المثقف العربي وتشويه الوعي الثقافي والسياسي
المثقف العربي
وتشويه الوعي الثقافي والسياسي ؟؟؟
عيسى السعيد /باريس
قل ما لا نتابع تلك الإبداعات الواعدة عبر الصحافة الأدبية من مجلات ودوريات،وبعد
العشرات من الحوارا ت الصحفية الأدبية والثقافية التي نشرتها طوال عشرين عاما .
قبل أن تنهال علينا آلاف المواقع والمدونات والصحف الأدبية عبر الشبكة العنكبوتية (انترنيت)،والكم الهائل بل والمذهل وبكل المستويات والمقاييس المدهش منها،والصادم ؟؟ خصوصا القراءات الصحفية النقدية السهلة(موضوع حديثنا) للأعمال الروائية والشعرية وكذلك النصوص النقدية ا لآمر الذي يدفعنا من موقع الحرص والانتماء كما الدفاع عن أهم قلاعنا التي تؤسس لأحد أهم أعمدتنا الثقافية ورموزنا الحضارية ،التي قدمت المئات بل الآلاف من المبدعين الأفذاذ عبر مسيرة حافلة من الإبداعات الهامة شاء من شاء،وآبى من آبى ؟؟ لا من موقع المناكفات غير المجدية،ولا المماحكات من خلال الأحكام المسبقة،بل السعي بكل وعي لأحكام وضرورات الكتابة الواعية التي نستمد من خلال ينابيع أغوارها العميقة، الوعي الثقافي والإبداعي،بعين الصقر وبالتالي محاصرة محاولات تشويه الرؤية و الرؤى أيضا كما محاولات تشويه وتزييف الوعي ومن ثمة الصمت عن قول الحقيقة الناصعة البياض!!!
((حوار الرؤى و الأفكار)) أم (( حوار ألاطرشان)) ؟؟
لعل الكتابة حول موضوع تمحورت و تتمحور حوله الكثير من الكتابات النقدية التي نتتبعها على الدوام تكشف لنا بوضوح عن العديد من المقاربات والآراء النقدية كما المواقف من الملاحظات النقدية التي تضئ لنا دون أي التباس ، أن الكثير منها هنا وهناك ؟! قد خرج في بعضه عن قواعد المسلكية النقدية،والأصول المتعارف بل وغير المتعارف عليها!! في إطار النقد وبحور نظرياته المتعددة ،خصوصا ممن لهم اهتماماتهم وتجربتهم التي لا يستهان بها.الأمر الذي تتراء معها تلك المفردات والمترادفات،المتداولة والمستعملة في تلك القراءات النقدية ،وكأنها دون مبالغة أو تشويه(حوار الأطرشان ) إن صح التعبير خاصة ونحن في رحاب الأدب الذي أدبنا فأحسن تأديبنا، والأ ما فائدة مئات الأعمال الأدبية الإبداعية الزاخرة بالمثل العليا التي قرأناها و قدمت لنا المثال النموذج الذي يجب أن يحتذي به؟؟!!!!
الناقد يمارس حق الكتابة كما يشاء....
فالناقد كما تم مداولة التعارف عليه،له الحق أن يمارس الكتابة كما يشاء،كما يمارس حق القراءة حسب مفهومه لها.كذلك فلكل مثقف،وكاتب،وقارئ منا منطلقا ته الثقافية وخلفيته الفلسفية ،ومخزونه من المثل العليا بل وبواعثه النفسية أيضا،إن صح التعبير لا القوالب المعجمية و الخشبية؟!
بعد تلك المقدمة
بوسعنا أ ن نلقي نظرة متأنية حول العديد من الإشكالات والملاحظات ،والمعالجات
النقدية التي لعلها يمكن أن تكون جديرة بالاهتمام خاصة حين نود التطرق لموضوعة الكتابة حول النقد والنقاد؟؟؟والكتابة الإبداعية كما المفهوم الحداثي لهما.
