ميكانيكيا دائما وفي كل مكان ، ولئن كان بعضها بالفعل عوامل كلية كونية ، فليس الأمر هكذا لها جميعا ،وهذا النقل الميكانيكي كان ضارا ومشؤوما بوجه عام " (7)
ويلخص روجيه جارودي الموقف بقوله { إن الغرب أعتقد أنه مباح له تحديد مكانة الآخرين والحكم عليهم لصالح تاريخه وغاياته وقيمه } (8)
----------------------------------------------------
(5) نعوم تشومسكي : الغزو المستمر ص 12 .
(6) زكي احمد : الحركة الإسلامية ومعالم المنهج الحضاري .
(7) مكسيم رودنسون : جاذبية الإسلام ص 74 .
(8) روجيه جارودي : الإسلام دين المستقبل ص 175 .
إن هذا الموقف الإستعلائي لم يتوقف يوماً عند حد النظرة الشخصيّة الشوفينية ،لكنه تجلى في فلسفات أرادت تفسير حركة التاريخ والحضارات من خلال هذا المنظور والتي ذهبت إلى حد أن التناقض و الصراع هو أساس التطور والتقدم ، كما في فلسفة الصراع الطبقي عند (ماركس) وفلسفة القوة عند (نيتشه) وفلسفة التناقض عند (هيجل) وفلسفة النشوء والإرتقاء والبقاء للأقوى عند (دارون) بل وحتى الفكر النازي عند ( هتلر) وفلسفة الصهيونية عند(هرتزل وجابوتنسكي)
كما تجلت في ممارسات الغرب مع الآخر وبغطاء فكري حتى من أمثال (جون ستيوارت مل ) والذي وُصِفت مقالته عن الحريّة بأنها أعظم مقالة حول حريّة الإنسان وحريّة الفكر ، إذ كان يصر على عدم إعطاء الهند استقلالها ، حيث كان يقول [ لا يمكن اعتبار مستعمراتنا في ما وراء البحار بلدانا ، إنها بشكل أدق ضياع زراعية أو صناعية تعود إلى مجتمع أكبر، إن مستعمراتنا - في جزر الهند الغربية على سبيل المثال ، لايمكن أن تعد بلدانا ذات رأس مال منتج خاص بها ، إنما بالأحرى المكان الذي تجده إنجلترا مناسبا لتنفذ عليه إنتاج السكر أو القهوة وبضعة سلع مدارية أخرى ] (9)
وإذا انتقلنا إلى الضفة الأخرى من المشهد ، نرى أنه و منذ اللحظة الأولى لولادة هذه الأمّة تعرّفت إلى ربّها بانه الذي " خلق الإنسان من علق "
ولا تصح صلاتها إلا بأن تفتتحها ب "الحمد لله ربّ العالمين " ويختتم كتابها باللجوء إلى الله تعالى " ربّ النّاس * ملك النّاس * إله النّاس "
وتعرّف رسالتها بأنها إكمال لمكارم الأخلاق " إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق "ورحمة للعالمين " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" ولا يكتمل إيمانها إلا بالإيمان بكل الرسل والأديان السماويّة سواءا بسواء مع إيمانها بنبيّها وكتابها " لانفرق بين أحد من رسله".
بل إن القرآن الذي لم يستعمل من ألفاظ اللغة العربية إلا عشرة بالمائة ، أي اقل من مائة وخمسين ألف كلمة مقابل مليون ونصف المليون من كلمات اللغة العربية ، أي أنه لم يستنفد الألفاظ العربية ليتعدّاها إلى ما سواها ، وهو الذي تنزّل "بلسان عربيّ مبين " قد اعتمد مائتي كلمة من سبع لغات غير لغة القرآن ، وهي العبرية والآرامية والفارسية والإغريقية واللاتينية والسريانية والحبشيّة (10)
----------------------------------------------------
(9) مجلة الجديد في عالم الكتب والمكتبات / العدد الأول ص 33.
