قرناء أصحاب الفخامة والجلال
قرناء أصحاب الفخامة والجلال
جمال المعاند -إسبانيا
ورش العمل الشيطانية(2)
- بلى إنها حقيقة لامراء فيها ، وقضية تطامنت النظرات إليها ، وخلاصة أنبأنا بها فقيه الدعوة محمد أحمد الراشد في كتابه المســار(1) عندما قال :[ انعقدإجماع المؤرخين على رد كل ضعف الأمة إلى سوء معادن المتنفذين ] ، وهأنذا أطلق عنان الفكر ليحلق بأجنحة الخيال لكن لن أسمح له بالإبتعاد كثيراً عن أرض الواقع .
إن ما سمعته في محاضرة إبليس عن ورشة أصحاب الفخامة والجلالة كان حلماً طالما راودني ، فوددت لو ألقى قرين حاكم واناقله الكلام ، و في صباح تلك الليلة ليلاء ، نمت عن صلاة الفجر وبالكاد التحقت بالعمل يومها ، شغلني ذلك الخاطر طيلة النهار ، عدت مساءً إلى البيت وجلست على السرير أضرب أخماساً بأسداس ، أعاني وهج التعب ، ثم تسلل الوسن إلى عيني فما أدري أكنت نائماً أم مستيقظاً ؟ فعيناي أقفلت جفنيهما وأحالتاهما إلى شاشة عرض ، فبدت لي فتاة تدنو ولون شعرها يتبدل من الأشقر إلى الكستنائي ولما قربت استقر على أسود فاحم ، وعيناها يتموج لونهما بين الأخضر والعسلي والبني .
وقالت : بماذا تفكر ؟ .
قلت : أمور كثيرة .
قالت : ما عرفتني ؟ .هززت رأسي يمنة ويسرة بالنفي .
قالت : أنا قرينتك .
قلت : قرينتي أنا لم أتزوج بعد ؟ أجابت لا تتغابَ لكل إنسان قرين .
قلت : فهمت قرين من الجن ، لكني ذكر وأنت أنثى كما أرى .
تنهدت وقالت : نحن في عصرالمساواة .
قلت : مساواة حتى على مستوى القرناء .
قالت : لمَ لا .
خيم الصمت بيننا برهة من الزمن ، ثم أكملت رأيتك اليوم شارد الذهن ، أخبرني ما الذي شغل تفكيرك ؟ .
قلت : هل لي بمعرفة حرصك على معرفة ما يدور في خلدي؟ .
قالت : أعرض المساعدة ربما أشرت عليك بفكرة بكر تستفيد منها . تبسمتُ وقلتُ : قرأت أن بعضاً من الأدباء لهم شياطين ، فما أدري هل وصلت إلى حالتهم ، فأردفت أنا مهتمة بنجاحك ..... فخطر لي أن أستغل هذا الجو الحميمي بين عالمين مختلفين فسألتها عن ورشة عمل أصحاب الفخامة والجلالة .
قالت : حسناً أطلعك عليها وما الثمن ؟ .
هنا أدركت لماذا أماطت سجف الستر والخفاء ، فهي قد أدركت أن ثمة حاجة ملحة في نفسي تريد توظيفها والاستفادة منها ، فحاولت التذاكي بقولي أنت قلت أنك مهتمة بنجاحي وعرضت المساعدة ، كان جوابها الدنيا أخذ وعطاء .
فأجبتها : الأخذ قد يسبقه تمهيد بمعروف يسديه قرين لقرينه . ضحكت وهي تقول :
أنا أعرف أنك ستكتب كل ما سأخبرك به حتى لو لم تنشره ، فأنا على علم بكثير من كتابتك طي الدروج تنتظر فرصة مناسبة . فأيقنت أنها تعرف مداخلي ومخارجي فلا فائدة من المراوغة ، فأحببت أن أعرف ما يدور في رأسها ؟ .
قلت لها : اقترحي علي واعطني خيارات .
قالت : حسناً الخيار الأول لا تصلي جماعة في المركز ـ المسجد في أوربا ـ إلا صلاة الجمعة .
