كيف تكون سيداً على نفسك

منى كوسا

[email protected]

عليك أن تخرج بسرعة من القوقعة المثالية التي تختبئ فيها و تجرب الحياة و تتجاوز كلا المعتقدات الخرافية .

تحكم في ذاتك فهذا مفتاح الفضيلة و يؤدي بك إلى النجاح الذي هو ثمرة جهود ك المنظمة و لا يرجع إلى الحظ كما يقول البعض .

امتلك الإرادة الحقيقية التي تجعلك تسير ضد اندفاعاتك وشهواتك وتمنحك القوة للتغلب على مشاكل الحياة , و احرص على أن تتعلم في مدرسة الحياة لكي تواجه صعوباتها باستمرار حتى لا تفقد توازنك الداخلي و تعلم على أن تحافظ على هدوءك وسط العاصفة و تحترم من حولك و تكون ليناً في الشدة  و متسامحا وقويا في المحن و بذلك تكون ضمن النماذج الأخلاقية الراقية

إ ن اعترافك بالحق هو ما يجعلك أكثر تسامحاً و استعداداً للتعاون مع الآخرين و فهمهم دون أن يكون من الضروري أن تتفق معهم في آرائهم أو تصبح شريك في أخطائهم, بل انشغل بهم عن طريق احترامك لهويتهم الإنسانية.

ليس عليك تقديم السمك الطازج للغير بل علمهم فن الصيد , و أعمق طريقة لممارسة إحسانك للآخرين هو التزامك مع روحك ضمن كفاح متواصل لتحقيق تقدمك الشخصي و بذلك تكون منارةً للبشر تمنحهم غذاء إنساني روحي لا مثيل له , وتكسبهم مهارة فن الصيد لكل أنواع الفرح و السعادة .

إنك لا تستطيع أن تكشف معنى الوجود إلا عن طريق عقلك فلا تكن مستهلك مطيع للمنتجات المادية المتوفرة أمامك فعندما تستهلك المنتج الذي تراه في الإعلانات فإنك لا تستولي عليه بل إنه خطاب إعلاني فاز بعقلك , و لا تكن مهمش أو مشلول الشخصية تتحول إلى آلة بيولوجية تتصرف بشكل آلي , فأنت تتفاخر بأنك شخص ظريف و كريم و محبوب من قبل الآخرين و لكن لا تنتبه إلى أن ذلك راجع للبرمجة التي برمجت بها عقلك و أن سلوكك ليس من إرادتك و حرية اختيارك بل مجرد تعديل سابق .

تنبه إلى أنك كائن روحاني محبوس في جسم مادي و هذا يذكرنا بمفهوم الروحانية الذي تكلم عنه كل من الإغريق القدماء و المصريون و الصينيون كعلم يسمح للإنسان بتنمية الإنسان بداخله لتصغير الجزء الحيواني أي جعل البشرية أكثر إنسانية , أي التغلب على النفس و امتلاك زمام الوعي و التعهد بالوفاء للروح أي يتطلب منك أن تفهم أن الروح هي هويتك الحقيقية أي ما هو في جوهرك يتجلى في جسدك , وعندما تكون روحك هي تتحكم بك و تقودك فإنك لا يمكن أن ترتكب شراً لأنك تحترم الفضيلة و الخير و لتحقيق هدفك هذا يضطرك لمواجهة العديد من العراقيل و المغريات لان عالمك مادي بحت , عالم ظلامه أكثر من نوره , فأنت تشعر في نفسك بحزن لا مبرر له خلال ساعات الفرح و لا يرضيك كل ما تملكه آلا تسأل نفسك لماذا يحدث معي ذلك ؟

هذا يرجع إلى صوت روحك المكبوتة التي تصرخ من مكمنها , فإذا كنت تناضل من أجل إنقاذها من ظرفها و تسعى لتتويجها كملكة للعالم الصغير و هو الإنسان المادي فبذلك تكون شخص يحترم نفسه أما العكس فهذا من طبع الحيوان الذي يبقى دون حراك أما م صرخة الروح , لذلك يجب أن تكون في حالات من اليقظة التامة متحرراً من التنويم البيئي و لا تنسى أن ما يميز الإنسان عن الحيوان هو أنه يستطيع ضبط أو قهر غرائزه . آلا ترى معي إلى ضرورة الانتماء إلى مدارس أخلاقية هدفها إعداد أفراد أخلاقيين بدلاً من أفراد متعلمين , تعلمهم دروساً في سبر أغوار النفس البشرية إضافة لدروس الرياضيات و الجغرافيا و ....الخ , أي لا تعلمهم كيفية حفظ المعلومات و حشوها بالدماغ بل تكون العملية التربوية لديها هي تعلم عملية الإدراك الذي يتطلبه الفرد الواعي الذي يمتلك حواس طبيعية و بحاجة إلى دروس في الطهارة العقلية و التحكم في الغرائز السلبية و قيادة الشخصية و تطوير طبعها  وإرادتها و التحكم في الذات من الداخل و بذلك تخلق تلك المدارس التي أرى لزاماً الانتساب إليها إنساناً حقيقياً ذو سلوك متحضر ينفي كل إمكانية الهمجية و يكون فاضلاً بدلاً من أن يكون عبداً لشهواته و يمتلك إرادة قوية يتغلب على المغريات المتعددة للحياة اليومية.