العرس الجماعي الحمساوي

العرس الجماعي الحمساوي

في مخيم اليرموك

خليل الصمادي

 [email protected]

عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ الرياض

شهد كثير من بلدا ن العالم  في الأونة الأخيرة ظاهرة الأعراس الجماعية إذ يشترك مجموعة من الشبان والشابات  في حفل واحد تقل به المصاريف ويجتمع به حشد كبير من المدعويين في مكان واحد، وانتشرت هذه الظاهرة في بعض البلدان العربية كالأردن والسودان ومصر وغيرها.

كما قامت كثير من الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية بالإعداد لمثل هذه الأعراس ولا شك أن هذه المؤسسات أو الجمعيات أو الأحزاب تقوم  برعاية مثل هذه الأعراس لأهداف إنسانية أواجتماعية أو سياسية أو غيرها.

وما شهده مخيم اليرموك بدمشق  مساء الجمعة من الثالث من آب / أغسطس 2007 من رعاية حركة المقاومة الإسلامية / حماس  تزويج خمسين شابا فلسطينيا من مخيمات الشتات في سورية إلا ظاهرة لم يعرفها المخيم من قبل بل لم تشهدها دمشق أو بالأحرى سورية إلا في مناسبات قليلة.

كانت الدعوة عامة أعلن عنها قبل أيام  عبر مكبرات الصوت والملصقات الإعلانية التي ملأت شوارع مخيم اليرموك لحضور الزفاف الساعة الثامنة مساء قرب جامع الوسيم الذي يقع في وسط المخيم وبالفعل حضر أكثر من عشرة آلاف متفرج وأما النساء فجلسن في أماكن مخصصة لهن يشاهدن الحفل الذي أعد بعناية وتنظيم رائع

صلى العرسان والجمهور في المسجد المذكور صلاة المغرب وخرج الجمهور من المسجد إلى أماكنهم وأما الخمسون عروس أو عريسا  فخرجوا من المسجد بعد الجمهور في زفة فلسطينية جميلة تخللها الأناشيد والزغاريد والطبول والهتاف والتصفيق ووصلوا إلى المنصة المعدة لهم ووقفوا يحيون الجماهير الغفيرة بعد ذلك بدأ الحفل بآيات من القرآن الكريم ثم نزل العرسان إلى الساحة وأدوا الدبكة الفلسطينية بأناشيد حمساوية وبعدها ألقيت عدة كلمات من قبل مندوب عن علماء دمشق وأخرى ألقاها أحد العرسان والأخيرة لمسؤول العلاقات الاجتماعية في حركة حماس الأستاذ نواف التكروتي .

لقد قدمت الحركة الكثير للعرسان وبدا ذلك واضحا من خلال الأحاديث الجانبية التي تفوه بها أقارب العرسان فذكروا أن الحركة قدمت لكل عروس خمسون ألف ليرة سورية " ما يعادل الألف دولار بالإضافة إلى تجهيزات المطبخ أما الأدوات الكهربائية فقد ساهمت الحركة بنصف أسعارها ، كما قدمت الحركة لكل منهم بدلة العرس وفي ختام الحفل تم تقديم مبلغ خمسة آلاف ليرة سورية هدية لكل عريس ، كما تم توزيع المثلجات على الحضور ومن الجدير ذكره أن الحركة شكرت الشركات السورية التي ساهمت في دعم هذا العرس الجماعي ، ومن الجدير ذكره أن هذا العرس هو عرس للرجال فقط فليس من أدبيات الحركة أن تزف النساء أمام الملأ لأزواجهن فقد تم الاتفاق على زفاف الفتيات لأزواجهن بعد ثلاثة أيام في حفلة نسائية بامتياز.

   البعد السياسي لحفل الزواج.

تخلل الحفل كلمات سياسية ورسائل عاجلة أظهرت فيها حركة حماس تمسكها بالشرعية الفلسطينية متمثلة في الرئيس محمود عباس ورئيس وزرائه الشرعي السيد إسماعيا هنية ونددت بالإنقلابيين ودعمت القوة التنفيذية التي نشرت الأمن والأمان في ربوع غزة ، ولكن يبدو أن الرسالة التي أرادت حماس من استثمارها في هذا العرس هو إنها هنا في الساحة السورية تدعم المشاريع الخيرية وتساهم في العمل الاجتماعي وبناء العلاقات بينها وبين قطاع الفلسطينيين في الشتات وأنى وجدوا.

 لا شك أن هذا العرس الجماعي كان عرسا لحركة حماس راعية المشروع قبل أن يكون عرسا للشبان الذين غمرتهم الفرحة وهم يدبكون ويرقصون  مع أهليهم وأصدقائهم وزغاريد أخواتهم وأمهاتهم ومع صيحات التكبير والتهليل والهتافات الجهادية التي أزعجت مؤيدي تيار أوسلو وغيرهم ، فهذا الحضور الكبير لهذا الحفل الأول من نوعه في أكبر المخيمات الفلسطينية في سورية أعطى الحركة بعدا سياسا جديدا مفاده أن الحركة تعمل على  الأصعدة  الاجتماعية والخيرية والسياسية كافة وتألو جهدا في تقديم الخدمات الاجتماعية للشعب الفلسطيني أنى وجد إن سمحت لها الظروف السياسية ففي نظرة سريعة لأنشطة الحركة ولا سيما في فلسطين نجدها أنها وقبل زمن بعيد كانت رائدة العمل الخيري فقد فتحت المدارس والمشاغل والنوادي الرياضية ودعمت الدورات التعليمية  كما أنها رعت عدة أعراس جماعية في غزة وساهمت بشكل فعال في دعم الجمعيات الخيرية التي تقدم المساعدات للمحتاجين والمنح الدراسية لمن يستحقها كل هذا ساهم في انتشار الحركة في فلسطين وغيرها ولا أدل على ذلك من استثمار مشاريعها الخيرية بصندوق الانتخابات الذي راهن عليه الكثيرون ممن لا يعرف العلاقة بين الحركة وجمهورها .