فأجبتها أننا معشر المقمين في الغرب ربما أدرك الواحد منا صلاة أو صلاتين إسبوعياً
بإستثناء قلة لها علاقة عمل داخل المركز.. لكن لماذا سمحت لي بصلاة الجمعة وهـي جماعة ؟ .
قالت : لن نتناقش في صلاة الجماعة ، فكم من محافظ عليها ومفرط في أمور أخرى ، وكل ما أريده لك التوازن وتقديم الأهم ، أما تخصيص الجمعة فهي لفته جنية أما تقولون أنتم لفته إنسانية فيوم الجمعة يحضر غالبية الناس وفرصة اجتماعية، أما بقية الأيام فلا يحضر إلا قلة يعدون على أصابع اليدين والرجلين وهم من فجاج شتى ، لترى نحن معشر الجن كم نحب للناس الألفة .
قلت : بل تحبون أموراً أخرى فالجمعة فرصة للرياء ولا يتخلف عنها إلا تارك للصلاة ، كما أننا مبتلون بالتجمع بُعيد الصلاة ولا يخلو هذا التجمع من غيبة أو نحوها .
قالت : ومن يجبركم على ذلك ، لماذا تنسبون إلينا كل ماتسمونه شراً ؟.
قلت : صدقت فأنتم أضعف من أن تجبروا إنساناً.. وقبل أن أكمل الكلام فقالت : أما الخيار الثاني يا عزيزي فقد عشتَ ردحاً من حياتك لا تلتزم بأذكار الصـــباح والمساء ، ومع أن التزامك بها الآن مزاجي إلا أنه لا يعجبني إكراهك لنفسك ، فلا تكلفها ما لا تطيق ، فأنت تعلم أن ما هو مقدر كائن ، أنظر إلى ما تسمونهم مشايخاً وملتزمين ، تجد أنهم مثل الناس تعتريهم المصائب والمشاكل لو أنفقت هذه الدقائق بقراءة مفيدة مثلاً ، أو حتى استجمام لكان أفضل ، فأذكار الصباح والمساء إنما وضعت علاجاً نفسياً لبعض المرضى لا أكثر.
قلت في نفسي والله الذي لا إله إلا هو لأحرصن عليها . فإذا بي أحير من ضب في حمارة قيظ ،لا ادري ما أقبل من خيارتها أو أرفضه ، فاستعجلتني بقولها دقائق ويبدأ بث ورشة أصحاب الفخامة والجلالة فلا يفوتنك شيء منها ، فحزمت أمري بقولي أقبل الخيار الثاني ، لكن ليس على إطلاقه .
قالت : وضح كلامك ؟ .
قلت : أعدك بطرق المواضيع التاريخية، فالتاريخ عبرة من وعاه أدرك الواقع بأبعاده واستشف المستقبل . قالت : والمواضيع الأخرى ؟ .
أجبت بقولي : أنا لا أعتقد أنها ذات عمق فكري لكني لا أدفع الإشارة إليها كجزء من خطبة أو نحوها لأن مجتمعنا الأوربي الإسلامي بظني لا يحتاجها مفصلة .