بين تقليدية النقد والنقاد ،وتقوقعهما الضيق أو المغلق في الأطر النظرية الجامدة وما عفي عليها الزمن ،بل وماتت ولم تعد قادرة على استيعاب ،انفتاح الرؤى التحديثية بما تحدثه من انطلاقة نحوا الآفاق الرحبة للكتابة الإبداعية ؟؟ ورفض كل ما هو مكرس لذلك أو مغاير؟
عن كيفية صياغة السؤال وفهمه والإجابة عنه يتوقف الرهان ؟؟
ومن بؤرة التساؤل الملح ،التي عبرها يستند الكثير من رواد النقد الباحثين عن إثارة الوعي وكل ما هو جوهري لا الإثارة والضجيج ،يتم تقييمهم وتقييمنا للظاهرة النقدية العربية ككل، والفعل الإبداعي(كتابة /قراءة) تخصيصا على الأقل من خلال القراءات المتعددة لكل الإصدارات النقدية عبر الصحافة الأدبية المتخصصة واليومية ،يمكن صياغتها كالآتي :
كيف نستطيع أن نرسي مفهوما جد يا وجد يدا وبالتالي معاصرا للكتابة على ضوئه نستمد عناصر تجديد الانطلاق في ممارسة جديدة ( لهذا المفهوم الحداثي) أو التحديثي أو الحد اثوي ...أو المعاصر ولو في شكل مصادرات؟؟
والناقد من خلال قراءة داخلية لنصه (لا من خارجه) كيف يمارس القراءة وبالتالي كيف يفهم الكتابة ؟؟كما النقد أيضا؟؟؟
عن كيفية صياغة السؤال وفهمه،وعن كيفية الإجابة عنه، يتوقف الرهان الحضاري أي الحداثي والتحد يثي. ؟؟ والمعاصر إن شاء البعض...
لان الأدب ، لان الكتابة ،لان الإبداع ،لان القراءة في البدء هاته المفردات التي تم الحّسم في أمرها واعتبرها البعض مسلمات ثابتة ومقدسة،ألا يمكن استنطاقها من جديد وصياغتها مجددا ضمن إشكالية حضارية،وضمن صيرورة اجتماعية زاخرة بالاحتمالات و في مهب الدلالات من مواقع الآن وهنا – مواقع التعدد والاختلاف طبعا وبكل تأكيد- لاتفتا أن تتخلص من آليتها،بارتكاساتها السابقة ،في عملية تجاوز لا يقر لها قرار .خاصة وان مفهوم الأدب الإبداعي والكتابة كما القراءة جميعها مهددة على الدوام بالتجاوز مستقبلا.....
وهل آن لنا الآن أن نطرح المفهوم الكتابي الحد اثوي أو ألتحديثي في إطار المغايرة والتفرد بما يتبع ذلك من نفي وإقصاء التصورات التقليدية وأشكالها المتوارثة والموروثة ، لعل ذلك من ( حقنا ) ؟؟كما ليس من حقنا أيضا.....إلغاؤها ؟!!
إن فتح كل الأبواب على حديقة ورياض الحوار والتحاور مع كل ما هو إبداعي وجد يد واستيعاب مفاهيمه الجدية ،التي هي بالأساس ثروة للجميع وليس مقتصرا أو حكرا على طرف دون سواه؟؟
ربما بذلك يمكننا أن نتجاوز به حساسيتنا المفرطة تجاه الآخر وما يحمله من أغناء لحديقة الأفكار التي ندافع عنها حتى من موقع الاختلاف ،لا تقوقعنا النقدي على ألذات .....؟؟!!
قراءة الإبداع بعين العصر والصقر معا...
