رسائل الإصلاح 19
رسائل الإصلاح
(19)
الأدب الذي نريد
د. موسى الإبراهيم
[email protected]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما
بعد
فإن
الأدب الذي نريده هو الأدب الإسلامي ومعناه: التعبير الجميل عن الإنسان والحياة
والكون بما يتفق مع التصور الإسلامي.
ومن أبرز خصائص هذا الأدب المعاني التالية:
1.
أدب
هادف:
يهدف إلى الإشادة بالفضائل والمكارم ويرقى بالإنسان إلى القمم الشامخة من المعاني
والتصورات والآمال العظام.
2.
أدب
يهتم بالفكرة والشكل معًا:
فالشكل البراق دون مضمونٍ راقٍ تافهٌ ومصنعٌ، والفكرة العظيمة إذا لم يتوفر لها نوع
من الأداء الجميل الجذاب فلن تجدَ أذناً صاغيةً وبالتالي تموت في مهدها ويحرم الناس
من خيرها غالباً.
3.
أدب
واقعي:
إن أهم ما يجذب الناس ويشد اهتمامهم ذلك الأدب الذي يعايش حياتهم ويتفاعل مع
مشاعرهم، ويصور همومهم وآلامهم وآمالهم، ويحاول النهوض بها والإقلاع إلى حيث الكمال
البشري المطلوب. أما التحليق في الخيال، والتعبير عن أفكار وقضايا لا تحس بها
الجماهير دون ربطها بواقع الأمة، أما هذا فهو أدب يعيش في الفراغ.
4.
أدب
شامل:
الإنسان سيد هذا الكون وله من المشاعر والعواطف والأحاسيس ما يغطي ساحة الحياة كلها
بجدها وهزلها وضيقها وسعتها وثابتها والمتطور فيها.
وخير الأدب هو الذي يحسن التعبير عن هذه الجوانب المختلفة ويشبع نهمة الإنسان
العقلية والعاطفية، يروّح عنه حالة إعيائه وتعبه ويوجهه عند نشاطه واجتهاده، وكل
ذلك انطلاقاً من التصور الإسلامي الواضح النظيف العف الكريم.
5.
أدب
صادق:
الصدق مع الله والصدق مع النفس والصدق مع الحياة والأحياء، يصوغ من الأديب نفساً
عظيمةً ويلهب في أعماقه شعوراً ووجداناً حياً متحركاً يبعثه على حمل هموم أمته
والبحث عن سبيل إصلاحها والرقي بها بأحسن أسلوب وأجمل بيان وأعذب خطاب.
6.
أدب
كمال وارتقاء:
إن الإنسان بشر يعلو ويهبط ويسمو ويُسَفّ، والحياة كذلك فيها النقاء والطهر وفيها
الخبث والدنس، والأدب عادةً يصور الإنسان والحياة والكون كله..
وهنا يجيء دور الأدب الكامل والراقي ليركز على الإنسان في حال طهره ورفعته وليرسم
لنا جماله وكماله وأخلاقه وسماته، وإن نظر الأدب إلى حالة هبوط الإنسان وإسفافه فهي
نظرة من علٍ تمد الحبال لذلك الإنسان لترتفع به وتنقذه وتعيده إلى فطرته الأصيلة
السوية،أما أن يعيش الأدب مع حالات الضعف البشري والتردي الخلقي فيبالغ في تصويرها
وعرضها والإغراء بها بل ومدحها أحياناً، أما هذا فهو أدبٌ أحمق وأخرق وأدب عابث
سفساف جدير به أن يعزل عن الحياة وأن يميته الناس بالإعراض عنه والسخرية منه ومن
أهله الصغار.
7.
أدب
عالمي أنساني:
إن إسلامنا العظيم دين عالمي يخاطب الإنسان بعيداً عن شكله ولغته وأرضه وجنسه.
والأديب المسلم يجب أن يكون معبراً عن هذه الإنسانية والعالمية، خصوصاً ونحن في عصر
تقاربت فيه المسافات وطوى فيه الزمن وصار العالم كما قيل قريةً صغيرة, وهل يليق
بالأديب في عصر البث المباشر أن يعيش هموم قريته أو وطن صغير تحيط به حدود ضيقة؟!
إن
الأدب الذي نريده أدب عالمي ولغته عربية.
وبعد.
فهل
يعي أدباؤنا دورهم ورسالتهم؟ وهل يكونون رواداً يحلقون بها نحو الكمال بأقلامهم
السيالة وكلماتهم العذبة الجميلة الرقراقة وأدبهم السامي الرفيع ؟
نأمل ذلك.. والله ولي التوفيق.