العلمانية وفصل الدين عن الدولة
العلمانية وفصل الدين عن الدولة
دعوة قديمة جديدة
الحلقة الأولى
طريف السيد عيسى
مافتئ دعاة العلمانية يروجون لدعوتهم تلك بفصل الدين عن الدولة داعمين تلك الدعوة بحجج وأدلة حتى غدت تلك الدعوة لسان حال أكثر الأحزاب السياسية حتى كاد يكون هذا المبدأ بدهيا لايحتاج عند أصحابه الى كبير عناء في التدليل عليه ,والمناقشة في صحته ,ويستندون في هذه الدعوة الى وقائع التاريخ ,والى طبيعة الدين , ووظائف الدولة في العصر الحديث .
ومما لاشك فيه أن الصراع العنيف الذي قام في أوربا في عصور النهضة بين الدين والعلم أدى الى فصل الدين عن الدولة والى منع رجال الدين من التدخل في السياسة العامة , فقدر لهذه النهضة أن تشق طريقها نحو البناء وقدر للبشرية أن تتخلص من الحروب الدموية التي كان يشنها رجال الدين على مخالفيهم واستطاعت الحضارة الحديثة أن تأخذ طريقها في التقدم العلمي والبناء والتطور .
ودعاة العلمانية يبررون دعوتهم بأن أي دولة يجب أن تتوفر فيها ثلاثة عناصر رئيسية :
1-تستمد الدولة سلطانها من الشعب .
2-الدولة لكل المواطنين بغض النظر عن المعتقد أو العرق فلا تميز بين فئة وفئة.
3-أن تكون تقدمية متطورة .
ويقول دعاة العلمانية أن الدين لايسمح بتحقق هذه الشروط باعتبار أن مبادئه ثابتة لاتتطور , وأن الدين يجعل لرجال الدين السلطة , وأن الدين يعطي لأتباعه الحق بالتميز والتعالي على الآخرين , اضافة الى حجج ومبررات يدعيها دعاة العلمانية .
ان كل هذه المبررات تسقط أمام الحقائق التي يتلقاها العقل بالاستقراء والتحليل من خلال حقائق تاريخية ومن خلال مبادئ الدين .
وقبل الدخول في تفنيد هذه الحجج لابد أن نعطي تعريفا للعملمانية معتمدين على مراجع دعاة العلمانية ومؤسسيها حيث هناك عدة تعاريف للعلمانية :
-العلمانية هي اللادينية أو الدنيوية أما نسبتها للعلم فهي ترجمة خاطئة لكلمة secularism بالانكليزية وsecularite بالفرنسية فلفظ العلم ومشتقاته هو science .
-تقول دائرة المعارف البريطانية ان مادة secularism حركة اجتماعية تهدف لصرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة الى الاهتمام بالدنيا وحدها .
-وجاء في قاموس العالم الجديد للوبستر شرحا مفصلا بأنها الروح الدنيوية أو الاتجاهات الدنيوية أو نظام من المبادئ والتطبيقات يرفض أي شكل من أشكال العبادة أو الاعتقاد بأن الدين والشؤون الكنسية لادخل لها في شؤون الدولة .
-وجاء في معجم أكسفورد عدة معاني : فهي دنيوي أو مادي , ليس دينا ولا روحيا , التربية اللادينية , السلطة اللادينية , الحكومة المناقضة للكنيسة .
-وجاء في المعجم الدولي الثالث على أنها اتجاه في الحياة أو في أي شأن خاص يقوم على مبدأ أن الدين أو الاعتبارات الدينية يجب ألا تتدخل في الحكومة أو استبعاد هذه الاعتبارات استبعادا مقصودا .
-ويقول المستشرق أر بري في كتابه الدين والشرق الأوسط : ان المادية العلمية والانسانية والمذهب الطبيعي والوضعية كلها أشكال اللادينية ,واللادينية صفة مميزة لأوربا وأمريكا .
-كما أن جون هوليوك يقول : العلمانية لاتعني فقط فصل الدين عن الدولة بل فصل القيم الانسانية والأخلاقية والدينية عن الحياة في جانبها العام والخاص , وان مثل هذا الكلام قاله مفكرين غربيين كثر .
