رسائل الإصلاح 36

رسائل الإصلاح

(36)

خواطر تربوية للمرأة المسلمة

د. موسى الإبراهيم

[email protected]

أولاً: مفارقات تربوية بين الرجال والنساء

1- النساء شقائق الرجال: قال تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى).

الإسلام رسالة الله عز وجل إلى خلقه، وهو دين الرجل والمرأة جميعاً، وكل من الرجال والنساء يكمل بعضهم بعضاً في القيام بواجب الخلافة الذي جعله الله مسؤولية آدم وذريته من بعده. ولن يستطيع أحد الجنسين منفرداً أن يعمر الحياة ولا أن يقيم فيها موازين الحق والقسط بين الناس، وتلك قضية بدهية من بدهيات التصور الإسلامي لدور الإنسان في هذه الحياة.

ومن هنا كانت الشرائع الإسلامية في عمومها موجهة للرجال والنساء بآن واحد، وخاصة فيما يتعلق بالشعائر التعبدية والآداب والأخلاق، فأساس ذلك كله مطلوب من الرجل كما هو مطلوب من المرأة على حد سواء، ولن يضيع الله عمل عامل منك من ذكر أو أنثى.

2- وليس الذكر كالأنثى: مع العلم بالمقدمة السابقة والتسليم بها لا بد من التأكيد على أن هناك أدوار مميزة لكل من الجنسين بحسب ما جعل الله فيهما من المواهب والطاقات والاستعدادات المختلفة (وليس الذكر كالأنثى)، وعليهما جميعاً مراعاة تلك الفروق والتعالم معها بفهم ورضى واطمئنان نفس، كيما تصلح الحياة ويتم العمران البشري والحضاري لهذه الأمة العظيمة، ويوم يتطلع كل من الجنسين لما خص الله به الآخر ويزاحمه عليه فسيحدث الخلل وستهمل سنة الله في خلقه (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله).

ومن هنا كان لا بد للمشرفين على العمل التربوي الإسلامي – رجالاً ونساء – لا بد لهم من مراعاة هذه المقدمات من أجل التركيز عليها في المناهج التربوية التفصيلية ليأخذ كل من الجنسين دوره في إصلاح المجتمع وبنائه المحكم القائم على مبادئ الإسلام وتوجيهاته الربانية.

ومن أجل ذلك فإنني ألفت النظر في هذه الخاطرة المتأملة إلى مجمل الأولويات التي يجب أن تراعى في المنهاج التربوي النسائي مما يخص المرأة المسلمة، مؤملاً من الأخوات الداعيات الفاضلات أن يراعين ذلك بمزيد من العناية لعل الله أن يبارك في الجهود الخيرة التي تبذل في ميدان العمل النسائي فتثمر فتيات صالحات وأمهات واعيات يساهمن جميعاً في إصلاح المجتمع الإسلامي وفق منهج الله عز وجل ومنهج رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولن يضيع الله أجر العاملين المخلصين.

ثانياً: أولويات في المنهج التربوي للمرأة المسلمة

1- فقه المرأة المسلمة: ينبغي العناية بالأحكام الشرعية الخاصة بالمرأة المسلمة من خلال ما يلي:

أ‌- الرجوع إلى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة الواردة بشأن المرأة، وانتقاء أهمها وما يتعلق بالحياة العملية منها وتفهم للنساء بالأسلوب الميسر والبسيط.

وأهم مرجع شامل لهذا النوع من الفقه كتاب "حسن الأسوة فيما ثبت من الله ورسوله في النسوة" للشيخ محمد صديق حسن خان – تحقيق الشيخ شعيب الأرنؤوط.

ب‌- الأحكام الفقهية الخاصة بالنساء: وينبغي أن تستخرج من كتب الفقه، ويعتنى بتفهيمها للنساء بأسلوب ميسر.

ومن المراجع التي تساعد على ذلك كتاب "فقه المرأة المسلمة" للشيخ إبراهيم محمد الجمل

2- بناء شخصية المرأة المسلمة: وذلك من خلال التركيز على الأسس العملية التالية:

- المرأة المسلمة مع ربها ... دراسة تربوية من القرآن الكريم والسنة النبوية وسير الصالحين

- المرأة المسلمة مع نفسها ربها ... دراسة تربوية من القرآن الكريم والسنة النبوية وسير الصالحين

- المرأة المسلمة مع زوجها ربها ... دراسة تربوية من القرآن الكريم والسنة النبوية وسير الصالحين

- المرأة المسلمة مع أولادها ربها ... دراسة تربوية من القرآن الكريم والسنة النبوية وسير الصالحين

- المرأة المسلمة مع أقاربها وجيرانها ربها ... دراسة تربوية من القرآن الكريم والسنة النبوية وسير الصالحين

- المرأة المسلمة مع المجتمع من حولها ربها ... دراسة تربوية من القرآن الكريم والسنة النبوية وسير الصالحين

- ومن أهم المراجع لتأسيس هذه المعاني كتاب "شخصية المرأة المسلمة كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة" للدكتور محمد علي الهاشمي.

3- ثقافة المرأة المسلمة: ينبغي العناية بتثقيف المرأة المسلمة الثقافة العامة التي تجمع بين فهم الإسلام من مصادره الأصلية، وبين فهم الواقع المعاصر وموقعه من الإسلام بحيث تكون قادرة على فهم حكم الإسلام في أي قضية فكرية أو حياتية أو عملية تعرض لا، ما أمكن ذلك.

كما ينبغي أن تعلم المرأة المسلمة الواعية الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام من مستشرقين وغيرهم حول المرأة المسلمة وتعلم كيفية الرد الصحيح والمقنع على تلك الشبهات، لئلا تكون فريسة للمنحرفين والمضللين من دعاة العلمانية والحداثة.

ولا بد من التأكيد على مراعاة المستوى الثقافي للمرأة المسلمة بحيث تعطى بمقدار استيعابها ووعيها مع ملاحظة الحد الأدنى الذي ينبغي أن لا تجهله المرأة المسلمة بشكل عام.

ثالثاً: الحياة العملية والسلوكية للمرأة المسلمة

الإسلام حالة وليس فكرة ومقالة، وهذا ما ينبغي أن يكون هدفاً تربوياً وميزاناً تقاس به كافة مناشط الحياة للرجال وللنساء جميعاً، فالتربية الناجحة هي التي تثمر عملاً وتغير واقعاً، وتصحح انحرافاً، وتنضج ثماراً طيبة يانعة يحس بها جميع الناس، ويراها الرائي أمام ناظريه، ومهما حاول أن يتجاهلها المتجاهلون فإنهم يعجزون، وهل يخفى القمر؟

وكن فتى إذا أتوا بعده     يقولون مر وهذا الأثر

وهذه قضية يجب أن تكون واسطة العقد في أي دعوة، وفي أي منهج تربوي، ولا بد من إعطائها حقها ومداها، خاصة في الميدان النسائي الذي نحن بصدد الحديث عنه، لأن دور المرأة

التربوي إن صلح فيصلح به الجزء الأكبر من المجتمع، كيف لا وهي حاضنة الأجيال ومربية المستقبل، ومن حجرها يتخرج القادة والأبطال والفاتحون والمربون، فهل تفطن الأخوات الداعيات لهذا المعنى ويكن فيه القدوة الصالحة؟

أسأل الله أن يوفقنا جميعاً للعمل المخلص البناء ويبعدنا عن الجدل والرياء، إنه تعالى قريب مجيب.

رابعاً: مراجع ثقافية للمرأة المسلمة