قالت : أكره فيك كثرة الكلام ، وأنا أقبل بشرط أن يكون لنا عودة لنفس الموضوع ، انتظرني . وغابت هنيهة ثم عادت ومعها ما يشبه الرائي – التلفاز – تبدو الصورة فيه بثلاثة أبعاد أحسست أني معهم داخل القاعة وأرى كل واحد منهم رأي العين ، كانت القاعة خافتت الإضاءة تتوسطها طاولة بشكل بيضوي يصطف حولها القرناء جلوساً
ومن خلفهم بعض المدرجات جلس عليها آخرون ، يتوسط أحد أطرفها خنزب الذي رأيته من قبل في محاضرة إبليس ويجلس إلى جواره شيطان طلعته تستخرج من ناظرها الاحتقار والازدراء أمامه أوراق ويمسك قلماً وافتتح الجلسة بقوله :
بسم عظيمنا الواحا الواحا العجل العجل وتمتم بكلمات من حرفين وبعضها من ثلاثة لم استطع حفظها لغرابتها وتنافر مخارج حروفها ثم أوضح وأفصح :
سيدي الرئيس حضر قرناء الزعماء العرب ولم يتغيب أحد ، والجلسة تحت تصرفكم فتفضلوا ، لبس خنزب نظارة التقدم بالسن وارتجل قائلاً :
أرحب بكم أيها الحضور الكرام وأحيي عن بعد كل من يشاهدنا ونحن في الورشة الأهم والأخطر ، فعمل كل واحد منكم يكافئ جيشاً من الشياطين ، وأود بداية لفت أنظاركم الكريمة إلى أن مداخلتنا جميعاً يجب أن لا تغرق في التفاصيل وليكن الإيجاز شعارنا
فلا يكرر شيطان كلاماً قيل بالمعنى أو باللفظ فإن أوقاتنا أثمن من هدرها بمج الكلام وتكراره كما نعتمد على الألقاب بعيداً عن صريح الأسماء حفظاً على نكهة السرية.... وجدول أعمالنا وفقاً للتالي :
كلمة تعريفية لقرين الحاكم ، ومن ثم إضاءة علمية ، نعرج بعدها إلى بعض من المداخلات ، ونستروح من بعد بمحور تجارب واقعية لزعماء تركوا بصماتهم على مستوى الأمة ، بعدها يأتي دور التسأولات التي تعطي إضاءة لمناطق اكتنفها الغموض أوتوشحت بظلال متداخلة ، وإثر ذلك كله نصل إلى خلاصة تقييم أداء زعماء الأمة وفقاً لمبادئنا وقيمنا الشياطنية .
الكلمة الآن لرئيس معهد إعداد القرناء فليتفضل مشكوراً .
فقام شيطان غطى الشعر الأبيض جسمه كله وبدت قرونه كشجيرات حطب بين عشب يابس وقال:
سيدي الرئيس الحضور الكرام لابد من توطئة سريعة لإعداد القرين عامة قبل الولوج إلى إعطاء تفاصيل عن قرين الحاكم ، فالقرناء عموماً نخبة مختارة من الجن يتم اختيارهم من النجباء ثم يحصلون على دربة قد تمتد إلى أربعين عاماً ، يدرسون خلالها فنوناً شيطانية على أيدي نخبة من أبالسة الاختصاص وتجري لهم وقفات تقييم وتقويم ، ثم ترفع السيرة الذاتية لكل ناجح إلى كبيرنا الذي يختار لكل مولود مسلم أحد خريجينا ،أما باقي البشر فلهم آليات أخرى لا داعي لذكرها الآن ، ولا يقف الأمر عند حد اختيار القرين بل ينقل ملفه واتصاله إلى دائرة المتابعة والتخطيط والتطوير ، فكما تعلمون يمر بنو البشر بمراحل عمرية يرافقها عقد بالشخصية وظروفها المحيطة التي قد تصل بأحد ما إلى منصب أو مسؤولية عندها ينقل إلى إدارة قرناء المتنفذين وهي مستويات ، وشكراً سيدي الرئيس.
قال خنزب : أشكر لك الإيجاز مع وضوح المعنى . وظني أننا يجب أن نقف الآن مع أصحاب المناهج فالكلمة الآن لصاحب القراءات المتأنية وصاحب النظرة الاستشفافية أستاذ فن الواقع والمستقبل مدير مركز البحوث والدراسات الشيطانية فليتفضل .
فقام شيطان أصلع جاحظ العينين خشن الصوت وقال:
سيدي الرئيس السادة الحضور رغب إلينا معدو هذه الورشة المشاركة بما يخص أصحاب الفخامة والجلالة ، وأجد صعوبة في الاختصار فتعاملنا الأساسي مع النفس البشرية ذات الصفات المشتركة التي لا يمكن تحييدها عند الحديث وإلا بان الكلام مبتوراً ، وسأحاول جهدي.
إن ما ترون من نجاحات في العمل الشيطاني على الصعد كافة وعلى الأخص لدى الزعماء لهو ُمكنة مستندة لذخيرة تراكمت فيه خبرات شيطانية قام باحثونا باختصارنا وتبوبيها ومن ثم إجراء التجارب الميدانية عليها بمقايس علمية تجريبية أو استقرائية لتصل إلى حقائق عن النفس البشرية ولا أريد الخوض في تفاصيل وأمثلة فالكلام يطول . لكن المتنفذ أياً كان موقعه صغر أم كبر يولى قرينه بدورات تطوير مهارات ،ويزود ببحوث ومطويات تعنى بالتأكيد على أسس مشتركة هي :
أولاً العمل على إقصاء تعاليم الدين عن الحياة ، فهل رأيتم متنفذاً وزع بــســــلطانه أمراً شرعيًا ؟.
