النساء طاقة عظيمة للبناء أو معول خطير للهدم
النساء طاقة عظيمة للبناء
أو معول خطير للهدم
رضوان سلمان حمدان
عدا عن التزامها الفردي، أو تأثيرها في بيئتها وأطفالها، فالمرأة تؤثر في المجتمع بشكل كبير جداً، فالنساء طاقة هائلة للإصلاح والتعمير والبناء، إذا صلحن وقمن بواجبهن تجاه دينهن ومجتمعهن نظراً لما حباهنّ الله تعالى من عاطفة وصبر وتحمل قد يعجز عنه الرجال. والنساء قد يصبحن معول هدم خطير لعقائد الأمة وبنيان المجتمع إن فسدن وأغراهن الشيطان فملكت الدنيا أنفسهن، لما يملكن أيضاً من قدرة على الإغواء والإفساد لبنات جنسهن أو للرجال في مجتمعهن.
يقول الأستاذ راشد الغنوشي: "ومن الضروري تأكيده في هذا السياق أن النساء يملكن طاقات هائلة للدفع، فإما أن يدفعن المجتمع (الزوج، الأخ، الأب، والأبناء) إلى معالي الأمور وعزائمها، وإما أن يدفعنه إلى المخدرات والسفاسف". لقد كان للمرأة المسلمة دور رائع في بناء الصرح الإسلامي الأول حيث "شاركت المرأة في كل المجالات وكانت تعتبر هذه المشاركة من صميم واجبها، ففي ميدان الإيمان كانت خديجة رضي الله عنها أول من دخل في الإسلام، و في ميدان الجهاد كانت سمية أول من استشهد في سبيل الله، وفي الهجرة إلى الحبشة هاجرت المرأة وصبرت، وفي بيعة العقبة بايعت المرأة وشاركت وفي هجرة النبي صلى الله عليه وسلم شاركت المرأة في شخص أسماء التي قامت بدور هام في هذا الحدث التاريخي مع كونها متزوجة وحامل وهاجرت بعدها إلى المدينة مع المهاجرات حتى وضعت في مشارف المدينة (قباء) وهاجرت أم سلمه بعد أن تفنن أهلها في حبسها والتضييق عليها والتفريق بينها وبين زوجها وولدها. وهذه نسيبة تدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحد بينما انهزم كثير من الرجال وأم سليم في حنين ثابتة قرب النبي صلى الله عليه وسلم وقد فر الرجال".
"لقد انتفعت الأمة بهذا الحد النافع من سلاح المرأة في قرونها الخيرة ثم لم تلبث الحال أن تدهورت شيئاً فشيئاً بالحد المهلك من سلاح المرأة"، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: "ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء".
لقد أدرك أعداء الإسلام الدور الخطير الذي تلعبه المرأة في هدم المجتمع الإسلامي وقيمه فبذلوا جهدهم في إفساد المرأة المسلمة، وفتنها عن دينها بالأفلام الماجنة والمجلات الخليعة، والأغاني الهابطة وجنّدوا الكتاب والمؤلفين وحشداً من الفنانين والفنانات وسائر أنواع المؤثرات ليبعدوا المرأة المسلمة عن دينها والتزام تعاليم ربها، ليسهل من بعد ذلك إفساد المجتمع كله بعد إفسادها.
لقد نشأت في بلادنا ولا تزال تنشأ أجيال من النساء تشبعن بأفكار الغرب ولم يعرفن عن الإسلام إلا الشبهات، وقد حظيت مجموعات كبيرة منهن بالدعم الخاص والتشجيع غير المعهود للتلقي والدراسة في جامعات الغرب ومعاهده ليعدن بعد ذلك رائدات للتحرر النسائي - بمعناه الغربي- وليستلمن المناصب القيادية في كثير من مؤسسات المجتمع وليهدمن من عقائده، وأخلاقه أضعاف الهدم الذي أحدثه من قبلهن، فهل تترك المرأة المسلمة الصادقة واجبها وتتخلى عن مكانها لتلك المرأة المتغربة تهدم وتفسد أم تبادر للإصلاح والبناء مهما كانت المعوقات.
"لم يعد من الممكن أن يقال للناس، أغلقوا الجامعات، أغلقوا المستشفيات، أغلقوا المؤسسات النسائية، أو غير النسائية، هذا غير ممكن، وهو أيضاً غير مطلوب، فلابد للناس - كل الناس - من العلاج ومن الدراسة ومن التجارة ومن.. ومن...، إنها مؤسسات ارتبطت بحياة الناس وارتبطت بها حياتهم"، "ولم يبق إلا أن تنبري النسوة الفاضلات في كل بلاد الإسلام لتولي هذه الأعمال وإدارتها وإصلاحها، أو على أسوأ الأحوال، المشاركة فيها ومزاحمة الاتجاهات غير المهتدية"، "وهنا تبرز مسؤولية القادرات من أخواتنا وبناتنا في وجوب وجود قيادات نسائية معروفة على كل المستويات، فلابد أن يوجد في المدرسة قيادات وفي نظام التعليم قيادات وعلى مستوى الدولة قيادات، بل وعلى مستوى الإقليم قيادات"، "لأننا في مجتمع لا ننفرد نحن بصياغته وصناعته بل هو مجتمع فيه صناع كثيرون ذوو عقول شتى ومذاهب مختلفة وآراء متباينة، فإذا وقفت الملتزمة عند حد معين فغيرها لا يتوقف، ومعنى ذلك أننا حين ننصح المتدينات بترك الدراسة مثلاً أو ترك مجالات العمل والتأثير، فإننا سمحنا لكل الفئات - التي لا تسمع لنا أصلاً - سمحنا لها بأن تنمو وتتوغل وتتغلغل في المجتمع، ووضعنا سداً منيعاً أمام العنصر الذي يمكن أن يساهم بشكل جيد في ضبط المسيرة أو يساهم في تحجيم الشر والفساد، ولا أعتقد أنّ ثمة خدمة يمكن أن نقدمها للعلمانيين أو لأصحاب النوايا السيئة وصرعى الشهوات أعظم من هذه الخدمة".