حملة (خليك ايجابي) 6-8
حملة (خليك ايجابي)
جمال سعد حسن ماضي
6
يقول الشاعر:
وإذا كانت النفوس كبارًا تعبت فى مرادها الأجساد
فمن علت همته فى العلم أو فى العبادة أو فى المعاملات أو فى العلاقات ، فإنه يحتاج إلى معاناة ، فهو أبدًا فى تعب لا ينتهى ، هذا التعب هو لذة عالى الهمة ، ومتعة صاحب الهمة العالية ، وراحة الإيجابيين فى الحياة ، حيث تبدأ من الاستيقاظ مبكرًا ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ اللهم بارك لأمتى فى بكورها ] صحيح الجامع ، والإيجابى هو من يحذر فى سائر يومه من الغرور الذى يلازم بعض الناجحين ، فالإيجابى همته تفوق الزهو ، وتعلو على العُجب ، والإيجابى هو مَنْ يشجع ويحفز ، ويغرس الحماسة الدافعة فى نفسه والآخرين ، والإيجابى هو مَنْ يبنى نفسه فى كل لحظة على الهمة العالية ، وقد يتصنع الهمة حتى يتقنها ، فالهمة العالية تتسرب إلى الآخرين دون تخطيط من صاحبها .
فى صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ] وفى رواية : [ وأصدقها حارث وهمام ] ، فالإيجابى يهم بالطاعة ، وله همة عالية فى كل شيء ، ثم يحرث تلك الهمة العالية بالعمل الصالح ، الذى يرفعه إلى معالى الأمور ، حيث لا يرضى بالدون أبدًا ، فكن هّمامًا وحارثًا بصدق تكن إيجابيًا حقًا .
يقول الإمام البنا عن صفات صاحب الهمة العالية : ( فهو دائم التفكير ، عظيم الاهتمام ، إذا دُعى أجاب ، وإذا نودى لبى ، لا يبتعد عن الميدان العملى ، يجد راحته وأنسه ومتعته فى العمل ) .
ثم يقول الإمام : ( نريد لذلك :
قلوب : جديدة ، خفاقة ، غيورة ملتهبة
أرواحًا : قوية ، متطلعة
نفوسًا : فتية ، سخية ، حية ) .
فهل تحب أن تكون مثل النموذج ، إنه قد تحقق على يد هذا الجيل الذى تربى على يد سيد المربين رسول الله صلى الله عليه وسلم : حينما سأل ربيعة بن كعب الأسلمى قائلاً له : سل فقال أسألك مرافقتك فى الجنة ، يقول ربيعة : قال أو غير ذلك ؟ قلت : هو ذاك ، قال : [ أعنى على نفسك بكثرة السجود ] رواه أحمد .
يقول ابن القيم :
يا سلعة الرحمن لست رخيصة
بل أنت غالية على الكسلان
يا سلعة الرحمن ليس ينالها
فى الألف إلا واحد لا اثنان
يا سلعة الرحمن أين المشترى
فلقد عرضت بأيسر الأثمان
يا سلعة الرحمن هل من خاطب
فالمهر قبل الموت ذو إمكان
المرحلة الثالثة : مع الناس والحياة
1ـ الاتصال بالإيجابيين :
ـ فى حياتنا نرى بأعيننا قصص الإيجابيين وهم ينطلقون فى حياتهم يصنعون النجاح تلو النجاح ، هؤلاء رؤيتهم تحفيز ، ومشاركتهم إقدام ، فمعنى الانخراط معهم أنك مستقر دائمًا فى القمة ، إن رحلة البحث عنهم تعنى أنك إيجابى ، فأنت بينهم فى أحسن عافية ، وفى أعلى الرتب ، وفى ألمع ذكاء ، وفى أقوى إرادة ، وفى أتم نعمة ، وفى أكمل سلوك .
