إسلام . . . وأمْرَكة
إسلام . . . وأمْرَكة
رضوان سلمان حمدان
إن ديننا يجلُّ الإنسان ويكرِّمه، فقد خلقه الله بيديه، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وسخَّر له السموات والأرض، وجعله خليفته الذي أوكل إليه مهمة عمارة الأرض، وفق منهجه ومراده، وأعلن تكريمه وأعلا قدرَه، فقال : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ } الإسراء: من الآية 70، وأحاطه برعايته قبل أن يولَد، فحرَّم الإجهاض، وبعد ولادته شرع الاحتفاء بقدومه، واستمرَّ حتى وفاته، ففرض غسله وتكفينه ودفنه، وجعل إيذاء الميت كإيذاء الحي، وكفل له حرية الاعتقاد { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } البقرة من الآية 256، وحقه في الملكية الخاصة، وحريته في التفكير والاجتهاد والنظر، وجعل لكل مجتهد أجرًا، وطالبه بالتعبُّد إليه بأداء حقوقه السياسية، فكلَّفه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعل حقوق الإنسان غير مرتبطة بجنسه أو دينه أو وطنه، وليس مقبولاً اليوم أن نستسلم لهذه النظرة العنصرية الضيقة التي تُعلي حقوق الإنسان الغربي والأمريكي وتهدر حقوق غيره.
إن الخطر اليوم ليس مقتصرًا على انتهاك كل حقوق البشر في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها، بل إن الخطر بات يهدد الجنسَ البشري كله إن لم يستسلمْ للمشروع الأمريكي الصهيوني ويَنْقَدْ له، ومن العجيب أن أصحابه يتسلَّحون حتى أسنانهم فيما يخدِّرون أعصاب العالم بدعاوى السلام، فالإنفاق الأمريكي العسكري يصل إلى 455 مليار دولار، أي ما يقارب نصف الإنفاق العالمي، ومن المؤسف أن هذه الترسانة العسكرية الهائلة لا ترى لها عدوًّا أخطر من المسلمين، حتى صرَّح السيد هاري ريد- زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي- بأن بلاده تنفق شهريًَّا على الحرب في العراق 12 مليار دولار!!
لقد أصبح واضحًا أن العالم بات مفروضًا عليه أجندة أمريكية خاصة بحكامه من الصهاينة الإنجيليين، تستهدف بقاء الولايات المتحدة القطب الأوحد في عالمنا، ولو كان ذلك على حساب سلامة العالم كله وأمنه، ونحن على يقين بأن الأجندة الأمريكية والغربية المطروحة باتت تفقد أنصارها يومًا إثْر يوم، بعدما رأى العالم حصادها المر، وأن مشروعنا الإسلامي الأصيل الذي نعرض اليوم طرفًا من قيمه الأساسية يكتسب كلَّ يوم أرضًا جديدة.. { صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً } البقرة من الآية 138.