وتخويفهم ثانياً بشكل مستمر بفقد المنصب هذا الهاجس يعد نفسيته للإقدام على أي حماقة .
وبناء عليه يكون الأمر الثالث وهو تأصيل الحذر ليفـْرَقوا من أي كفاءة . هذا باختصار دورنا مع قرناء الزعماء عموماً وشكراً .
قال خنزب : كلام المختصين لا يدع مجالاً للتعليق ، الكلمة الآن لرئيس إدارة قرناء المتنفذين ، فوقف شيطان أميز ما رأيت فيه حاجبيه كأنها رسمت رسماً هزلياً لتدل على المكر والخداع وقال :
اسمح لي سيدي الرئيس أن أطيل بعض الشيء فنحن جوهر الورشة على ما أظن ، إن عملنا يتم وفقاً لثلاثة محاور :أولها أن السلطة تحتاج لدهاء يقابلها وسوسة القرين ، سمْتُها الدهاء . والثاني أن السلطة لها هيبة وهي حجاب نضربه بين الحاكم وبين الكفاءات خصوصاً الشرعية فلا يقرب من أي مسؤول عادة ً إلا متزلف ونعمل في هذا الإطار على إنشاء فريقين الأول من الجن وندعوه باصطلاحتنا " القبيل" و يتكون من ثلاثة فأكثر على قدر المسؤولية من ذوي الاختصاصات لمساعدة الزعيم بما ينوء به كاهله، والفريق الثاني رديف القبيل يسمى "البطانة "من بني البشر وفقاً لمعايير التزلف والخسة والدناءة
،أما المحور الثالث يجب أن يتحلى كل زعيم بالجرأة وهو شعور ذاتي يعتقد المسؤول أنه كفاءة نادرة جاءت في ظروف تاريخية ، وعند هذا المنحى نقيل عثراته وأخطاءه بتبريرها ، فالتبرير صفة ملازمة للزعماء في هذه الحقبة مهما كان ثمن الخطأ الذي ارتكب
فإن كلمة مسؤول – كما تعلمةن - تعني اسم مفعول وتشير للمسألة لكننا حولناها بقدرات شيطانية للاسم فاعل مرفوع دائماً عن أي مسألة أو محاسبة ، وإذا كان جوهر القيادة يعني المقدرة على التنبأ بحدوث حادث ما والاستعداد للتعامل معه ، فإننا ندفع كل مسؤول نحو ردود الأفعال ، وبهذا التخطيط الشيطاني يكون مسار كل متنفذ معروف لدينا بداية ونهاية ، وشكراً سيدي الرئيس.
فوقف له الحضور بما فيهم خنزب مصفقين ومصفرين حتى كادوا أن يخرموا أذني .
قال خنزب : معنا داخل القاعة مفكر ومخطط استرتجي عمل عملاً شاقاً إبان آخر خلافة إسلامية وبذر بذوراً أينعت وهولا يزال على رأس عمله فليتفضل المفكر الأيدلوجي مشكوراً
فقام شيطان لفت انتباهي بنظره إلى عيون المتحدثين الذين سبقوه مصغياً واضعاً كفه على خده وقال : سيدي الرئيس سادتي الكرام عملنا باختصار هو اللعب على المتناقضات واستثمارها ، ولم نقف عند ذلك بل صنعنا متناقضات جديدة وإليكم القصة من أولها فالناس منذ القدم قبائل جمعتهم أصول أثنية بظروفها فكانت لنا مجالاً حتى جاء الإسلام فقوض ذلك ، ثم لاح بأفاق البشر تكتل جديد هو المناطقية بعدما ضعف الوازع الديني ، ثم ترقت البشرية ووصلت الذروة بتكتل العائلة ، و بعد ما خضدت شوكة الإسلام
نجحنا بإيجاد تجمعات بشرية لا تنتمي إلى ذلك بأفكار علمانية ، تارة تقوم على أسس قومية وأخرى فكرية اقتصادية مع تشرب بكل بما سبق من متناقضات وأطلقنا عليها الأحزاب التقدمية والعصرية ، وما كان لنا أن ننجح بين المسلمين لولا فكرة بنينا عليها هي أن للدين ثوابت معدودة وما عداها هي اجتهادات الفقهاء وهم بشر ، نجحوا في ظروفهم التي عاشوها ، ووصلنا إلى نتيجة عملية هي حصر الدين بالعبادات لدى معظم المسلمين ، وسهل بعد ذلك التقسيم الشعوري والاقتصادي والديمغرافي والجغرافي فتفننت الآراء وتفرقت الأهواء وانتثر النظام وشكراً.