(10) جمعها الإمام السيوطي في كتابه ( المهذب في ما وقع في القرآن الكريم من المعرّب )
ولقد تجلى هذا الفهم العميق لعالميّة الرسالة ، وإنسانية الدعوة ، وتربية الإنفتاح لدى عامّة أبناء الامّة ، ناهيك عن نخبها ، فها هو ربعيّ بن عامر ، ذاك الرجل الذي لم يحظ في التاريخ بذكر إلا في ذلك الموقف الذي لخص فيه رسالة هذه الامّة أمام قائد الفرس [ جئنا لنخرج النّاس من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد ]
ومضت مظاهر هذا العطاء الإنساني تترى ، في البناء الحضاري الإسلامي أخذا من الثقافات كلها وعطاءً لها ، وانخراطا من مواهب وكفاءات الشعوب الأخرى في عمليّة البناء هذه ، حتى تربع كثير من غير العرب أعلاما على قمم فنون أبدعوا فيها ، ومنارات هدى وعطاء في ألوان من العلوم كانوا من السابقين إليها .
ثم جاء حين من الدهر إنكفأ هذا العطاء الحضاري الإنساني ، بسبب من حالة توجس مبرر من أعداء متربصين ، وحالة خمول وكسل أدت إلى العزوف عن النماء الحضاري إلى اجترار عطاء الآباء والأجداد ، والإنكفاء على الذات ، وهو ما عبّر عنه روجيه جارودي عندما طُلِبَ منه أن يلخص بكلمات كيف أنتقل المسلمون من العظمة إلى الإنحطاط ( وهو عنوان لأحد كتبه ) إذ قال : [ عندما أحس المسلمون أنهم مستغنون عن الآخر ... ! ]
ولعل هذا يدعونا للحديث عن مفهوم الآخر ، وواقع التعامل معه وأهميّته في واقع الحياة البشرية .
الآخر : ضرورة أم مصدر ريبة وتوجس
لقد اتضح من خلال ما سبق أن الآخر كان عند الغربيين موضع ريبة واستصغار ، ومحل استغلال واستنزاف ، وميدان قَولَبَةٍ وتكييف ، ليندرج ضمن المنظومة الغربية كتابع لا يحق له حتى شرف الإلتحاق والإنصهار .
ورغم أن الإسلام قد جاء ليعلي وحدة الإنسان في أصل نشأته ، ومسؤوليته في عمارة هذا الكون ، ومصيره في الرجوع إلى الرب الواحد الأحد ،ومارس المسلمون هذا واقعا معاشا حِقباً ممتدة ، إلا أن النكوص الحضاري قد أصاب المسلمين فانغلقوا على الذات وواجهوا الآخر بروح التوجس والريبة ، وبمقاييس المطابقة أو الرفض
إن البشريّة بحاجة لمنظور معرفي جديد ، يتناول الآخر من حيث هو حقيقة وجودية ، وضرورة معاشيّة ، فهو حقيقة وجودية لأن الله الواحد الأحد قد خلق الخلق كله متعددا ، للدلالة على وحدانيته وحده عزّ وعلا " ومن كل شيء خلقنا زوجين " ، فلا وحدانية إلا لله ، وكل ما سواه وكل من سواه متعدد ، وهو ضرورة معاشية لأن هذا التنوع والتعدد هو الذي يثري الحياة ويغنيها ، فالرؤية الأحادية إلى الأمور رؤية تسطيحية غير قادرة على استكمال زوايا النظر ، وبتعدد وجهات النظر ومنطلقاته وظروفه ومواقفه تنضج الرؤية وتستكمل .
إن الحاجة ماسّة إلى اكتشاف الآخر وفهمه بل وتفهمه ، وليس إلى مقابلته بالأنا ومدى اختلافه عنها ، وبالتالي نقبله إذا تطابق معنا ونرفضه إذا اختلف عنا . وهل يمثل التطابق إلا إضافة عددية لا إثراء حقيقيا لمسيرة الحياة بها ولا زيادة منها في تعميق نضج أو رشاد ؟
كما أن صورة الآخر في معظم الأحوال ليست مستوحاة من واقع هذا الآخر المعيشيّ ، بقدر ما هي صورة صناعيّة تمت دبلجتها في مؤسسات "إنتاج المعرفة" من مدارس ومعاهد ومؤسسات إعلام وبحث ، بل وحكايات شعبية وأمثال .