وبعد تقديم عدة تعريفات للعلمانية والتي كلها تصب في التعريف الذي اصبح متعارف عليه وهو فصل الدين عن الدولة بل فصل كل القيم عن الحياة في جانبيها العام والخاص .
ونعود الآن لمبررات وحجج أصحاب هذه الدعوة لنناقشها بهدوء .
أولا – منطلقات لابد منها :
1-يعرف الدين على أنه مجموعة من النظم والمبادئ في العقيدة والعبادة تربط الناس قيما بينهم ليشكلوا أمة معنوية واحدة .
2-الدولة هي مكونة من السكان والأرض والحكومة والسيادة بحيث تقوم مجموعة من الشعب بتأمين الحق والعدل بين المواطنين .
3-يجب أن تكون العلاقة بين الدين والدولة علاقة ايجابية بحيث تشرف الدولة على التعاون بين الناس من حيث الايمان والأخلاق والتشريع وقرر علماء الاجتماع أن الدين من أكبر المؤثرات في قيام المجتمع وبناء الحضارة .
ثانيا – أسباب الانحراف والسلبية في علاقة الدين بالدولة :
التطرق لهذه الأسباب يقودنا الى الحديث عن الديانات السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والاسلام .
1-اليهودية : وهي ديانة سماوية كسائر الديانات تأمر بالايمان بالله تعالى وحده لاشريك له واحسان المعاملة مع الناس , فكانت نبوة موسى عليه السلام تعليم بني اسرائيل وتحريرهم من العبودية للفراعنة وتهذيب أخلاقهم , ومع مرور الزمن بدأ الانحراف حتى غدت اليهودية ديانة طائفة تدعوا للتمييز بين اليهود وغيرهم في المعاملات والعبادات والأخلاق فنجد أن الربا محرم بين يهودي ويهودي آخر لكنه حلال بين يهودي وشخص آخر من أتباع الديانة غير اليهودية , كما شمل الانحراف طريقة التعامل مع الآخر غير اليهودي بالقسوة والعنف حيث جاء في التثنية : حين تقرب من مدينة كي تحاربها استدعها الى الصلح فان أجابتك الى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك وان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها واذا دفعها الرب الهك الى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف , وأما النساء والأطفال والبهائم وكل مافي المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك , هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا التي ليست من مدن هؤلاء الأمم الذين هنا ,وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب الهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما – التثنية 20\10-16.
كما أن عقيدة شعب الله المختار جعلت اليهود يعتقدون أن من حقهم السيطرة على كل شعوب الأرض .
اضافة الى بعض التشريعات التي تدعوا للكسل من خلال اعتقادهم بحرمة العمل يوم السبت .
ان هذه الظواهر وغيرها تجعل من المستحيل تحقق علاقة ايجابية بين الدين والدولة فهي لاتؤمن بمساواة الشعوب في الحقوق والواجبات كما أن نظرتها للانسانية نظرة استعلائية .
وبالنظر الى دولة بني صهيون اليوم فانها قامت على أساس ديني مستغلة العاطفة الدينية عند اليهود واعدة اياهم بقيام دولة اسرائيل الكبرى حيث جاء في التثنية :كل مكان تدوسه بطون أقدامكم يكون لكم من البرية ولبنان ومن النهر الى البحر الغربي يكون تخمكم – 11\24.
2-المسيحية :
لم تأتي المسيحية بتشريع بل كانت تعتمد على شريعة موسى عليه السلام الا بعض ما كانت تقتضيه طبيعة تطور الحياة وبذلك فالديانة المسيحية مرت بعدة مراحل .
فكانت المرحلة الأولى هي مرحلة السلام والمسالمة واصلاح أخلاق اليهود ورفع الظلم ولا تتدخل في شؤون الحكم والدولة حيث جاء في انجيل متى 5\17 أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله .
فكانت رسالة تهذيب واصلاح وسمو روحي , كما أنها لم تكن نظام كهنوتي يجعل من رجال الدين وسيلة للسيطرة على الناس ودعا عيسى عليه السلام الى عدم تقديس أي من البشر كما حصل من انحراف في اعطاء القداسة لرجال الدين من أنهم يغفرون الخطايا ويدخلون الجنة من يشاؤون ويحرمون منها من يشاؤون .
وبذلك بقيت الديانة المسيحية في القرون الثلاثة الأولى من الميلاد تدعوا الى الحب والتسامح والرحمة والموعظة الحسنة ولم تقف أي موقف مناوئ للدولة .
ثم جاء عهد جديد منذ 324ميلادي حيث أعلن الامبراطور قسطنطين حماية المسيحية من الاضطهاد وقام باعفاء القس من كثيرمن الأعباء السياسية وعفى أملاك الكنيسة من الضرائب ثم جاء الامبراطور ثيو دو سيوس وسار على خطى قسطنطين وفي عام 394ميلادي أعلن مجلس شيوخ روما أنها في حماية المسيح وتم منح الكنيسة ورجالها امتيازات متنوعة منها الاعفاء من الضرائب وعقد المحاكم في الكنائس ومع بداية القرن الخامس للميلاد أصبح لرجال الدين مكانة تتميز عن الشعب مما جعلهم يسيطرون على مقاليد الأمور فأصبحوا يتدخلون في الشؤون السياسية فيتوجون الأباطرة ويعزلونهم وهكذا حتى جاء أحد أساقفة روما ليعلن أن العالم تحكمه قوتان قوة الكنيسة وقوة الملك والأولى متفوقة على الثانية لأن الكنيسة مسؤولة أمام الله عن أعمال الملوك أنفسهم وبهذا التوسع في الصلاحيات لرجال الكنيسة اباحوا لأنفسهم التدخل في شؤون الدولة وأصبح الامبراطور خاضعا لرجال الكنيسة بالكامل .
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل نصب رجال الدين من أنفسهم قضاة على الناس وكل المحاكم تعود لهم وفتحوا السجون الخاصة بهم حتى اصبحت الكنيسة دولة داخل الدولة ووصل الأمر برجال الدين أن يفرضوا عقوبات قاسية بحق الامبراطور فمثلا يضطر الامبراطور للوقوف أمام باب رجل الدين ثلاثة أيام حافي القدمين عاري الرأس حتى يأذن له البابا بالدخول وهذا ماحصل مع الامبراطور هنري الرابع عام 1076 , بل وصل الأمر أن يركع الامبراطور بين يدي البابا كما حصل مع الامبراطور فردريك حين حرمه البابا عام 1177.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل ضاقت الكنيسة ذرعا بكل من يخالفها في الدين ومن هذا المبدأ أعلنت الكنيسة حربا صليبية على المسلمين دامت مائتي سنة تقريبا ولم يتوقف الأمر على المسلمين بل شملت المسيحيين الذين وصفتهم الكنيسة بالهراطقة فدارت حرب على الألبيين وكل ذنبهم أنهم اختلفوا مع الكنيسة حول مبادئ روما وفي تفسير الانجيل , بل شملت الحرب على كل من ينتقد ثراء رجال الكنيسة من أمثال لوثر ومذبحة سانت بارتلمي عام 1572 خير شاهد على الاضطهاد الذي تعرض له بعض المسيحيين والتاريخ لاينسى محاكم التفتيش ضد المسلمين واليهود .
لقد طارد رجال الدين كل أصحاب الفكر والفلسفة والاصلاح فتم حرق كنائسهم ومكتباتهم فلم يسلم منهم أبيلارد وروجربيكون وبرونو وجاليلو وغيرهم وهكذا وقفت الكنيسة موقف العداء للفكر .