كما لا يعوزنا القول أن المثقف العربي ،المحاصر بهذا الكم المهول من الإغراق الإعلامي السلطوي المزيف والمقرر له في الدوائر الأمريكية /الصهيونية والأوروبية لتزييف وتشويه الوعي الثقافي والسياسي والفكري لمستقبل أجيالنا القادمة ، عبر هذا الكم الهائل من المنابر الفضائية والكونية المرئية والمسموعة والمقروءة بلسان عربي مشبوه تحت عناوين ملتبسة على شاكلة الحرية والديمقراطية والسلام والاعتدال والتهدئة والمهادنة التي لايمكن أن يفهم منها سوى التفريط بحقنا قي وطن حر ؟؟
أحوج ما يكون اليوم إلى استعمال أدوات نظرية ومفاهيم حديثة يعتمد عليها ،ويتولى عبرها وبها ومن خلالها قراءة تراثه الفكري والثقافي كما ارثه الإبداعي بعين العصر والصقر معا . لا من باب الأحكام المسبقة والجاهزة ؟؟
تجاوز الأشكال والأنماط لاكتشاف القارات الجديدة
كما لنا اليوم على صعيد النقد أن نتجاوز ((المحرمات والمقدسات )) الو صفية للأدب ونغير من صنمية تصوراتنا الشكلية ،بما يشفع ذلك من تكسير للأشكال وألا نماط الكتابية المفروضة فرضا هنا وهناك ؟
فالكتابة الإبداعية المتجددة لا تنطلق من الماضي والموروث والذاكرة ..المتكئ عليهم ، بل أيضا لان ألف باء الكتابة لا تستمد صيرورتها من المسافة الثقافية وعموميتها فقط بل أيضا من تجربة ألذات المبدعة الحميمة وخصوصيتها كما من ارتيادها لآفاق الممكن ،كاكتشاف لقارات جديدة على صعيد الإبداع والكتابة الواعية بشروطها الإنسانية والثقافية...؟
تأسيس لغة لا تصالح ولا تتواطأ،ومضادة تفاجئ...
في نص للكاتب المغربي محمد بننيس في إحدى مقالاته عن تقاطع الأزمنة يقول: ((إن الحداثة تشترط تبدل الرؤية للوجود ،والموجودات والعلائق-العلاقات-بينها (....) ولا يمكن في هذه الحال أن يتخلى الشعر الحديث عن المعايير التقليدية في النحو والبلاغة والعروض ، ويتوجه نحو مغامرة تأسيس لغة مضادة تفاجئ أو تصدم ولكنها لا تصالح ولا تتواطأ. لغة تدمر معيار الذاكرة ،وترحل في خلجات الجسد وممنوع التاريخ ،والمجتمع ومن ثمة لا يكون التحّول الشعري برانيا عابرا، أسا سه الأسلوب – كما يحد ث من أدعياء الحداثة – بل هو مواجهة الكتابة وأسئلتها فيما هو مواجهة لمعنى الحياة والموت معا)).
النص الحداثي يسعى نحو المعرفة ولا يدعي قول الحقيقة..
من ذلك نخلص بالقول إلى أن الحداثة أو المفهوم الحداثي أو التحديثي للكتابة والإبداع كما النقد يلغي سلطة المعايير المكرسة ،ليعوضها ،بإرادة المعرفة والتغيير ،لان الحديث والنقد باسم ما هو سائد نفي للتعددية والاختلاف المشروع من جهة .. واستمرار للتقوقع والجمود من جهة أخرى ...
لذ لك كان النص الحداثي يسعى نحو المعرفة والتغيير واللا مألوف ولا يدعي قول الحقيقة ... ولكن هل الحداثة أيضا شكل ثقافي وعطاء حضاري متقوقع لا تجاوزي؟؟
هنا التساؤل الملح الذي لم يحدده لنا أو يجيب عليه مؤسسو النقد العربي ورواده والغارفين من أباره ،عبر المسيرة الطويلة التي يعتد بها أيضا( بغثها وسمينها) ،ولا يمكن لأحد من تجاهلها أبدا خصوصا وقد امتلأت الدوريات المتخصصة وغيرها بالعناوين المرتبكة والمشتتة ولا يجمعها ما هو مشترك أو منسجم أو فارق : ( الفصاحة والأ صالة ..)،(الأصالة والمعاصرة..)،( التحديث كما الحداثة..)،( الفضاءات الكتابية) ،(ماهية الموهبة ، وما هو الإبداع..) والكثير الكثير من المتداولات دون الوصول إلي اكتشاف عوالم النقد الحقيقي لإقامة وتأسيس مرجعية نقدية عربية أو جبهة أو مدرسة (يتفق على التسمية ) ,,, لتكون أكثر اقترابا من النص ودوا خله لا أكثر افتقادا وافتقارا كما هو سائد حاليا .