قال خنزب : أعترف أنا شخصياً بلمساتكم السحرية في العمل الجماهيري ..... الكلمة الآن للأصحاب العيون الساهرة على أمننا ، من يحسنون تسجيل الكلمة حتى في حالة السكوت!
مدير الأمن الإستخبارتي الشيطاني .
وفي ركن غير مهم من الطاولة تحدث شيطان من غيرأن يقف ولم تقترب الكاميرا منه واضعاً على عينيه نظارة شمسية وقال:
سيدي سادتي كنت أتمنى أن نبقى جنوداً مجهولين لكن ما الحيلة إذا ما أصر أستاذتنا وقادتنا ، فنحن لا نحب التعميم ونفضل معالجة القضايا بانفراد وأقول بإجمال إن مبدأ العيون قديم قدم التاريخ ، لكنه طور حديثاً وباتت ميزانيات الأمن تستنزف مقدرات الشعوب بإنفاقها على جيوش المخبرين أصحاب الضمائر الرخيصة القابلة للبيع لإحصاء أنفاس الناس حتى أصيب المسلمون بمرض الرهاب وهو مرض مزمن مستوطن في ديارهم ، واستطعنا من عقود الوصول لحالة لا ينفع معها علاج فلأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصبح تراثاً ، وإبداء فكرة اجتماعية أو سياسية قد يمس أمن الدولة ، وقول كلمة حق ضد أي اعوجاج ربما وصل للخيانة العظمى . كل ذلك أدى لاستتباب الأمن وانشغال كل إنسان بنفسه ، وبذلك دفعنا نحو استقرار الأوضاع لا كما يحلو للمعارضين تسميته كتم الأنفاس وشكراً .
ضحك خنزب ممازحاً له تبذلون جهوداً ضخمة لكن المشكلة الناس أنهم لا يقدرون . وأردف كما نبهني أخي حارس الأمن النبيه لموضوع المعارضة حتى لا نشابه بني البشر بكتم الأنفاس
فمعنا مدير دائرة المعارضة فليتفضل مشكوراً.
السيد الرئيس السادة الحضور ؛ يقولون : المعاضة نصف الحق وهي حقيقة لامناص عنها لاختلاف المشارب وتباين العقول وتضارب المصالح ونحن في دائرة المعارضة الشيطانية لنا تنسيق كامل مع قرناء الحكام حول المعارضة والاتفاق التام على مايلي:
أولاً سحق أي معارضة إسلامية ، ومن يفلت منها خارج يد الحاكم نسميها معارضة المنافي نتعامل معها بأساليب أخرى كأن يحتضنها نظام عدو لسلطات بلدها لتغدو بشكل أو بأخر أداة بيده ، من ثم نعمل على كسب الوقت معها فتمر عقود مكانك راوح فيشيب الشاب ويكبر الأولاد وتتعقد الظروف المحيطة ويكون هدفنا التحلل الذاتي لهذه المعارضة . أما المعارضات الأخرى فتوزن ببعدها أو قربها منا ،
من ثم ثانيًا نقوم في بلدان المسلمين بصنع معارضة على مقاس الحاكم نسميها معارضة الدمى تتكلم بالتحكم عن بعد من قبل الحاكم فهي مرخصة ومدجنة وأليفة ، ونجحنا في أحد بلاد الشام باختراع معارضة نسميها معارضة التنفيس يقوم بها مهرجون وبعض أصحاب الضمائر الرخيصة من الكتاب والصحفيين وشكراً.