وبسبب هذا الظلم والسيطرة والقسوة كان لابد أن ينفجر بركان يدمر كل من كان يجلس على فوهته ولم يكن للانجيل دور في هذا الانفجار بل أن السبب هو رجال الدين وتصرفاتهم فبدأ الصراع وبدأت ثورة ترفض سيطرة رجال الدين على الحياة العامة فقرر البرلمان الانكليزي عام 1301 أن ليس للبابا حق التدخل في الشؤون الداخلية ثم تبعه مجلس طبقات الأمة في فرنسا عام 1302ثم بدأت الحركة تتسع للوقوف بوجه فساد رجال الدين فتحرك لوثر وجون هس وكلفني وغيرهم وهكذا بدأت حركة الانتفاضة ضد طغيان رجال الدين حتى جاء القرن الثامن عشر لتكون ثورة عامة ضد المسيحية وعقائدها والسبب في ذلك هم الأحبار والرهبان فكانت الثورة الفرنسية 1789 لتكلل هذه الحركة نصر المظلومين على رجال الدين ومنذ ذلك الوقت بدأت دعوة فصل الدين عن الدولة , فتم ابعاد رجال الدين عن السياسة وخضعت الكنيسة لقانون الدولة وبذلك انتهى تدخلهم السافر في السياسة وشؤون الدولة .
3-الاسلام :
جاء محمد صلى الله عليه وسلم برسالة متممة لرسالات الأنبياء السابقين من حيث الدعوة الى توحيد الخالق والايمان بالرسل والحث على مكارم الأخلاق فشمل الاسلام نظاما متكاملا للحياة والكون من حيث العقيدة والعبادة والمعاملة والأخلاق .
فدعا الى الايمان باله واحد كامل هو خالق الخلق والكون ومافيه حيث قال تعالى في سورة الأنعام آية 2- خالق كل شئ - .
والانسان لايستطيع الاهتداء الى أسرار الكون والانسان الا بالعلم والتفكر فكانت للعلم مكانة عظيمة في الاسلام بل اعتبر فرضا من فروض الدين وعبادة يثاب عليها حيث قال صلى الله عليه وسلم تعلموا العلم فان تعلمه لله خشية وطلبه عبادة .
كما رفض الاسلام كل شئ يمت للخرافة والوهم بل دعا لاستخدام الوسائل التي توصل الانسان للحقيقة من خلال السمع والبصر والفؤاد حيث قال تعالى في سورة الاسراء – ولاتقف ماليس لك به علم , ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا -.
كما قرر الاسلام أنه لاتوجد واسطة بين الانسان والله ولايجوز اكراه أحد على دين معين ولايملك أحد ان يغفر الذنوب ولايملك أحد اكراه الضمير والعقول على الاعتقاد بشئ بالقوة وبذلك نفى الاسلام كل اشكال الكهانة والرهبنة وألغى طبقة رجال الدين بل في الاسلام فقهاء وعلماء يبينون للناس حكم الله فلا يحلون ولا يحرمون .
وجعل الاسلام من العبادة رابط بين الانسان والله عن طريق المراقبة والخشية والحاجة الى عون الله تعالى في التغلب على كل القيم الباطلة والفاسدة والتحرر من العبودية للبشر مهما بلغت مكانتهم .
كما دعا الاسلام لتهذيب النفس والجوارح وتقوية روابط التعاون بين بني البشر لأن الفرد في نظر الاسلام هو جزء من مجموع وبالتالي عليه مراعاة ذلك حتى لايطغى على الآخرين تحت أي حجة أو مبرر , وبذلك تنوعت العبادات في الاسلام من صلاة وصيام وصوم وزكاة وحج ودعاء وغيرها من العبادات العملية والقولية وكل هذه العبادات تلعب دورا في تهذيب النفس حيث يقول الله تعالى في سورة العنكبوت – ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر – ويقول عن الزكاة في سورة التوبة – تطهرهم وتزكيهم – ويقول عن الحج في سورة الحج – ليشهدوا منافع لهم – ويقول صلى الله عليه وسلم عن الصوم – رب صائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش –
ثم جاء الاسلام بالآداب التي تقوي الشخصية وتعلم الفرد على تحمل المشاق وتنمي روح التعاون بين الناس وتقضي على روح الانعزالية والفردية وتقديس الذات على حساب المجموع .