ليس ثمة أدب فلسطيني في الأرض المحتلة...؟؟؟
فماذا لو اشرنا إلى موقف صادم ومفزع لأحد الشعراء العرب الصديق /سليم بركات ،وهو الذي كان يشرف على مجلة فلسطينية شهيرة (( الكر مل))، التي كان يرأسها الشاعر الراحل محمود درويش، عبر لي عنه بكل جدية ذات يوم في إحدى قاعات مقر اليونسكو بباريس وبحضور الأخير والبروفيسور الفلسطيني الراحل ادوارد سعيد ،بمناسبة انعقاد ندوة دولية ل(( التعريف بالأدب الفلسطيني في الأرض المحتلة)) حين سألته : و كيف يرى ذلك الأدب ،عما يكتب ، وفيما يكتب ...؟؟
فأجابني بكل جدية :
· (( ليس ثمة أد ب على الإطلاق في الأرض المحتلة)) ؟؟ (...)
وحين استوضحته إذا كان قد قرأ ،أو يتابع ما يكتب ، أو مّن من الكتاب الذين قرأ لهم .؟؟؟
أجاب:
· ((إميل حبيبي ،وسميح القاسم ...وتوفيق زياد...))(.....)
تابعت إلحاحي عليه لاكتشف ما ينم عما وراء إجابته ،وان كان تجاهلا أم جهلا وكان يعرفني منذ أواخر السبعينات في بيروت متخصصا في كل ما يتعلق بشؤون الأدب وما يصدر عنه في الأرض المحتلة . والداخل الفلسطيني ( 1948) .؟؟
أجاب باختصار :
· (( لا يصلنا أي شيء ، وليس ثمة تواصل وإياهم)) ؟؟
نموذج سلبي لهؤلاء القائمين على المنابر الثقافية ،ويدعون حماية حمىّ الإبداع ، والكتابة . لعلها إشارة عابرة اذكرها ،دون تحامل أو تشويه ، و لكن حين يتعلق ألا مر بالنقد فإنهم يدبجون المئات من الصفحات في النقد والإبداع وتشويه كتابات الأقلام الواعدة كما ألا سماء الكبيرة التي يحتذي بها ...؟؟ في حين لم يقرأو ولو سطرا واحدا لآي ممن يكتبون عنهم وفيما كتبو،بل يغرقوننا بعشرات الدراسات النقدية العصماء عن تشيخوف، وفولتير، ورولان بارت،وفيكتورهيغو،وجيمس جويس،وهيمنغواى، وادوار سعيد،وإميل حبيبي،وادونيس...؟؟
الكتابة همّ ملح،كما خلق وإبداع
وثمة الكثير والكثير جدا من الإشارات والمواقف ، التي تتسلق أسوار حديقة الإبداع ، والكتابة ،كما النقد تحت مسميات وعناوين فضفاضة مزركشة وهي خاوية على عروشها،بل وتقوم بدور تخريبي ومشوه في رحاب الأدب والثقافة ،في مواجهة أولئك الذين يحاولون الكتابة عن والنقد الإبداع وفي النقد بكل موضوعية ،وجدارة وجدية ،لتأسيس مرجعية نقدية إبداعية عربية أكثر حداثة ومعاصرة كما اكتشاف للإبداعات الواعدة . بعيدا عن التغريب والاستلاب كما التهميش والنفي لكل ما هو إبداعي وواعد وجميل في حديقة الإبداع.....أوعلى خلفية أحكام ومواقف سياسية أو فكرية مسبقة معده سلفا ؟؟؟!!!
