الخوف من الإسلام من أنه دين ودولة ودولة ودين

الخوف من الإسلام من أنه دين ودولة ودولة ودين

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

لاتكاد تخلو جريدة سياسية أو مواقع ألكترونية ,إلا وترى فيها مهاجمة الإسلام السياسي ومقارنته بالمسيسحية في القرون الوسطى وتمرد الغرب على السلطوية البابوية والدين المسيحي , بتأثير مفكريهم مطالبين الإسلاميين بالتخلي عن دينهم , لكي يحصلوا على التطور والتقدم كما حصل في الغرب.

ويدعو الكثير من الكتاب والمفكرين والصحفيين وهم بالأصل مسلمين ,إلى عصرنة الإسلام وخصخصته  .وأنه لايصلح لهذا الزمان . كما كانت المسيحية عقبة في التطور البشري فإن الإسلام هو العقبة الموجودة أمام تطور البلدان الإسلامية جميعا . والحروب المشتعلة بين المسلمين والتمزق الطائفي الموجود كله سببه الإسلام ولا بد من وقفة قوية تزيح سبب التخلف هذا , حتي تنهض الشعوب من غفوتها وتخلفها .

ولمناقشة الموضوع مناقشة عقلانية وعدم التهجم على أحد وإنما نضع أمام الطرف , من نحن ؟

أهم سؤال في هذا المجال الآتي:

لماذا يخشى العلمانيون أو المعارضون للنظام الإسلامي التصوري والذي لم يمارس على أرض الواقع منذ سقوط الخلافة العثمانية وحتى الآن ؟

هل تطبيق الإسلام كدين ودولة مخيف إلى هذه الدرجة ؟

وهل الإسلام بالفعل معيق للتطور والتقدم كما يدعون ؟

الحمد لله نحن في عصر فشلت فيه النظريات الوضعية فشلا زريعا , وحدثت أمام أعيننا في سقوط النظريات الشيوعية والتي تليها الرأسمالية حديثا .

فلو قارنا بين الحضارات القديمة والحديثة منها , مقارنة بالحضارات الإسلامية , والمتمثلة في الإمبراطوريات .كما نطلق على الحضارة الإسلامية مجازا لوجدنا الفرق بين الحضارتين فرق يثلج القلب , وفي نفس الوقت يدمي القلب .

فأينما امتدت يد الإسلام في الأرض كحاكم لها كان ينشر فيها الخير .بينما الأخرى كانت تنشر الشر والدم واستئصال الشعوب .كما حدث للهنود الحمر في أمريكا وما يحدث في فلسطين الآن .

لم يشهد التاريخ فاتحا أرحم من العرب والمسلمين .وأتحدى أي شخص في العالم يذكر حادثة واحدة جرت لشخص واحد منذ ان بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم نبيا . وحتى عصرنا الحالي من أن المسلين , خيروه بين الإسلام والقتل .فإما الإسلام وإما تعذب حتى تموت لتصبح مسلما . وإنما القاعدة الشرعية عند المسلمين لاإكراه في الدين.

بينما في اسبانيا ومحاكم التفتيش التي جرت , كانت معاملة المسلم إما التحول إلى المسيحية أو القتل مباشرة.

لماذا يعاب على المسلمين قيام دولة اسلامية ولا يعاب على اسرائيل في قيام دولة يهودية دينية ؟

يصف البعض الإسلام بانه نظام شمولي وفردي ديكتاتوري .مع العلم أنه أول من أرسى نظام اختيار الحاكم على وجه الأرض يقع على الجمهور ويطابق اختيار الحاكم في النظم الديمقراطيه  كما حدث في اختيار أبو بكر الصديق رضي الله عنه خليفة للمسلمين . والحاكم المسلم ليس فوق القضاء . والقاضي في الحكم الإسلامي هي السلطة العليا والتي لاتوجد بعدها سلطة ,لأن القانون الذي يحكم به القاضي هو القانون الإلهي ولا أحد فوقه . فهل يخاف العلمانيون أو اللبراليون من العدل؟

يقولون بتطبيق الإسلام فإن الأقليات في العالم الإسلامي سوف تتعرض للإقصاء ودفع الجزية ويعاملون معاملة غير إنسانية  .

وللرد على ذلك عندنا مثال رائع في تاريخنا الإسلامي حول دفع الجزية .عندما سيطر المسلمون على العراق امتنع مسيحيوا العراق عن دفع الجزية وأقرهم الخليفة على ذلك لأنهم وقفوا لجانب المسلمين .