ـ معهم لا تسمع إلا عن الشخصيات الإيجابية ، وتفوقهم فى الحياة ، وسيرتهم الدافعة ، ومواقفهم الغالية ، يقول عمر بن دينار : ما رأيت أحدًا قط مثل طاووس ، لما ولى عمر بن العزيز الخلافة كتب إليه طاووس : ( إن أردت أن يكون عملك خيرًا كله فاستعمل أهل الخير ) ، فقال عمر : ( كفى بها موعظة ) ، وطاووس هو القائل فى درسه لابنه : ( يا بنى صاحب العقلاء تُنسب إليهم ، وإن لم تكن منهم ، ولا تصاحب الجُهال فتُنسب إليهم ) .
ـ والإيجابيون يطهرون القلوب من السلبية ، ويشجعون من يصاحبهم على الإيجابية ، وتأمل ماذا يقول السلبيون حينما رددوا ما بأنفسهم فى قوله تعالى : { لِمَ تعظون قومًا الله مهلكم أو معذبهم عذابًا شديدً } الأعراف : 164، فسجل القرآن قول الإيجابيين عليهم فى قوله تعالى : { معذرة إلى ربكم ولعلكم يتقون } الأعراف : 164 .
ـ والإيجابيون قوة جماعية تأخذ بيد من ينخرط معهم ، من أى فعل سلبى ، ولتتأمل هذا الحديث النبوى : [ مثل القائم على حدود الله ، والواقع فيها ، كمثل قوم استهموا على سفينة ، بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها ، وكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم ، فقالوا : لو أنا خرقنا فى نصيبنا خرقًا ولم نؤذ مَنْ فوقنا ! فإن تركوهم وما أراد هلكوا ، وهلكوا جميعًا ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ، ونجوا جميعًا ] رواه البخارى ، أرأيت كيف أن صحبة الإيجابيين نجاة لهم ولغيرهم من السلبيين !! .
ـ فهل هناك من شروط تؤهلك للإنضمام إلى الإيجابيين ؟ ... نعم هناك أربعة شروط :
الأول : طرد الكسل والعجز ، وخير تعامل معه هو الاستعاذة بالله تعالى ، من الكسل وأخواته من العجز والبخل والهم والحزن ، كما كان دعاء النبى صلى الله عليه وسلم : [ اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وغلبة الدين وقهر الرجال ] رواه البخارى .
الثانى : المبادرة بالطاعات ، والتحرك الفعال ، والجرأة على فعل الخير ، والإقدام فى التواصل مع الإيجابيين ، وهذا هو الوجه العملى بعد الاستعاذة بالله تعالى من المظاهر السلبية .
الثالث : عدم التردد أو الاهتزار ، حيث لا مكان لهما فى مجتمع الإيجابيين ، ولتحقيق ذلك يشترط الثقة القوية بالنفس لأنها عنوان الإيجابية .
الرابع : مواجهة كل مظاهر السليبة ، سواء كانت فى انتشار الباطل ، أو تفشى الظلم ، وهذا لا يتحقق إلا بروح المغامرة والاقتحام وحب المواجهة لنسف كل العقبات السلبية التى تحول بين الإنسان والانخراط مع الإيجابيين ، وكان من دعاء النبى صلى الله عليه وسلم : [ اللهم إنى أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء ] رواه الترمذى فى صحيحه .
ـ فأن تحققت هذه الشروط ، فليطمئن الإيجابى أنه أصبح فى صفوت الإيجابيين ، وليحذر وقتها أن يكون من المعوقين ، وفى ذلك أى لحظة ، يقول تعالى : { قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلمّ إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا ] الأحزاب : 18 .
وهذه هى الإيجابية المغشوشة ، التى تلفظها صفوف الإيجابيين ، فتراه مقصرًا فى المشاركة الجماعية بأختلاف الأعذار ، وتأمل هذا التحذير الربانى فى قوله تعالى :{ وقالوا لا تنفروا فى الحر} التوبة : 81 ، وفى قوله تعالى : { وقالوا بيوتنا عورة } الأحزاب : 13 ، والحقيقة تفضحهم فى قوله تعالى : { إن يريدون إلا فرار } الأحزاب : 13 ، وما يدفعه لذلك إلا مصلحته الشخصية ، أو منفعته الخاصة ، أو سلبيته القاتلة ، التى يحاول جاهدًا أن يغطيها ولكن الغطاء يكشفه ويكشف سوءته ، فيطرد من محيط الرحمة ، ويلفظ من مجتمع الإيجابية .