قال خنزب : معارضة " تنفيس " ؟! كلمة أعجبتني ، و نستروح الآن بلمع واقعية فإنها أنهض على استمراء الكلام العلمي الصرف فليتفضل قرين الزعيــم الخالد .
فقام شيطان ، وقال : سيدي الرئيس سادتي الحضور إن الزعماء الحاليين ومن سبقهم لهم عالة علي وعلى قريني البشري فنحن أساتذة رفع الشعارات والتضليل أقصد الدعاية فقد رفعنا لافتات ومنحناها زخماً إعلامياً لا يزال أثره ينداح حتى الآن من مثل التحرر من الاستعمار وتحرير فلسطين وتحرير الطبقة العاملة من جشع الملاك ، وأبرز ما قدمناه : محاربة الرجعية . وبهذا أدى عملنا إلى إفساد الشعور الديني على مستوى الأمة بطرح قومي أجوف ، كما أننا عملياً أول من أذاق الإسلاميين صنوف الهوان من اعتقال وإعدام . وكم من عمل إسلامي أجهضناه جنيناً ، ولولا أن القدر خطف قريني البشري لقدم أكثر مما قدم فرعون موسى وشكراً .
قال خنزب : الآن لمسة وإضافة غير مسبوقة في الحكم جرت وستجر ويلات على بني أدم
الكلمة الآن لقرين الزعيم للأبد ، قام شيطان متحدثاً : إننا في بلدنا لنا من الإضافات الكثير لكننا حزنا قصب السبق بتوريث مالا يورث فقد تعارف البشر في كل بقاع الأرض أن الأنظمة الجمهورية تختلف عن الملكية ، فعملنا بتوافق فريقي القبيل والبطانة على توريث الحكم ولم يأخذ تغير الدستور لدينا فواق ناقة . والآن يقتفي أثرنا بعضحكام ابلاد العربية . ... فمن جاعل البلادَ جمعية خيرية لابنه تعطى لها صلاحيات الدولة ، إلى أخر أخذ بتلميع ابنه سياسياَ اعداداً له ليتولى الحكم وبهذا سجلنا براءة اختراع شيطانية في كتم أنفاس الشعوب وأفقدنها أملاً في الخلاص حتى بموت الطاغية الحاكم وشكراً .
قال خنزب : الآن نفتح باب التساؤلات وأرجو السرعة ما أمكن .
رفع شيطان من الجلوس على المنصة يده متسائلاً : سيدي الرئيس لم نسمع بطرق حب الجاه والسلطة ؟ .
قال خنزب : حب الجاه مغروس في نفوس بني آدم ومن عباراتهم المشهورة آخر ما يخرج من قلوب الصادقين حب الرئاسة وفي رواية من رؤوس الصادقين وأنا أميل للعبارة الأولى لأن الشيء إذا دخل القلب أصبح وأضحى وأمسى وبات الإنسان سجين فكرة لا فكاك له منها إلا بقدرة قادر فلا حاجة لمناقشة هذه الفكرة .
فسأل شيطان أخر عن الكبروالعجب .
فأحال خنزب الإجابة لمدير مركز الدراسات والبحوث فأجاب قائلاً : ثمة خلط . الكبر شيء والعجب شيئاً أخر ، فالكبر هو خلق باطن يظهر على الجوارح بصورة رؤية النفس أنها أفضل من غيرها وقلما ينجو منه أحد إلا بالمجاهدة ، أما العجب فهو شعور وقتي ، ينتاب الإنسان نتيجة موقف أو ميزة فقط ، وأصحاب الفخامة والجلالة مصابون بداء الكبر لذلك ترى كل واحد منهم يعتقد أن كل كلمة يقولها تصلح أن تكون شعاراً فهو ينطق من معين الحكمة ، وأعماله إنجازات تاريخية غير مسبوقة حتى لو افتتح طريقاً أو زار مصنعاً وهلم جراً.. وشكراً .