خاصة حين ندرك أن الكتابة هم ملح ، كما خلق وإبداع، ومن ثمة فان الكاتب بخلقه لنصه المركب بوسائل معقدة ومتداخلة ،يضيف شيئا ما إلى أفق الكتابة/ الإبداع والذاكرة الثقافية العامة سلبا أو إيجابا ، فان واحة الكتابة يمكنها أن تستوعب كل ما هو جميل وسيء أيضا...؟؟
في حين يظن البعض على امتداد المشهد الثقافي العربي – أن النقد الحديث ينادي بمبدأ الفن للفن(....) وان على الكاتب والشاعر كما الرسام والمسرحي أن ينعزل في برجه العاجي بعيدا عن تيارات المجتمع وتجارب الحياة....؟؟؟ أوانه أيضا ما هو إلا مجرد ظاهرة عارضة ،ليست لها جذور راسخة في التربة ،وبحاجة إلى ما يؤكد شرعيته بين الفنون الأدبية الأخرى المعاصرة..؟؟؟
الرمزية والتجريد وجموح الخيال الوهمي ؟؟
تداعي الذاكرة المثقل لا تدعنا دون أن نشير إلى واقعة جرت أوائل الثمانيات في بيروت حين أصدر الناقد الصديق ( فاروق وادي) كتابه حول النقد آنذاك ،وواجهته ببعض الملاحظات ضمن حوار لنا معا خاصة وقد لفت انتباهي تحامله على التجربة الروائية لدى أفنان القاسم وكان قد صدرت له آنذاك رواية جديدة < المسار> وحدث لغط والتباس ليس بالقليل حولها وقد اكتشفت أن العديد منهم لم يقرا حرفا واحدا منها !!!
فاختصرت الطريق بمحاورة من قرأ وكتب عنها بعمق ..وهذا ما دار بيننا في سطور قليلة :
عند بحثك للقيمة الفنية لأعمال القاسم... تتهمه بتحويل الواقع إلى وهمّ كاذب مع سبق الإصرار،فهل هذا يعني بشكل من الأشكال انه يزور الواقع كأي انعزالي لا وطني...؟؟خاصة واستعمالك لمفردات ( نقدية مغلقة) ليست متداولة مثل :<<تراكم النتاج الكتابي،واجترار ،استهلاك،خذلان ،هاجس التكديس ،وسقطت فريسة التكرار...>>الخ
ألا يجعل ذلك من النقد أداة عدائية بعيدة عن الموضوعية عوضّ كشف ما هو سلبي وايجابي كما الجميل والسيّ؟
أجاب:<< باختصار كناقد لقد وجدت النص لدى أفنان عاجز عن فهم الواقع واستيعابه وتمثله حين يتجاوز المكان والزمان معا. ويعود ذلك على ما اعتقد لعزلته وانعزاله عن واقع التجربة الفلسطينية المأساوية مكانيا وبعيدا عنها زمانيا و هو فعلا يحوّ ل الواقع إلى وهم كاذب ،ليتجاوز المكان والزمان>>
ولكنك بعد سطور قليلة أجدك تؤكد على < تعزيزه ألا يدولوجي للهم الوطني بالهم الطبقي من خلال حشد صور ألاضرابات العمالية ،وأشكال المقاومة المتعددة في الوطن المحتل>>؟ لتنفي من حيث لا تدري من خلال العلاقة ما بين الهم والوهم-الذي تصفه بالعجز - و لتؤكد من حيث لا تريد أيضا وضوح الرؤية لديه ....؟؟؟
أوضح (وادي): <<القراءات للنص متعددة ومتشعبة ، وان للفن الروائي شكله الخاص ، ولكن النص لديه(لأفنان) يقضي على متعة القراءة بسبب من تعقيداته الوهمية،والتجريدية ، وتجاوزاته على غير صعيد . خاصة الإغراق غير المبرر في محاولة تكريسه تنمية العزلة التي يعيشها ومن موقعه الأبعد أيضا >>؟؟
وأضاف قائلا:<< خصوصا وان التخلف السلطوي الثقافي والسياسي والاقتصادي العربي ،احد الأسباب الموضوعية في ظاهرتي الرمزية والتجريد >> ....