*********************
7
2ـ التخطيط للحياة
قيل : ( " التخطيط للحياة والحياة تخطيط " وجهان لعملة واحدة ) ، واجلس مع أحد الناجحين فى الحياة ، تجده دون أن يتكلم فهو مخطط جيد لحياته ، بغض النظر عن مدة الخطة أسبوعية أو شهرية أو سنوية ، وبغض النظر عن طبيعة عمله أو أسلوبه أو طريقته ، فالملاحظ أنه يستثمر وقته وطاقاته وموارده ... وهذا هو التخطيط للحياة , أو يمكننا أن نقول : إن حياة الإيجابيين كلها تخطيط .
الأقدار تمضى ، وعجلة الزمان لا تتوقف ، والكون لا ينتظر أحدًا ، فهل هذه السنن التى لا تتبدل ولا تتغير تدعونا إلى التخطيط , أو على العكس , فقد يقال : لماذا نخطط والأقدار نافذة ؟! .
نعم الأقدار نافذة ، والحياة تختار لنا ، ولكن حتى نحقق هدفنا ، ونُحوّل أحلامنا إلى واقع ، يجب أن يكون اختيارنا موفق , واختياراتنا سليمة ، والمعنى المقصود بكلمة ( سليمة ) أى على تخطيط مسبق .
وفى الحقيقة نحن - كآباء ومربين ومسئولين عما استرعانا عنه الله - نخطط لحياتنا : لأولادنا ولأسرنا ولأعمالنا وطلابنا ومشروعاتنا , بأذهان متفتحة ، وعاطفة جياشة ، وبجهود مبذولة ، هذا النظام الذى يغطى لنا متطلبات الحياة ، هو التخطيط للحياة ، وكذلك لا يوجد شيء يتعذر به أحدُنا ، أو يجعله مبررًا لعدم التخطيط لحياته ، ولكننا كما درجنا نريد التخطيط المؤثر فى حياتنا ، الذى يجعلك إيجابيًا فى الحياة والواقع .
وتأمل على كافة مسارات الحياة ، أى هدف بدون تخطيط ، فهو صناعة للفشل ، وكما قيل : ( الفشل فى التخطيط هو تخطيط للفشل ) ، وهذا ماكان يدعو إليه النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه فى قوله : [ اعقلها وتوكل ] ، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يقدم لهم الأسوة فى نفسه ، يرونها ويشعرون بها وتغرس فى حياتهم ، خاصة فى غزواته ومعاركه أو مواجهته للظروف الصعبة عامة ، سواء على مستوى أسرته أو المجتمع أو الدولة .
ومن ثم فالإيجابيون يفهمون مراد الله تعالى ، حين يخاطبهم بالرحلة والسعى والكشف عن أفضال الله فى كونه , الذى سخره لأهل الإيجابية ، يقول تعالى : { الله الذى سخر لكم البحر لتجرى الفلك بأمره ، ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ، وسخر لكم ما فى السموات وما فى الأرض جميعًا منه ، إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون } الجاثية : 12 ـ 13 ، ومعنى ذلك كما قيل : ( حياتك بين يديك ) فإدارتها ، وتسييرها ، وتوجيهها ، والتحكم فيها ، بيدك وحدك ، فبيدك أن تكون متفاءلاً طموحًا ، بسؤال نفسك : كيف علاقتك بالحياة ؟ فمن اللحظة جدد يومك وأسلوب حياتك إلى الأفضل ، تجد الإجابة واضحة وحاضرة ، عن السؤال الدائم المنطلق من داخلنا :
ماذا نريد من الحياة ؟.
وهذه خطوات عملية من أجل لتخطيط لحياة هانئة سعيدة :
هى خلاصة ما يقدمه الخبراء فى هذا المجال :
1ـ الفحص :
اكتشف الواقع ، قيّم الاحتياجات ، اجرد ما بين يديك ، خذ خطوة إلى الوراء ، لتكون نظراتك أشمل , كالمحقق الباحث عن الحقيقة ، والفاحص لكل الملابسات .