اعتقد جازما أن الطوائف الغير مسلمة في العالم الإسلامي لاتخشى من تطبيق الإسلام  , لأنها تعلم علم اليقين أن حقوقها سوف تكون مصانة أكثر من أي نظام حكم آخر . وكثير من عبر من المفكرين المسيحيين عن ذلك وارتباط العروبة بالإسلام ,وعدم الخشية منه .

كل ماعلينا فعله كشعوب إسلامية , في العالم الإسلامي , أن نخطوا خطوات واسعة للأمام , وأن ننتقل بخطوة كبيرة إلى الأمام منتقلين من موقف الدفاع عن النفس أمام الفكر الآخر إلى الهجوم والمعبر عن أننا بفكرنا السياسي الإسلامي  وتطبيق الإسلام نكون المنقذين لهذه الأمة من محنها ووجودها في ذيل قائمة العالم النامي .

ولكن يجب توضيح ذلك ليس شعارات وكلام غير مفهوم ,كما يعبر عنه البعض في القول الإسلام هو الحل , وهنا يجب أن تكون الإيجابات واضحة  , وبإطارها العام والخاص  وتقديم المشروع المتكامل للتطبيق .

وبناءا عليه :

1-النظام السياسي الإسلامي نظام شورى (ديمقراطي ) , ولكن ديمقراطية الإسلام يجب أن تتماشى مع البيئة الثقافية الإسلامية , منطلقة من حرية تكوين الأحزاب , وحرية الإنتخاب , لتكون تحت خيمة الدستور , من أن دستور الدولة هو الإسلام .

2-يوجد في الإسلام ثوابت أو تسمى الأصول , والتي جاتءت ثبوتيتها في القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة , هنا لايمكن لإصدار أي قانون ولو حصل على الأغلبية في البرلمان ان ينفذ , كمثال إباحة الزنا والربا , وغيرها من المحرمات القطعيه .

الأحزاب العلمانية , هل من الممكن السماح بوجودها في ظل النظام الإسلامي ؟

لابد من السماح بوجودها والإستفادة منها والعمل على الوصول بهم إلى القناعة بأن الإسلام طريق الخلاص , ويتم ذلك بالتحاور والمناقشات , وصناديق الإقتراع والتي تحدد أهمية وقناعة كل إتجاه , عندما يرى بعينه رصيده الشعبي والممتد لفكره وقناعته .

3-لايمكن تطبيق الإسلام في أي دولة من الدول الإسلامية عن طريق الإنقلابات , والثورات والتمرد والعصيان , لأن اسلوب القهر يزيد من التمرد والعصيان وبناءا عليه فشلت كل المحاولات السابقة , عندما اعتمدت اسلوب الإنقلابات في الوصول إلى السلطه .

4-عن طريق الحرية في الإختيار والإنتخابات وتقديم البرنامج السياسي الشامل الفكري والتنموي والعلاقات بين المواطنين والأفراد , والذي يؤدي بدوره إلى إنشاء بيئة ثقافية إسلامية , قد تحتاج إلى سنين أو عقود لوجودها .

4-في الثوابت لايوجد خلاف بين المذاهب الإسلامية , والإختلاف يكون في الفروع والتي يستطيع أن يصدر بها البرلمان القرار , او القانون الخاص بذلك .

5_قانون الأحوال الشخصية في الإسلام , يطبق حسب المذاهب وحسب الديانة التي يعتنقها الرجل إن كان غير مسلم .

6-النهوض والتركيز يجب أن يكون شاملا مبنيا على الثقافة الإسلامية . بكل أشكال الحضارة الفنية والثقافية والتعليمية والإقتصادية مع الإستفادة من تجارب الآخرين , في المجالات التي نفتقدها .

7-ليعلم الجميع أن سيطرة الفكر التغريبي على مقدرات الأمة السياسية والإقتصادية وشمولها كافة أطر الحياة في الدول الأسلامية كانت لها الفضل الأكبر في تخلفنا وقبوعنا في ذيل الأمم .فلا هم استطاعوا تقليد الفكر الليبرالي الحديث ليعم التقدم على المجتمع كما حدث في الغرب , ولم يستطيعوا الإعتماد على تطوير منهجم الفكري المتماشي مع العصر . وكان الفشل الذريع .

وليعلم جميع الليبرانيين العرب والمنضويين تحت ثقافة غريبة عن مجتمعنا وبيئتنا , بأن الإسلام لايقارن مع أسباب التخلف كدين , كما كان في أوروبا .

وليس لرجل الدين حاكمية ولا لاهوتية مقدسة في الإسلام , وإنما دين لتنظيم الحياة وبعث الفضيلة بين الناس والمجتمعات , وإنما الحاكمية لله في تطبيق شرعه الحنيف.