متى كان للفن الروائي شكله الخاص ؟؟
كان الحوار صريحا وطويلا آنذاك لعلنا نعود إليه إذا سنحت الفرصة،وقد انتهى بتساؤلي الأخير:
اعتقد أن الفن الروائي ،هو أكثر الفنون الأدبية عرضة للتطور كما التجاوز منذ ( زينب) محمد حسين هيكل أوائل القرن الماضي,ومتى كان للفن الروائي شكله الخاص ؟؟؟
أ وهل يعني النقد عملية إفراغ كلي للنص الأدبي من قيمته ألأدبية...؟
بعد ذلك الحوار التقيت على ما أذكر الصديق الكاتب المبدع الراحل مؤنس منيف الرزاز الذي كان قد صدرت له قبل عام أي(1979 ) مجموعة قصصية< النمرود> في بيروت أثارت الدهشة. وكنت قد أجريت معه حوارا طويلا وشاقا حولها ، و كان يعد روايته الأولى <<أحياء في البحر الميت> > وقد قال حول معاناة الكتابة والنقد :<< من الواقع أستلهم شخصياتي القصصية،،وبقدر ما أكون صادقا ومتمكنا أكون قد رسمت المعادلة الدقيقة السليمة ،ولكن الخيال يصوغهم صياغة جديدة ،فأنا لا أنسخ عن الواقع ولا أصور بالعدسة صورا ،بل إن مخيلتي تتواصل والواقع تواصلا مباشرا ومن خلا لهما تتضافر جهود الذاكرة والمخيلة ،في خلق الصورة الجديدة للواقع المتخيل من ضحايا وشخصيات عالمنا القاسي ،فنجدهم في السجون والمعتقلات وخطوط التماس والمقاهي والأزقة والصحاري والموانئ والمطارات يحاول الواقع أن يدجنهم ويروضهم أو يدفعهم للجنون ،غير أنهم نمار يد يستعصون على الترويض والتدجين ،ويعانون من قسوة تمردهم في حياتهم اليومية،إن التناول المختلف الأبعاد والزوايا لموضوع واحد ،دفع بعض النقاد إلي القول :( إن مجموعتي القصصية- النمرود- كان الأجدر بان تكون رواية لا مجموعة قصصية وذلك لوحدة الموضوع واللغة معا ) فرؤيتنا مختلفة وكل منا لديه أسبابه ورؤيته أو رؤاه..... >>.
أما شيخ الرواية والمسرح الراحل توفيق الحكيم فقال حول النقد : (النقد يقوم على الشائعة.. على الأقل في الوسط الثقافي وبين المستبدين من المثقفين!!.)؟ كما أشار في حوار مكاشفة له مع الروائي جمال ألغيطاني . أما الكاتب اللبناني موريس أبو ناضر في معرض حوار له حول النقد بقوله الصريح :<<علينا أن نستطلع وجوه الحداثة المزيفة عند الكثيرين من الأدعياء الذين يوهمون ( بفتح الهاء) بنتاجهم الأدبي والفكري والاجتماعي أنهم حداثيون قولا وفعلا . وهم بالفعل يعيشون في القرون الوسطي .>>؟؟؟
أما القصاص المصري الراحل يوسف إدريس فقد أدان بشكل جرئ وصريح خلال ندوة حوار ساخنة في السور بون قبل رحيله بسنوات قائلا : ( إن المدارس النقدية الغربية لم تنشأ من فراغ ،والنقاد العرب للأسف يأخذون عنها ،ليخضعوا الأدب العربي لها .؟؟؟ والنقد عمل فني مبني على عمل فني آخر.والمطلوب الآن وفورا حركة نقدية عربية تعيد النظر في كل تراثنا النقدي الحديث بل والقديم.....).!!!