2ـ اللائحة :
ضع لائحة للمتطلبات ولائحة للاحتياجات ، وقبل أن تسأل نفسك هذه الأسئلة ، فما كان متطلبًا ضعه فى لائحته ، وما كان احتياجًا ضعه فى لائحته :
1ـ لماذا أريد هذا الشيء ؟
2ـ هل أحتاج إليه ؟
3ـ كيف يكون الأمر الأفضل إذا حصلت عليه ؟
5ـ ما الأشياء المهمة بالنسبة لى ؟
6ـ هل تتطابق هذه الأشياء مع مبادئ الإسلام ؟
3ـ الماليات :
حتى لا تزداد رهقًا فى الحياة ، خطط جيدًا للماليات ، وإلا خرجت من الحياة وعليك ملئ الأرض أقساطًا !! .
ولذلك أجب بصدق وواقعية على هذه الأسئلة :
( أ ) أهداف قصيرة المدى ( 1ـ2 سنة ) :
1ـ ما الذى ترغب بالقيام به غدًا ؟
2ـ ما الذى ترغب بإدخاره للعام القادم ؟
3ـ ما الذى تفعله لتسديد الدينْ الصغير ؟
4ـ ما الذى وفرته لقضاء العطلة الصيفية ؟
(ب) أهداف متوسطة المدى ( من 2ـ 5 سنوات ) :
1ـ ما الذى وفرته لشراء سيارة جديدة ؟
2ـ ما الذى ادخرته لتجديد الأثاث ؟
3ـ ما الذى تفعله لتسديد الديون المتوسطة ؟
(جـ) أهداف طويلة المدى ( أكثر من 5 سنوات ) :
1ـ ما الذى ادخرته لتعليم الأبناء جامعيًا ؟
2ـ ما الذى وفرته لشراء بيت جديد ؟
3ـ ما الذى تفعله لتزويج الأبناء ؟
وواضح من هذه الأسئلة ، أن أهدافك لابد أن تكون واضحة ومحدودة ويمكن تحقيقها ومناسبة لإمكاناتك ، وكذلك يمكن تنفيذها فى المدة المناسبة لها ، وللغرض الذى ادخرت المال من أجله .
4ـ ابدأ العمل :
كل ما سبق من خطوات يمكن أن يكون هباءً منثورًا تذروه الرياح ، إن لم تبدأ بالعمل ، فهذه الأهداف هى جزء أصيل من العمل ، اكتبها ، واجعلها أمام بصرك دائمًا ، ورددها بصوت عال ، وشاور من تثق به فيها ، وبذلك تتحول إلى حقيقة فى حياتك حتى تحققها ، وبإذن الله ستحققها ، وتكن من الإيجابيين ، الذين ينجحون دومًا فى مشروع الحياة .
والضمان الوحيد لنجاح هذه الخطوات ، خاصة فى مواجهة الحياة ،هى التمسك بأمر الله تعالى يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم : { فاستمك بالذى أوحى إليك إنك على صراط مستقيم } الزخرف : 43 ، وهذا التمسك بأمر الله يعنى لك :
1ـ أن تذكر الله دائمًا وأبدًا وعلى كل الأحوال .
2ـ أن تستشعر عظمة الله فى قلبك وروحك .
3ـ أن تمتلك قلبًا طاهرًا نقيًا رقيقًا لينًا .
4ـ أن تبتسم للحياة فالضحك حياة جديدة .
5ـ أن لا تيأسى وواجه الحقيقة مهما كانت الظروف .
فالآن أنت إيجابى فانطلق ......
يقول تعالى : { أفمن يمشى مكبًا على وجهه أهدى أمن يمشى سويًا على صراط مستقيم } الملك : 22 .
****************************
حملة ( خليك ايجابي )
الايجابية المؤثرة
الايجابية مع الناس والحياة
1ـ الاتصال بالإيجابيين
ـ فى حياتنا نرى بأعيننا قصص الإيجابيين وهم ينطلقون فى حياتهم يصنعون النجاح تلو النجاح ، هؤلاء رؤيتهم تحفيز ، ومشاركتهم إقدام ، فمعنى الانخراط معهم أنك مستقر دائمًا فى القمة ، إن رحلة البحث عنهم تعنى أنك إيجابى ، فأنت بينهم فى أحسن عافية ، وفى أعلى الرتب ، وفى ألمع ذكاء ، وفى أقوى إرادة ، وفى أتم نعمة ، وفى أكمل سلوك .