وفي ركن تجمعت فيه إناث أضفى شعورهن على قرونهن بقصات كما أرها في الشارع لبنات حواء فقالت إحداهن : سيد ي الرئيس؛ ألا تلخص كلمة " الرياء " وضع أصحاب الفخامة والجلالة ؟
فضحك خنزب وقال : لا أدري أقول أنستي أم سيدتي ، المهم مصطلح الرياء أكل عليه الدهر وشرب ولتوضيح ذلك أحيلك لرئيس معهد القرناء للإجابة . فقال الشيطان الأشيب : يبدو أنك نسيت ما تعلمته في معاهدنا ! فنحن لانحب هذه التسميات ولا نعرف ما تسمينه رياء
إن الشيطنةًً دافعية تولد دافعاً يعطي حافزاً لأي عمل . ونعني به شعور وسوسة يمسح عن النفس البشرية عناء العمل وملله . فنحن عندما نرغب للناس بإظهار أعمالهم إنما نرفع طاقاتهم النفسية ونحثهم على الإتقان وشكراً .
قال خنزب أكتفي بهذه التساولات لأن الوقت داهمنا ونرفع الجلسة لإعداد التقرير الختامي
وبإمكان الذين ليس لهم عمل مع لجنة إعداد البيان الختامــي الأستجمامُ ونعود ثم، وشكراً .
خلال فترة الإستراحة قلت لقرينتي أنتم تحسبون كل شيء كان بودي أن أسأل عن الاتصالات بينكم كيف تتم ؟
قالت : أنتم – البشر- لأنكم من الطين تخضعون لما يسمى " ثابت بلانك " في علم الفيزياء ، أما نحن فألطف أجساماً منكم وحركتنا أسرع ، ولا تنسى بأننا وجدنا على الأرض قبل البشر لذا نحن أكثر تقدماً في وسائل الاتصال ، آه لو أنكم – معشر المسلمين - تتبعونا وتقلدونا كما تقلدون الآن العالم المتحضر . قلت تقصدين العالم المتمدن هنا عاد البث فشدتنا المشاهدة
فقال خنزب : بعد الاطلاع على البحوث المقدمة كتابة ً وعلى ما تفضل به المتحدثون والمتداخلون خلصنا للتالي :
يثمن الشياطين المجتمعون جهد كل زعيم عربي على تفانيهم للعمل لأنفسهم ولنا معشر الأبالسة ، كما لا تفوتنا الإشادة بالدور الخلاق لسادة قرنائهم ، فمن خلال هاتيك الجهود وصلنا بالمسلمين إلى حالة غير مسبوقة من التحرر من ربقة الدين وأغلاله وتم حصر الإنجازات بما يلي :
أولاً: منذ فجر الإسلام لم نتمكن من جعل المسلمين بلا حاكم عام أو ما يسمونه خليفة إلا خلال هذه الحقبة العظيمة ، فهم بلا رأس .
ثانياً: تم حصر الإسلام بالعبادات وإفراغ جل تعاليمه من محتويتها عدا أثار طفيفة آيلة للسقوط .
ثالثاً: ضرب ذروة سنام الإسلام الجهاد ، وتعيش كلمته الآن ظروفاً تدافع بها الحياة فربما لا تمر فترة بسيطة من الزمن إلا وقدأصبحت كلمة الجهاد أحد مرادفات كلمة الإرهاب .
رابعا:ً أصاب الوهن قلوب المسلمين فهانوا على أعدائهم الذين تداعوا عليهم تداعي الأكلة على قصعتها .
خامساً: وصلنا بالمرأة المسلمة إلى أفاق رحبة من الحرية ، وأبلغ الدلالة على ذلك القضية المطروحة الآن هل الحجاب فرض أم لا .
سادساً: غالب تعاملات المسلمين الآن اقتصادية ربوية .
هذه مجمل الإنجازات الرئيسة وأبشركم أن ثمة إنجازات تمت لكنها لم تصل لمستوى الأمة سنذكرها في ورشتنا القادمة .
أشكر لكم الحضور والتفاعل وإلى المزيد من العطاء الإبليسي ، وأود أن أنوه أن ثمة قصاصات إعلانية تحدد مكان وزمان ورشة التربية الشيطانية فأنتم مدعوون للمشاركة وأنا شخصياً سأحضر مستمعاً ومستفيداً ...
هنا رن صوت هاتفي المحمول على الساعة السابعة فقمت مسرعاً لأنه لم يبق على شروق الشمس إلا دقائق .
(1) المسار ص 17