ثم جاءت الشريعة الاسلامية بالقوانين لمختلف نواحي الحياة سواء على المستوى الشخصي أو المستوى العام ابتداء من البيت الى السوق والعمل الى الحقوق والواجبات في داخل الدولة وخارجها , وكان الهدف من هذه القوانين توفير السعادة والسلام والرحمة والكرامة على اساس من اليسر وعدم تحميل الانسان فوق طاقته وقدرته فكانت هذه القوانين تدور حول الحقوق والواجبات ابتداء من الحرية في اختيار العقيدة الى حق التعلم والعمل وباختصار كانت مقاصد الشريعة تجتمع في الضروريات الخمس وهي الدين والعقل والنفس والمال والعرض .
وتميزت هذه القوانين بالعدل بحيث يعطى كل ذي حق حقه دون تفريق بين مكونات المجتمع فلا يجحف انسان بحق انسان مهما كانت مكانته سواء كان حاكما أو محكوما , ولقد شدد الاسلام على الظلم تشديدا عظيما حيث يقول الله تعالى في سورة الزخرف – فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم - .
ولم تقتصر العدالة على المسلمين بل شملت غير المسلمين فلقد قال صلى الله عليه وسلم ألا من ظلم معاهدا أو كلفه فوق طاقته وانتقصه أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة , فكانت عدالة مطلقة .
ثم تميزت هذه القوانين بالمساواة وهي متممة للعدل وبدون عدل لاتكون مساواة, فالجميع أمام القانون سواء حتى وان تفاضل الناس من حيث العلم والمكانة وبذلك ألغى الاسلام كل اشكال الطبقية يقول عليه الصلاة والسلام – والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها -.
والقوانين الاسلامية تساوي بين الناس بغض النظر عن عقيدتهم وعرقهم , بل انها تركت لغير المسلم في قضايا الزواج والأمور الخاصة بدين معين غير الاسلام ان يتحاكموا الى دينهم فالخمر في الاسلام محرم لكنه ترك لغير المسلم أن يتعامل به اذا كان غير محرم في دينه .
وتميزت القوانين الاسلامية بالتيسير فلم تكلف الناس بما لايطيقون أو بما يصطدم مع طبيعة الانسان قال الله تعالى في سورة البقرة – لايكلف الله نفسا الا وسعها – وعندما يصل الأمر في تنفيذ قانون ما ويؤدي الى المشقة أو توقع الهلكة فأجاز الاسلام عدم تنفيذ ذلك القانون مثل أكل لحم الميتة والدم بما يسد رمقه ويكفي حاجته ويحول بينه وبين الهلاك حيث يقول الله تعالى في سورة النحل – انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به , فمن اضطر غير باغ ولا عاد فان الله غفور رحيم - .
وتميزت القوانين الاسلامية برعاية المصالح للناس بحيث تذهب الضرر وتحقق الخير وتطهر الروح وتدفع عنها الضرر وتقوم الاعوجاج وتصلح المجتمع لذلك شرعت الأحكام لمصالح العباد واصلاح المجتمع وحكم ذلك قاعدة مهمة وهي قول الرسول صلى الله عليه وسلم – لاضرر ولا ضرار – وبذلك لبت القوانين حاجة الناس وضروراتهم , والأصل بهذه القوانين أنها تراعي المصلحة العامة واذا تعارضت مصلحتان عامتان فتقدم الأكثر تعلقا بمصلحة المجموع ولم ينسى الاسلام أن المصالح قد تتغير وتتبدل من زمن لآخر وهنا ترك المشرع فسحة من أجل مراعاة المصلحة في كل زمان ومكان ضمن الضوابط الشرعية حيث تتغير الأحكام بتغير الأزمان .
ان الاسلام نظام شامل متوازن دعا الى عقيدة تحرر العقل وتدعوا للعلم وعبادة تسموبالروح وخلق ينمي الشخصية ويدعوا للتعاون وتشريع يحقق المصالح ويضمن العدل والمساوة والتطور في ضوء المستجدات دون جمود .
والى لقاء مع الحلقة الثانية
إن شاء الله