لكِ الله يا قدس
جميل السلحوت
[email protected]
جميل ان تُشكل لجنة للإعداد لاحتفالات القدس عاصمة الثقافة العربية في العام
2009 ، وجميل أن يرأس الشاعر الكبير محمود درويش هذه اللجنة ، ومع أن لعملاق
الشعر همومه ونجوميته والتزاماته وأعماله ومشاغله ومشروعه الشعري الطموح الا أن
رئاسته لهذه اللجنة تعطيها أبعاداً كثيرة تصب في مصلحة وخدمة المشروع .
لكن اللافت للانتباه والذي يدور همساً وعلانية في الأوساط الثقافية وحتى
السياسية في القدس وخارجها أن تشكيل اللجنة قد تجاهل بالكامل المثقفين
المقدسيين من كتاب وفنانين تشكيليين وفنانين مسرحيين وفنانين موسيقيين .
واذا قالت العرب منذ الجاهلية الأولى " أن أهل مكة أدرى بشعابها " فإنه من
المستحيل اقامة نشاطات ثقافية في القدس دون مشاركة هؤلاء الفاعلة . فلماذا تم
تجاهلهم ؟
وهل يعلم من أعدوا قوائم الأسماء ورفعوها للسيد الرئيس أن في القدس كتاباً
معروفين على مستوى العالم العربي ، وبعضهم وصل الى العالمية من خلال ترجمة بعض
أعماله الى لغات أجنبية ؟
وهل يعلمون أن في القدس فنانين تشكيليين لهم لوحات ومنحوتات جابت العواصم
العربية وعشرات العواصم الأجنبية، وحظيت بقبول المختصين والمهتمين .
وهل يعلمون أن في القدس فنانين موسيقيين ومسرحيين قدموا أعمالاً في مهرجانات
دولية، وحصدوا الجوائز الأولى فيها ؟؟
وهل يعلمون أن كتاب القدس يتسللون مساء كل خميس الى المسرح الوطني الفلسطيني –
الحكواتي سابقاً – ليقيموا ندوة ثقافية منذ العام 1991 وحتى الآن ؟
وأن هدفهم فقط هو الابقاء على شيء من ثقافة " العربان " في مدينة غدت بعض
شوارعها تحمل اسماءاً بالعبرية الفصحى ؟؟
فإن كان معدو قوائم الاسماء يعلمون ذلك فمن حقنا أن نسألهم لماذا لم تشركوا
ايّاً من هؤلاء في اللجنة ؟؟
وان كانوا لا يعلمون فإننا نستذكر قول الشاعر اليمني الراحل عبد الله البردوني
:
ان كنت تدري فتلك مصيبة***** وان كنت لا تدري فالمصيبة أعظم
وأنا أتساءل بهذا الخصوص : هل حقاً نحن في زمن المصيبة أم المصيبة الأعظم؟ وبما
أن القدس تستحق الكثير الكثير ، فهي الأعظم دائماً وهي الباقية دائماً ، وهي
التي تتكسر على اسوارها حراب الغزاة والطامعين والمحتلين دائماً ، وهي التي لا
يعمر فيها ظالم أبداً .. فإننا نُدرك أن فعاليات القدس كونها " عاصمة الثقافة
العربية في العام 2009 " تستوجب نشاطات ثقافية واعلامية وسياسية تتعدى حدود
القدس الى كافة محافظات الوطن الذبيح الى طول الوطن العربي وعرضه من المحيط
الذي كان هادراً الى الخليج الذي كان ثائراً . بل ويجب ان تتعداها الى بلدان
العالم الاسلامي والدول الصديقة الاخرى ،إلا ان ذلك لايكفي بدون ان تكون نشاطات
ثقافية ملموسة في القدس ذاتها.
ومع أمنياتنا للجنة الاعداد بالنجاح الكامل ، وتأكيدنا على عدم الاعتراض على اي
شخص ممن وردت اسماؤهم في اللجنة ، الا اننا نستذكر ان اكثر من لجنة قد تم
تشكيلها لرعاية القدس ووضع فيها مئات الاشخاص الاعتباريين او من يظنون انهم
اعتباريون ، او من اراد لهم غيرهم ان يكونوا اعتباريين ، ومع ذلك فإن هذه
اللجان كانت عبئاً على القدس فوق أعباء التهويد الواقعه عليها ، لسبب بسيط هو
عدم كفاءة غالبية من كانوا في هذه اللجان ومن كان منهم كفؤاً فإنه لم يكن على
استعداد للعمل من اجل القدس . وبعد رحيل امير القدس وفارسها فيصل الحسيني فإن
الجميع يُشاهد تسارع الضياع في القدس وعدم وجود بديل له .
ان مثقفي القدس من كتاب وفنانيين تشكيليين ومسرحيين وموسيقيين يعملون ما
يستطيعون للحفاظ على الثقافة العربية في المدينة دون ايعاذٍ من احد ، ودون
تشكيل لجان ، ودون اي مردود مادي مدركين ان ما ينفع الارض يمكث فيها وأما الزبد
فيذهب جفاءا .