ـ معهم لا تسمع إلا عن الشخصيات الإيجابية ، وتفوقهم فى الحياة ، وسيرتهم الدافعة ، ومواقفهم الغالية ، يقول عمر بن دينار : ما رأيت أحدًا قط مثل طاووس ، لما ولى عمر بن العزيز الخلافة كتب إليه طاووس : ( إن أردت أن يكون عملك خيرًا كله فاستعمل أهل الخير ) ، فقال عمر : ( كفى بها موعظة ) ، وطاووس هو القائل فى درسه لابنه : ( يا بنى صاحب العقلاء تُنسب إليهم ، وإن لم تكن منهم ، ولا تصاحب الجُهال فتُنسب إليهم ) .
ـ والإيجابيون يطهرون القلوب من السلبية ، ويشجعون من يصاحبهم على الإيجابية ، وتأمل ماذا يقول السلبيون حينما رددوا ما بأنفسهم فى قوله تعالى : { لِمَ تعظون قومًا الله مهلكم أو معذبهم عذابًا شديدً } الأعراف : 164، فسجل القرآن قول الإيجابيين عليهم فى قوله تعالى : { معذرة إلى ربكم ولعلكم يتقون } الأعراف : 164 .
ـ والإيجابيون قوة جماعية تأخذ بيد من ينخرط معهم ، من أى فعل سلبى ، ولتتأمل هذا الحديث النبوى : [ مثل القائم على حدود الله ، والواقع فيها ، كمثل قوم استهموا على سفينة ، بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها ، وكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم ، فقالوا : لو أنا خرقنا فى نصيبنا خرقًا ولم نؤذ مَنْ فوقنا ! فإن تركوهم وما أراد هلكوا ، وهلكوا جميعًا ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ، ونجوا جميعًا ] رواه البخارى ، أرأيت كيف أن صحبة الإيجابيين نجاة لهم ولغيرهم من السلبيين !! .
ـ فهل هناك من شروط تؤهلك للإنضمام إلى الإيجابيين ؟ ... نعم هناك أربعة شروط :
الأول : طرد الكسل والعجز ، وخير تعامل معه هو الاستعاذة بالله تعالى ، من الكسل وأخواته من العجز والبخل والهم والحزن ، كما كان دعاء النبى صلى الله عليه وسلم : [ اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وغلبة الدين وقهر الرجال ] رواه البخارى .
الثانى : المبادرة بالطاعات ، والتحرك الفعال ، والجرأة على فعل الخير ، والإقدام فى التواصل مع الإيجابيين ، وهذا هو الوجه العملى بعد الاستعاذة بالله تعالى من المظاهر السلبية .
الثالث : عدم التردد أو الاهتزار ، حيث لا مكان لهما فى مجتمع الإيجابيين ، ولتحقيق ذلك يشترط الثقة القوية بالنفس لأنها عنوان الإيجابية .
الرابع : مواجهة كل مظاهر السليبة ، سواء كانت فى انتشار الباطل ، أو تفشى الظلم ، وهذا لا يتحقق إلا بروح المغامرة والاقتحام وحب المواجهة لنسف كل العقبات السلبية التى تحول بين الإنسان والانخراط مع الإيجابيين ، وكان من دعاء النبى صلى الله عليه وسلم : [ اللهم إنى أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء ] رواه الترمذى فى صحيحه .
ـ فأن تحققت هذه الشروط ، فليطمئن الإيجابى أنه أصبح فى صفوت الإيجابيين ، وليحذر وقتها أن يكون من المعوقين ، وفى ذلك أى لحظة ، يقول تعالى : { قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلمّ إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا ] الأحزاب : 18 .
