إعادة تعمير قطاع غزة ومسؤولية إسرائيل
جميل السلحوت
الخسائر الفادحة التي نجمت عن الحرب الأخيرة التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة، وما أسفرت عنه من قتل واصابة حوالي 13 ألف فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال والمسنين، والدمار الهائل الذي لحق بالبيوت -التي لن تعد آمنة- والمدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس وشبكات المياه والكهرباء والبنى التحتية، والتي خلفت حوالي مليوني طن من الردم، من يتحمل مسؤوليتها. وماذا سيكون رأي الدول المشاركة في مؤتمر إعادة تعمير قطاع غزة المزمع عقده في القاهرة في الأيام القريبة القادمة؟
فقطاع غزة لا يزال تحت الاحتلال الاسرائيلي رغم انسحاب القوات الاسرائيلية من داخله، فاسرائيل لا تزال تحاصره برّا وجوّا وبحرا. وحسب القانون الدولي عليها أن تتحمل مسؤولياتها كدولة احتلال، وحربها على قطاع غزة مخالفة كبرى للقانون الدولي، واستهدافها للمدنيين وللمنشآت المدنية يندرج تحت "جرائم الحرب" حسب القانون الدولي. وبالتالي فهي المسؤولة عمّا جرى، وهي من يتحمل مسؤولية ذلك، وهي أيضا يقع على عاتقفها إعادة تعمير ما دمرته، ودفع تكاليف كل ما نتج عن حربها العدوانية. لكن اسرائيل التي اعتادت على إدارة الظهر للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، هي التي اعتادت على الخروج من أزماتها بشنّ حروب على جيرانها، مدعومة بلا حدود وبشكل علنيّ من الولايات المتحدة الأمريكية.
ولولا اختلال موازين القوى في المنطقة لصالح اسرائيل لما تجرّأت اسرائيل على الاستمرارية في هذه السياسة. وقد اعتادت اسرائيل في حروبها التدميرية والتي تعتمد على غزارة وكثافة النيران لإيقاع أكبر الخسائر في الأرواح والممتلكات في الطرف الآخر، يجري تعويضها من أمريكا بأسلحة حديثة بدل الأسلحة المستهلكة في حروبها، لتقوم مصانع الأسلحة الأمريكية بتصنيع جيل جديد من الأسلحة، ويجري لاحقا تجريب فعالياته وقدرته التدميرية على العرب. بينما يقوم العرب بإعادة التعمير بأموالهم، وبالتالي فهذه الأموال تساهم في إعادة تصنيع الأجيال الحديثة من الأسلحة التي يُقتلون وتُدمّر بلدانهم بها.
ولا يفهمن أحد من هذا بأنه لا يجب إعادة التعمير، فالتعمير ضرورة قصوى ويجب التسريع به. بل المطلوب أن تدفع تكاليف التعمير اسرائيل وحليفتها أمريكا المتسببتان والفاعلتان لهذا الخراب الهائل.
ومع اداراكنا للكامل للواقع ولاختلال موازين القوى، إلا أن ما يجدر التنبيه اليه بأن اسرائيل هي من تستفيد ماليا من اعادة التعمير، لأن كل المواد التي ستستعمل في اعادة التعمير ستأتي من السوق الاسرائيلية، وستدرّ أرباحا طائلة للتجار الاسرائيليين وللخزينة الاسرائيلية. مما سيموّل مصانع السلاح الاسرائيلية التي دمّرت قطاع غزة. فلماذا لا يتم الاتفاق على ادخال مواد التعمير من الدول العربية المجاورة خصوصا مصر والأردن؟