ضعف أدوات الحوار وسيطرة الرؤية الأحادية والحتميات المطلقة!!!
لعلنا لا نبالغ ولا نتحامل ولا ندعي كثيرا حين نؤكد على ضعف أدوات الحوار الموضوعي والبناء في حياتنا الثقافية العربية ومنابرها الإعلامية والثقافية كما الغياب الجدي لأسس ومبادئ التعددية والاختلاف للرؤى الفكرية والثقافية وغيرها كما سيطرة الرؤية الأحادية المنغلقة أو المغلقة بل والمنتفخة بالأوهام المضللة، كما الأحكام المسبقة الجاهزة والمضخمة بالحتميات المطلقة وبالتالي الافتقاد لأبسط وأدنى قواعد الحوار البناء والايجابي المفيد .؟؟!!
خاصة وان ألف باء الحوار تقوم على: ضرورة احترام الرأي و الرأي الآخر كما الاختلاف .!! وعلى من اختلف معه في الرؤى والأفكار لا مع من تتطابق وجهات النظر وإياه ؟!والأ أصبح الأمر لأفرق ما بين سوق عكاظ والمعلقات وسوق الخضروات!!
ولا يسعنا في هذه العجالة إلا الإشارة لأصنام التقاليد المسيطرة عبر كل المنابر المرئية والمسموعة والمقرؤة في المشهد الثقافي العربي لنتلمس حقيقة المخاطر الجدية التي تتلبس حياتنا الثقافية.؟؟!!
حيث ما أن يبدأ أي حوار عبر شاشات التلفزة الملونة فيما بين أطراف الحوار السياسي أو الثقافي والطائفي والمذهبي أو الاتني حتى يتحول إلى صراخ ممجوج وزعاق وزعيق يصم الأذان ومهاترات واتهامات اقل ما يقال فيها قبيحة بكل المواصفات الأخلاقية ، خاصة حين يصل بهم الشأن إلى رفض كلا منهما للرأي الآخر يصل إلى حد العداء بل النفي المطلق حينا والعدوان المثير للاشمئزاز حينا أخر.!؟ مع استخدام الألفاظ المهولة من الإسفاف اللغوي السوقي الذي لا يعبر إلا عن الانحطاط الخلقي قبل الثقافي كما السياسي أو الطائفي والمذهبي، وكثيرا ما نشاهد كما ملايين المشاهدين العرب ما أن تنتهي حوارات الخلطاء من الفطناء والغافلين لحوار اتهم حتى يصل بهم الصراخ لدرجة الاعتداء المادي فيما بينهم على الرغم من قائمة الديباجة الثقافية المعدة سلفا حين تقديمهم(( للسادة المشاهدين)) لتهتك كل الأقنعة المزيفة من ثقافة التهافت والشعوذة التي لا تليق بالفضاء الرحب للثقافة والإبداع بكل أطيافه وألوانه الزاخرة بالوعد والجدية على الرغم من كل المنغصات المماحكات ؟!
ختاما وليس أخرا حرّي بنا أن لا نلتفت إلى هواة الإثارة والشعوذة الثقافية ممن يلهثون وراء الجوائز الذهبية والحوارات المتلفزة ،لا الإبداعية ،عوضا عن ألالتفات بكل دقة لوقائع ما يحدث في رحاب الكتابة الواعية ،التي تؤسس حتما اللغة الإبداعية ومن ثمة النقدية الأكثر تفردا بكل تفاصيلها الجمالية والكونية بعيدا عن كل ما هو مستلب ، منعزل ومزيف ومشوّه ،بل وكل ما هو غرائبي مفتعل لا جذور له ولا مستقبل... ولا حتى قارئ مأخوذ بجمال النص الإبداعي؟؟