وهذه هى الإيجابية المغشوشة ، التى تلفظها صفوف الإيجابيين ، فتراه مقصرًا فى المشاركة الجماعية بأختلاف الأعذار ، وتأمل هذا التحذير الربانى فى قوله تعالى :{ وقالوا لا تنفروا فى الحر} التوبة : 81 ، وفى قوله تعالى : { وقالوا بيوتنا عورة } الأحزاب : 13 ، والحقيقة تفضحهم فى قوله تعالى : { إن يريدون إلا فرار } الأحزاب : 13 ، وما يدفعه لذلك إلا مصلحته الشخصية ، أو منفعته الخاصة ، أو سلبيته القاتلة ، التى يحاول جاهدًا أن يغطيها ولكن الغطاء يكشفه ويكشف سوءته ، فيطرد من محيط الرحمة ، ويلفظ من مجتمع الإيجابية .
2ـ التخطيط للحياة
قيل : ( " التخطيط للحياة والحياة تخطيط " وجهان لعملة واحدة ) ، واجلس مع أحد الناجحين فى الحياة ، تجده دون أن يتكلم فهو مخطط جيد لحياته ، بغض النظر عن مدة الخطة أسبوعية أو شهرية أو سنوية ، وبغض النظر عن طبيعة عمله أو أسلوبه أو طريقته ، فالملاحظ أنه يستثمر وقته وطاقاته وموارده ... وهذا هو التخطيط للحياة , أو يمكننا أن نقول : إن حياة الإيجابيين كلها تخطيط .
الأقدار تمضى ، وعجلة الزمان لا تتوقف ، والكون لا ينتظر أحدًا ، فهل هذه السنن التى لا تتبدل ولا تتغير تدعونا إلى التخطيط , أو على العكس , فقد يقال : لماذا نخطط والأقدار نافذة ؟! .
نعم الأقدار نافذة ، والحياة تختار لنا ، ولكن حتى نحقق هدفنا ، ونُحوّل أحلامنا إلى واقع ، يجب أن يكون اختيارنا موفق , واختياراتنا سليمة ، والمعنى المقصود بكلمة ( سليمة ) أى على تخطيط مسبق .
وفى الحقيقة نحن - كآباء ومربين ومسئولين عما استرعانا عنه الله - نخطط لحياتنا : لأولادنا ولأسرنا ولأعمالنا وطلابنا ومشروعاتنا , بأذهان متفتحة ، وعاطفة جياشة ، وبجهود مبذولة ، هذا النظام الذى يغطى لنا متطلبات الحياة ، هو التخطيط للحياة ، وكذلك لا يوجد شيء يتعذر به أحدُنا ، أو يجعله مبررًا لعدم التخطيط لحياته ، ولكننا كما درجنا نريد التخطيط المؤثر فى حياتنا ، الذى يجعلك إيجابيًا فى الحياة والواقع .
وتأمل على كافة مسارات الحياة ، أى هدف بدون تخطيط ، فهو صناعة للفشل ، وكما قيل : ( الفشل فى التخطيط هو تخطيط للفشل ) ، وهذا ماكان يدعو إليه النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه فى قوله : [ اعقلها وتوكل ] ، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يقدم لهم الأسوة فى نفسه ، يرونها ويشعرون بها وتغرس فى حياتهم ، خاصة فى غزواته ومعاركه أو مواجهته للظروف الصعبة عامة ، سواء على مستوى أسرته أو المجتمع أو الدولة .
ومن ثم فالإيجابيون يفهمون مراد الله تعالى ، حين يخاطبهم بالرحلة والسعى والكشف عن أفضال الله فى كونه , الذى سخره لأهل الإيجابية ، يقول تعالى : { الله الذى سخر لكم البحر لتجرى الفلك بأمره ، ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ، وسخر لكم ما فى السموات وما فى الأرض جميعًا منه ، إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون } الجاثية : 12 ـ 13 ، ومعنى ذلك كما قيل : ( حياتك بين يديك ) فإدارتها ، وتسييرها ، وتوجيهها ، والتحكم فيها ، بيدك وحدك ، فبيدك أن تكون متفاءلاً طموحًا ، بسؤال نفسك : كيف علاقتك بالحياة ؟ فمن اللحظة جدد يومك وأسلوب حياتك إلى الأفضل ، تجد الإجابة واضحة وحاضرة ، عن السؤال الدائم المنطلق من داخلنا :
ماذا نريد من الحياة ؟.