الإقصاء أو الإلغاء معادلة لا مستقبل لها
فإذا كان وجود الآخر ضرورة ومصلحة ، فهل يمكن لتلك الأفكار والممارسات التي تتوجه إلى محاصرة الآخر وإقصاءه ، أو حتى إلغائه أن تحيا وتستمر ؟
إن هذه الطريقة في التعامل مع حقائق الحياة يصادم فطرة الخلق ويشابه الحرث في البحر ، فحتى عندما كان يمكن للأمم أن تنكفئ على نفسها وتضرب حول نفسها أسوارا من حديد أو حجر فإن الآخر بقي موجودا بل وفاعلا ومؤثرا في الآخر المقابل ،فكيف ونحن في عالم قد انفتحت فيه كل قرية - بعد ثورة الإتصالات- على أبعد ركن قصيٍّ في الأرض ، وأصبحت الأفكار والأموال والرجال تنتقل من أقصى الأرض إلى أقصاهاعابرة كل الحواجز والعقبات.
إننا وبفضل ثورة الإتصالات أصبحنا أمام تحد جديد ، يطرح علينا – وبقوة –التعرف على الآخر لفهمه ، وتعريفه بما لدينا ، ليس من باب الفرض والإلحاق بل من واجب التناصح والتثاقف وتبادل الخبرات والمعارف .
أن موقفا كهذا ، يمكن ان يشكّل أرضية تفهُّمٍ وتفاهم ، بعيدا عن الفرض أوالرفض ، والتهويل او التهوين ، ولعل هذا بعض ما أشارت إليه الآية الكريمة التي استعرضت غاية الوجود الإنساني
[ يا أيّها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ]
- نحو مشترك إنسانيّ :
إن البشريّة في مسيرتها عبر تحديات الحياة أشبه ما تكون بالسفينة التي تحمل على متنها أناسا مختلفي الألوان والأجناس والأعراق والأديان ، وتمخر بهم عباب بحرٍ لجيٍّ تتلاطمها فيه أمواج عاتية ، فإن تعاون راكبوها وتكاتفوا وقام كل منهم بواجبه في حماية السفينة وحفظها نجوا جميعا ووصلوا برّ الأمان ، وبغيرذلك فإن مصيرهم جميعا الهلاك ، من كان منهم على صواب ومن كان على خطأ .
فهل يمكن أن يكون القرن الواحد والعشرون قرن بناء الإنسان ، ليس الإنسان الصرميّ كما تحدث عنه (نيتشه) وليس الإنسان الحيواني كما وصفه (فرويد) وليس الإنسان العبثي كما أرادته الفلسفة الوجودية ( جان بول سارتر ، سيمون دو بوفوار ) وليس موت الإنسان ونهايته كما هو عند (فوكو) بل الإنسان الكريم الإيجابي المنفتح كما أراده القرآن الكريم { ولقد كرّمنا بني آدم } ... الإنسان المؤمن الذي يلتقي مع البشريّة جمعاء على كلمة سواء ... كلمة عدل وإنصاف يدين فيها البشر بالخضوع إلى من لا يجب ولا يحق الخضوع إلا له ... الله ربّ العالمين ، ونفيا لكل إستعلاء أو تكبّر لشخص أو جماعة أو أمّة على أيّ أحد آخر يشاركها العبودية للواحد الديّان
{ قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ... }
فهل تستوعب البشريّة أن مصيرها واحد ، وأن الفتنة عمياء ، وهي لا تصيب الذين ظلموا وحدهم ، بل تعمّ الجميع وأن زهو < تايتانيك > بجمالها وروعتها وقوّتها ، لم يحل بينها وبين الهلاك لمن فيها وبمن فيها عندما عميت أبصار ساكنيها عن جبال الجليد التي أحاطت بها متخفية تحت سطح مياه بدت ساكنةً ووادعة لمن لم يملُك بُعدَ النظر ليبصر ما وراء الأكمّة وما تخفيه المحيطات .
فهل تعي البشريّة ذلك قبل فوات الأوان ، أم أنه لابد من حروب جديدة لا تبقى ولا تذر لا يدري مداها إلا الله ، حروب ربما لا يبقى بعدها للبشر من أدوات صراع غير العصي والحجارة ...
فهل ندرك الحقائق قبل أن لا تكون ساعة مندم ، ولات حين خلاص
هذا نداءٌ من قلب يؤمن بأن ربّ العالمين هو السلام وأنه منه السلام وأعدّ للمؤمنين الصالحين دار السلام ولا يرضى منهم إلا أن يبنوا في دنياهم السلام
والحمد لله ربّ العالمين