وهذه خطوات عملية من أجل لتخطيط لحياة هانئة سعيدة :
هى خلاصة ما يقدمه الخبراء فى هذا المجال :
1ـ الفحص :
اكتشف الواقع ، قيّم الاحتياجات ، اجرد ما بين يديك ، خذ خطوة إلى الوراء ، لتكون نظراتك أشمل , كالمحقق الباحث عن الحقيقة ، والفاحص لكل الملابسات .
2ـ اللائحة :
ضع لائحة للمتطلبات ولائحة للاحتياجات ، وقبل أن تسأل نفسك هذه الأسئلة ، فما كان متطلبًا ضعه فى لائحته ، وما كان احتياجًا ضعه فى لائحته :
1ـ لماذا أريد هذا الشيء ؟
2ـ هل أحتاج إليه ؟
3ـ كيف يكون الأمر الأفضل إذا حصلت عليه ؟
5ـ ما الأشياء المهمة بالنسبة لى ؟
6ـ هل تتطابق هذه الأشياء مع مبادئ الإسلام ؟
3ـ الماليات :
حتى لا تزداد رهقًا فى الحياة ، خطط جيدًا للماليات ، وإلا خرجت من الحياة وعليك ملئ الأرض أقساطًا !! .
ولذلك أجب بصدق وواقعية على هذه الأسئلة :
( أ ) أهداف قصيرة المدى ( 1ـ2 سنة ) :
1ـ ما الذى ترغب بالقيام به غدًا ؟
2ـ ما الذى ترغب بإدخاره للعام القادم ؟
3ـ ما الذى تفعله لتسديد الدينْ الصغير ؟
4ـ ما الذى وفرته لقضاء العطلة الصيفية ؟
(ب) أهداف متوسطة المدى ( من 2ـ 5 سنوات ) :
1ـ ما الذى وفرته لشراء سيارة جديدة ؟
2ـ ما الذى ادخرته لتجديد الأثاث ؟
3ـ ما الذى تفعله لتسديد الديون المتوسطة ؟
(جـ) أهداف طويلة المدى ( أكثر من 5 سنوات ) :
1ـ ما الذى ادخرته لتعليم الأبناء جامعيًا ؟
2ـ ما الذى وفرته لشراء بيت جديد ؟
3ـ ما الذى تفعله لتزويج الأبناء ؟
وواضح من هذه الأسئلة ، أن أهدافك لابد أن تكون واضحة ومحدودة ويمكن تحقيقها ومناسبة لإمكاناتك ، وكذلك يمكن تنفيذها فى المدة المناسبة لها ، وللغرض الذى ادخرت المال من أجله .
4ـ ابدأ العمل :
كل ما سبق من خطوات يمكن أن يكون هباءً منثورًا تذروه الرياح ، إن لم تبدأ بالعمل ، فهذه الأهداف هى جزء أصيل من العمل ، اكتبها ، واجعلها أمام بصرك دائمًا ، ورددها بصوت عال ، وشاور من تثق به فيها ، وبذلك تتحول إلى حقيقة فى حياتك حتى تحققها ، وبإذن الله ستحققها ، وتكن من الإيجابيين ، الذين ينجحون دومًا فى مشروع الحياة .
والضمان الوحيد لنجاح هذه الخطوات ، خاصة فى مواجهة الحياة ،هى التمسك بأمر الله تعالى يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم : { فاستمك بالذى أوحى إليك إنك على صراط مستقيم } الزخرف : 43 ، وهذا التمسك بأمر الله يعنى لك :
1ـ أن تذكر الله دائمًا وأبدًا وعلى كل الأحوال .
2ـ أن تستشعر عظمة الله فى قلبك وروحك .
3ـ أن تمتلك قلبًا طاهرًا نقيًا رقيقًا لينًا .
4ـ أن تبتسم للحياة فالضحك حياة جديدة .
5ـ أن لا تيأسى وواجه الحقيقة مهما كانت الظروف .
فالآن أنت إيجابى فانطلق ......
يقول تعالى : { أفمن يمشى مكبًا على وجهه أهدى أمن يمشى سويًا على صراط مستقيم } الملك : 22 .